أخبار الثورة السورية المباركة - اخوانكم في ليبيا معكم يا رجال ويا حرائر سوريا



فلم - كشف اللثام عن المنافق المجرم الصوفي البوطي عدو أهل الشام
فلم - كشف اللثام عن المجرم الصوفي البوطي عدو أهل الشام



دعم الثورة الجزائرية ضد النظام الجزائري الدموي العميل لاسرائيل

Asharis .. The Other Face

أشاعرة يدنسون ويدوسون على المصاحف ويكتبون الاسماء الحسنى بالغائط ! استماع ۞ الامام الاشعري وشيخه وتلاميذه مجسمة ۞ شيخ أشعري كذاب رماه الله تعالى بالخبث في العضو فمات !! ماذا فعل ؟ ۞ دفاع القرطبي عن ابن عبدالبر من اعتداء جهلة الأشعرية ودليل تجسيم الامام الاشعري !!! ۞ د. عبد الرحمن دمشقية: الامام الاشعري يثبت الحد!
السواد الاعظم... ... أم الكذب الأعظم؟
أشاعرة اليوم (الشعبوريون) أشر قولا من اليهود والنصارى !
روى أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري (صاحب صحيح البخاري) في كتابه خلق أفعال العباد ج1ص30 باب ذكر أهل العلم للمعطلة وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: " الْجَهْمِيَّةُ أَشَرُّ قَوْلًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، قَدِ اجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَأَهْلُ الْأَدْيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ، وَقَالُوا هُمْ: لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ "

فرقة الأحباش .. الوجه الآخر

الاحباش المرتزقة .. الوجه الآخر
وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب
ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون : آل عمران - 75

الصوفية .. الوجه الآخر - وكذبة الصوفية الحقة

واجهة التصوف إدّعاء الإحسان .. والوجه الآخر عبادة الأموات !
موقع الصوفية - صوفية حضرموت - الحوار مع الصوفية - شرار الخلق - التصوف العالم المجهول
۞ الاحسان الصوفي ۞ روى الشعراني : إذا صحبت فاصحب الصوفية فإن للقبيح عندهم وجوهاً من المعاذير وليس للحُسن عندهم كبير موقع يعظمونك به ۞ يقول الصوفي المغربي أبو لبابة حسين عن الصوفية : "فهم لا يترددون بالاستشهاد حتى بالموضوع من الحديث إذا كان ذلك يخدم قضيتهم" ا.هـ موقف متصوفة افريقيا وزهادها من الاحتلال العبيدي
Sufism .. The Other Face
The Outward is claiming Ihsan .. The inward is Graveworship (deadworship) !
Cleanse the houses of Allah .. from the corpses of Sufis

أسرار كتاب الغزالي إحياء علوم الدين - للشيخ نظام اليعقوبي استماع
رحلتي مع جماعة التبليغ - للصوفي السابق الشيخ :عباس الشرقاوي Angry face
ست محاضرات خطيرة! في كشف أسلحة الصوفية السرية في استغفال المسلمين علمائهم وعامتهم (اضغط على السهمين المتعاكسين للانتقال بين المحاضرات)
دينُ الصوفيةِ أصبحَ خَرِقاً - الدكتور الصوفي :فرحان المحيسن الصالح يطلقها مدوية !
خطبة مؤثرة جدا ! من يرد النجاة فليصدق ويستمع الى الخطبة

21 ديسمبر، 2009

الاشاعرة و الكذب على الائمة

بسم الله




و الاشاعرة يحاولون نسبة العلماء إليهم , و لهم في هذا امور معروفة بل حتى جرى نسبة بعض السلفيين الى عقيدتهم و هو حي !!!

قال الإمام العلامة جمال الدين يوسف بن حسن عبد الهادي الشهير بابن المبرد - ت 909 هـ و هو من هو في شدته على الاشاعرة و الرد عليهم و التبرؤ من عقيدتهم - في كتابه كشف الغطا عن محض الخطأ:

((وكنت مرة عند رجل من أكابر الحنفية، فدخل رجل آخر من الحنفية، فمدحني، وقال: الشيخ رجل مليح أشعري الاعتقاد. فقال له ذلك الرجل: لأي شيء قلت أشعري العقيدة ؟ فقال: لأن الاعتقاد الصحيح ينسب إلى الأشعري.

فالله الله !! فوالله قد كذب علي، وأنا بريء من قوله، لا أكون عليه إلا أن يزول عقلي، أو يذهب ديني!!!))عن ثمار المقاصد ص25 والتمهيد ص30 كلاهما لابن عبد الهادي. ( عن مشاركة للأخ فيصل )



و راجع هذا الرابط :

http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=149832



منقول من مشاركة المقدادي ملتقى اهل الحديث
































10 ديسمبر، 2009

قواعد مهمة في الأسماء والصفات


قواعد مهمة في الأسماء والصفات
طريق القرآن
 
الواجب علينا أيها العبيد الإيمان بالله وأسمائه وصفاته وإمرارها كما جاءت، واعتقاد أنها حق كما أخبر الله عز وجل وأخبر رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  وعدم التكييف والتمثيل؛ لأن الله عز وجل أخبرنا بأسمائه وصفاته وأفعاله ولم يبين كيفيتها فنصدق الخبر، ونؤمن به، ونكل الكيفية إلى الله عز وجل


قواعد مهمة في الأسماء والصفات ذكرها ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وغيره من العلماء، منها:

القاعدة الأولى: القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر:
بهذه القاعدة نرد على عدة طوائف:

أ – الذين يثبتون بعض الصفات كالذين يثبتون لله الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة ويجعلونها صفات حقيقية ثم ينازعون في محبة الله ورضاه، وغضبه وكراهيته ويجعلون ذلك مجازاً أو يفسرونه بالإرادة أو يفسرونه بالنعم والعقوبات.

فيقال لهؤلاء: لا فرق بين ما أثبتموه وما نفيتموه، بل القول في أحدهما كالقول في الآخر، فإن كنتم تقولون حياته وعلمه .. كحياة المخلوقين وعلمهم، فيلزمكم أن تقولوا في رضاه ومحبته كذلك، وإن قلتم له حياة وعلم وإرادة .. تليق به ولا تشبه حياة المخلوقين وعلمهم وإرادتهم، فيلزمكم أن تقولوا في رضاه ومحبته وغضبه كذلك، وإن قلتم إن الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام، فكذلك يقال: الإرادة ميل النفس إلى جلب مصلحة أو دفع مضرة، فإن قلتم هذه إرادة مخلوق، قلنا: هذا غضب مخلوق.

ب – الذين يثبتون الأسماء يثبتون الأسماء وينفون الصفات، فيقولون: حيٌّ بلا حياة، أو عليم بلا علم .. إلخ.

فهؤلاء يقال لهم: لا فرق بين إثبات الأسماء وإثبات الصفات، فإنك إن قلت إثبات الحياة والعلم والقدرة يقتضي التشبيه أو التجسيم لأنا لا نجد متصفاً بالصفات إلا وهو جسم، قلنا: وكذلك في السماء، إذ لا نجد ما هو مسمى بحيٍّ وعليم وقدير إلا ما هو جسم، فانف أسماء الله، فإن قالوا: هذه الأسماء تليق بكماله وجلاله قلنا: وكذلك صفاته.

