أخبار الثورة السورية المباركة - اخوانكم في ليبيا معكم يا رجال ويا حرائر سوريا



فلم - كشف اللثام عن المنافق المجرم الصوفي البوطي عدو أهل الشام
فلم - كشف اللثام عن المجرم الصوفي البوطي عدو أهل الشام



دعم الثورة الجزائرية ضد النظام الجزائري الدموي العميل لاسرائيل

Asharis .. The Other Face

أشاعرة يدنسون ويدوسون على المصاحف ويكتبون الاسماء الحسنى بالغائط ! استماع ۞ الامام الاشعري وشيخه وتلاميذه مجسمة ۞ شيخ أشعري كذاب رماه الله تعالى بالخبث في العضو فمات !! ماذا فعل ؟ ۞ دفاع القرطبي عن ابن عبدالبر من اعتداء جهلة الأشعرية ودليل تجسيم الامام الاشعري !!! ۞ د. عبد الرحمن دمشقية: الامام الاشعري يثبت الحد!
السواد الاعظم... ... أم الكذب الأعظم؟
أشاعرة اليوم (الشعبوريون) أشر قولا من اليهود والنصارى !
روى أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري (صاحب صحيح البخاري) في كتابه خلق أفعال العباد ج1ص30 باب ذكر أهل العلم للمعطلة وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: " الْجَهْمِيَّةُ أَشَرُّ قَوْلًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، قَدِ اجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَأَهْلُ الْأَدْيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ، وَقَالُوا هُمْ: لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ "

فرقة الأحباش .. الوجه الآخر

الاحباش المرتزقة .. الوجه الآخر
وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب
ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون : آل عمران - 75

الصوفية .. الوجه الآخر - وكذبة الصوفية الحقة

واجهة التصوف إدّعاء الإحسان .. والوجه الآخر عبادة الأموات !
موقع الصوفية - صوفية حضرموت - الحوار مع الصوفية - شرار الخلق - التصوف العالم المجهول
۞ الاحسان الصوفي ۞ روى الشعراني : إذا صحبت فاصحب الصوفية فإن للقبيح عندهم وجوهاً من المعاذير وليس للحُسن عندهم كبير موقع يعظمونك به ۞ يقول الصوفي المغربي أبو لبابة حسين عن الصوفية : "فهم لا يترددون بالاستشهاد حتى بالموضوع من الحديث إذا كان ذلك يخدم قضيتهم" ا.هـ موقف متصوفة افريقيا وزهادها من الاحتلال العبيدي
Sufism .. The Other Face
The Outward is claiming Ihsan .. The inward is Graveworship (deadworship) !
Cleanse the houses of Allah .. from the corpses of Sufis

أسرار كتاب الغزالي إحياء علوم الدين - للشيخ نظام اليعقوبي استماع
رحلتي مع جماعة التبليغ - للصوفي السابق الشيخ :عباس الشرقاوي Angry face
ست محاضرات خطيرة! في كشف أسلحة الصوفية السرية في استغفال المسلمين علمائهم وعامتهم (اضغط على السهمين المتعاكسين للانتقال بين المحاضرات)
دينُ الصوفيةِ أصبحَ خَرِقاً - الدكتور الصوفي :فرحان المحيسن الصالح يطلقها مدوية !
خطبة مؤثرة جدا ! من يرد النجاة فليصدق ويستمع الى الخطبة

28 مايو، 2009

حديث الجارية- الاجماع عن رسول الله والصحابة والتابعين وائمة السنة وحفاظ الحديث وعلماء الاسلام

بسم الله
والصلاة والسلام على رسول الله
ومن اقتدى بهداه



حديث الجارية- الاجماع عن رسول الله والصحابة والتابعين وائمة السنة وحفاظ الحديث وعلماء الاسلام
في مقطع فيديو على اليوتوب مصاحبا لشرح الامام الالباني عن سؤال أين الله

لا تنس أن تزور قناتي للمزيد من الفوائد والحقائق والاسرار

وأيضا مدونتي !

27 مايو، 2009

التحسين والتقبيح بين أهل السنة والمبتدعة


التحسين والتقبيح بين أهل السنة والمبتدعة
* بقلم / تميم بن عبد العزيز القاضي
الحمد لله ، وبعد:
تمهيد:
أولاً: علاقة المسألة بمسألة الحكمة والتعليل:
البحث في مسألة التحسين والتقبيح يعتبر أثرا للخلاف في مسألة الحكمة والتعليل في أفعال الله، هل يحكم عليها بالعقل أو لا؟ فمن أثبت الحكمة والتعليل في أفعاله تعالى قال بالحسن والقبح العقلي، ومن نفي الحكمة والتعليل –كالأشاعرة- نفي الحسن والقبح العقليين كما سيأتي بيانه.
قال ابن القيم مبينا هذه العلاقة بين هذين الموضوعين:(وكل من تكلم في علل الشرع ومحاسنه وما تضمنه من المصالح ودرء المفاسد فلا يمكنه ذلك إلا بتقرير الحسن والقبح العقليين، إذ لو كان حسْنُه وقبحه بمجرد الأمر والنهي لم يتعرض في إثبات ذلك لغير الأمر والنهي)[1].
فلما قالت المعتزلة بالتحسين والتقبيح العقليين، نتج عن ذلك قولهم أن من يفعل لا لغرض يكون عابثا، والعبث قبيح، فثبت أن أفعاله يجب أن تكون لأغراض وحكم.
ولما قالت الأشاعرة إن العقل لا يحكم بحسن ولا قبح، بل ذلك مقصور على الشرع، والأفعال في أنفسها سواء قبل ورود الشرع، وليس الحسن والقبح صفتين ذاتيتين للأشياء، قالوا:إن أفعاله تعالى ليست معللة بالأغراض والغايات، ونفوا بناء على ذلك الحكمة على ما سبق بيانه.
ثانياً:تاريخ المسألة.
1-تاريخها في هذه الأمة:
أول من بحث هذه المسألة من أهل الكلام هو الجهم بن صفوان، حين وضع قاعدته المشهورة:(إيجاب العارف بالعقل قبل ورود الشرع)[2]
وقال:(إن العقل يوجب ما في الأشياء من صلاح وفساد وحسن وقبح، وهو يفعل هذا قبل نزول الوحي، وبعد ذلك يأتي الوحي مصدقا لما قال به العقل من حسن بعض الأشياء وقبح بعضها)
وقد أخذ بهذا القول المعزلة –كما سيأتي إن شاء الله تفصيل مذهبهم-وبنو عليه أصلهم، وأخذه عنهم الكرامية[3]
2-تاريخها قبل هذه الأمة.
القول بالتحسين والتقبيح العقليين قد جاء-قبل الإسلام- من بعض الديانات الهندية، وهو قول التناسخية، والبراهمة، والثنوية، وهم-كما يقال-الذين وضعوا البذور الأولى للقول بإيجاب المعارف عقلا[4]
ثالثاً:تحرير محل النزاع.
-اتفق الجميع على أن من الأشياء ما لا يدرك إلا بالشرع، كبعض تفاصيل الشرائع والعبادات.
-وأما بالنسبة لمعاني الحسْن والقبح فتطلق على ثلاثة أشياء ببيانها يتضح محل النزاع:
المعنى الأول:أن يراد بالحسن والقبح: ما يوافق غرض الفاعل من الأفعال وما يخالفه، أو ما يطلق عليه:(الملائمة والمنافرة للإنسان) ...فهذا معلوم بالعقل بالاتفاق
فإنه قد يعنى بالحسن والقبح كون الشيء ملائما للطبع أو منافرا له، وبهذا التفسير لا نزاع في كونهما عقليين. فما وافق غرض الفاعل يسمى حسنا ويدرك بالعقل، كحسن قتل العدو، وهو ما يسمونه(مصلحة أوملائمة طبع)، وما خالف غرض الفاعل يسمى قبيحا، كالإيذاء، ويسمى(مفسدة أو منافرة للطبع)،
قال شيخ الإسلام في التدمرية في كلامه على مسألة الحسن والقبح(فإنهم اتفقوا على أن كون الفعل يلائم الفاعل أو ينافره يعلم بالعقل، وهو أن يكون الفعل سببا لما يحبه الفاعل ويلتذ به، أو سببا لما يبغضه ويؤذيه)[5]
وقال كذلك:(والعقلاء متفقون على كون بعض الأفعال ملائما للإنسان، وبعضها منافيا له، إذا قيل هذا حسن وهذا قبيح، فهذا الحسن والقبح مما يعلم بالعقل...ولا ريب أن من أنواعه ما لا يعلم إلا بالشرع، ولكن النزاع فيما قبحه معلوم لعموم الخلق، كالظلم والكذب ونحو ذلك)[6]
-والحسن والقبح بهذا المعنى اعتباري نسبي، وليس ذاتيا،فإن قتل زيد مثلا مصلحة لأعدائه ومفسدة لأوليائه.[7]
-المعنى الثاني: أن يراد بالحسن والقبح: كون الشيء صفة كمال أو صفة نقص، كقولنا:العلم حسن، والجهل قبيح، ولا نزاع هنا-أيضا-في كونهما عقليين.
ويرى شيخ الإسلام أن هذا المعنى راجع للمعنى الأول، لأنه عائد إلى الموافقة والمخالفة، وهو اللذة والألم، فالنفس تلتذ بما هو كمال لها، وتتألم بالنقص، فيعود الكمال والنقص إلى الملائم والمنافي[8]
فلا نزاع في هذين المعنيين بين أهل الكلام أنهما عقليان يستقل العقل بإدراكهما[9]
-المعنى الثالث:أن يراد بالحُسْن والقُبْح:كون الفعل يتعلق به المدح والثواب، و الذم والعقاب.
فما تعلق به المدح والثواب في الدنيا والآخرة كان حسنا، وما تعلق به الذم والعقاب في الدنيا كان قبيحا.
فهذا المعنى هو الذي وقع فيه الخلاف
وقال الرازي:(وإنما النزاع في كون الفعل متعلق الذم عاجلا وعقابه آجلا، وفي كون الفعل متعلق المدح عاجلا، والثواب آجلا، هل يثبت بالشرع أو بالعقل...)[10]
وفيما سيأتي بإذن الله نذكر أهم قوال في ذلك .
الفصل الأول: مذهب المعتزلة في التحسين والتبيح
المبحث الأول:تقرير مذهبهم:
ذهبت المعتزلة إلى القول بالتحسين والتقبيح العقلي، ولعل مذهبهم يتضح من خلال النقاط التالية:
1- ذهبوا إلى إثبات الحسن والقبح بالعقل وجعلوا حسن الأفعال وقبحها للعقل فقط.
2- قالوا:إن حسن الأشياء وقبحها صفتان ذاتيتان في الأشياء، والفعل حسن أو قبيح، إما لذاته، وإما لصفة من صفاته اللازمة له، وإما لوجوه واعتبارات أخرى[11] ولذا قالوا بإمكان إدراكها بالعقل.)
3-أما الشرع فجعلوه كاشف ومبين لتلك الصفات فقط.
4-ونتيجة لذلك جعلوا استحقاق الثواب والعقاب على مجرد معرفة العقل حسن الأفعال وقبحها ولو لم تبعث الرسل.
وإليك ذكر طرف من أقوالهم الكاشفة لحقيقة مذهبهم في ذلك:
-قال ابن المرتضي[12]: (إنما يقبح الشيء لوقوعه على وجه من كونه ظلما أو كذبا أو مفسدة، إذ متى علمناه كذلك علمنا قبحه، وإن جهلنا ما جهلنا، ومتى لا فلا، وإن علمنا ما علمنا)[13]
-قال عبد الجبار الهمذاني المعتزلي في كتابه:(شرح الأصول الخمسة):(قد ذكرنا أن وجوب المصلحة وقبح المفسدة متقرران في العقل)[14].)
-وقال في كتابه:(المغني في أبواب التوحيد):(إن في الأفعال الحسنة ما يعلم من حاله أن فاعله يستحق المدح بفعله )[15]
-وقال:(قد بينا بطلان قول المجبرة الذين يقولون إن بالعقل لا يعرف الفرق بين القبيح والحسن، وإن ذلك موقوف على الأمر والنهي بوجوه كثيرة، فليس لأحد أن يقول:إنما يحتاج إلى السمع ليفصل العاقل بين الواجب والقبيح)[16]
-وقال في نفس الكتاب في تعريف القبيح:(إنه ما إذا وقع على وجه من حق العالم بوقوعه كذلك من جهته، المخلي بينه وبينه، أن يستحق الذم إذا لم يمنع منه مانع، وهذا مستمر في كل قبيح....(ثم يقول)وأما وصف القبيح بأنه معصية فمعناه:أن المعصيَّ قد كرهها، ولذلك يقال في الشيء الواحد:إنه معصية لله، طاعة للشيطان، من حيث كرهه الله وأراده الشيطان، ولذلك يستعمل مضافا، ولكنه بالتعارف قد صار إطلاقه يفيد كونه معصية لله، فلذلك يفيد كونه قبيحا، لأن ما كرهه تعالى فلا بد من كونه قبيحا، ولو كره تعالى ما ليس بقبيح-تعالى الله عن ذلك-لوصف بذلك، لكن لما ثبت أنه لا يكره إلا القبيح، أفاد بالإطلاق ما ذكرناه)[17]
ثم يقول في تعريف الحسن:(اعلم أنه لما علم باضطرار أن في الأفعال على وجه لا يستحق فاعله –إذا علمه-عليه الذم على وجه وصف بأنه حسن...والمباح كله حسن، لا صفة له زائدة على حسنه... وكل ما وصفنا به الحسن يستعمل في أفعاله تعالى، وإن كانت لا توصف أفعاله بأنها مباحة)[18]
ويقول كذلك:(ولا يجوز أن يكون الموجب لقبحه أحوال الفاعل منا، نحو كون الواحد منا محدثا مربوبا، مملوكا، مقهورا مغلوبا، ولا يجوز أن يكون ماله يقبح القبيح منا النهي، ولا أنا نتجاوز به ما حد به ورسم لنا، ولا يجوز أن يكون ما له حسن لحسن الأمر، وأنا لم نتجاوز ما حد به ورسم لنا، ولا يجوز أن يكون الموجب لحسن أفعاله جل وعز أنه رب، مالك ناه آمر ناصب للدليل، متفضل،...ونحن نبين أن ما أوجب قبح القبيح متى حصل يجب كونه قبيحا، وكذلك ما أوجب حسن الحسن، ووجوب الواجب...وهذه القضية لا تختلف باختلاف الفاعلين، وإنَّ حكم أفعال القديم في ذلك حكم أفعالنا)[19]
ويلاحظ في كلامه الأخير تشبيه أفعال الله بأفعال المخلوقين، وتسويته بينها فيما يقبح ويحسن، وإيجابه على الله ما رأوه حسنا،تعالى الله وتقدس عن قوله.
وقال كذلك مقررا أن الشرع مجرد كاشف عن أشياء معلومة مسبقا بالعقل وأن العقل هو الذي يوجبها وليس الشرع، قال:(واعلم أن النهي الوارد عن الله عز وجل يكشف عن قبح القبيح، لا أنه يوجب قبحه، وكذلك الأمر يكشف عن حسنه، لا أنه يوجب حسنه)[20]
وقال:(إنا لو علمنا بالعقل أن الصلاة مصلحة لنا لزمت كلزومها إذا عرفنا ذلك من حالها شرعا، لأنا إذا علمنا بالعقل ما نعلمه بدليل السمع بعينه فيجب كون الفعل لازما)[21]
وقال أبو هذيل العلاف[22]:(يجب على المكلف أن يعرف الله بالدليل من غير خاطر، وإن قصر في المعرفة استوجب العقاب أبدا، ويعلم حسن الحسن وقبح القبيح، فيجب عليه الإقدام على الحسن كالصدق والعدل، والإعراض عن القبيح كالكذب والفجور)[23] .
وقال الشهرستاني عن المعتزلة:(وقال أهل العدل-المعتزلة-[24] المعارف كلها معقولة بالعقل، واجبة بنظر العقل، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع، والحسن والقبح صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح)[25].
وجمهور الماتريدية[26] قد قالوا كما قالت المعتزلة، إلا أنهم خالفوهم في إيجابهم على الله تعالى فعل الصلاح والأصلح، لعباده، ووجوب الرزق والثواب على الطاعة، وفي غيرها من المسائل .[27]
تنبيهان حول مذهب المعتزلة:
1/مما ينبه له أن المعتزلة يرون-كغيرهم-أن بعض الأشياء إنما يعلم حسنها أو قبحها بالشرع، ولا يدرك العقل حسنها ولا قبحها، ضرورة ولا نظرا، وإن كان في الجملة يعلم حسن كل ما أمر به الشرع، ويدرك الحسن إجمالا، ويعلم قبح الأشياء التي نهى عنها الشرع، ويدرك القبح إجمالا، ومن تلك الأشياء:
تفاصيل العبادات التي لا يدرك العقل حكمتها، وذلك كحسن كون صلاة المغرب ثلاث ركعات، والفجر ركعتين، وقبح تحري الصلاة وقت النهي، وحسن صيام آخر يوم من رمضان، وقبح صيام أول يوم من شوال، ونحو ذلك مما لا يدركه العقل ابتداءً، ومن ذلك:إلزام العاقلة الدية، يقول القاضي عبد الجبار:(كما ورد الشرع في إلزام العاقلة الدية، ولم يقع منها إتلاف، وهذا مما لا مدخل له في التكاليف العقلية، وإن كانت مجوزة لورود السمع به)[28]
فهم يرون أن بعض تفاصيل الحسن والقبح لا تدرك بالعقل، وإنما بينها الشرع، ولذلك أوجبوا على الله بعثة الرسل.
يقول القاضي عبد الجبار مقررا هذا المعنى:(لما لم يمكنا أن نعلم عقلا أن هذا الفعل مصلحة وذلك مفسدة، بعث الله إلينا الرسل ليعرفونا ذلك من حال هذه الأفعال، فيكونوا قد جاءوا بتقرير ما قد ركبه الله تعالى في عقولنا، وتفصيل ما قد تقرر فيها)[29]
2/وقع خلاف بين المعتزلة في مسألة قبح الأفعال وحسنها، هل هو لذاته أم لصفة من صفاته اللازمة له:
فمدرسة البصرة، وعلى رأسهم(أبو هاشم الجبائي[30] والقاضي عبد الجبار):يرون أن الفعل الحسن والقبيح إنما كان ذلك لوجوه واعتبارات وأوصاف إضافية وقع الفعل عليها.)
ما مدرسة بغداد:فترى أن الحسن والقبح إنما هو لذات الفعل.
وقال بعضهم: أن الحسن والقبح إنما هو لصفة حقيقية توجب ذلك[31]
المبحث الثاني: مناقشة قول المعتزلة في التحسين والتقبيح.
مما سبق من تقرير مذهب المعتزلة، نجد أنهم أصابوا من جهة وأخطأوا من من جهة أخرى:
صابوا:بقولهم إن لتلك الأفعال حسنا وقبحا ذاتيا يمكن إدراكه بالعقل.
وأخطأوا :أولا: في إيجابهم على الله تعالى أشياء بمحض عقولهم. بل أوجبوا على الله أشياء مخالفة للصحيح الصريح من نصوص الكتاب والسنة، ورود الشرع.
وثانيا: في أنهم رتبوا التكليف والعقاب والثواب على ذلك، حتى لو كان قبل
فيجاب عليهم:
أن إيجابهم العقلي على الله باطل، لأنه يلزم أن يكون هناك موجب فوق الله أوجب علي شيئا، ولا موجب عليه سبحانه، كما يلزم عيه ألا يكون سبحانه فاعلا مختارا، وهو باطل[32]
وقولهم هذا فيه تشبيه لله بخلقه، فهم يوجبون على الله ما يوجبونه على العبد، ويحرمون عليه من جنس ما يحرمونه على العبد، وهذا أمر باطل، فالله تعالى كما أنه ليس كمثله شيء في ذاته، ولا في صفاته، فكذلك ليس كمثله شيء في أفعاله، وكيف يقاس تعالى بخلقه ونحن نرى كثيرا من الأفعال تقبح من العبد وهي حسنة منه تعالى لحكم يعلمها سبحانه، كإيلام الأطفال والحيوان [33]
أما ما أوجبه الله تعالى على نفسه فهو حق لا مرية فيه، فالله تعالى يجب عليه ما أوجبه على نفسه، ويحرم عليه ما حرمه على نفسه، فهو الذي كتب على نفسه الرحمة، وأحق على نفسه نصر المؤمنين، وثواب المطيعين، وحرم على نفسه الظلم.
قال تعالى{كتب ربكم على نفسه الرحمه}(54)الأنعام.
وقال:{وكان حقا علينا نصر المؤمنين}(47)الروم.
وفي حديث ابن عباس أن النبي r قال لمعاذ:((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا))[34]
وهذا الإيجاب منه سبحانه إنما هو تفضل ورحمه، فلا أحد يوجب عليه سبحانه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:( وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى والتحريم بالقياس على خلقه فهذا قول القدرية، وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول، وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه ،وأنه ما شاء كان وما شاء لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا ،ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب قال: إنه كتب على نفسه الرحمة، وحرم الظلم على نفسه، لا أن العبد نفسه مستحق على الله شيئا كما يكون للمخلوق على المخلوق، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير، فهو الخالق لهم وهو المرسل إليهم الرسل، وهو الميسر لهم الإيمان والعمل الصالح، ومن توهم من القدرية والمعتزلة ونحوهم أنهم يستحقون عليه من جنس ما يستحقه الأجير على المستأجر فهو جاهل في ذلك)[35]
وأما الجواب على خطأهم الثاني في أنهم رتبوا الإيجاب والثواب والتحريم والعقاب على التحسين والتقبيح العقلي ولو لم يرد به الشرع، فيقال: إنه لا تلازم بين هذين الأمرين، فالأفعال في نفسها حسنة وقبيحة، لكن لا يترتب عليها الثواب والعقاب إلا بالأمر والنهي، وقبل العقاب لا يكون قبيحا موجبا للعقاب مع قبحه في نفسه، بل هو في غاية القبح، والله تعالى لا يعاقب عليه إلا بعد إرسال الرسل، فالكذب والسرقة والزنا كلها قبيحة في ذاتها، لكن العقاب عليها مشروط بالشرع. [36]
فترتيب العقاب على فعل القبيح أو ترك الواجب مشروط بالسمع، وانتفاء العقاب عند انتفاء السمع من انتفاء المشروط لانتفاء شرطه، لا من انتفاء المسبب لانتفاء سببه، فإن سببه قائم ومقتضيه موجود، إلا أنه لم يتم لتوقفه على شرطه، وعلى هذا فكونه متعلقا للثواب والعقاب والمدح والذم عقلي، وإن كان وقوع العذاب موقوف على شرط وهو ورود السمع.[37]
ويلزم على قول المعتزلة أن الحجة تقوم بدون الرسل، وهذا باطل.
وقد دل القران على عدم التلازم بين التحسين العقلي والثواب، ولا بين التقبيح العقلي والعقاب، وأن الله تعالى لا يعاقب إلا بإرسال الرسل، وأن الفعل نفسه حسن أو قبيح، قال تعالى:
{ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (15) سورة الإسراء.
فدلت الآية على أن العذاب لا يكون إلا ببعثة الرسل، وهو دليل على أن العقاب لا يثبت إلا بالشرع.
{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} (9) سورة الملك
فدلت الآية –كسابقتها-على أنه لا يثبت العقاب إلا بالشرع، فالخزنة لم يسألوهم عن مخالفتهم العقل، بل سألوهم عن مخالفتهم للنذير.[38]




