كلمة الشيخ حول الأحداث الجارية في ليبيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.
فلقد وجهت كلمة منذ أسبوعين طلبت فيها من الحكام أن يأخذوا درسا مما وقع في تونس ومصر، ويقوموا بإصلاحات حقيقية قبل فوات الأوان، حقنا للدماء وسلامة للأمة، وكان يُفترض أول من ينتفع بهذا النصح النظام في بلدنا الحبيب، والآن وقد بدأ ما كان يُخاف من وقوعه، فقد خرج الناس في عدد من البلاد الليبية في مظاهرات سلمية يطالبون بحقوقهم، وتصدى لهم رجال الأمن بوسائلهم المعتادة، فسفكت الدماء، وهذا مما يزيد الأمر احتقانا وإثارة، لذا فطاعة وامتثالا لقول الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ)...
فإني أوجه نداء إلى المسؤولين جميعا أن يتجنبوا استعمال العنف ضد المتظاهرين تظاهرا سلميا، وأبين لهم أن مسؤوليتهم أمام الله عظيمة، فإن الله تبارك وتعالى حرّم الجنة على من سفك دم امرئ مسلم متعمدا، فقال: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).
وهذا النداء موجه إلى المسؤولين من أعلى النظام إلى أدناه، حتى الشرطي الذي يقوم بحفظ النظام، فإنه لا أحد يُغني عن أحد عند الوقوف أمام الله تعالى، فالتظاهر السلمي حق مشروع للأمة، كفلته لهم الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، فلو لم تكن المطالبة بالحقوق ـ فردية أو جماعية ـ مشروعة، لما مدح النبي صلى الله عليه وسلم قائلها فيما ورد عنه: سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ ، وَرَجُلٌ قَامَ إلَى إمَامٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَقَتَلَهُ، ولَما قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للخليفة الراشد أبي بكر الصديق بعد أن قال لهم: (وإذا أخطأت فقوموني): (لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه)، ولم يعترض على ذلك أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك إجماعا منهم.
وفي الوقت نفسه، أوجه نداء إلى عامة الناس، أن تكون مطالباتهم بحقوقهم سلمية، وأن يحافظوا على الممتلكات العامة والخاصة، وألا يستعملوا العنف، فذلك هو الحق المشروع الذي لا ينبغي لهم أن يتعدوه، فإن زوال الدنيا أعظم عند الله تعالى من سفك دم امرئ مسلم، سواء كان من الشرطة أو من عامة الناس، فالله تبارك وتعالى يقول: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ـ كما جاء في خطبته الشهيرة: (أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا).
والله من وراء القصد،،
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
14 – ربيع الأول – 1432 هـ
17 – 02 - 2011
المصدر: موقع الشيخ حفظه الله (من هنا)
0 comments:
إرسال تعليق