ج ـ الذين ينفون الأسماء والصفات فإنهم بزعمهم ينفون ذلك حتى لا يشبهوا الله بالموجودات فيقال لهم: نفيتم علمه وحياته .. كما نفيتم أنه عليم حي خشية أن تشبهوه بالموجودات، ولكن يلزم قولكم هذا تشبيه الله بالمعدومات.

القاعدة الثانية: القول في الصفات كالقول في الذات:
فالله سبحانه له ذات لا تشبه ذوات المخلوقين، وكذلك صفاته وأفعاله لا تشبه ذوات المخلوقين وأفعالهم.
إذ يلزم من أقر بأن لله حقيقة ثابتة في نفس الأمر مستوجبة لصفات الكمال لا يماثلها شيء أن يقول: إن سمعه وبصره وكلامه الثابت في نفس الأمر لا يشابهه سمع المخلوقين ولا بصرهم ولا كلامهم.

فإذا قال القائل أنا أنفي استواء الله خشية من تشبيه الله بخلقه، فيقال له: انف وجود الله وذاته؛ لأنه يلزم من ذلك تشبيه الله بخلقه، فإن قال: لله وجود يخصه وذات تخصه لا تشبه ذوات المخلوقين،  قلنا: كذلك نزوله واستواؤه .

القاعدة الثالثة: الاتفاق في الأسماء لا يقتضي التساوي في المسميات:
فإننا نعلم أن ما أخبرنا الله تعالى به مما في الجنة من لبن وعسل وخمر .. حق، وهذه الحقائق وإن كانت موافقة في الأسماء للحقائق الموجودة في الدنيا فإنها لا تماثلها . بل بينها وبين ما في الدنيا من المباينة ما لا يعلمه إلا الله تعالى، فالخلق أعظم مباينة للمخلوقات من مباينة المخلوق للمخلوق، بل قد تسمى في الدنيا عدة أشياء باسم واحد، ويكون لكل واحد حقيقة تخصه، فإننا نقول مثلاً: يد الجمل، ويد المحفظة ويد الإنسان، واليد في كل لفظة من الألفاظ الثلاثة لها معنى يخصها.

يقول الشيخ حافظ الحكمي ـ رحمه الله: " فالواجب علينا أيها العبيد الإيمان بالله وأسمائه وصفاته وإمرارها كما جاءت، واعتقاد أنها حق كما أخبر الله عز وجل وأخبر رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  وعدم التكييف والتمثيل؛ لأن الله عز وجل أخبرنا بأسمائه وصفاته وأفعاله ولم يبين كيفيتها فنصدق الخبر، ونؤمن به، ونكل الكيفية إلى الله عز وجل، فصفات ذاته تعالى من الحياة والعلم والسمع والبصر والقدرة والإرادة وغيرها، وكذلك صفات أفعاله من الاستواء على العرش والنزول إلى سماء الدنيا والمجيء لفصل القضاء بين عباده وغير ذلك كلها حق على حقيقتها، علمنا اتصافه تعالى بها ما علمنا في كتابه وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  وغاب عن جميع المخلوقين كيفيتها ولم يحيطوا بها علماً، كما قالت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ وربيعة الرأي ومالك بن أنس وغيرهم ـ رحمهم الله تعالى: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق والتسليم، وكذلك القول في جميع صفاته عز وجل، وإنا والله لكالون حائرون في كيفية سراية الدم في أعضائنا وجريان الطعام والشراب فينا، وكيف يدبر الله تعالى قوت كل عضو فيه بحسب حاجته، وفي استقرار الروح التي هي بين جنبينا، وكيف يتوفاها الله في منامها وتعرج إلى حيث شاء الله عز وجل ويردها إذا شاء، وفي كيفية إقعاد الميت في القبر وعذابه ونعيمه وكيفية قيام الأموات من القبور حفاة عراة غرلا، وكيفية الملائكة وعظم خلقهم، فكيف العرش الذي لا يقدر قدره إلا الله عز وجل، كل ذلك نجهل كيفيته ونحن مؤمنون به كما أخبرنا الله عز وجل عنه على ألسنة رسله ـ عليهم الصلاة والسلام ـ إيماناً بالغيب وإن لم نعلم الكيفية، فكيف بالخالق عز وجل وأسمائه الحسنى وصفاته العلى، ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض وله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون، آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون، آمنا به كل من عند ربنا، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين " أ هـ.

من نونية ابن القيم:
يقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله:

فـاسمع إذاً توحيـد رسـل الله ثم          اجـعله داخل كــفة المـيزان
مع  هـذه الأنـواع وانـظر أيُها           أولى لـدى الميـزان  بالرجحان
لسنا  نُشّبـه وصـفه بصفاتنــا           إن المشبـه  عـابد الأوثــان
كـلا ولا نُخليـه مـن أصـافـه           إن المعطـل عــابد البهتـان
مـن مـثّل الله العظيـم  بخلقـه           فهو النسيب لمـشرك  نصراني
أو عطّل الرحمن  مـن أوصـافه           فهو الكفور وليــس ذا إيمـان
هـذا ومـن توحيدهـم إثبــات           أوصـاف الكمال لربنا الرحمن
كعُلُوّه سبحانـه فـوق السمـاوات          العُلا بل  فـوق كـل مكــان
فهــو العلـيُّ بذاتـه  سبحـانه           إذ  يستحيل خـلاف ذا ببيـان
وهـو الذي حقاً على العـرش استوى        قد قـام بالتدبيــر  للأكـوان
حـيُّ مُـريـدُ قــادرٌ متــكلمٌ           ذو رحــمةٍ  وإرادةٍ وحنـان
هـو أولٌ هـو آخر هـو ظـاهر          هو  باطن هي أربـعٌ بِـوِزان
مـا قبلـه شيءٌ كـذا مـا بـعده           شيءٌ تـعالى الله ذو السلـطان
مـا فوقه شيءٌ كـذا مـا  دونـه           شـيٌ وذا تفسير ذي البُـرهان
فانظـر إلـى  ما فيـه من أنواع           معرفة لـخالقنا العظيم  الشـان
وهـو العلـيّ فكــل أنــواع           العُلُوِّ لــه فثابتـة بلا نُـكران
وهـو العظيم بكـل معنى يوجب           التعظيم  لا يـُحصيه من إنسان
وهـو الجليـل فكـل أوصـاف           الجلال له مُحقـقة بـلا  بطلان
وهو الجميل على الحقيقة كيـف لا            وجمال سائـر هذه  الأكــوان
من بـعض أثار الجميـل  فربها           أولى وأجـدر ُعند ذي العـرفان
فجمـالـه بالـذات والأوصـاف           والفـعال والأسمـاء  بـالبرهان
لا شـيء يشبـه  ذاتـه وصفاتِهِ           سبحـانه عـن إفـكِ ذي بُهتان
وهـو المجيـد صفاته أوصـاف           تعظيم فشأن الوصف أعظم شأن
وهـو السميع يرى ويسمع كل ما           في الكون من سر ومن إعـلان
ولكـل صوت منه سمع  حـاضر          فالسر  والإعـلان مستويــان
والسمع منه  واسع الأصـوات لا           يخفى عليـه بعيدهـا  والدّاني
وهـو البصير يرى دبيب النملـة          السوداء تحت الصخر والصّوان
ويرى مجاري القوت في أعضائها           ويـرى نياط  عُروقها بعيـان
ويرى  خـيانات العيـون بلحظها          ويـرى كـذاك تقلب الأجـفان
وهـو العليم أحاط علمــاً بالذي           في الكون من سر ومن إعـلان
وبـكل  شيء عـلمه سبحـانـه           فهو المحيط وليـس ذا نسيـان
وكذاك  يعلم ما يكون غـداً ومـا           قد كـان والموجود  في ذا الآن
وكـذاك أمرٌ لـم يكن لو كــان           كـيف  يكــون ذا إمــكان