الفصل الثاني: مذهب الأشاعرة في التحسين والتقبيح.
المبحث الأول:تقرير مذهبهم
ذهب الأشاعرة إلى القول بالتحسين والتقبيح الشرعيين لا العقليين:
فقالوا: إنه لا يجب على الله شيء من قبل العقل، ولا يجب على العباد شيء قبل ورود السمع.
وقالوا:إن الحسن والقبح الذي يتعلق به المدح والثواب، و الذم والعقاب، إنما يدرك بالشرع فحسب، وليست الأشياء في ذاتها حسنة ولا قبيحة بل توصف بذلك باعتبارات غير حقيقية.
فهم ذهبوا إلى أن الحسن والقبح في الأشياء اعتباري ونسبي، أي:أنه ليس صفة لازمة وذاتية في الشيء، وإنما يعرف حسن الأشياء وقبحها باعتبارات إضافية.
قال الآمدي في سياق تقريره لمذهب الأشاعرة:(إن الحسن والقبح ليس وصفا ذاتيا للحسن والقبيح، ولا أن ذلك مما يدرك بضرورة العقل ونظره، بل إطلاق لفظ الحسن والقبح عندهم باعتبارات غير حقيقية، بل إضافية، يمكن تغيرها وتبدلها بالنظر إلى الأشخاص والأزمان والأحوال)[39]
ويقول الجويني[40]:(العقل لا يدل على حسن شيء ولا قبحه، وإنما يتلقى التحسين والتقبيح من موارد الشرع، وموجب السمع، وأصل القول في ذلك أن الشيء لا يحسن لنفسه وجنسه وصفة لازمة له، وكذلك القول فيما يقبح، وقد يحسن في الشرع ما يقبح مثله المساوي له في جملة أحكام صفات النفس، فإذا ثبت أن الحسن والقبح عند أهل الحق لا يرجعان إلى جنس وصفة نفس، فالمعنى بالحسن:ما ورد الشرع بالثناء على فاعله، والمراد بالقبيح:ما ورد الشرع بذم فاعله )[41]
يقول الإيجي:(ولا حكم للعقل في حسن الأشياء وقبحها، وليس ذلك عائدا إلى أمر حقيقي في الفعل يكشف عنه الشرع، بل الشرع هو المثبت له والمبين، ولو عكس القضية فحسن ما قبحه وقبح ما حسنه، لم يكن ممتنعا، وانقلب الأمر)[42]
فعلى هذا قد يأمر الله بالشرك والكفر والقتل والزنا فتكون حسنة، وقد ينهى عن التوحيد والصدق والإحسان فتكون قبيحة.
ومما يدل على فساد قولهم أنهم قد أجازوا على الله فعل أشياء يتنزه عنها الرب تعالى، ولا يصح أن تنسب إليه، كتعذيب عباده المخلصين، وتنعيم عدائه الكافرين.
المبحث الثاني:مناقشة قول الأشاعرة في التحسين والتقبيح.
ما ذهب إليه الأشاعرة من نفي حسن الأفعال وقبحها وتعطيل العقل عن معرفة ذلك، قد خالفوا به صحيح المنقول وصريح المعقول:
ا-فمخالفتهم لصحيح المنقول:ففي القران آيات كثيرة تدل على أن الحسن والقبح ثابت للأشياء في ذاتها،
قال تعالى: {.. يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ ...} (157) سورة الأعراف
ووجه الدلالة:الآية صريحة في ن العقل يدرك حسن الأشياء وقبحها، فالمعروف الذي يأمر به الله ما تعرفه وتقر به العقول السليمة، والفطر المستقيمة، والمنكر الذي نهاهم عنه هو ما تنكره العقول والفطر السليمة، وتقر بقبحه، ولو لم يمن للأشياء حسن وقبح لذاتها، وإنما كان ذلك من قبل الشارع وأن ما أمر به الحسن وما نهى عنه هو القبيح لكان معنى الآية:(يأمرهم بما يأمرهم به، وينهاهم عما ينهاهم عنه) وهذا لا يقوله عاقل فضلا عن رب العالمين.
وقال تعالى أيضا:{ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}، فدلت الآية على أن الحلال كان طيبا قبل حله، وأن الخبيث كان خبيثا قبل تحريمه, فلو كان الحلال والخبيث إنما عرفا بالتحليل والتحريم لكان معنى الآية(يحل لهم ما يحل لهم، ويحرم عليهم ما يحرم عليهم) وهذا لا يليق بنظم كلام الله تعالى.
نعم:الطيب إذا أحل من الشارع فقد اكتسب طيبا آخر إلى طيبه، فصار طيبا من الوجهين، وكذلك القبيح إذا نهى الشارع عنه اكتسب قبحا إلى قبحه، فصار قبيحا من الوجهين معا.
وقال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} (32) سورة الإسراءفدلت الآية على أن الزنى إنما تعلق به النهي لكونه قبيحا وفاحشة، وهذا الوصف ثابت له قبل النهي عنه، ولو لم يكن قبيحا وفاحشة في نفسه لكان معنى الآية:(ولا تقربوا الزنى فإنه منهي عنه)، وهذا من تعليل الشيء بنفسه وهو باطل[43].)
ويلا حظ أن هذه الأدلة تدخل في الأدلة التي سبقت في ثبات الحكمة والتعليل في أفعاله سبحانه، فنفي الأشاعرة للحكمة والتعليل نتج عنه قولهم بنفي الحسن والقبح العقلي.
-قال تعالى :{أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون* أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون* ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون }(المؤمنون69-71)فأخبر سبحانه أن الحق لو اتبع أهواء العباد فجاء شرع الله ودينه بأهوائهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن، ومعلوم أن عند النفاة يجوز أن يرد شرع الله ودينه بأهواء العباد، وأنه لا فرق في نفس الأمر بين ما ورد به وبين ما تقتضيه أهواؤهم إلا مجرد الأمر، وإنه لو ورد بأهوائهم جاز وكان تعبدا ودينا، وهذه مخالفة صريحة للقرآن، وإنه من المحال أن يتبع الحق أهوائهم ،وأن أهواءهم مشتملة على قبح عظيم لو ورد الشرع به لفسد العالم أعلاه وأسفله وما بين ذلك، ومعلوم أن هذا الفساد إنما يكون لقبح خلاف ما شرعه الله وأمر به ومنافاته لصلاح العالم علويه وسفليه، وإن خراب العالم وفساده لازم لحصوله ولشرعه، وأن كمال حكمة الله وكمال علمه ورحمته وربو بيته يأبى ذلك ويمنع منه، ومن يقول: الجميع في نفس الأمر سواء يجوز ورود التعبد بكل شيء، سواء كان من مقتضى أهوائهم أو خلافها.[44]
2- وأما مخالفتهم لصريح المعقول فيما ذهبوا إليه من نفي الحسن والقبح الذاتي للأفعال، وتعطيل العقل عن معرفة ذلك ففيه جمع بين الأمور المختلفة الممتنعة عند ذوي العقول الصريحة والفطر المستقيمة، فإذا كان العقل ليس له مدخل في معرفة حسن الأفعال وقبحها، فإن ذلك يستلزم أن تكون الأفعال الحسنة والقبيحة في حقه متساوية كالصدق والكذب والعدل والظلم والكرم والبخل والبر والفجور، وحكم الضدين بهذه العبارة يكون باطلا لا يقول به من له أدنى مسكة من علم وإيمان وعقل
قال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} (28) سورة ص
وقال جل من قائل: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} (21) سورة الجاثية.
قال ابن القيم:( فدل على أن هذا حكم سيء قبيح ينزه الله عنه ولم ينكره سبحانه من جهة أنه أخبر بأنه لا يكون، وإنما أنكره من جهة قبحه في نفسه، وإنه حكم سيء يتعالى ويتنزه عنه لمنافاته لحكمته وغناه وكماله ووقوع أفعاله كلها على السداد والصواب والحكمة، فلا يليق به أن يجعل البر كالفاجر ولا المحسن كالمسيء ولا المؤمن كالمفسد في الأرض، فدل على أن هذا قبيح في نفسه تعالى الله عن فعله)[45]
ومن قال:إن الأفعال ليس فيها صفات تقتضي الحسن والقبح لذاتها فهو بمنزلة قوله: ليس في الأجسام صفات تقتضي التسخين، والتبريد، والإشباع ، والإرواء ، فسلب صفات الأعيان المقتضية للآثار كسلب صفات الأفعال المقتضية للآثار.[46]
-وكذلك يقال:إن حسن الصدق وقبح الكذب أمر يدركه العقلاء، وهو مركوز في الفطر، والقول بأن الكذب قد يحسن أحيانا كما لو رتب عليه عصمة مسلم من القتل ظلما غير مسلَّم، فتخلف القبح عن الكذب لفوات شرط، أو لقيام مانع، يقتضي مصلحة راجحة على الصدق، لا تخرجه عن كونه قبيحا لذاته، ومن ذلك أن الله حرم الميتة والدم ولحم الخنزير للمفسدة في تناولها وهي ناشئة من ذوات هذه المحرمات، وتخلف التحريم عنها عند الضرورة لا يوجب أن تكون ذاتها غير مقتضية للمفسدة التي حرمت لأجلها، فهذا الكذب متضمن عصمة المسلم.[47]
الفصل الثالث: مذهب أهل السنة والجماعة في التحسين والتقبيح
وإنما أخَّرت ذكر مذهب أهل السنة والجماعة لكي تنجلي وسطيته بين طرفي الضلال، ولكونه قد جمع ما في ذينك المذهبين من حق واطرح ما فيهما من باطل، وأيضا لكي يتضح أن أهل السنة والجماعة هم أسعد المذاهب بالأدلة التي نظر كل فريق من الفريقين الآخرين إلى طرف منها وأهملوا طرفا، وحكَّموا عقولهم الفاسدة على الشرع حينا، واطرحوا العقل وأتوا بما يسخر منه البشر في أحيان أخر.
فوافق أهلُ السنة المعتزلة في قولهم: إن للأفعال حسنا وقبحا ذاتيين يمكن إدراكه بالعقل،
وخالفوهم حين قالوا بترتب التكليف والعقاب على ذلك الحكم العقلي،
وكذلك خالفوهم حين أوجبوا على الله ما حسنته عقولهم وحرموا عليه ما قبحته عقولهم.
وخالف أهلُ السنة الأشاعرة في زعمهم ن تلك الأفعال لم تثبت لها صفة الحسن والقبح إلا بخطاب الشرع، وأنها في ذاتها ليست حسنة ولا قبيحة،
ووافقوهم في قولهم بأن التكليف والعقاب موقوف على خطاب الشرع، وفي إثباتهم للحسن والقبح الشرعيين.
فمذهب أهل السنة والجماعة يمكننا أن نجمله بالنقاط التالية:
-إثبات حسن بعض الأفعال وقبحها بالعقل والشرع، ولا يلزم أن يدركها جميعا، لأن منها ما قد يخفي على بعض العقول،و الشرع زاد حسن الأفعال الحسنة بالعقل حسنا، وزاد القبيحة قبحا.
-الثواب على فعل الأفعال الحسنة، والعقاب على فعل الأفعال القبيحة إنما هو من قبل الشارع، فلا يجب على المكلف شيء قبل ورود الشرع.
قال ابن القيم رحمه الله:( وتحقيق القول في هذا الأصل العظيم أن القبح ثابت للفعل في نفسه، وأنه لا يعذب الله عليه إلا بعد إقامة الحجة بالرسالة، وهذه النكتة هي التي فاتت المعتزلة والكلابية[48] كليهما، فاستطالت كل طائفة منهما على الأخرى لعدم جمعهما بين هذين الأمرين، فاستطالت الكلابية على المعتزلة بإثباتهم العذاب قبل إرسال الرسل، وترتيبهم العقاب على مجرد القبح العقلي، وأحسنوا في رد ذلك عليهم، واستطالت المعتزلة عليهم في إنكارهم الحسن والقبح العقليين جملة، وجعلهم انتفاء العذاب قبل البعثة دليلا على انتفاء القبح واستواء الأفعال في أنفسها، وأحسنوا في رد هذا عليهم، فكل طائفة استطالت على الأخرى بسبب إنكارها الصواب، وأما من سلك هذا المسلك الذي سلكناه فلا سبيل لواحدة من الطائفتين إلى رد قوله، ولا الظفر عليه أصلا فانه موافق لكل طائفة على ما معها من الحق مقرر له مخالف في باطلها منكر له)[49]
وقال كذلك:( والحق الذي لا يجد التناقض إليه السبيل أنه لا تلازم بينهما[أي بين الحسن والقبح الذاتي المدرك بالعقل، وترتب الثواب والعقاب عليهما] وأن الأفعال في نفسها حسنة وقبيحة كما أنها نافعة وضاره، والفرق بينهما كالفرق بين المطعومات والمشمومات والمرئيات ،ولكن لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب إلا بالأمر والنهي، وقبل ورود الأمر والنهي لا يكون قبيحا موجبا للعقاب مع قبحه في نفسه، بل هو في غاية القبح، والله لا يعاقب عليه إلا بعد إرسال الرسل، فالسجود للشيطان والأوثان والكذب والزنا والظلم والفواحش كلها قبيحة في ذاتها والعقاب عليها مشروط بالشرع)[50]
وبين شيخ الإسلام أنواع الحسن والقبح في الأفعال فقال:
(قد ثبت بالخطاب والحكمة الحاصلة من الشرائع ثلاثة أنواع:
- أحدها: أن يكون الفعل مشتملا على مصلحة أو مفسدة و لو لم يرد الشرع بذلك
كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة العالم، و الظلم يشتمل على فسادهم، فهذا النوع هو حسن و قبيح و قد يعلم بالعقل و الشرع قبح ذلك، لا أنه أثبت للفعل صفة لم تكن، لكن لا يلزم من حصول هذا القبح أن يكون فاعله معاقبا في الآخرة إذا لم يرد شرع بذلك، و هذا مما غلط فيه غلاة القائلين بالتحسين و التقبيح، فإنهم قالوا إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة و لو لم يبعث إليهم رسولا، و هذا خلاف النص ..
-النوع الثاني :أن الشارع إذا أمر بشىء صار حسنا و إذا نهى عن شيء صار قبيحا و إكتسب الفعل صفة الحسن و القبح بخطاب الشارع
و النوع الثالث: أن يأمر الشارع بشىء ليمتحن العبد هل يطيعه أم يعصيه و لا يكون المراد فعل المأمور به ،كما أمر إبراهيم بذبح إبنه، فلما أسلما و تله للجبين حصل المقصود ففداه بالذبح ...فالحكمة منشؤها من نفس الأمر لا من نفس المأمور به.
و هذا النوع و الذي قبله لم يفهمه المعتزلة و زعمت أن الحسن و القبح لا يكون إلا لما هو متصف بذلك بدون أمر الشارع
و الأشعرية إدعوا أن جميع الشريعة من قسم الإمتحان، و أن الأفعال ليست لها صفة لا قبل الشرع و لا بالشرع
و أما الحكماء و الجمهور فأثبتوا الأقسام الثلاثة و هو الصواب )[51]
فتبين بهذا أن(المصلحة تنشأ من الفعل المأمور به تارة ومن الأمر تارة ومنهما تارة ومن العزم المجرد تارة)[52]
أما أدلة أهل السنة على مذهبهم فقد سبق ذكرها ضمن الرد على المعتزلة والأشاعرة، فلتراجع هناك.
* قسم العقيدة - كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم

[1] مفتاح دار السعادة(2/42)ط:دار الكتب العلمية، وانظر: . (القضاء والقدر248)-الحكمة والتعليل في أفعال الله(78)
[2] الملل و النحل للشهرستاني(1/88) تحقيق:محمد سيد كيلانيز
[3] اتظر:نشأة الفكر الفلسفي للنشار(1/346)-والتجسيم عند المسلمين:مذهب الكرامية(363)
[4] التجسيم عند المسلمين(363).
[5] التوضيحات الأثرية على متن التدمرية(353) وانظر الفتاوى(8/310).
[6] محموع الفتاوى(8/309)
[7] انظر:المحصل للرازي(293)المواقف(323)
[8] مجموع الفتاوى(8/310)
[9] انظر:الحكمة والتعليل في أفعال الله(82).
[10] المحصول للرازي(1/159)-وانظر المستصفي للغزالي(1/56). وانظر كذلك(المعتزلة وأصولهم الخمسة)للمعتق(163).
[11] يأتي إن شاء الله بيان خلافهم في ذلك.
[12] ابن المرتضي:أحمد بن يحيى بن أحمد بن المرتضي الملقب بـ(المهدي لدين الله) زيدي المذهب معتزلي المعتقد توفي سنة(840)هـ انظر البدر الطالع للشوكاني(1/122)-الأعلام للزركلي(1/269).
[13] البحر الزخار(59)ط:الرسالة
[14] شرح الأصول الخمسة(565)ط:مكتبة وهبه.
[15] المغني للقاضي عبد الجبار(14/7)ط:وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصر.
[16] المرجع السابق(14/153)
[17] المغني في أبواب التوحيد والعدل(6/26و30)ط:المؤسسة المصرية العامة.
[18] المغني في أبواب التوحيد والعدل(6/31و34) ط:المؤسسة المصرية العامة
[19] المغني (6/59) ط:المؤسسة المصرية العامة
[20] المحيط بالتكليف للقاضي عبد الجبار(254)
[21] المغني في أبواب التوحيد والعدل(11/14)
[22] أبو الهذيل محمد بن الهذيل بن عبدالله بن مكحول، المشهور بالعلاف، من شيوخ المعتزلة البصريين في الاعتزال توفي سنة(235)هـ
انظر:سير أعلام النبلاء(10/542) ولسان الميزان(5/413).
[23] الملل والنحل للشهرستاني(1/52)ط:الحلبي
[24] المعتزلة يسمون أنفسهم أهل العدل، وهو أحد أصولهم الخمسة
[25] الملل والنحل(1/42)ط:الحلبي.
[26] الماتريدية:من طوائف أهل الكلام، وهم أتباع أبي منصور الماتريدي السمرقندي ت(333)هـ، يتفقون مع الأشاعرة في معظم الأصول الاعتقادية، والخلاف بينهم يسير،
انظر:الماتريدية لشمس الدين الأفغاني.
[27] انظر:(المسامرة بشرح المسايرة)لابن أبي شريف(119)- و(نظم الفرائد وجمع الفوائد) للشيخ زاده(35)-و (الماتريدية دراسة وتقويما)لأحمد بن عوض الحربي(51)
[28] المغني لعبد الجبار(14/164) ط:وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصر
[29] شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار(565) وانظر:الإحكام للآمدي(1/80) المواقف(324) وانظر رسالة:منهج المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة(1/298).
[30] أبو هاشم محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي، من أئمة المعتزلة بالبصرة، رئيس فرقة البهشمية من المعتزلة، توفي سنة(213)هـ.
انظر:معجم المؤلفين(10/269).
[31] انظر:نظرية التكليف-آراء القاضي عبدالجبار الكلامية(437-439)-وكتاب:قاضي القضاة:عبدالجبار بن أحمد الهمذاني(207)
[32] انظر:مدارج السالكين(1/66)-المعتزلة وأصولهم الخمسة(160)
[33] انظر:مفتاح دار السعادة(2/52،59،78)ط:دار الكتب العلمية-ومنهاج السنة(1/447).
[34] رواه البخاري في كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعا النبيr أمته إلى توحيد الله(8/164)-ومسلم في كتاب الإيمان(48)(1/85)
[35] اقتضاء الصراط المستقيم(2/776-777) وانظر:منهج المتكلمين من الاستدلال بالكتاب والسنة(1/318-326).
[36] انظر المعتزلة وأصولهم الخمسة(165).
[37] منهج المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة(1/339).
[38] انظر المعتزلة وأصولهم الخمسة(165).
[39] إبكار الأفكار ق/173 نقلا عن منهج المتكلمين في الاستدلال بالكتاب والسنة(1/299).
[40] أبو المعالي عبد الملك بن يونس المشهور بإمام الحرمين، من كبار أئمة الأشاعرة الكلابية، ندم آخر عمره بسبب خوضه في علم الكلام، ورجع إلى مذهب السلف-أو ما ظنه هو مذهب السلف- من مصنفاته(الشامل في أصول الدين)و(الإرشاد) توفي سنة(478)هـ
انظر:وفيات الأعيان(3/167) وسير أعلام النبلاء(18/468).
[41] الإرشاد للجويني(258)
[42] الموقف(323)
[43] انظر:(منهاج السنة)(3/179)-مفتاح دار السعادة(2/6 وما بعدها) ومدارج السالكين(1/249).
[44] انظر :مفتاح دار السعادة(2/11)
[45] مفتاح دار السعادة ج: 2 ص: 11
[46] انظر:منهاج السنة النبوية(3/178).
[47] انظر :مفتاح دار السعادة(2/36-37) منهج المتكلمين (1/321).
[48] الكلابية:فرقة تنتسب إلى أبي محمد عبدالله بن سعيد بن كُلاَّب القطان، المتوفى سنة(240)هـ وله آراء كلامية عرفت عنه.
انظر: الفصل لابن حزم(4/208)-لسان الميزان(3/290).
[49] مفتاح دار السعادة ج: 2 ص: 7
[50] مدارج السالكين ج: 1 ص: 231 ط:دار الكتاب العربي.
[51] مجموع الفتاوى ج: 8 ص: 434-436
[52] مفتاح دار السعادة ج: 2 ص: 60