ولا يلزم من اتفاق التسمية اتفاق المسميات، فإن الله تعالى قد سمى نفسه سميعاً بصيراً، وأخبرنا أنه جعل الإنسان سميعاً بصيراً، وسمى نفسه الرؤوف الرحيم، وأخبر أن نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ  بالمؤمنين رؤوف رحيم، وسمى نفسه الملك فقال: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } ... [الفاتحة:4]، { مَلِكِ النَّاسِ } ... [الناس:2] وسمى بعض خلقه ملكاً فقال: { وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي } ... [يوسف:54]، وهو العزيز وسمى بعض عباده عزيزاً .. وغير ذلك، فلا يلزم من اتفاق التسمية اتفاق الأسماء ومقتضياتها، فليس السمع كالسمع ولا البصر كالبصر ولا الرأفة كالرأفة ولا الرحمة كالرحمة ولا العزة كالعزة، كما أنه ليس المخلوق كالخالق ولا المحدث الكائن بعد أن لم يكن كالأول الآخر الظاهر الباطن، وليس الفقير العاجز عن القيام بنفسه كالحي القيوم الغني عما سواه وكل ما سواه فقير إليه، فصفات الخالق الحي القيوم قائمة به لائقة بجلاله أزلية بأزليته دائمة بديموميته، لم يزل متصفاً بها ولا يزال كذلك، لم تسبق بضد ولم تعقب به، بل له تعالى الكمال المطلق أولاً وأبداً: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ... [الشورى:11]، فمن شبه الله تعالى بخلقه فقد كفر، ومن نفى عنه ما وصف به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه.




















01 ديسمبر، 2009

حمل كتاب :فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام

بسم الله

حمل كتاب :فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام
المؤلف غالب بن علي العواجي

المحقق
بطاقة الكتاب احتوى الكتاب على:

- الجزء الأول:
الباب الأول: مقدمة في الفرق
الباب الثاني: فرقة السلف أهل السنة والجماعة
الباب الثالث: دراسة عن الخوارج
الباب الرابع: الشيعة

- الجزء الثاني:
الباب الخامس: الباطنية
الباب السادس: النصيرية
الباب السابع: الدروز
الباب الثامن: البهائية
الباب التاسع: القاديانية

- الجزء الثالث:
الباب العاشر: الصوفية
الباب الحادي عشر: دراسة المرجئة
الباب الثاني عشر: الجهمية
الباب الثالث عشر: المعتزلة
الباب الرابع عشر: الأشاعرة أو السبعية
الباب الخامس عشر: الماتريدية
الباب السادس عشر: دراسة أهم المسائل التي اتفق عليها أهل الكلام من الأشعرية والماتريدية والمعتزلة والجهمية.

الناشر: المكتبة العصرية الذهبية
الطبعة: الرابعة
سنة الطبع: 1422 - 2001
عدد المجلدات: 3 مجلدات
عدد الصفحات: 1301 صفحة

رابط التحميل:
http://s203978783.onlinehome.us/books/08/0744.rar

















30 نوفمبر، 2009

المنطق الارسطي وأثر اختلاطه بالعلوم الشرعية - بالنص والصوت


 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:
-حقيقة المنطق-

فالمعروف عند المناطقة أنَّ المنطق -باعتبار فائدته- هو آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطإ في الفكر، فهو علم عملي آلي(١-  التعريفات للجرجاني: 232) موجود في العقل بالغريزة، وموضوعه المعلومات التصورية(٢- معرفة التصورات هي إدراك الماهية من غير حكم عليها بنفي أو إثبات، ويكون طريق الوصول إليه بالحد أو التعريف الذي هو القول الدال على ماهية الشيء (المصدر السابق: 59، 83، والكليات لأبي البقاء: 290))، والتصديقية(٣- معرفة التصديقات، وهي نسبة الحكم إلى الماهية المتصورة، ويكون طريق الوصول إليها بالقياس الذي هو قول مؤلف من قضايا إذا سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر( المصدر السابق: 181.والكليات لأبي البقاء: 290))، وغايته الإصابة في الفكر، وحفظ الرأي عن الخطإ في النظر، وذلك بتقابل الفكر مع نفسه وتجريده من التناقض، لذلك سمي منطق "أرسطو" بالمنطق الصوري لعنايته بصورة الفكر دون مادته ومعناه، كما سمي "أرسطو"(٤-  أرسطو أو أرسطا طاليس هو فيلسوف يوناني من كبار الفلاسفة عالميا يلقب بأمير الفلاسفة، تأثرت بوادر التفكير الإسلامي بتصانيفه الفلسفية في المنطق والطبيعيات، والإلهيات، والأخلاق، له مؤلفات منها:" الجدل" و" السياسة" و" النفس" و" ما بعد الطبيعة" و" المقالات" توفي سنة( 322ق.م). [انظر: فهرست للنديم: 307 ، المعجم الجامع لأسماء الأعلام( فرنسي) التحرير العام: ألان راي، وإشراف بول روبار: 104]) بالمعلم الأول حيث قام -في زعمهم- بصياغة هذه الصناعة الآلية، فقعَّد له، وحدَّد مصطلحاته، وهذَّب مباحثه، ورتَّب مسائله وفصوله، وجعله أوَّل العلوم الحكمية وفاتحته، فنُسب إليه المنطق نسبة صياغة وإظهار لاابتداء واختراع(٥- الملل والنحل للشهرستاني: 2/156. مقدمة ابن خلدون: 462).

 


-ما وقعت فيه الأمة الإسلامية من المحنة بسبب تعريب كتب اليونان-
وقد ابتليت الأمة الإسلامية بتعريب كتب اليونان التي ابتدأ دخولها في العهد الأموي بدون توسع ولا انتشار حيث كان المشتغلون بالفلسفة اليونانية، المعجبون بالمنطق الأرسطي آحاد الناس على خفية من علماء أهل السنة والجماعة الذين حذَّروا منها لما تنطوي عليها من ملابسة العلوم الفلسفية المباينة للعقائد الصحيحة، إلاَّ أنها شاعت كتب اليونان في عهد الدولة العباسية، وعظم ذلك وقوي أيام المأمون لما أثاره من البدع، وكان حرصه على نشره والحث عليه أعظم من الاشتغال بعلوم الأوائل(٦- مجموع الفتاوى لابن تيمية: 9/265.، صون المنطق للسيوطي: 12).