المصدر: من هنا

26 مايو، 2009

السلطان السلفي: سليمان بن محمد الحسني العلوي رحمه الله


السلطان سليمان بن محمد الحسني العلوي

محمد آمحزون

هو سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل ، من سلاطين الدولة الحسنية بالمغرب الأقصى ، بويع بفاس عام 1206 هـ (1791م) بعد وفاة أخيه اليزيد ، كان سلفياً محباً للسنة ، قامعاً للبدعة ، محباً للعلم والعلماء ، له حواش وتعاليق على بعض الكتب ، وقد عني بإخضاع القبائل ، وقمع أهل البدع والخرافات وإحياء السنة ، كما عرف بالسعي إلى العودة بالناس إلى منهج السلف في صفاء العقيدة وسلامتها واستقامة السلوك لإيجاد مغرب قوي موحد يتحدى الأطماع والمؤامرات الخارجية التي تسعى إلى زعزعة استقراره وفقدان سيادته والإطاحة به في شراك التبعية الفكرية والسياسية والاقتصادية .
ولقد ظل سليمان رحمه الله اثنين وثلاثين سنة مثالاً للفضيلة والحكمة والرفق ، وعمد إلى تركيز نظام الدولة على دعائم شرعية ، فأسقط المكوس واكتفى بالزكاة وأعشار المراسي المشتغلة من طرف اليهود المغاربة والتجار الأجانب ، وكان له اهتمام كبير بالعلم والعلماء ، حتى تنافس الناس في طلب العلم في عهده ، لما كان يحظى به أهله من طرف السلطان من عناية زائدة ، وعرفت البلاد في عهده حركة معمارية مهمة من بناء المساجد والمدارس والقناطر والأسوار ومد الطرق وتجديد القلاع والحصون رغم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي واجهته .. ومن الملاحظ أن أرباب الفكر الصوفي المعادي للسلفية - وهي العودة إلى الكتاب والسنة - والذين كانوا يؤثرون إلى حد بعيد على عقليات البربر حرضوا هؤلاء على الانتفاضة ضد السلطان عندما رأوا مصالحهم مهددة بالزوال ، هذا بالإضافة إلى أن جهود سليمان كانت فردية مما كان له الأثر في صعوبة تنفيذ مخططه الإصلاحي .
ومما يجب أن ينبه له أن الكتَّاب الغربيين ومن سار على دربهم من الملحدين اليوم المتسمين بأسماء إسلامية ، المقلدين للإفرنج ، المتخلين عن كل خُلُقٍ وفضيلة زاعمين بجهلهم وتقليدهم الأعمى أن هذا هو سبيل الرقي والمدنية حاولوا جميعاً تشويه سيرة هذا الرجل والانتقاص من مكانته نظراً للافتراءات والادعاءات الباطلة التي نشروها حول سياسة المغرب في تلك الفترة (1206-1238ه/1791-1822 م) بوصف السلطان سليمان بأنه مارس سياسة العزلة وأغلق منافذ الاتصال مع البلدان الأوربية ، وبذلك أصبح المغرب متخلفاً ولم يعد يواكب التقدم العلمي والعصر المتطور .
وجدير بالإشارة أن هذه الحملة على السلطان سليمان وربط ما يتهمه الخصوم به من عزلة وتقوقع باعتناقه مذهب الوهابي إنما يراد منها الطعن في الإسلام ورميه بالتزمت والانغلاق لاسيما وأن الوهابية ليست مذهباً فقهياً بل دعوة إلى الالتزام بالكتاب والسنة وإحياء سيرة السلف الصالح .
إن أعداء الإسلام يحاولون على الدوام وبكل ما يملكون من وسائل هدم هذا الدين وطمس معالمه لأنه يقف جداراً منيعاً في وجه أي غزو فكري وسياسي واقتصادي .
لست أدري كيف تجاهل هؤلاء الموتورون الحاقدون أن الإسلام دين العلم والحضارة والتقدم ولولا انفتاح المسلمين لما استطاعت أوربا أن تصل إلى ما وصلت إليه الآن من مدنية وتقدم علمي ؛ فعلى ضوء المنجزات الإسلامية في العصور الوسطى وعلى هديها أخذت أوربا المنهج التجريبي وبنت لنفسها الشخصية العلمية الرائدة ، وأقامت مدنيتها الحديثة ، إنهم يريدون بالانفتاح أن يفتح المسلمون أبوابهم أمام التيار الثقافي الغربي لتكريس التبعية لهم في مجالات الحياة المختلفة ، أما رفض ذل التبعية والالتزام بمقتضيات الإسلام من التميز والعزة والوقوف في وجه الأطماع فذلك كله في نظر الأعداء عزلة وتخلف .
إن السلطان سليمان كانت له علاقات مع الدول الأوربية عن طريق القناصل الممثلين لدولهم والمقيمين في طنجة ، ولكن كان حازماً في سياسته حيث كانت الدول الأوربية الممثلة بالمغرب تؤدي إتاوة سنوية أو هدايا .
فالسويد كانت على سبيل المثال تؤدي إتاوة قدرها (25 ألف) ريال مغربي ، وقد تجلت سياسة سليمان في استغلال التنافس بين الدول الأوربية لحماية المغرب من أطماعها ، كما تجلت في التحكم في التجارة المغربية وعدم إطلاق الحرية للأوربيين في اقتناء ما يريدون ، وفي فرض الرسوم الجمركية بكل ميناء لجباية الأعشار من التجار الأوربيين ، وفي تجهيز أسطول بحري يمارس أعمال الجهاد ضد سفن الدول الأوربية التي لم تعقد هدنة معها ، علاوة على تبنى سياسة الإصلاح الداخلي عن طريق إشاعة الوعي الإسلامي الصحيح لولا عناد وتآمر المناوئين وأهل البدع .
وهكذا إزاء هذه المواقف الدالة على اليقظة والحزم من قبل السلطان للمحافظة على سيادة المغرب وإصلاح أوضاعه الداخلية لم يسع الصليبيين الذين أثيرت مخاوفهم إلا تزييف الحقائق التاريخية ورميه بالعزلة والتخلف نظراً لأنه ضيق الخناق عليهم ولم يسمح للدول الصليبية باحتواء المغرب في عهده .

________________________
(*) انظر ترجمة السلطان سليمان عند أبي القاسم الزياني : ( الترجمانة الكبرى ) ، تحقيق عبد الكريم الفيلالي ، المحمدية ، مطبعة فضالة ، 1387ه/1967 م ، الخبر عن أول دولة من دول الأشراف ، بباريس ، المطبعة الجمهورية ، 1303ه/1976م - ومحمد بن عثمان المكناسي : الإكسير في فكاك الأسير ، تحقيق محمد الفاسي ، الرباط ، منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي بجامعة محمد الخامس - ومحمد الضعيف الرباطي : تاريخ الدولة السعيدة ، تحقيق أحمد العماري ، الرباط : دار المأمون 1406ه/1986 م - واكنسوس : الجيش العرمرم ، فاس ، المطبعة الحجرية 1336هـ /1917 م - ومحمد مخلوف : شجره النور الذكية في طبقات المالكية ، طبعة مصر 1349ه/1930م - وعبد الحي الكتاني : فهرس الفهارس ، طبعة فاس 1346ه/1927 م - والناصري : الاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى ، الدار البيضاء ، مطبعة دار الكتاب ، 1376ه/1956م .


المصدر: من هنا



خطبة السلطان السلفي سليمان العلوي رحمه الله 1-5



خطبة السلطان السلفي سليمان العلوي رحمه الله 2-5



خطبة السلطان السلفي سليمان العلوي رحمه الله 3-5



خطبة السلطان السلفي سليمان العلوي رحمه الله 4-5



خطبة السلطان السلفي سليمان العلوي رحمه الله 5-5






الكلام النفسي عند الاشاعرة

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد المرسى مشاهدة المشاركة
يقول الاشاعرة ان كلام الله واحد لايتنوع بمعنى أنه اذا جاء بالعربية كان قرءان واذا جاء بالسيريانية كان انجيل واذا جاء بالعبرية صار توراة واذا جاء امرا او نهيا او خبرا صار كذلك وهكذا لآنهم يرونه المعنى القائم بالنفس
واهل السنة يرونه متعددا يجئ بالامر والنهى والخبر الى انواع لايعلمها الا الله تعالى


أحسنت بارك الله فيك .. توجد جملة في كلامك توضح معنى كلام الله عند الاشاعرة.

بالامثلة تتضح الصورة. لو فرضنا ان شخصا ما يتقن عدة لغات ولتكن: العربية والانجليزية والصينية والبرتغالية والفرنسية ولغة الهوسا.

فاذا أراد هذا الشخص التعبير عما في داخله وليكن أراد التحدث عن طفولته. فاذا تكلم بالعربية فقد عبر عما في نفسه بها واذا تكلم بالبرتغالية فقد عبر عما في نفسه بها وهكذا في سائر اللغات التي يتقنها.

فالذي في نفسه ويريد أن ينطق به عن طفولته هو الكلام النفسي فاذا أراد التعبير عنه بأي لغة من اللغات التي يتقنها خرج من فيه بتلك اللغة.

وهذا الكلام النفسي ليس كلاما .. والا فالأبكم مثلا على ضوء هذا يعتبر متكلما! ولا يضيره أنه لا ينطق.

عجائب علم الكلام الثلاث




عجائب علم الكلام الثلاث:

طفرة النظام وكسب الأشعري وأحوال أبى هاشم



الشفيع الماحي أحمد

أستاذ مشارك، قسم الدراسات الإسلامية، كلية التربية،

جامعة الملك سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية

(قدم للنشر في 25/10/1420هـ ؛ وقبل للنشر في 16/1/1421هـ)



ملخص البحث. نشأ علم الكلام أصلاً لاثبات العقائد الإسلامية والرد على من خالفها، مستخدماً المنهج الجدلي وسيلة للبرهنة عليها، وبعد زوال العوامل التي قام عليها اختفى منهجه، ولكن هناك ثلاث قضايا تمثل فيها العلم ومنهجه خير تمثيل، وهي الطفرة والكسب والأحوال . وبعرض هذا البحث لهذه القضايا الثلاث وعلى النحو التالى : يتحدث البحث في البداية عن الخلفية العلمية التي ظهرت فيها القضية، ثم يحلل القضية نفسها وكما فصّل فيها صاحبها، ثم يذكر الأدلة التي ساقها للبرهنة عليها، وأخيراً يستعرض الآراء المخالفة لها . وفي الختام خلص البحث إلى أن النظام والأشعري وأبا هاشم حاولوا معالجة قضايا ليست معقولة ولا متحققة مستخدمين ألفاظاً لا مناسبة بينها وبين تلك القضايا .


حمل البحث - ملف وورد 20 صفحة


هل خلق الله الانعام كما خلق آدم بيديه؟

25 مايو، 2009

مقدمة كتاب ذم الأشاعرة والمتكلمين والفلاسفة - أبو أويس محمد بوخبزة الحسني المغربي


كتاب ذم الأشاعرة والمتكلمين والفلاسفة

للشيخ أحمد بن الصديق الغماري

تقديم

للشيخ أبي أويس محمد بوخبزة الحسني



بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.

بين يديَّ الساعة، كتاب ( ذم الأشاعرة والمتكلمين والفلاسفة )، تأليف الأخ بظهر الغيب، الأستاذ الفاضل، الناقد الخبير، الدكتور: صادق بن سليم صادق، وقد أرسله إلي منذ مدة، وشغلت عنه، إلى أن يسر الله العودة إليه، فقرأته كله؛ معجبا باطلاعه؛ مستغربا الاقتصار على آثار الشيخ أبي الفيض أحمد بن الصديق الغماري، واستخراج نقد منهاج الأشاعرة والمتكلمين وأسلافهم الفلاسفة منها، ولعلَّ للمؤلف ـ وفقه الله ـ هدفا من رواء ذلك، وإلا فنقد مناهج الأشاعرة والماتردية، ومن وراءهم المتكلمين والفلاسفة؛ معروف متداول في أوضاع الدارسين والباحثين، وقد وقفت على أبحاث قيمة في ذلك.

ورأيت المؤلف موفقا أحاط ـ تقريبا ـ بآراء الشيخ الغماري، وشقيقه عبد الله، ومواقفهما من مذهب الأشعري، وكيف افترقا ولم يتفقا؛ مع اتحاد المنشأ والبيئة والتربية؛ فاتخذ أبو الفيض لنفسه مذهبا خاصا؛ عُرف به، كسائر مذاهبه في السلوك، والأخلاق، والفقه وأصول الحديث، وعلم الرجال، والتصوف، وكان في المغرب أمة وحده في شذوذه، وآراءه وسلوكه، ويعرف هذا من اتصل به وخالطه، وسبر أفكاره، وقرأ كتبه.

فهو في توحيد الأسماء والصفات ينحو نحو ابن تيمية وتلاميذه، ويشيد بهم، ويصرح بأن ما هم عليه من الحق، وأن ما أخطأوا فيه قليل، كذرة بالنسبة لجبل، على حد تعبيره في كتاب منه إليَّ، ثم هو ينافرهم ويخالفهم بعناد وإصرار في توحيد الربوبية، والإلهية والعبادة، والقصد، فتراه يعتقد تصرف أولياءه في الكون، في حياتهم وبعد مماتهم، وأن لهم ديوانا يعقد بغار حراء بمكة المكرمة، يحضره القطب الذي يسير دفة الكون، ولا يقع شيء من الأشياء إلا بإذنه وإشرافه، حتى إن شيخه الكتاني يقول: ( لا يعتدي قط على فأر بمدينة فاس إلا بإذنه المولى إدريس دفين فاس)! وله من هذا بلايا وفضائح، مما هو طعن صريح في توحيد الربوبية ـ ولا شك أن الأخ صادقاً على ذُكر من اعتقاده وزعمه ـ أن أولياءه كانوا يحيون الموتى، وقد سجل هذا بقلمه في كتابه الموبوء ( البرهان الجلي )، في قصص مما عملت أيديهم.

وأما توحيد الإلهية والعبادة فقد برَّر استغاثة الناس بالشيخ عبد السلام بن مشيش، وهتافهم باسمه دائما عند ضريحه، الذي يلجأون إليه ويطوفون به، وينحرون عنده تقربا وتعبدا، وحتى ما شاع بين الناس من الحلف باسمه، وقول بعضهم: وحقِّ مولاي عبد السلام الذي خلق الدنيا والدين! وبعيدا عنه، وكذلك: أضرحة المولى إدريس الأول بمدينة زرهون، وابنه إدريس الثاني باني مدينة فاس ـ عاصمة العلم والقرويين ـ ! وضريح أبي يعزي بمدينة تادلا، وأضرحة الرجال السبعة بمدينة مراكش، والشيخ أبو الفيض ووالده وجده ومشايخ القرويين وأرباب الزوايا، والطرق التي تفوق المائة في المغرب: يرون هذا، ويفرحون له، ويسعون في بقائه وازدياده، لأنه مصدر عيشهم! وقد قال الشيخ في رسالته الضالة ( إحياء المقبور بأدلة استحباب اتخاذ المساجد والقباب على القبور ) ـ بعد أن حكى بعض ما تقدم من جهالة العامة وأشباههم في غلوهم في الشيخ ابن مشيش ـ ما معناه: أنهم رغم ذلك كله يعتقدون أن الله هو الخالق البارئ المصور؛ وهذا وحده كاف للحكم بإيمانهم!

وهكذا برهن الشيخ أنه جاهل بتوحيد العبادة والقصد، ولا غرو؛ فإنه كان ينكر تقسيم التوحيد، وعنه بالواسطة، وعن شقيقه عبد الله، أخذ السَّخاف: حسن السَّقاف، ورصيفه وعدوه في نفس الوقت: محمود سعيد: إنكارَ التقسيم الذي هو ضروري لمن يقرأ القرآن، ويعي ما ذكره عن الإيمان، والتوحيد والشرك، ويدخل في هذا الباب صنيع الدجال: عبد الله الكرفطي، المدعو: التليدي، في رسالة (الصارم المبيد لما زعمه المبتدع العنيد من الضلالات في شرح كلمة التوحيد)، التي كتب كثيرا من فصولها الشيخ أبو الفيض! وسمَّاها وطبعها على نفقته، بغضا وكراهية، وعنادا لشقيقه الشيخ: محمد الزمزمي [الغماري]، وهي نقول مشوهة، وأفهام مريضة، من مثل كتاب ( شواهد الحق ) ليوسف النبهاني، و(الرد المحكم المتين) لعبد الله [الغماري]، والقصد منها الدعوة إلى الشرك في العبادة، وحث المسلمين على الاستغاثة بالأموات، ودعائهم في النوازل والأزمات، في ما لا يقدر عليه إلا الله.

ومن العجيب أن الشيخ عبد الله كان كشيخه وشقيقه أبي الفيض؛ لا يعرف توحيد الإلهية، بدليل أنه ذكر في رسالته ( إتحاف الأذكياء بجواز التوسل بالأنبياء والأولياء ) ص/19، طبعة تطوان، ما نصه: ( في هذين الحديثين ـ يعني حديث: «إن لله ملائكة في الأرض ...» وحديث: « إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا...»، وكلا الحديثين ضعيف!ـ دلالة على أمرين: الأول: جواز الاستعانة والاستغاثة بالمخلوق؛ فيما يقدر عليه[!]، خلافا للوهابية الذين يجعلون كل استعانة واستغاثة شركا...).
وهذا كذب وبهتان عليهم، ولا يمكن لعاقل أن ينكر هذا النوع من الاستغاثة، لأنه داخل في باب الأسباب.

وقد ناظرت الشيخ عبد الله في هذا بتطوان، بعد عودته من مصر.
والغريب أنه احتج لجواز الاستغاثة مطلقا بقوله تعالى: ( فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه )، وناقشته في هذا الاستدلال، فإذا به لا يفرق بين الاستغاثتين، كما لا يفرق بين التوسل والاستغاثة، مع وضوح الفرق بينهما! وتراه هنا يقول: ( أما ما لا يدخل في قدرة المخلوق؛ فلا يستعان فيه إلا بالله، ولا يستغاث إلا به؛ وهذا بإجماع المسلمين )!

وبهذا الكلام هدم ما تعب فيه من قبل ومن بعد؛ مما زعمه ردا على الوهابية ومن قبلهم من مشايخ العلم الصحيح والدين المتين، كابن تيمية وتلاميذه الأبرار، وهو لم يفهم كلامهم.
نعم! هو يسرع الخطى للإيمان بالخرافات والانتصار لها والدعوة إليها، كما تراه في رسالته المشار إليها في صفحة 32، من وصف السيدة نفيسة ـ دفينة القاهرة ـ: ( خفيرة ديار مصر )؛ أي حارستها، كما يعتقد العامة وأشباهم، بالمغرب وغيره؛ أن لكل مدينة وقرية وليًّا يحميها، ويحوطها بعنايته.
وهم وإن كانوا يرون الواقع خلاف هذا: لا ينفكون عن هذه الموبقات، بل تأييدهم لهم قولا وعملا، كما تراهم بالقرويين، على رمية بحجر من الضريح الإدريسي. وبهذا تتحقق غربة الإسلام بين أهله، التي أنذر بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ومع هذا: فإن من أهداف الشيخ عبد الله بعد قدومه إلى المغرب: محاربة الوهابية، وهو ضرب في حديد بارد! لأنهم في المغرب قلة، ولو ألهم رشده لجعل من أهدافه: محاربة الزوايا والمتصوفة، الذين أهلكوا الحرث والنسل ـ على حد تعبير شقيقه الشيخ الزمزمي ـ.
كما أنني ضحكت بملء فيَّ حينما سمعته يقول عن الأزهريين، أنهم كانوا يلقبونه: ( الخرافي رقم 1)! وقد صدقوا والله.

هذا ما يتعلق بعبد الله.
أما أبو الفيض فهو كما شرحت: لا سلفي ولا خلفي، فهو ضد الأشاعرة والماتردية، وبالتالي: المتكلمين والفلاسفة، ولا يقول بمذهب الجمهورـ والصواب معهم ـ أن الشيخ أبا الحسن الأشعري انتهى به المطاف إلى التوبة إعلانها، على منبر جامع البصرة، وأنه على مذهب الإمام المبجل: أحمد بن حنبل، كما سجل بقلمه في كتابه ( مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين )، وكتابه ( الإبانة عن أصول الديانة )؛ فإن الشيخ ضرب بهذا عرض الحائط، وأصر على أن الأشعري لم يتب، وأنه مازال مصرا على التأويل، وما معه إلا الصفات السبعة، واعتمد في هذا على رسالة الأشعري ( اللمع في الرد على أهل الأهواء والبدع )، ولم يلتفت إلى غيرها، ومنها: شنَّ الغارة عليه، وسلقه بلسانه الحاد، ولم يفرق بينه وبين الأشاعرة الزاعمين أنهم على مذهبه.

والعجيب أننا لم نر واحدا من متقدميهم ومتأخريهم يشير على حال أبي الحسن وتوبته رحمه الله.
ومن فواقر أبي الفيض: أنه أعلن الحرب على السلف والخلف في مسألة المعية، مصرا على أن تفسيرها بالعلم؛ كما فسرها الله تعالى في آية العلم؛ وهو قوله تعالى: ( ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض. ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم)، [إلى أن قال تعالى]: ( إن الله بكل شيء عليم )، فختمها ربنا تعالى بالعلم، كما افتتحها به، وهي محكمة، فيجب رد المتشابه إليها ـ إن كان هناك متشابه!ـ فإن أئمة السلف مطبقون على أن معيته تعالى بالعلم، ولكن أبا الفيض ـ لحاجة في نفسه ـ يصر على أنها بالذات؛ ليتدرج إلى الحلول ثم إلى وحدة الوجود ـ والعياذ بالله ـ.

وللشيخ هنات وهنات لا يتسع المجال لتناولها، وقد جمعت منها عشرين موبقة في عشرين فصلا، سميتها: ( صحيفة سوابق وجريدة بوائق )؛ محتجا لها بأقوال الشيخ، ناقلا عن خطه في رسائله إلي، التي ناهزن المائة، والتي سطا عليها الدجال عبد الله الكرفطي ـ المدعو: التليدي ـ وضمن أكثر من عشرين من عيونها كتابه ( درّ الغمام الرقيق )، ولم يستأذني كما هو مقتضى الأمانة العلمية، بله أن يشكرني عليها، وهي ملكي، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله.
وليته اقتصر على هذا، بل أشار إلي في المقدمة، وهددني في ما يدخل في الإرهاب الفكري الصوفي؛ بأنني سألقى جزائي كاملا! وأنا واثق ـ بفضل الله ـ أنه سيجازيني على هدم الهياكل التي لا أساس لها، والجهاد في سبيل الله، بكشف الزيف والباطل، وتعرية الضلال والزندقة وأهلها؛ نصحا لله وديني، والتحذير ممن يقول بإيمان فرعون ـ عدو الله المتربب ـ محادة لله ورسوله، ويرجح قول من يزعم فناء النار، ويدعو إلى الاستغاثة بالمخلوق، والتعلق بالأموات، ودعائهم لتفريج الكربات، والمصيبة العظمى: اعتقاد وحدة الوجود؛ وأن الخلق هو الخالق، وأن ليس إلا ما ترى، وأن من لم يعتقد هذه الوحدة فإن إيمانه مدخول، وأن السماع الصوفي والرقص اليهودي؛ من شعائر التصوف، ولم يزل يمارسه ويدعو إليه إلى وفاته، وما زال إلى الآن في زاوية أبيه بطنجة، وبزاوية ذنبه ووارث (شرِّه): التليدي، كل جمعة، والطعن على عدد من الصحابة، واعتقاد كفرهم، ونفاق أغلب الصحابة ـ كما يعتقد مشايخه الروافض ـ .

وشرح هذا بأدلته وحججه في رسالتي المشار إليها ( صحيفة سوابق )، أعان الله على إكمالها.
وبالمناسبة: أسجل هنا لله تعالى وللتاريخ، ودفعا لما أُعيَّر به إلى الآن، من أوباش الطريقة، وأنعام الخليقة، أنني كنت صوفيا درقاويا من تلاميذ الشيخ أبي الفيض، وأني مدحته بقصائد، ورثيته بعد موته بمرثيتين، ألقيت إحداهما على منبر الزاوية بطنجة.
وأنا لا أنكر هذا، مع أنني أعترف بفضل الشيخ علي، وانتفاعي به، إلا أن الحقيقة التي لا يعرفها هؤلاء ولا يقبلونها: أنني أسلمت لله رب العالمين، وأعلنت توبتي غير مرة من التصوف والزوايا، جملة وتفصيلا، كما وقع لشيخي الدكتور الهلالي، وقبله الشيخ النتيفي البيضاوي، وغير هؤلاء، ومن آخرهم: ربيب الزاوية وابنها، وشقيق أبي الفيض، وهو: الشيخ محمد الزمزمي بن الصديق الغماري ـ رحمهم الله ـ.

وقد سبق لي أن أعلنت هذا في رائية نشرت بأول كتاب ( تنبيه القاري إلى فضائح أحمد الغماري )، لمؤلفه: مصطفى أبو سفيان، وهو مطبوع بعنوان: (لدرقاوي تائب)، والكتاب مازال قذى في أعين الغماريين، وشجا في حلوقهم، وسفودا في أكبادهم وأكباد أذنابهم، كالكرفطي، وهذا الإمعة الرقيع الجهول الوقح، الذي ألف بمساعدة شيخه التليدي كتابا؛ حاول فيه نقضه بالصدر، والجحود والتوقح.
والمهم أنني لم أكن قرأت لأبي الفيض كتابين من كتبه، أحدهما طبع بعد موته بمصر، وهو المسمى ( البرهان الجلي )، والآخر مازال مخطوطا، ويسمى ( الإقليد في تنزيل كتاب الله على أهل التقليد )، وهو ـ والله ـ عبث بكتاب الله، وتفسير له بالرأي الفائل، ولم يقع بيدي كاملا إلا بعد موت الشيخ، فقرأته كما قرأت البرهان، وبهما تبين لي بما لا يدع مجالا للشك: أن أبا الفيض عدو لله ورسوله، فنفضت يديَّ منه، وتبرأت من صحبته وموالاته، اقتداءً بخليل الرحمن إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع أبيه ( فلا تبيَّن له أنه عدوٌّ لله تبرأ منه )، صدق الله العظيم، والحمد لله رب العالمين.

تطوان في 10 شوال عام 1427 هـ

محمد بن الأمين أبو خبزة الحسني

عفا الله عنه

المجاز


إبطال دعوى المجاز في الصفات الإلهية - حلقات


24 مايو، 2009

اصول عقيدة الاشاعرة

بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ

يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي

تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا

عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم, وشرَّ الأمورِ محدثاتُهَا, وكلَّ محدثةٍ بدعة, وكلَّ

بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النارِ.
إن من دواعي كتابة هذا المبحث البسيط أبين فيه ما ظهر لي من الحق في حقيقة معتقد الأشاعرة قديما وحديثا آخذ أقوالهم من

كتبهم ولما رأيت الحملة الشرسة التي كشرت أنيابها على عقيدة أهل السنة والجماعة ورميهم ونبزهم بأبشع الألفاظ قديما

وحديثا كالمجسمة والحشوية وغير ذلك من الألفاظ التي تدل على جهل الشخص بالعقيدة . ممن ينتسبون إلى أهل السنة

والجماعة على عقيدة الاشاعرة.حيث بينت
1 ـ معنى أهل السنة عموما .
2 ـ معنى أهل السنة خصوصا.
3 ـ الاشاعرة عند المالكية
4 ـ الاشاعرة عند الشافعية
5 ـ الاشاعرة عند الحنفية
6 ـ الاشاعرة عند الحنابلة
7 ـ مصدر التلقي عند الأشاعرة
8 ـ إثبات وجود الله عند الاشاعرة
9 ـ الإيمان عند الاشاعرة
10 ـ التوحيد عند الاشاعرة
11 ـ القرآن عند الاشاعرة
12 ـ القدر عند الاشاعرة
13 ـ السببية وأفعال المخلوقات
14 ـ التكفير عند الاشاعرة
اسأل الله أن يظهر لنا الحق ويرزقنا إتباعه.
وبداية المبحث هذا ينبغي معرفة هذا المدخل وبه استعين
إن مصطلح أهل السنة والجماعة يطلق ويراد به معنيان:
1 ـ المعنى العام : وهو ما يقابل الشيعة فيقال : المنتسبون للإسلام قسمان : أهل السنة والشيعة مثلما عنون شيخ الإسلام كتابه

في الرد على الرافضي /منهاج السنة / وفيه بين هذين المعنيين وصرح أن ما ذهبت إليه الطوائف المبتدعة من أهل السنة

بالمعنى الأخص .
وهذا المعنى يدخل فيه كل من سوى الشيعة كالاشاعرة لاسيما والاشاعرة فيما يتعلق بموضوع الصحابة والخلفاء متفقون مع

أهل السنة وهي نقطة الاتفاق المنهجية الوحيدة كما سيأتي .
2 ـ المعنى الأخص : وهو مايقابل المبتدعة وأهل الأهواء وهو الأكثر استعمالا في كتب الجرح والتعديل فإذا قالوا عن الرجل

صاحب سنة أو كان سنيا أو من أهل السنة ونحوها فالمراد انه ليس من إحدى الطوائف البدعية كالخوارج والمعتزلة والشيعة

وليس صاحب كلام وهوى.
وهذا المعنى لا يدخل فيه الاشاعرة أبدا بل هم خارجون عنه وقد نص الإمام احمد وابن المديني على أن من خاض في شيء

من علم الكلام لايعتبر من أهل السنة وان أصاب بكلامه السنة حتى يدع الجدل ويسلم للنصوص ,فلم يشترطوا موافقة السنة

فحسب بل التلقي والاستمداد منها فمن تلقى من السنة فهو من أهلها وان اخطأ ومن تلقى من غيرها فقد اخطأ وان وافقها في

النتيجة .
وهذا هو الضابط الذي يعرف به أهل السنة من غيرهم .
والاشاعرة كما سترى استمدوا من غير السنة ولم يوافقوها في النتائج فكيف يكونون من أهلها .
والتفصيل سيأتي أن شاء الله تعالى .
حكم أئمة المذاهب الأربعة من الفقهاء فما بالك بأئمة الجرح والتعديل من أصحاب الحديث .
3 ـ عند المالكية :
روى حافظ المغرب وعلمها الفذ ابن عبد البر رحمه الله عن فقيه المالكية بالمشرق ابن خويزمنداذ في كتاب الشهادات شرحا

لقول مالك (( لاتجوز شهادة أهل البدع والأهواء . وقال(أي ابن خويز :ا ن أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل

الكلام فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير اشعري ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبدا ويهجر ويؤدب

على بدعته فان تمادى عليها استتيب منها ))جامع البيان وفضله م 2/117
وروى ابن عبد البر نفسه في الانتفاء عن أئمة السنة الثلاثة مالك وأبي حنيفة والشافعي نهيهم عن الكلام وزجراصحابه

وتبديعهم وتعزيرهم ومثله ابن القيم في كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية فماذا يكون الاشاعرة إن لم يكونوا أصحاب كلام .
4 ـ عند الشافعية
قال الإمام أبو العباس بن سريج الملقب بالشافعي الثاني وكان معاصرا للأشعري:
((لانقول بتأويل المعتزلة والاشعرية والجهمية والملحدة والمجسمة والمشبهة والكرامية والمكيفة بل نقبلها بلا تأويل ونؤمن بها

بلا تمثيل )) ص62 كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم
قال الإمام أبو الحسن الكرجي من علماء الشافعية في القرن الخامس مانصه ))لم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن

ينتسبوا إلى الأشعري ويتبرؤون مما بني عليه الأشعري مذهبه وينهون أصحابهم وأحبابهم على ماسمعت من عدة من المشايخ

والأئمة وضرب مثالا بشيخ الشافعية في عصره أبو حامد الاسفرائيني الملقب ب (الشافعي الثالث) قائلا :ومعلوم شدة الشيخ

على أصحاب الكلام حتى ميز أصول الفقه الشافعي من أصول الأشعري وعلق عنه أبو بكر الراذقاني وهو عندي وبه اقتدي

الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابه اللمع والتبصرة حتى ولو وافق قول الأشعري وجها لأصحابنا ميزه وقال (هو قول بعض

أصحابنا وبه قالت الاشعرية ولم يعدهم من أصحاب الشافعي استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلا عن أصول

الدين)كتاب التسعينية ص 238
وبنحو قوله بل اشد منه قال الشيخ الهروي الأنصاري .
5 ـ الحنفية :
معلوم أن واضع الطحاوية وشارحها كلاهما حنفيان وكان الإمام الطحاوي معاصرا للأشعري وكتب هذه العقيدة لبيان معتقد

الإمام أبي حنيفة وأصحابه وهي مشابهة لما في الفقه الأكبر عنه وقد نقلوا عن الإمام انه صرح بكفر من قال إن الله ليس على

العرش أو توقف فيه , وتلميذه أبو يوسف كفر بشر المريسي ومعلوم أن الاشاعرة ينفون العلو وينكرون كونه تعالى على العرش

ومعلوم أيضا أن أصولهم مستمدة من بشر المريسي .
6 ـ الحنابلة :
موقف الحنابلة من الاشاعرة أشهر من أن يذكر فمنذ بدع الإمام احمد ابن كلاب وأمر بهجره وهو المؤسس الحقيقي للمذهب

الأشعري لم يزل الحنابلة معهم في معركة طويلة وحتى في أيام دولة نظام الملك التي استطالوا عليها وبعدها كان الحنابلة

يخرجون من بغداد كل واعظ يخلط قصصه بشيء من مذهب الاشاعرة.
ولم يكن بن القشيري إلا واحدا ممن تعرض لذلك وبسبب انتشار مذهبهم وإجماع علماء الدولة سيما الحنابلة على محاربته

اصدر الخليفة القادر منشور(الاعتقاد القادري) أوضح فيه العقيدة الواجب على الأمة اعتقادها سنة 433 هـ .
وهاهو الشيخ عبد القادر الجيلاني لما سئل ((هل كان لله ولي على غير اعتقاد احمد بن حنبل ؟ قال: ماكان ولا يكون .))كتاب

المنتظم لابن الجوزي ص 81 ـ 89
وهاهنا حقيقة كبرى أثبتها علماء الاشاعرة الكبار بأنفسهم كالجويني وابن أبى المعالي والرازي والغزالي وغيرهم وهي حقيقة

حيرتهم وتوبتهم ورجوعهم إلى مذهب السلف وكتب الاشعرية المتعصبة مثل طبقات الشافعية أوردت ذلك في تراجمهم فان

كانوا على عقيدة أهل السنة والجماعة فعن إي شيء رجعوا ؟؟؟؟؟
عقيدة الاشاعرة بشيء من التفصيل :
7 ـ مصدر التلقي :
مصدر التلقي عند الاشاعرة هو العقل وقد صرح الجويني والرازي والبغدادي والامدي والايجي وابن فورك والسنوسي