 

-إقحام المنطق في العلوم الشرعية لا سيما علم الأصول-

ثم تحقق إقحام المنطق بصورة حقيقية لاسيما في علم الأصول على يد أبي حامد الغزالي(ت: 505ﻫ) الذي اشترطه لتحصيل العلوم والاجتهاد، وجعله معيار العلوم العقلية وميزانًا لها وقال:" من لايحيط بها ( أي المقدمة المنطقية) فلا ثقة بعلومه أصلاً"(٧- المستصفى للغزالي: 1/10، مجموع الفتاوى لابن تيمية: 9/184) وصنف في ذلك كتبًا منها:" معيار العلم" و" محك النظر" و"مقاصد الفلاسفة" و" القسطاس المستقيم"، وقد تناوله في مطلع كتابه " المستصفى"(٨- المستصفى للغزالي: 1/10) وتأثر بكلامه كثير من المتأخرين حتى أوجبوا تعلم المنطق وجعلوه من فروض الكفاية أو من شروط الاجتهاد(٩- مجموع الفتاوى لابن تيمية: 9/172)، أي لا يكون المرتقي في مدارج الاجتهاد مستكملاً لشرائط النظر، وأهلاً للتأليف والفتوى إلاَّ بتحصيله، وضمن هذا السياق يقول ابن تيمية- رحمه الله- :" ولكن بسبب ما وقع منه- أي الغزالي- في أثناء عمره وغير ذلك، صار كثير من النظَّار يدخلون المنطق اليوناني في علومهم، حتى صار من يسلك طريق هؤلاء من المتأخرين يظن أنه لا طريق إلاَّ هذا"(١٠- المصدر السابق: 9/ 185).

 


-الفرق بين الميزان العقلي الذي أنزله الله والميزان الأرسطي اليوناني-
هكذا كانت عناية كثير من المصنفين بعلم المنطق الأرسطي حتى ساهموا في إقحامه ضمن العلوم الشرعية لا سيما في مجال الأصول لما ظنوا فيهما اتحاد غاية كل منهما وهي معرفة الطرق والأساليب الموصلة للصواب، وقد أثر سلبًا اختلاط المنطق بالعلوم الشرعية، وكان من أعظم الجنايات على دين الإسلام وأهله، ولم تكن كتب المنطق والفلسفة محل تقدير عند الراسخين في العلم الثابتين على الحق لا من أجل اشتغال الأمم الكافرة به فقد قبلوا منهم علومًا صحيحة كالطب والحساب والهندسة وغيرها، وإنما رفضوا التلفيق بين المنطق ومنهج الكتاب والسنة، وذلك بعرض صفاء عقيدة المسلمين باستعمال القوالب الفلسفية والمنطقية المأخوذة من كتب اليونان، وجعل المنطق الأرسطي ميزانًا للعلوم الشرعية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- :" ولا يجوز لعاقل أن يظن أنَّ الميزان العقلي الذي أنزله الله هو منطق اليونان لوجوه:

أحدها: إنَّ الله أنزل الموازين مع كتبه قبل أن يخلق اليونان من عهد نوح وإبراهيم وموسى وغيرهم، وهذا المنطق اليوناني وضعه قبل المسيح بثلاثمائة سنة، فكيف كانت الأمم المتقدمة تزن به؟.

الثاني: إنَّ أمتنا أهل الإسلام ما زالوا يزنون بالموازين العقلية، ولم يسمع سلفًا بذكر هذا المنطق اليوناني، وإنما ظهر في الإسلام لما عربت الكتب الرومية في عهد دولة المأمون أو قريبًا منها.

الثالث: إنَّه ما زال نظار المسلمين بعد أن عرب وعرفوه، يعيبونه ويذمونه ولا يلتفتون إليه ولا إلى أهله في موازينهم العقلية والشرعية...ثم هذا جعلوه ميزان الموازين العقلية التي هي الأقيسة العقلية، وزعموا أنه آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن أن يزل في فكره، وليس كذلك فإنه لو احتاج الميزان إلى ميزان للزم التسلسل"(١١- المصدر السابق: 9/240-241).

[المفاسد الناتجة عن إدخال المنطق اليوناني]

ومن المفاسد الناتجة عن إدخال كتب اليونان في أصول الدين أن شوَّهت العقيدة السليمة بلوازم فاسدة، فيها تكذيب صريح للقرآن، وصحيح العقل، كالقول بقدم العالم، لأنَّ الإله لم يسبق العالم في الوجود الزمني وإن كان يسبقه في الوجود الفكري، مثلما تسبق المقدمة النتيجة في الوجود، ومن أعظم إساءة الظن برب العالمين، قصر علمه سبحانه بالأمور الكلية دون الجزئية، ويبررون إنكارهم لعلم الله بالجزئيات، بأنَّ الجزئيات في تغير وتجدد فلو تعلق علم الله بها للزمه التغير بتغير المعلوم وتجدده (١٢-  وهذا الضلال والذي قبله أنكره الغزالي على الفلاسفة وكفرهم به في تهافت الفلاسفة: 88، 506)، ومن ضلالهم إنكار الصفات الثبوتية لله تعالى، ويصفونه بالسلوب المحض، لأنَّ الواحد لا يصدر عنه إلاَّ واحد، إذ لو صدر عنه اثنان لكان ذلك مخالفًا للوحدة، وبذلك نفوا أن يكون الله فاعلاً مختارًا، ونفوا الصفات عن الله تعالى فرارًا من تشبيهه بالنفوس الفلكية أو الإنسانية، ثم شبهوه بالجمادات، فكان "ضلال الفلاسفة في الإلهيات ظاهرًا لأكثر الناس، ولهذا كفرهم فيها نظار المسلمين قاطبة" (١٣-  مجموع الفتاوى لابن تيمية: 9/187)، ومن مفاسد اعتقادهم إنكارهم للنبوات واعتبارها أمرًا مكتسبًا تستعدُّ له النفوس بأنواع الرياضات وليست النبوة- عندهم- هبة من الله ومنته على بعض عباده، وكذا الأخبار المتواترة عند المناطقة احتمالية الصدق وتختص بها من علمها، ولا تكون حجة على غيره، فهذا غيض من فيض ما يسببه المنطق الأرسطي من تفريق كلمة المسلمين، وتذبذب  معتقدهم، وشق عصاهم، ونبذ جماعتهم، فالاضطراب والشك والنزاع والحيرة عالق بأهل المنطق والمشتغلين به فلا يكاد يوجد اثنان منهم يتفقان على مسألة ما حتى تلك التي يطلقون عليها اسم" البدهيات" أو " اليقينيات". وقد وصف ابن تيمية -رحمه الله- المشتغلين بهذه الصناعة بقوله:" إنَّ الخائضين في العلوم من أهل هذه الصناعة أكثر الناس شكًّا واضطراباً، وأقلهم علمًا وتحقيقًَا، وأبعدهم عن تحقيق علم موزون، وإم كان فيهم من قد يحقق شيئا من العلم، فذلك لصحة المادة والأدلة التي ينظر فيها، وصحة ذهنه وإدراكه لا لأجل المنطق، بل إدخاله صناعة المنطق في العلوم الصحيحة يطوّل العبارة، ويبعد الإشارة، ويجعل القريب من العلم بعيدًا، واليسير منه عسيرًا، ولهذا تجد من أدخله في الخلاف، والكلام، وأصول الفقه، وغير ذلك لم يفد إلاَّ كثرة الكلام والتشقيق، مع قلة العلم والتحقيق، فعلم أنه من أعظم حشو الكلام، وأبعد الأشياء عن طريق ذوي الأحلام" (١٤-  المصدر السابق: 9/23-24) قال أحد بطارقة الروم:" فما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلاَّ أفسدتها وأوقعت بين علمائها" (١٥-  صون المنطق للسيوطي: 9).

 

[آثار جناية المنطق على الإسلام وأهله]

ومن آثار جناية المنطق الأرسطي على الإسلام وأهله: ضعف توقير الكتاب والسنة في نفوس المعجبين بعلم الكلام اغترارًا بالأدلة العقلية الموزونة بميزان المنطق وتقديمها على أدلة الشرع، ولم تعد لأدلة الوحيين قيمة ذاتية إلاَّ على وجه الاستئناس بها والمعاضدة للأدلة العقلية عند التوافق معها، أمَّا في حالة التعارض فإنَّ نصوص الوحي من الكتاب والسنة ترد ردًّا كليا بإلغاء مدلوليهما، وتأويلهما على وجه يتوافق -في زعمهم- مع العقل المشفوع بالمنطق لقطعيته وظنيتهما، والقطعي لا يعارضه الظني ولا يقاومه. الأمر الذي أدَّى إلى الاستغناء عن نصوص الوحيين بآراء الرجال وأقيسة المناطقة وهرطقات الفلاسفة وأبعدهم عن مقتضى وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهذه الأمة بما يكفل لها النجاة والهدى إذا اعتصمت بالكتاب والسنة، وتحاكمت إليهما في موارد النزاع، وتباعدت عن وجوه الضلالات والبدع، قال ابن تيمية -رحمه الله-: "فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن، لا برأيه، ولا ذوقه، ولا معقوله، ولا قياسه، ولا وجده، فإنهم ثَبَت عندهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات أنَّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جاء بالهدى ودين الحق، وأنَّ القرآن يهدي للتي هي أقوم" (١٦-  مجموع الفتاوى لابن تيمية: 13-28).

 

[عدم افتقار العلوم إلى منطق اليونان]

هذا، والمنطق نمط فكري جانس الفكر اليوناني وتلاءم مع البيئة الفلسفية، نشأ فيها وأهلها من أهل الشرك والإلحاد، تلك الحقبة من التاريخ كان الفكر اليوناني يتوافق مع الفكرة المجردة ويناسب الجدل المثالي، وهذا علم لا صلة له بالواقع، بل وجوده في الذهن ليس إلاَّ، لأنَّ المنطق يبحث في عالم الكليات ويتجاهل البحث في الجزئيات والأعيان المشخصة (١٧-  مقدمة ابن خلدون: 483-484. المنطق الحديث لمحمود قاسم: 11) لذلك لم يعد صالحا بمضي عهده وانتهاء أوانه، بل كان له الأثر الظاهر في تخلف اليونان عن ركب الحضارة والمدنية التي كان مُعرِضًا عنها وعن العلوم التطبيقية الواقعية بانزوائه بالفكر والجهود العلمية إلى عالم ما وراء الطبيعية، فكان ظهور التقدم العلمي والحضاري بعد الثورة المزدوجة على السلطة العلمية ممثلة في المنطق الأرسطي والسلطة الدينية ممثلة في رجال الكنيسة (١٨-  الغزو الفكري لعلي لبن: 42)، وعليه فإنَّ العلوم تقدمت قبل المنطق والتعرف عليه وبعد انتهاء أوانه، وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "إننا لا نجد أحدًا من أهل الأرض حقق علمًا من العلوم وصار إمامًا بفضل المنطق، لا من العلوم الدينية ولا غيرها، فالأطباء والمهندسون وغيرهم يحققون ما يحققون من علومهم بغير صناعة المنطق، وقد صنف في الإسلام علوم النحو، والعَروض، والفقه وأصوله، وغير ذلك، وليس في أئمة هذه الفنون من كان يلتفت إلى المنطق، بل عامتهم كانوا قبل أن يعرف المنطق اليوناني" (١٩-  مجموع الفتاوى لابن تيمية: 9/23) لذلك كان فرضه كمقدمة لمختلف العلوم لما في ذلك العلوم الشرعية مسلك عديم الفائدة، كثير المفاسد، ليس فيه إلاَّ تضييع الأزمان وإتعاب الأذهان، وكثرة الهذيان، ودعوى التحقيق بالكذب والبهتان، وفي معرض الجواب عن كتب المنطق ومدى صحة القول من اشترطها في تحصيل العلوم قال ابن تيمية- رحمه الله-:"....وأمَّا شرعًا فإنه من المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أنَّ الله لم يوجب تعلم هذا المنطق اليوناني على أهل العلم والإيمان، وأما في نفسه فبعضه حق، وبعضه باطل، والحق الذي فيه كثير منه أو أكثره لا يحتاج إليه، والقدر الذي يحتاج إليه منه فأكثر الفطر السليمة تستقل به، والبليد لا ينتفع به، والذكي لا يحتاج إليه، ومضرته على من لم يكن خبيرًا بعلوم الأنبياء أكثر من نفعه، فإنَّ فيه من القواعد السلبية الفاسدة ما راجت على كثير من الفضلاء وكانت سبب نفاقهم وفساد علومهم، وقول من قال: إنه كله حق، كلام باطل، بل في كلامهم في الحدِّ والصفات الذاتية والعرضية وأقسام القياس والبرهان وموارده من الفساد ما قد بيناه في غير الموضع (٢٠-  وقد بينه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حق البيان في المصنفات المفيدة التالية:" الرد على المنطقيين" و" نقض المنطق" و" نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان"و" نقض تأسيس الجهمية" و" درء تعارض العقل والنقل") وقد بين ذلك علماء المسلمين (٢١-  وللعلماء من أهل السنة والحديث مجهود معتبر في بيان المحدثات وتحذير الأمة من خطرها وسوء عاقبتها، ولهم في ذلك مصنفات أبطلوا فيها مزاعم أهل الكلام والفلسفة ونقضوا شبهاتهم وأقاموا الحجة وبينوا الحجة ومن هذه المصنفات ما تقدم من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتاب" الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" لابن القيم الجوزية، وكتاب " الغنية عن الكلام وأهله" لأبي سليمان الخطابي، وكتاب" ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان" لابن الوزير، وكتب جلال الدين السيوطي منها:" القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق"و" صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام"و" جهد القريحة في تجريد النصيحة"، ولأبي حامد الغزالي:" تهافت الفلاسفة" و" إلجام العوام عن علم الكلام")" (٢٢-  مجموع الفتاوى لابن تيمية: 9/269-270).