وشراح الجوهرة وسائر أئمتهم بتقديم العقل على النقل عند التعارض وعلى مايرى المعاصرون منهم ومن هؤلاء السابقين من

صرح بأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة أصل من أصول الكفر وبعضهم خففها فقال هو أصل الضلالة مثال :
وضع الرازي في كتاب أساس التقديس القانون الكلي للمذهب في ذلك فقال ((الفصل الثاني وثلاثون في إن البراهين العقلية إذا

صارت معارضة بالظواهر النقلية فكيف يكون الحال فيها ؟
ـ اعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت ثبوت شيء ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك فهنالك لايخلو الحال من

احد الأمور أربعة
1 ـ إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقيضين وهو محال
2 ـ وإما أن يبطل فليزم تكذيب النقيضين وهو محال.
3 ـ وإما أن يصدق الظواهر النقلية ويكذب الظواهر العقلية وذلك باطل
لأنه لايمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته وكيفية دلالة المعجزة على

صدق الرسول وظهور المعجزات على محمد
ولو جوزنا القدح في الدلائل العقلية القطعية صار العقل متهما غير مقبول القول ولو كان كذلك لخرج أن يكون مقبول القول في

هذه الأصول وإذا لم تثبت هذه الأصول خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة .
فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يفضي إلى القدح في العقل والنقل معا وانه باطل ولما بطلت الأقسام الثلاثة لم يبق إلا أن

يقطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال أنها غير صحيحة أو يقال أنها صحيحة إلا أن المراد

منها غير ظواهرها .
ثم إن جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل وان لم يجز التأويل فوضنا العلم إلى الله تعالى

فهذا هو القانون الكلي المرجو عاليه جميع المتشابهات وبالله التوفيق))انتهى كلامه
8 ـ إثبات وجود الله
من المعلوم أن مذهب السلف هو أن وجوده تعالى أمر فطري معلوم بالضرورة والأدلة عليه في الكون والنفس والآثار والأفاق

والوحي اجل من الحصر ففي كل شيء له أية وعليه دليل .
الخ.لاشاعرة فعندهم دليل يتيم هو دليل الحدوث والقدم وهو الاستدلال على وجود الله بأن الكون حادث وكل حادث فلا بد له

من محدث قديم واخص صفات هذا القديم مخالفته للحوادث وعدم حلولها فيه ومن مخالفته للحوادث إثبات انه ليس جوهرا ولا

عرضا ولا جسما ولا جهة ولا مكان . الخ .وقد التوحيد: هذه الفلسفة أصولا فاسدة مالا يدخل تحت العد مثل إنكارهم لكثير من

الصفات كالرضا والغضب والاستواء بشبهة نفي حلول الحوادث في القديم ونفي الجوهرية والعرضية والجهة والجسمية إلى

أخر المصطلحات البدعيةالتى جعلوا نفيها أصولا وأنفقوا الأعمار والمداد في شرحها ونفيها ولو قالوا أن الكون وما فيه مخلوق

وكل مخلوق لابد له من خالق لكان ايسرواخصر ولكنهم انتهجوا منهج الفلاسفة اليونانيين في الأفكار والألفاظ .
9 ـ التوحيد :
التوحيد عند أهل السنة والجماعة معروف بأقسامه الثلاثة باعتبار الربوبية والالوهية والأسماء والصفات وباعتبارين توحيد

المعرفة والإثبات وتوحيد القصد والطلب وهو أول واجب على المكلف .أما الاشاعرة قدماؤهم ومعاصرهم فالتوحيد عندهم هو

نفي التثنية أو التعدد ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة أي حسب تعبيرهم (نفي الكمية المتصلة والكمية المنفصلة) ومن هذا

المعنى فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع وبها فسرت عندهم (لااله إلا الله) أنها تحمل حقيقتين كل منهما تضم

سلسلة من العقائد المختلفة .
الحقيقة الأولى:لااله ـ هي استغناؤه تعالى عن كل ماسواه.
تستلزم له سبحانه قبل كل شيء الوجود والقدم والبقاء والقيام بالنفس والتنزه عن النقائص كما يدخل وجوب السمع له تعالى

والبصر والكلام فهو الغني عن كل ما سواه.
الحقيقة الثانية :إلا الله ـ هي افتقار كل ماعداه إليه تعالى.
فتوجب له تعالى الحياة وعموم القدرة والإرادة والعلم.
وبها يتبين أن تعريفهم لــ : لااله إلا الله ـ هو ـ(( استغناؤه تعالى عن كل ما سواه وافتقار إليه كل ما عداه )).وبمعنى آخر :لا

قادر على الخلق والاختراع إلا الله ,
فتبين أن هذا التعريف يندرج تحت تعريف توحيد الربوبية فيظهر عندهم أن من اعتقد أن الله هو الخالق فقد حقق التوحيد وبه

عند هم ا ن أبا جهل موحد,
أما التوحيد الحقيقي وما يقابله من الشرك ومعرفته والتحذير منه فلا ذكرله في كتب عقيدتهم إطلاقا ولا ادري أين يضعونه أفي

كتب الفروع ؟
أما أول واجب عندهم فهو النظر ليس النظر إلى الآيات الشرعية المتلوة بل النظر إلى الآيات الكونية بالأدلة العقلية القطعية كما

جاء عند السنوسي في شرح عقيدة أم البراهين والتي تعتبر العمدة مع كتاب أساس التقديس للرازي جاء في ص30 ((الحق الذي

يدل عليه الكتاب والسنة وجوب النظر الصحيح بالأدلة القطعية العقلية مع التردد كونه شرطا في صحة الإيمان أو لا والراجح

انه شرط في صحته))وقد تذبذب السنوني في هذه المسألة فتارة يقول إن المقلد مع استطاعة النظر كافر ومرة يقول عدم النظر

مع الاستطاعة يؤثم , فيقول كما جاء في كتاب مواقف السنوسي العقدية لمؤلفه جمال الدين بوقلي ص131 ((إن من يميل إلى

صحة التقليد ورجحانه على الاجتهاد في التوحيد منها قول الرازي عند موته ـ اللهم إيمان العجائزـ ))
وفي قول آخر يقول في ص133 من نفس المرجع ((إذا كان الأمر كذلك فسوف يكون الكافر الذي لجأ إلى النظر والعلم اعلم

بالحق ممن ينقاد إلى الإيمان عن طريق المحاكاة. إن صاحب النظر عارف بالحق مطلع على سبيله وذلك بالبرهان والدليل فهو

الذي اتضحت له دلالة صنع الله تعالى، فصار على يقين من دين الله .))
ويقول في ص 137 من نفس المرجع ينقلها عن القرافي حيث قال :
((إن الذين لايكادون يفقهون قولا مكلفون مع ذلك بدقائق أصول الدين ودلائل التوحيد،مخلدون بالجهل في النار)).
وخلاصة القول عندهم :
وينكرون المعرفة الفطرية ويقولون إن من آمن بالله بغير النظر فإنما هو مقلد ورجح بعضهم بكفره وبعضهم بتعصيته وهذا

ماخالفهم فيه الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله بقوله : ((وان لازم هذا فتم تكفير العوام بل تكفير الصدر الأول ))نهاية

الإقدام للشهرستاني ص 90
10 ـ الإيمان
الاشاعرة في الإيمان مرجئة جهمية أجمعت كتبهم قاطبة أن الإيمان هو التصديق القلبي واختلفوا في النطق بالشهادتين أيكفي

عنه تصديق القلب أم لا قال صاحب الجوهرة :
وفسر الإيمان بالتصديق والنطق فيه الخلف بالتحقيق
وقد رجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين إن المصدق بقلبه ناج عند الله وان لم ينطق بهما ومال إليه رمضان البوطي فعلى

كلامهم فلا داعي لحرص النبي أن يقول عمه أبو طالب لااله إلا الله لأنه لاشك في تصديقه له بقلبه وهو من شابهه على مذهب

الاشاعرة أنهم من أهل الجنة.
هذا وقد أولوا كل أية أو حديث ورد في زيادة الإيمان أو نقصانه أو وصف بعض شعبه بأنها الإيمان أو من الإيمان.
ولهذا رد عليهم الشيخ ابن تيمية وذكرهم بأسمائهم كالأشعري و الباقلاني والجويني وشراح كتبهم أنهم على مذهب جهم بعينه

وهذا انطلاق من تعريفهم للإيمان أنه تصديق بالقلب .
وتعريف الإيمان ذهب فيه الطوائف مذاهب
1 ـ عند أهل السنة والجماعة: هو إقرار في الجنان وقول باللسان وعمل بالأركان أي الجوارح
2 ـ عند المرجئة: إقرار بالجنان وقول باللسان أي أنهم يخرجون العمل من مسمى الإيمان
3 ـ الجهمية : هو التصديق بالجنان ومنهم من يقول هو معرفة الله بالقلب فقط وهذا شر الأقوال أي يجعلون فرعون مؤمنا .

وكذلك إبليس .
فالاشاعرة أي الطوائف إذن .؟
11ـ القرآن
إن القرآن عند أهل السنة والجماعة هو كلام الله غير المخلوق وأنه يتكلم الله بكلام مسموع تسمعه الملائكة وسمعه جبريل

وسمعه موسى عليه السلام ويسمعه الخلائق يوم القيامة حيث يتكلم بما شاء ومتى شاء وكيف شاء .
ومذهب المعتزلة أن القرآن مخلوق.
أما مذهب الاشاعرة فمن منطلق التوفيقية ـ التي لم يحالفها التوفيق ـ فرقوا بين المعنى واللفظ فالكلام عندهم هو معنى أزلي

ابدي قائم بالنفس ليس بحرف ولا بصوت ولا يوصف بالخبر ولا بالإنشاء.
واستدلوا بالبيت المنسوب للأخطل النصراني
إن الكلام لفي الفؤاد و إنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا
أما الكتب المنزلة ذات الترتيب والنظم والحروف ومنها القرآن فليست هي كلامه تعالى حقيقة بل هي عبارة عن كلام الله

النفسي والكلام النفسي شيء واحد في ذاته لكن إذا جاء التعبير عنه بالعبرانية فهو التوراة وان جاء بالسريانية فهو الإنجيل وان

جاء بالعربية فهو القرآن . فهذه الكتب مخلوقة ووصفها بأنها كلام الله مجاز لأنها تعبير عنه .واختلفوا في كيفية خلقه .
فقال بعضهم أن الله خلقه في اللوح المحفوظ ثم انزله في صحائف إلى سماء الدنيا فكان جبريل يقرأ هذا القرآن المخلوق ويبلغه

إلى محمد
ـ وقال آخرون إن الله أفهم جبريل عليه السلام كلامه نفسي وأفهمه جبريل لمحمد فالنزول إذن نزول إعلام وإفهام لا نزول

انتقال وحركة.
12 ـ القدر
أراد الاشاعرة هنا أن يوفقوا بين الجبرية والقدرية في مسألة القدر فجاءوا بنظرية الكسب وهي في مآلها إلى الجبر خالصة

لأنها تنفي أي قدرة للعبد أو تأثير أما حقيقتها الفلسفية فقد عجز الاشاعرة أنفسهم عن فهمها فضلا عن إفهامها لغيرهم ولهذا قيل

عنها :
مما يقال ولا حقيقة تحته معقولة تدنو إلى الإفهام
الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي وطفرة النظام
ولهذا قال الرازي الذي هو الأخر عجز عن فهمها ((إن الإنسان مجبور في صورة مختار))
13 ـ السببية وأفعال المخلوقات
إن الاشاعرة أنكروا الربط العادي بإطلاق وان يكون الشيء يؤثر في الشيء ولهذا أنكروا ((باء السببية)) في القرآن وكفروا

وبدعوا من خالفهم ومأخذهم فيها هو مأخذهم في القدر فمثلا عندهم من قال أن النار تحرق بطبعها أو هي علة الإحراق فهو

كافر مشرك لأنه لا فاعل عندهم إلا الله مطلقا حتى أن احد النحاة الأندلسيين من دولة الموحدين التومرتية الاشعرية هدم

نظرية العامل أي الفاعل مدعيا أن الفاعل هو الله مطلقا .
وعللوا هذا بأن الأسباب علاقات لا موجبات حتى أنهم يقولون الرجل إذا كسر الزجاجة في الحقيقة ما انكسرت بكسره وإنما

انكسرت عند كسره ، والنار إذا أحرقت ما تحرق بنفسها ولا بسببها وإنما احترق عندها .والإنسان إذا أكل حتى شبع ما شبع

بالأكل وإنما شبع عند الأكل.
ومن قال عندهم ن النار تحرق بقوة أودعها الله فيها فهو مبتدع ومن قال أن النار تحرق بطبعها فهو كافر .
فقالوا للتعليل أن الفاعل هو الله تعالى ولكن فعله يقع مقترنا بشيء ظاهر ي مخلوق فلا ارتباط عندهم بين السبب والمسبب وإنما

المسألة اقتران كاقتران الصديقين في الذهاب والإياب .وقد بينوا هذا في متونهم في عقيدتهم :
والفعل في التأثير ليس إلا للواحد القهار جل وعلا
ومن يقل بالطبع أو بالعلة فذاك كفر عند أهل الملة
ومن يقل بالقوة المودعة فذاك بدعي فلا تلتفت
14 ـ التكفيــر
التكفير عند أهل السنة والجماعة حق الله تعالى لايطلق إلا على من يستحقه شرعا ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفره

باجتماع شروطه وانتفاء موانعه
أما الاشاعرة فهم مضطربون اضطرابا كبيرا فتارة يقولون نحن لانكفر أحدا وتارة يقولون لانكفر إلا من كفرنا وتارة يكفرون

بأمور لاستوجب أكثر من التفسيق أو التبديع وتارة يكفرون بأمور هي نفسها شرعية .
1 ـ قولهم لانكفر أحدا فهذا باطل قطعا لان من الأشياء مايكفر صاحبها كمن أنكر معلوما من الدين بالضرورة مع الإظهار

وإقامة الحجة .
2 ـ وأما قولهم لانكفر إلا من كفرنا فهذا باطل كذلك لان من وقع في الكفر فليس معناه كفر الثاني بالمقابلة
3 ـ وأما تكفير من لايستحق إلا التبديع فمثل تصريحهم بتكفير من قال أن لله جسم لا كالأجسام وهذا ليس بكافر بل هو ضال

لأنه قال بلفظ لم يأت به الشرع
4 ـ وأما تكفيرهم من لايستحق حتى التبديع بل أتى بشيء شرعي وهو من قال أن الأشياء مؤثرة بعلتها كمن قال إن النار تحرق

بنفسها أو هي علة الإحراق أو الطعام علة الشبع .وقد مر عليه الكلام.
وأما التكفير بما هو حق في نفسه يجب اعتقاده فنحو تكفيرهم لمن يثبت علو الله ذاتا ومن لم يؤمن بالله على طريقتهم لان الأخذ

بظواهر النصوص من أصول التكفير عندهم كما صرح به الرازي في أساس التقديس وكقولهم إن عبادة الأصنام فرع من

مذهب المشبهة ويعنون به أهل السنة والجماعة .
وقالوا أن من رفع إصبعه إلى الأعلى مشيرا إلى الله انه في السماء فهو ضال تقطع إصبعه لأنه حيز الله في جهة معينة

وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى .
ومن شواهد تكفير بعضهم قديما وحديثا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وحسبك مافي كتب الكوثري وأبي غدة

والسقاف حديثا .
وأرجو من الله إني قد ألممت بعض الشيء بعقيدة الاشاعرة واتمم البحث في المرة الأخرى بباب الصفات استقلالا والنبوات

والتأول والتفويض والتحسين والتقبيح و الإرادة ومعانيها حتى يظهر الحق جليا بمشيئة الله تعالى
اخوكم ابو انس الورقلي

المصدر: من هنا

خواطر

من شواهد وأدلة ضلال مذهب الاشاعرة :

1- التخبط الشديد في الاقوال عندهم أي مقالات رؤوسهم

2- رجوع الكثير منهم عن معتقده السابق وأولهم أبي الحسن الاشعري مؤسس المذهب رحمه الله .. والكثير من رؤوس مذهبهم مثل الجويني و الرازي وأبي حامد الغزالي وغيرهم كثير.