[جزاء من اتخذ المنطق اليوناني مسلكًا له وميزانا]

هذا، وقد كان جزاء من اتخذ المناهج الفلسفية والطرق المنطقية ميزانًا له ومسلكًا أن أورثهم الله خبطًا في دوامة من الشك والهذيان والحيرة باستبدالهم الذي هو أدنى بالذي هو خير المتجلي في الحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاَّ هالك، قال ابن القيم رحمه الله:" لقد استبان-والله- الصبح لمن له عينان ناظرتان، وتبين الرشد من الغي لمن له أذنان واعيان، لكن عصفت على القلوب أهوية البدع والشبهات، فأغلقت أبواب رشدها وأضاعت مفاتيحها، وران عليها كسبها وتقليدها لآراء الرجال، فلم تجد حقائق القرآن والسنة فيها منفذًا، وتمكنت فيها أسقام الجهل والتخليط، فلم تنتفع معها بصالح الغذاء، واعجبا جعلت غذاءها من هذه الآراء التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولم تقبل الاغتذاء بكلام الله ونص نبيه المرفوع" (٢٣-  اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة الجهمية لابن القيم: 63).

 

[اعترافات أذكياء أهل الكلام المنطق بمضرته وفساد مسالكه]

وقد اعترف كثير ممن تأثَّروا بالمنطق وعلم الكلام- الذين خاضوا بحره وغاصوا أعماقه- بمضار القوالب الفلسفية والمناهج المنطقية التي لا تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ورجعوا إلى طريق الحق والصواب بعد أن أدركوا تناقض المنطق وتهافته أمثال نعيم بن حماد[ت: 229] وأبي الحسن الأشعري[ت: 324]، وأبي المعالي الجويني[ت: 474]، وأبي جامد الغزالي[ت: 505] وغيرهم (٢٤-  انظر نماذج من رجوع المتكلمين إلى الحق في: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز: 208- 209)، وكان الغزالي قد ذم المنطق وأهله، وبيّن أن طريقتهم لا توصل إلى اليقين مفندا البرهان الفلسفي وإظهار قصوره عن الوصول بالإنسان إلى اليقين حال تطبيقه في الإلهيات فقال: " لهم نوع من الظلم في هذا العلم وهو أنهم يجمعون للبرهان شروطا يعلم أنها تورث اليقين لا محالة، لكنهم عند الانتهاء إلى المقاصد الدينية ما أمكنهم الوفاء بتلك الشروط، بل تساهلوا غاية التساهل" (٢٥-  المنقذ من الضلال للغزالي: 93)،كما ذم طريقة المتكلمين وأشار إلى مضار علم الكلام بقوله: " فأما مضرته فإثارة الشبهات، وتحريف العقائد، وإزالتها عن الجزم والتصميم، وذلك مما يحصل بالابتداء ورجوعها بالدليل مشكوك فيه، ، ويختلف فيه الأشخاص، فهذا ضرره في اعتقاد الحق، وله ضرر في تأكيد اعتقاد البدعة، وتثبيتها في صدورها، بحيث تنبعث دواعيهم، ويشتد حرصهم عليه، ولكن هذا الضرر بواسطة التعصب الذي يثور من الجدل..." (٢٦-  إحياء علوم الدين للغزالي: 1/97) وجاء عنه -رحمه الله- في كتابه: "إلجام العوام عن علم الكلام" قوله: الدليل على أن مذهب السلف هو الحق، وأن نقيضه بدعة، والبدعة مذمومة وضلالة" (٢٧-  إلجام العوام للغزالي: 66)، وقال في موضع آخر: " إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا محتاجين إلى محاجة اليهود والنصارى في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فما زادوا على أدلة القرآن شيئا، وما ركبوا ظهر اللجاج في وضع المقاييس العقلية، وترتيب المقدمات، كل ذلك لعلمهم بأن ذلك مثار للفتن، ومنبع التشويش، ومن لا يقنعه أدلة القرآن لا يقمعه إلا السيف و السّنان فما بعد بيان الله بيان". تلك هي بعض اعترافات من رجعوا إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالتمسك بالكتاب والسنة والاعتصام بحبل الله تعالى وعدم التفرق، بعد تيه في بيداء الكلام، وعلمهم أن في طرق المناطقة فسادا كبيرا، والحاصل منها بعد النصب والمشقة خير قليل فهو "كَلَحْمِ جَمَلٍ غَثٍّ على رأسِ جبَلٍ وَعْرٍ،لاَ سَهْلٌ فَيُرْتقى، ولا سَمِينٌ فَيُنْتَقَل" (٢٩-  جزء من حديث أمّ زرع أخرجه البخاري: 9/254، في كتاب النكاح، باب حسن المعاشرة مع الأهل، ومسلم: 15/212، في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب حديث أمّ زرع. قال النووي في شرح مسلم[15/213]: " فالمعنى أنه قليل الخير من أوجه منها: كونه كلحم الجمل لا كلحم الضأن، ومنها: أنه مع ذلك غث مهزول رديء، ومنها: أنه صعب التناول لا يوصل إليه إلا بمشقة شديدة، ولا سمبن فينتقل أي إلى بيوتهم ليأكلوه، بل يتركوه رغبة عنه لرداءته" بتصرف)، فرحم الله علماء السنة والحديث في كل عصر ينصرون الحق، ويدعون الناس إليه، مع تأديتهم بواجب النصح وأمانة تبليغ هذا الدين، ودرء تحريف الغالين، وفساد المبتدعين، حتى يكون الدين لله ربّ العالمين.

 
أبو عبد المعز محمّد علي فركوس
 
الجزائر في: 1 محرم 1427ﻫ
الموافق ﻟ: 30 يناير 2006م
 

29 نوفمبر، 2009

كل شئ هالك إلا وجهه - مهم


بسم الله
 السلام عليكم ورحمة الله

يقولون لو اثبتنا ان لله وجها على الحقيقة وليس على المجاز للزم من قوله تعالى : " كل شيء هالك الا وجهه " هلاك يديه ان اثبتناهما حقيقة لقوله تعالى : " خلقت بيدي " , وهلاك عينه ان اثبتناها حقيقة في قوله " ولتصنع على عيني " وهكذا باقي الصفات ان اثبتناها حقيقة , فقوله تعالى " كل شيء هالك الا وجهه " يعني بناء على ما سبق هلاك يديه وعينه وكل ما ذكر عن نفسه سبحانه واثبتناه حقيقة , وبقاء وجهه فقط !