3- معتقدان في معتقد !! وأقصد التفويض و التأويل .. فأحدهم يقول عن صفات الله أنا لا اعلم ما هي و الاخر يقول أنا اعلم ربما تعني كذا أو كذا او ربما كذا !!! هل هذه عقيدة ؟ عقيدة ربما .. الحاصل أنهم جميعا لا يعلمون ويقولون على الله ما لا يعلمون .. فالكل جاهل بصفات الله

4- قلة الديانة! نعم في دينهم رقة. فاتباعهم للسنة قليل. بدئا من ضعف الهدي الظاهر الى الهدي الباطن. ومنها اللحية كمثال. فالغالب عليهم الاشارة اليها. يعني لحية على الريحة.

5- ظهور الخرافات و ترعرعها عندهم. فزنادقة الصوفية تجدهم اشاعرة في الاصل.

6- ظهور الشرك في معتقدي المذهب الاشعري. فعبادة القبور لا تجدها الا عند الاشاعرة. طبعا لا نتكلم عن الروافض لانهم سبب البلاء فهم من بدأ بهذه البدعة الشركية. لكنهم ليسوا من المنتسبين الى السنة ولا حتى الاسلام بالنسبة الى رؤوسهم

7- طبعا الدليل الاصلي هو بدعة المذهب أساسا. فمذهبهم محدث.

8- ذم السلف لمذهب الاشاعرة والمتكلمين عامة

9- أن مذهبهم ولد من رحم الاعتزال وكفى بهذا دليلا! فهو مذهب بدعة ظهر ليرد على بدعة. بدعة ترد على بدعة!

10- عودة الاشاعرة اليوم الى الاقتراب أكثر فأكثر الى الاعتزال. وهكذا البدعة تحن الى أمها

11-الحجة الاكبر والدليل الاعظم هي أن المذهب الاشعري ليس مذهب السلف .. وقد سبق ذكر هذا بعبارة أخرى.

12- تقديمهم العقل على النقل . وفي هذا تعارض مع الايمان بالغيب. والله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بعلم الكلام ولا الرجوع اليه بل أمرنا الى الرجوع والاحتكام الى الله ورسوله أي كتاب الله وسنة رسوله. ومن يقول أين العقل فنقول هل كان صدر الامة بلا عقل حتى نقول أين العقل؟! والحمد لله رب العالمين

13- من كان عنده جرأة على الخوض في ذات الله واسمائه وصفاته ويسلب و يغير ويفسر و يفعل كما يشاء يهون عليه ما كان أدنى من ذلك

حوار علمي مع مفوضة



بعنوان: كلام نفيس لابن تيمية في الرد على المفوضة
http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=453

قد يعترف العالم بالحق ويتركه لشبهة .. نقل طريف مفيد للتأمل - عبرة


إن المتابع لأقوال أئمة الأشاعرة، يتضح له جليا أنهم لا يلتزمون مذهب السلف في مسائل الأسماء والصفات.

فمن ذلك المقولة المشهورة عنهم : "مذهب السلف أعلم ومذهب الخلف أحكم " !!!

ومنه ما قاله الإمام القرطبي في تفسير الإستواء :

هَذِهِ مَسْأَلَة الِاسْتِوَاء ; وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا كَلَام وَإِجْرَاء . وَقَدْ بَيَّنَّا أَقْوَال الْعُلَمَاء فِيهَا فِي ( الْكِتَاب الْأَسْنَى فِي شَرْح أَسْمَاء اللَّه الْحُسْنَى وَصِفَاته الْعُلَى ) وَذَكَرْنَا فِيهَا هُنَاكَ أَرْبَعَة عَشَر قَوْلًا .

وَالْأَكْثَر مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إِذَا وَجَبَ تَنْزِيه الْبَارِي سُبْحَانه عَنْ الْجِهَة وَالتَّحَيُّز فَمِنْ ضَرُورَة ذَلِكَ وَلَوَاحِقِهِ اللَّازِمَة عَلَيْهِ عِنْد عَامَّة الْعُلَمَاء الْمُتَقَدِّمِينَ وَقَادَتهمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ تَنْزِيهه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ الْجِهَة , فَلَيْسَ بِجِهَةِ فَوْق عِنْدهمْ ; لِأَنَّهُ يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ عِنْدهمْ مَتَى اِخْتَصَّ بِجِهَةٍ أَنْ يَكُون فِي مَكَان أَوْ حَيِّز , وَيَلْزَم عَلَى الْمَكَان وَالْحَيِّز الْحَرَكَة وَالسُّكُون لِلْمُتَحَيِّزِ , وَالتَّغَيُّر وَالْحُدُوث .((( هَذَا قَوْل الْمُتَكَلِّمِينَ ))).

وَقَدْ كَانَ ((( السَّلَف الْأَوَّل ))) رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ لَا يَقُولُونَ بِنَفْيِ الْجِهَة وَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ , بَلْ نَطَقُوا هُمْ وَالْكَافَّة بِإِثْبَاتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا نَطَقَ كِتَابه وَأَخْبَرَتْ رُسُله . وَلَمْ يُنْكِر أَحَد مِنْ السَّلَف الصَّالِح أَنَّهُ اِسْتَوَى عَلَى عَرْشه حَقِيقَة . وَخُصَّ الْعَرْش بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْظَم مَخْلُوقَاته , وَإِنَّمَا جَهِلُوا كَيْفِيَّة الِاسْتِوَاء فَإِنَّهُ لَا تُعْلَم حَقِيقَته . قَالَ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه : الِاسْتِوَاء مَعْلُوم - يَعْنِي فِي اللُّغَة - وَالْكَيْفَ مَجْهُول , وَالسُّؤَال عَنْ هَذَا بِدْعَة . وَكَذَا قَالَتْ أُمّ سَلَمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا.

فانظروا رحمكم الله كيف فرق بين قول المتكلمين وبين قول السلف، ليس هذا فحسب، بل أنظروا أيضا ما قاله في كتابه "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى" بعد ذكره ل14 قولاً في الاستواء :

" وأظهر هذه الأقوال -وإن كنت لا أقول به ولا أختاره- (!!!!) ما تظاهرت به الآي والأخبار إن الله سبحانه على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه هذا جملة مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات حسب ماتقدم"

فإنه أثبت منهج السلف واختار خلافه، فلم يختره ولم يقل به، وفي هذا دليل على منهج الأشاعرة في الصفات ومخالفتهم المتعمدة لمنهج السلف رضوان الله عليهم.

ومن الأدلة أيضا ما ذكره القاضي عياض :
لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ) ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوَّلة عند جميعهم،

فمن قال: بإثبات جهة فوق من غير تحديد ولا تكييف من (((المحدِّثين والفقهاء والمتكلِّمين))) تأوَّل في السَّماء أي: على السَّماء.

ومن قال من (((دهماء النظَّار والمتكلِّمين، وأصحاب التَّنزيه))) بنفي الحدِّ واستحالة الجهة في حقِّه سبحانه، تأوَّلوها تأويلات بحسب مقتضاها، وذكر نحو ما سبق.
نقله وأقره الإمام النووي و الإمام أبو العباس القرطبي (شيخ القرطبي المفسر) في كتابه المفهم شرح صحيح مسلم.

أنظروا كيف فرق بين الفقهاء والمحدثين ومن وافقهم من المتكلمين من جهة وبين دهماء النظار والمتكلمين وأصحاب التنزيه من جهة أخرى.

وكل هذه النقول، تدعم القول بأن منهج الأشاعرة في الصفات مغاير لمنهج السلف.

غير أن الأشاعرة المعاصرين ينفون هذه المقولة، ويؤكدون انتسابهم لمنهج السلف وانتهاجهم له من خلال نسبة أقوال لهم معظمها لا يصح، وإن صحت فهي لا تخدم وجهة نظرها، فيتأولونها لتوافق أهواءهم !
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المصدر: من هنا


الرد على: لو كان موصوفا بالعلو لكان جسما

الحمد لله وبعد:

قولهم ‏‎:‎‏ ((لو كان موصوفا بالعلو لكان جسما,ولو كان جسما لكان مماثلا ‏لسائر الأجسام,والله قد نفى عنه المثل)).‏
والجواب على هذا من أوجه ‏‎:

الوجه الأول ‏‎:
‎قد ادعيت أيها الجهمي أن ظاهر القرآن,الذي هو حجة الله ‏على عباده ,والذي هو خير الكلام ,وأصدقه,وأحسنه,وأفصحه,وهو الذي ‏هدى الله به عباده,وجعله شفاء لما في الصدور,وهدى ورحمة ‏للمؤمنين,ولم ينزل كتاب من السماء أهدى منه ,ولا أحسن ,ولا ‏أكمل,فانتهكت حرمته ,وادعيت أن ظاهره يستلزم التشبيه والتجسيم ‏‏(1).وهذا الإلزام إنما هو لمن جاء بالنصوص الدالة على علو الله على ‏عرشه,وتكلم بها,ودعا الأمة إلى الإيمان بها ومعرفتها,ونهاهم عن ‏تحريفها وتبدليها.‏
يا قوم والله العظيم أسأتم***بأئئمة الإسلام ظن الشأنِ.‏
ما ذنبهم ونبيهم قد قال***ما قالوا كذلك منزل الفرقانِ
ما الذنب إلا للنصوص لديكم***إذ جسمت بل شبهت صنفان ِ‏
ما ذنب من قد قال ما نطقت به***مِنْ غير تحريفٍ ولا عدوانِ
(2).‏

الوجه الثاني ‏‎:‎
نحن أثبتنا لله غاية الكمال,ونعوت الجلال,ووصفناه بكل صفة كمال فإن ‏لزم من هذا تجسيم ,أو تشبيه لم يكن هذا نقصا ولا ذما ولا عيبا ,بوجه ‏من الوجوه ,فإن لا زم الحق حق,ومالزم من إثبات كمال الرب ليس ‏بنقص ,وأما أنتم فنيتم عنه صفات الكمال ,ولا ريب أن لازم هذا النفي ‏وصفه بأضدادها العيوب,والنقائص, فما سَوَّى الله ولا رسوله ولا عقلاء ‏عباده بين من نفى كماله المقدس حذرا من التجسيم,وبين من أثبت كماله ‏الأعظم وصفاته العلى بلوازم ذلك كائنة من كانت(3).‏
لا تجعلوا الإثبات تشبيها له يا فرقة التشبيه والطغيان ‏
كم ترتقون بسلم التنزيه للت عطيل ترويجا على العميان
فالله أكبر أن تكون صفاته كصفاتنا جل عظيم الشَّانِ
هذا هو التشبيه لا إثبات أوصاف كمال فما هما سِيَّانِ
(4)‏
سميتم التحريف تأويلا كذا التعطيل تنزيها هما لقبان
وأضفتم أمرا إلى ذا ثالثا شرا وأقبح منه ذا بهتان
فجعلتم الإثبات تجسيما و تشبيها وذا من أقبح العدوان
فقلبتم تلك الحقائق مثل ما قُلِبَتْ قلوبكم عن الإيمان‏
وجعلتم الممدوح مذموما كذا بالعكس حتى استكمل اللّبْسَانِ
(5).‏
‏ ‏
الوجه الثالث ‏‎:‎
‏ ماذا تعنون بقولكم((لو كان فوق العرش لكان جسما))؟
أتعنون به أنه ما يتضمن مماثلة الله لشي من المخلوقات في شيء من صفاته,فالله سبحانه منزه عن أن يوصف بشيء من ‏الصفات المختصة بالمخلوقين ,وكل ما اختص بالمخلوق فهو صفة نقص,والله تعالى منزه عن كل نقصو مستحق لغاية ‏الكمال,وليس له مثل في شيء من صفات الكمال فهو منزه عن النقص مطلقا ومنزه في الكمال أن يكون له مثل كما قال ‏تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} سورة الإخلاص فبين أنه أحد صمد واسمه ‏الأحد يتضمن نفى المثل واسمه الصمد يتضمن جميع صفات‎ ‎الكمال (6).‏
‏ وإذا كان الله ليس من جنس الماء والهواء ولا الروح المنفوخة فينا ولا من جنس الملائكة ولا الأفلاك ‏فلأن لا يكون من جنس بدن الإنسان ولحمه وعصبه وعظامه ويده ورجله ووجهه وغير ذلك من أعضائه ‏وأبعاضه أولى وأحرى(7).‏
وإذا أردتم بالجسم المركب وهو ما كان مفترقا فركبه غيره, والمركب المعقول هو ما كان مفترقا فركبه ‏غيره كما تركب المصنوعات من الأطعمة والثياب والأبنية ونحو ذلك من أجزائها المفترقة
والله تعالى أجل وأعظم من أن يوصف بذلك بل من مخلوقاته ما لا يوصف بذلك ومن قال ذلك(8) فهو ‏من أكفر الناس وأضلهم وأجهلهم وأشدهم محاربة لله(9).‏
وإن أردتم بالجسم ما يوصف بالصفات ,و يُرَى بالأبصار,ويتكلم,و يُكلِمْ,ويسمع,ويبصر,ويرضى ‏ويغضب,فهذه المعاني ثابة للرب تعالى وهو موصوف بها,فلا ننفيها عنه بتسميتكم للموصوف بها جسما,ولا ‏نرد ما أخبر به الصادق عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله لتسمية الأعداء الحديث لنا حشوية,ولا نجحد ‏صفات خالقنا وعلوه على خلقه وإستواءه على عرشه,لتسمية الفرعونية المعطلة لمن أثبت ذلك مجسما ‏مشبها.‏
فإن كان تجسيما ثبوت استوائه ***على عرشه إني إذا لمجسم ‏
وإن كان تشبيها ثبوت صفاته***فمن ذلك التشبيه لا أتكتم
وإن كان تنزيها جحود استوائه***وأوصافه أو كونه يتكلم
فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا***بتوفيقه والله أعلى وأعلم.‏
وإن أردتم بالجسم ما يشار إليه إشارة حسية,فقد أشار إليه أعرف الخلق بأصبعه رافعا لها إلى السماء, يُشْهِدُ ‏الجمع الأعظم مشيرا له.‏
وإن أردتم بالجسم ما يقال أين هو؟فقد سأل أعلم الخلق به عنه بأين منبها على علوه على عرشه.‏
وإن أردتم بالجسم ما يلحقه(من) و(إلى) فقد نزل جبريل من عنده ,ونزل كلامه من عنده,وعلاج برسوله ‏صلى الله عليه وسلم إليه,وإليه يصعد الكلم الطيب,وعنده المسيح رفع إليه.‏
وإن أردتم بالجسم ما يكون فوق غيره ,ومستويا على غيره ,فهو سبحانه فوق عباده مستو على عرشه.‏