ما راي الأخوة في ذلك ؟ 


الاجابة

يرد عليهم أخي بأن نقول لهم :إن العرب في لغتها تعبر بالوجه عن الذات ، فتجد العربي يقول : ( أنا قاصد وجهك ) ويعني : أنا قاصدك أنت . [ذكر هذا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح القواعد المثلى _الشرح الثاني،أشرطة_ ]
وأيضاً يقال لهم : إن الوجه يُطلق ويراد به الوجه والذات معاً . [ تقييد الشوارد للراجحي ص77]قلت : وهذا يظهر لك في قوله تعالى : {فول وجهك شطر المسجد الحرام ... } فالمقصود : أن يولي وجهه مع ذاته جميعاً .



فائدة : الله تعالى خصّ ذكر الوجه بالبقاء دون باقي الصفات ، لجلاله وعظمته وتشريفه بذلك لكون المخلوقات تقصد وجه الله العظيم ، فيكون هذا أبلغ في نفس المستمع . [ شرح الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ ]


للمزيد





التوحيد والشرك عند الاشاعرة

بسم الله






الشبهات الرئيسة للمتأخرين من الأشاعرة في بعض مظاهر الشرك





المبحث الرابع: الشبهات الرئيسة للمتأخرين من الأشاعرة في بعض مظاهر الشرك
http://www.dorar.net/enc/firq/165



ويمكن تقسيمها إلى شبهتين رئيستين:
الشبهة الأولى: محاولة تغيير بعض الحقائق الشرعية، وهذه تظهر في أمرين:
الأول: تسميتهم الاستغاثة بغير الله توسلاً به!
الثاني: تفسيرهم للآيات الواردة بالدعاء في القرآن بالعبادة لا الطلب، وفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة.
الأمر الأول: مما فيه قلب الحقائق الشرعية:قال دحلان: "فالتوسل والتشفع والاستغاثة كلها بمعنى واحد" – ونقل عن ابن حجر الهيتمي قوله: "ولا فرق في التوسل بين أن يكون بلفظ التوسل أو التشفع أو الاستغاثة أو التوجه!. " ا هـ.
الجواب:لا شك في وجود فرق بين التوسل والاستغاثة لغة وشرعاً – فالتوسل من الوسيلة، وهي تتضمن: التوصل، والرغبة، والقربة .
وهي في الشرع لابد من تقييدها بالكتاب والسنة – شأن كل الحقائق الشرعية – وفي مسألتنا هذه: وهي التوسل إلى الله بالأشخاص: يجب أن يكون وفق الشرع، وهو أن يتوسل إلى الله تعالى بدعاء الشخص فيكون شفيعاً له في مسألته، ويدل له حديث الأعمى الذي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا رسول الله ادع الله أن يعافيني، فقال: إن شئت دعوتُ وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال لا: بل ادع الله لي، فأمره أن يتوضأ وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء:اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى، اللهم فشفعني فيه وشفعه فيَّ)) .وهو ظاهر في الدعاء لأمور:
1- إنه لو لم يكن توسلاً بالدعاء لما احتاج الرجل أن يأتيه ويطلب منه الدعاء، بل كان يمكنه أن يفعل ذلك دون أن يأتيه.
2- إن الحديث من أوله إلى آخره في الدعاء، فالرجل جاء طالباً الدعاء وخيره الرسول صلى الله عليه وسلم بين الصبر وبين أن يدعو له فاختار الدعاء، والراوي وإن اختصر الحديث فلم يذكر دعوة النبي صلى الله عليه وسلم له إلا أنه هو المفهوم من الحديث لأمرين: الأول: وعده صلى الله عليه وسلم بالدعاء له إن اختاره وهو أوفى الناس بوعده. الثاني: آخر الحديث وفيه: ((اللهم فشفعني فيه وشفعه فيَّ)) فقوله: ((فشفعه فيَّ)) أي بدعائه صلى الله عليه وسلم لي، وقوله: ((فشفعني فيه)) أي: أسألك اللهم أن تستجيب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لي، فهذا هو وجه كونه شفيعاً له. وهذا يوضح التقدير في الحديث: ((أتوجه إليك بنبيك)) أي: بدعائه، وكذا قوله: ((أتوجه بك)) أي بدعائك.3- عدول الصحابة عن التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته إلى التوسل بالعباس – رضي الله عنه – كما قال عمر – رضي الله عنه – ((اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا)) , فلو كان التوسل بالمكانة أو الجاه مشروعاً لما عدلوا عن التوسل به صلى الله عليه وسلم ومن ادعى جواز التوسل بذاته رده سياق الحديث، وعلى فرض صحة دعواه فإن ذلك لا يمكن إثباته حال الغيبة أو الموت للفرق الواضح بينهما – على فرض مشروعيته – وبين الاستغاثة بذلك الشخص. يوضحه:أن الاستغاثة هي طلب الغوث ، فالمستغيث طالب للغوث من المستغاث به، والاستغاثة تكون على ضربين:
(1) أن يكون المستغاث منه ممكناً للخلق أن يغيثوا منه.
(2) أن لا يكون ذلك في قدرة الله تعالى.
فالأول: واضح لا إشكال فيه ولا خلاف في جوازه.
وأما الثاني فإنّ الإنسان إذا استغاث بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله يكون قد أشرك بالله تعالى، إذ إجابة المضطرين على هذا النحو من خصائص ربوبية الله تعالى كما قال: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 4-5]، وقال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 13-14].فقد حكم الله بضلال من يدعو من لا يستجيب له، ثم بين أن له الملك وحده، وأن غيره لا يملك شيئاً فوجب إذاً أن يدعى الله وحده، ثم حكم أن المدعوين من دونه لا يسمعون إما لموتهم أو نحو ذلك، ولو سمعوا ما استجابوا وقد سمى الله ذلك شركاً .فعلى هذا تكون الاستغاثة المنفية عن غير الله نوعين :
الأولى: الاستغاثة بالميت مطلقاً في كل شيء.
والثانية: الاستغاثة بالمخلوق الحي فيما لا يقدر عليه إلا الخالق.ومما تقدم يعرف الفرق بين التوسل بدعاء الشخص وبين الاستغاثة به، فالمستغاث به مطلوب مدعو، وأما المتوسل به فهو غير مطلوب ولا مدعو، وإنما يطلب به، والمستغيث كذلك طالب من المستغاث به، بخلاف توسله بالشخص فإنه طالب به لا منه، وإنما يطلب من الله تعالى وحده ويفرده بالدعاء والمسألة في أن يقبل شفاعة المتوسل به .
الأمر الثاني: مما فيه قلب الحقائق:فإنهم ذكروا أن الدعاء الوارد في الآيات إنما هو عبادة لا طلب ومسألة، وفرق بين العبادة والمسألة ومقصودهم من هذا التفريق: أن دعاء المسألة لا شرك فيه، ولو كان السائل ينادي ميتاً أو غائباً أو جماداً، إذ الدعاء – الذي هو الطلب – ليس من العبادة!
والجواب من وجهين:الوجه الأول: لا شك أن الدعاء نوعان: دعاء عبادة ودعاء مسألة – والإضافة هنا بيانية أي الدعاء الذي هو عبادة، والدعاء الذي هو السؤال والطلب، والفرق بينهما هو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "... دعاء العبادة يكون الله هو المراد به، فيكون الله هو المراد، ودعاء المسألة يكون (الله هو) المراد منه، كما في قول المصلي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فالعبادة إرادته، والاستعانة وسيلة إلى العبادة، (فإرادة العبادة): إرادة المقصود، وإرادة الاستعانة: إرادة الوسيلة إلى المقصود، ولهذا قدم قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، وإن كانت لا تحصل إلا بالاستعانة، فإن العلة الغائية مقدمة في التصور والقصد، وإن كانت مؤخرة في الوجود والحصول، وهذا إنما يكون لكونه هو المحبوب لذاته" .
ودعاء  المسألة متضمن لدعاء العبادة، ودعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة، وذلك يتضح بالآتي:وهو أن دعاء المسألة: طلب الداعي ما ينفعه، وطلبه كشف ما يضره أو دفعه عنه قبل وقوعه، والضر والنفع مالكهما هو الله سبحانه، ومالك الضر والنفع هو المعبود لا غيره، ولهذا عاب الله تعالى من يعبد ما لا يملك ضراً ولا نفعاً وبهذا يظهر أن العابد لابد أن يكون راجياً من معبوده نفعاً وطالباً منه كشف الضر أو دفعه ويفزع إليه في ذلك – وهذا من تمام عبوديته – فإذاً إن عبوديته لله تستلزم أن يسأل الله تعالى ويدعوه، وفي سؤاله لله تعالى قد جمع أنواعاً من العبادة: منها: إسلام الوجه له تعالى ورغبته إليه والاعتماد عليه والخضوع والتذلل له وحده، لهذا كان دعاء المسألة متضمناً لدعاء العبادة . وعليه بطل قولهم في أن دعاء المسألة ليس بعبادة.
الوجه الثاني: هذا الذي ذكروه من أن الدعاء ليس بعبادة قول مخالف لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقول الأئمة ولقول المتقدمين من الأشاعرة ومنهم الرازي الذي صرح بأن الدعاء هو أعظم العبادات.ثم إن الله نص على أن دعوة المشركين لشركائهم دعاء مسألة من الشرك به، وذلك بعد بيانه أنه مالك كل شيء وأن من دونه لا يملكون شيئاً فقال: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر 13-14] – قول: {لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ} صريح في أن الدعاء كان دعاء مسألة، ثم وصفه بكونه شركاً بقوله: {يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} وهذا رد على زعم من يقول إن دعاء المسألة ليس بعبادة .
الشبهة الثانية: دعوهم أن الإنسان إذا دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله لا يكون مشركاً إلا إذا اعتقد أن لغير الله تأثيراً أو اعتقد الألوهية لغير الله.فمن أقوالهم في هذه المسألة: "فالذي يقدح في التوحيد هو اعتقاد التأثير لغير الله أو اعتقاد الألوهية واستحقاق العبادة لغير الله، وأما مجرد النداء من غير اعتقاد شيء من ذلك فلا ضرر فيه" .
والجواب:
هذه الشبهة تدور حول مسألتين:
الأولى: أن ذلك الدعاء لا يكون شركاً إلا إذا صاحبه اعتقاد التأثير لغير الله.
الثانية: أو إذا صاحبه اعتقاد الألوهية واستحقاق العبودية لغير الله.
أما الأولى: فالجواب عليها من وجهين:الوجه الأول: لا نسلم أن من لجأ إلى غير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله أنه لم يعتقد فيه التأثير – وإلا فما الذي ألجأه إلى أن يستغيث به ويدعوه؟ وقد تقدمت أدلة وافية تفيد أن من أسباب الشرك: الغلو في الصالحين – وإساءة الظن برب العالمين، فبمجموع الأمرين يقع الشرك فالذي دعا غير الله تعالى رائده في ذلك: اعتقاده في مدعوه التأثير وظنه أن الله لا يستجيب له لكثرة ذنوبه ومعاصيه. وخير من قول دحلان قول الشيخ محمد عبده: "فالإشراك اعتقاد أن لغير الله أثراً فوق ما وهبه الله من الأسباب الظاهرة، وأن لشيء من الأشياء سلطاناً على ما خرج عن قدرة المخلوقين، وهو اعتقاد من يعظم سوى الله مستعيناً به فيما لا يقدر العبد عليه كلاستنصار في الحرب بغير قوة الجيوش، والاستشفاء من الأمراض بغير الأدوية التي هدانا الله إليها، والاستعانة على السعادة الأخروية أو الدنيوية بغير الطرق والسنن التي شرعها الله لنا، هذا هو الشرك الذي كان عليه الوثنيون ومن ماثلهم، فجاءت الشريعة الإسلامية بمحوه ورد الأمر فيما فوق القدرة البشرية والأسباب الكونية إلى الله وحده" ، فهذا إثبات واضح للتلازم الذي ذكرناه.الوجه الثاني: إنه لو سلم – جدلاً – أن المستغيث بغير الله تعالى قصده أن يتخذ مدعوه واسطة بينه وبين الله دون أن يعتقد تأثيره – فهذا باطل أيضاً، إذ هذا هو قصد المشركين الأوائل الذين أقروا لله تعالى بالوحدانية في الربوبية واتخذوا وسطاء بينهم وبين الله تعالى كما قال الله عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]. وقال: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ} [يونس: 18].وقد تقدم قول الرازي في صور اتخاذ الشفعاء عند الله، وإنكاره ما رآه من أهل زمانه من تعظيم قبور الأكابر، وعده له نظير ما فعل عباد الأصنام، ويضاف إليه كذلك قول التفتازاني – فإنه بعدما ذكر التوحيد بدأ يعدد أصناف المشركين الذين يعتقدون وجود تأثير للكواكب ونحوها – فذكر منهم عباد الأصنام وأن عبادها لا يعتقدون فيها كونها مؤثرة مدبرة فقال: "وأما الأصنام فلا خفاء في أن العاقل لا يعتقد فيها شيئاً من ذلك – (قال) فلهم في ذلك تأويلات باطلة" فذكر خمسة تأويلات، فقال عن التأويل الخامس: "الخامس: أنه لما مات منهم من هو كامل المرتبة عند الله تعالى اتخذوا تمثالاً على صورته وعظموه تشفعاً إلى الله تعالى وتوسلاً" .
وأما المسألة الثانية من الشبهة وهي: أن الإنسان يعتبر مشركاً كذلك إذا اعتقد الألوهية واستحقاق العبادة لغير الله.
فالجواب:
قد تقدم معنى الألوهية، ومعنى العبادة – وبه يظهر أن من صرف شيئاً منها لغير الله يعتبر مشركاً.
ومن كلامهم يظهر مدى تقصيرهم في معرفة العبادة – فهم لا يعدون الدعاء من العبادة، وهذا قد وقع فيه المتأخرون، وإلا فقد تقدم النقل عن بعض كبار الأشاعرة في أن الدعاء هو أعظم أنواع العبادة.
وعليه فإنه يقال: إن من دعا غير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله يكون قد اعتقد الألوهية لغير الله تعالى فعلاً وإن لم يسمها بذلك لفظاً.
منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد عبداللطيف – 1/185