الوجه الرابع ‏‎:‎‏ ‏
لا يلزم من إستواء الله على عرشه,أن يكون جسما بالمعنى الذي ‏اصطلحوا عليه,لا عقلا ولا سمعا إلا بالدعاوي الكاذبة.فدعوى هذا ‏اللزوم عين البهت والكذب الصراح,بل العرش خلق من خلقه,ولا ‏يلزم من كونه فوق السموات كلها أن يكون مركبا من جواهر الفردة ‏ولا من المادة والصورة ولا مماثلا لغيره من الأجسام ,وكذلك جبريل ‏مخلوق من مخلوقاته وهو ذو قوة وحياء وسمع وبصر وأجنحة ويصعد ‏وينزل ويرى بالأبصار ,ولا يلزم منه وصفه بذلك أن يكون مركبا من ‏الجواهر الفردة,ولا من المادة والصورة,ولا أن يكون جسمه مماثلا ‏لأجسام الشياطين,فدعونا من هذا الفشر(10) والهذيان,والدعاوى ‏الكاذبة,والتفاوت الذي بين الله وخلقه أعظم من التفاوت الذي بين ‏جسم العرش وجسم الثرى والهواء والماء,وأعظم من التفاوت الذي بين ‏أجسام الملائكة وأجسام الشياطين,والعاقل إذا أطلق على جسم صفة ‏من صفاته-وعنده من كل وجه موصوف بتلك الصفة-لم يلزم من ‏ذلك تماثلها,فإذا أطلق على الرجيع,الذي بلغ غاية الخبث,أنه جسم ‏قائم بنفسه ذو رائحة ولون,وأطلق ذلك على المسك,لم يقل ذو حس ‏سليم ولا عقل مستقيم,إنهما متماثلان,وأين التفاوت الذي بينهما من ‏التفاوت الذي بين الله وخلقه ,فَكَمْ تُلَبِسُونْ وكم تُدلسونْ وكم ‏تُمَوِّهون؟ ‏‎!‎
فكيف يجوز بعد هذا أن يقال ‏‎:‎‏ إذا كان الرحمن فوق العرش أن يكون ‏مماثلا لخلقه؟ ‏‎!‎‏ والله تعالى ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا ‏أفعاله حتَّى لو قُدِّر لزوم ذلك كله لكان التزامه سهل من تعطيل علوه ‏على عرشه,وجعله بمنزلة المعدوم الممتنع,الذي لا هو داخل العالم ولا ‏خارجه(11).‏
عطلتم السبع السموات العلى والعرش أخليتم من الرحمن(12)‏
قال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎
قد عطل الرحمن أفئدة لهم***من كل معرفة وإيمان ‏
إذ عطلوا الرحمن من أوصافه***والعرش أخلوه من الرحمن
(13)‏
أيها المشتغلون بعلم الكلام ‏‎:‎‏ إن نفيكم لعلو الله تعالى على العرش ‏بدعوى التجسيم خطأ في اللفظ والمعنى ,وجناية على ألفاظ الوحي.‏
أما اللفظي ‏‎:‎فتسميتكم علو الله على العرش تجسيما وتشبيها ‏وتحيزا.وتواصيكم بهذا المكر الكبار إلى نفي ما دل عليه الوحي,والعقل ‏والفطرة,فكذبتم على القرآن وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم ‏وعلى اللغة,ووضعتم لصفاته ألفاظا منكم بدأت وإليكم تعود.‏
وأما خطأكم في المعنى ‏‎:‎‏ فنفيكم,وتعطيلكم لعلو الرحمن بواسطة هذه ‏التسميات والألقاب ,فنفيتم المعنى الحق وسميتموه بالاسم المنكر ,وكنتم ‏في ذلك بمنزلة من سمع أن في العسل شفاء ولم يراه,فسأل عنه فقيل له ‏‎:‎‏ ‏مائع رقيق أصفر يشبه العذرة تتقيأه الزنابير,ومن لم يعرف العسل ينفر ‏عنه بهذا التعريف ,ومن عرفه وذاقه لم يزده هذا التعريف عنده إلا محبة ‏له,ورغبة فيه,وما أحسن ما قال القائل ‏‎:‎
تقول هذا جني النحل تمدحه***وإن تشاء قل ذا قيئ الزنابير‏
مدحا وذما وما جاوزت وصفهما***والحق قد يعتريه سوء التعبير

أ فيظن الجاهل أنَّا نجحد علو الله على عرشه,لأسماء سموها,هم ‏وسلفهم,ما أنزل الله بها من سلطان,وألقاب وضعوها من تلقاء ‏أنفسهم,لم يأت بها سنة ولا قرآن ,وشبهات قذفت بها قلوب,ما ‏استنارت بنور الوحي,ولا خالطتها بشاشة الإيمان,وخيالات هي من ‏تخييلات الممرورين,وأصحاب الهوس,أشبه منها بقضايا العقل ‏والبرهان,ووهميات نسبتها إلى العقل الصحيح كنسبة السراب إلى ‏الأبصار في القيعان.‏
فدعونا من هذه الدعاوي الباطلة ,التي لا تفيد إلا تضييع ‏الزمان,وإتعاب الأذهان,وكثرة الهذيان,وحاكمونا إلى الوحي,لا إلى ‏نخالة الأفكار وزبالة الأذهان وعفارة الآراء,ووساوس الصدور,التي لا ‏حقيقة لها في التحقيق ,ولا تثبت على قدم الحق والتصديق,فملأتم بها ‏الأوراق سوادا ,والقلوب شكوكا,والعالم فاسدا.‏
يا قومنا والله إن لقولنا‎ ‎ألفا تدل عليه بل ألفان
عقلا ونقلا مع صريح الفطرة الأ‎ ‎ولى وذوق حلاوة القرآن
كل يدل بأنه سبحانه‎ ‎فوق السماء مباين الأكوان
أترون أنا تاركون ذا كله‎ ‎لجعاجع التعطيل والهذيان
(14)‏


وهذه الشبهة قد تكلمنا عنها ((بالإستقصاء حتى يتبين أنها من القول ‏الهراء فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين))(15)‏




نقلته كاملا من كتاب(الكلمات الحسان في بيان علو ‏الرحمان).‏
----------------
‏(1)الصواعق(239)‏
‏(2)الكافية الشافية(ص129).‏
‏(3)الصواعق (ص263).‏
‏(4)الكافية الشافية(ص336).‏
‏(5) الكافية الشافية(ص155).‏
‏(6) منهاج السنة(2/527-530).‏
‏(7) درء تعارض العقل والنقل(10/307).‏
‏(8)درء التعارض(5/145).‏
‏(9)مجموع الفتاوى(427-428).‏
‏(10)الفشر ‏‎:‎‏ فشر فشرا كذب وبالغ في الكذب والإدعاء.‏
‏(11) الصواعق(ص1016-1017).‏
‏(12) نونية القحطاني.‏
‏(13)الكافية الشافية(ص268).‏
‏(14) الكافية الشافية(ص131).‏
‏(15) الفتاوى الكبرى(6/355).‏

المصدر: من هنا

موسوعة كشف الشبه العصرية عن الدعوة السلفية والطائفة المرضية


بسم الله الرحمان الرحيم

موسوعة كشف الشبه العصرية عن الدعوة السلفية والطائفة المرضية


إعداد الأخوين في الله:

جمال البليدي-غفر الله له-


و

محمد أبو همام السلفي -ستر الله عيوبه-




صورة الموسوعة


هذه الصورة تم تصغيرها تلقائيا . إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . أبعاد الصورة الأصلية 645x479 وحجمها 58 كيلو بايت .




تحميل الموسوعة



أو






مقدمة الموسوعة:


السلفية والطاعنون (1)

لا شكَّ أنَّنا نعيش عصرًا لم يسبق له مثيل في تاريخ البَشر من حيث التَّطور الصِّناعي والمعرفي الهائل، إذ سهلت فيه وسائل العلم والتَّعلم والاتصال بصورة عجيبة ورهيبة لم يعرفها النَّاس من قبل أبدًا، إلاَّ أنَّ ذلك لم يمنع من أن تنطمس معالمُ الشَّرع الحكيم، ويُتناسى كثيرٌ من العلم الصَّحيح، ورانَ الجهلُ بالدِّين وأحكامِه على عقولِ كثير من المسلمين، وصاروا لا يفرَِّقون بين الحقِّ الثَّابت بالدَّليل، وبين الباطل العاري من الدَّليل.

ومن أسباب خفاء الحقِّ والتباسه على النَّاس، أنَّ حِكمة الله عز وجل اقتضت أنَّه ما أوجَد من يَدعُو النَّاس إلى الحقِّ ويدافعُ عنه إلاَّ وأوجَدَ أيضًا من يُقاومُهُ ويَدفعُهُ، وإذا رُفِعت رايةُ الإصْلاحِ وشِعارُ هَدم الباطِلِ، فإنَّ مِنَ النَّاس مَن يَبني له المعالمَ، ويرفَعُ له الصُّروحَ، فهذِه حكمَةُ الله في كونِه وخَلقِه، ولا تزيدُ المحِقَّ إلا تثبيتًا وشدَّةً وعزمًا وسدَادًا، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون﴾[الأنعام:112]، وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان:31].

فالدَّعوة السَّلفية المباركة كَثُر مناوئوها وتسلَّط مخالفُوها واجتمعت كلمة معارضيها من أهل القبلة وغيرهم على رميها عن قوس واحدة، وأطلقُوا العَنان لألسنتهم وأقلامهم، فلَم يدَعوا عيبًا ولا سبَّةً ولا منقصَةً ولا شيئًا يَشين ولا يزين إلاَّ وألصقوه بالسَّلفية والسَّلفيِّين، حتَّى أوهموا السُّذَّجَ من النَّاس أنَّ هذه الدَّعوة المباركة هي سبب كلِّ مصيبةٍ وبليَّةٍ لحقَت بالأمَّة الإسلاميَّة، وأنَّها دعوةٌ للتَّخلُّف وترك أسباب الحضارة، وقتل المواهب وأنَّها حرب على العقل والإبداع، ورمز للتَّطرُّف والغُلوِّ إلى غير ذلك من الاتِّهامات الباطلة والافتراءات السَّافلة.


وليس هذا بمُستغرب؛ فدعوة الحقِّ عبر جميع العصور تجابَه بالعداء السَّافر والمعارضَة الشَّديدة من أصحاب الشُّبهات وأتباع الشَّهوات وأسارى الهوى؛ لأنَّها بالنِّسبة لهم خطر داهم يقضُّ مضاجعهم ويزيل عروشهم ويكسر شوكتهم؛ لأنَّها تفكُّ قلوبَ الناس وتحرِّر عقولهم من أسر الهوى وفتنة الشبهة والخرافة، وتأخذ بها إلى أفُق التَّوحيد والعبودية لله ربِّ العالمين ورَحابة الاتِّباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون سواه.


ولو تأنَّى هؤلاء المتحاملون الجاهلون أو المتجاهلون الَّذين يتكلَّمون ويكتبون بنفسيَّات استفزازيَّة انفعاليَّة خالية من روح العلم وآداب أهله، لظَهر لهم أنَّ هذه الدَّعوة لا تعدو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ومن تبعهم من الأئمَّة الأعلام؛ لأنَّ معنى السَّلفيَّة ـ باختصار ـ هي الدَّعوة إلى الإسلام الذي أَرسل الله تعالى به رسُولَه الكريم صلى الله عليه وسلم وطبَّقه مع صحابته الأجلاء رضي الله عنهم، ونبذ كلِّ ما خالف هذا الإسلام الصَّحيح النَّقي الصَّافي؛ فمِن المستهجن جدًّا أن يسوِّد أحدهم القرطاس بقوله: «هذه السَّلفيَّة التي يريدُ القومُ أن نتركَ إسلامَنا لأجلِها» وهل السَّلفيَّة شيءٌ غيرَ الإسلام!؟ وهل دعاة السَّلفيَّة يريدون منك غير الإسلام!؟ بل دعوتهم كما قال الشَّيخ ابن باديس رحمه الله في بعض ما كتبه عن الجمعيَّة: «ونحنُ إنَّما ندعو إلى قديم من الدِّين أساسُه الوحيُ الصَّادق والرَّأيُ المعصوم، لا إلى جديد من محدَثاتِ الآراء، ومضلاَّتِ الأهوَاء».


ومهما كانت الدَّوافع لهؤلاء المتحاملين، فإنَّ ذلك لا يسوِّغ تهجُّمهم وتشكيكهم في سلامة منهج هذه الدَّعوة، والطَّعن في أعلامها وتسفيه علمائها والقدح في المنتسبين إليها، فيتربَّصون الدَّوائر ويتتبَّعون الهفوات ويترقَّبون السَّقطات، ليبنوا عليها العوالي وناطحات السَّحاب، فليس من العدل في شيء أن نحمِّل السَّلفيَّةَ زلَّةً زلَّت بها قدمُ عالم سلفي، ولا خطأ وقع فيه داعية من دعاتها، ولا تصرُّف غير سديد سلكه أحد عوام السَّلفيِّين، ثمَّ ليس كلُّ من تسمَّى بالسَّلفيَّة عدَّ سلفيًّا؛ ولو كان مجانبًا لأصول هذه الدَّعوة وقواعدها ومنهجها، فنقول لهم: إنَّ هذه الدَّعوة المبارَكة لا يضرُّها أبدًا تقصير مقصِّر ولا خطأ مخطئ، ولا ذنب مذنِب، فالدِّيانة والموضوعيَّة تملي عليكم أيُّها المناوؤون الحانقون أن تنصِفوا وتعدِلوا في أقوالكم وأحكامِكم حتَّى لا تجوروا وتظلموا، فتصدروا حكمًا على الدَّعوة على ضوء تصرُّف بعض أفرادها المنتسبين إليها، إذ لو كان الأمر كذلك لحكمنا على الإسلام حكما غير مرضيٍّ لسوء تصرُّف بعض أفراده الَّذين شوَّهوا جماله وصفاءه وحرَّفوا عقائدَه وأصولَه، فالحكم على الإسلامِ شيءٌ، والحكم على المنتسبين إليه شيء آخر، إذ منهم الظالم لنفسه، ومنهم المقتصد، ومنهم السابق بالخيرات.


فالسَّلفية براء من كلِّ حزبيَّة مقيتة، ومن كلِّ نعرة عصبيَّة مُنتنة مفرِّقة.

والسَّلفيَّة براء من كلِّ من يطعن في أئمَّة الدين وعلماء المسلمين المتقدِّمين والمتأخِّرين.
والسَّلفية براء من كلِّ فكر تكفيريٍّ خارجي مارق.
والسَّلفية براء من كلِّ فكر غال متطرِّف يدعو لتقتيل المسلمين وإراقة دمائهم واستباحة أعراضهم وأموالهم.
والسَّلفية براء أيضًا من كلِّ مميِّع للدِّين مستهتر بأحكام الشَّرع المطهَّر.

فمن أراد أن ينتقد أو أن يعترض وجب عليه قبل كلِّ شيء أن يستحضر وقوفَه بين يدي ربِّه عز وجل؛ لأنَّ الله تعالى سائلُه لا محالة عن قصده وهو أعلمُ به، ثمَّ ينبغي له أن يتكلَّم بعلمٍ ـ والعلم إمَّا نقلٌ مصدَّق عن معصوم، وإمَّا قول عليه دليل معلوم ـ وتثبُّتٍ وبعدلٍ وإنصاف، وأن يتصوَّر الأمر قبل الحكم عليه، فلا يتكلَّف ما لا يحسن، ولا يتعنَّى ما لا يُتقِن، ويتجنَّب الغمز واللَّمز، ويترك الطَّعن واللَّعن جانبًا، ويدع التَّهويل والتَّشنيع والسِّباب، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾[الأنعام: 152]، فالحجَّة تُقارَع بالحجَّة، والدَّليل يقابَل بالدَّليل، وقالوا قديما: تكلَّم بعلم أو اسكُت بحِلم.


وبناءا على هذا جمعت كل المقالات التي دافعت عن الدعوة السلفة وأعلامها وقسمت هذا البحث إلى عدة أبواب
:

الباب الأول :المقالات التي عرفت المنهج السلفي وردت الأباطيل المثارة حوله
الباب الثاني : المقالات التي بينت نهج السلف في التعامل مع ولاة أمور
الباب الثالث :المقالات التي دافعت عن علماء الدعوة السلفية
الباب الرابع :المقالات التي دافعت عن السلفيين

والله المسؤول أن يرينا الحقَّ حقًّا ويوفِّقنا لاتِّباعه، وأن يرينا الباطلَ باطلاً ويُعينَنا على اجتنابه، إنه خير مسؤول وأكرم مأمول، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.(

(1)نقلاعن مقال للشيخ توفيق عمروني وقد جعلته على شكل مقدمة مع بعض الزيادات في الأخبر .



محتويات الموسوعة:

المقدمة

الباب الأول :المقالات التي عرفت المنهج السلفي وردت الأباطيل المثارة حوله
الباب الثاني : المقالات التي بينت نهج السلف في التعامل مع ولاة أمور
الباب الثالث :المقالات التي دافعت عن علماء الدعوة السلفية
الباب الرابع :المقالات التي دافعت عن السلفيين


كتب دافعت عن الدعوة السلفية للتحميل

كتب قدحت في الدعوة السلفية للنقض والتحذير


والحمد لله رب العالمين.


أرشيف المدونة الإلكترونية