مسألة عجيبة للأشاعرة ترتبت على قولهم بأن العرض لا يبقى زمانين
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
كتب الشيخ الدكتور توفيق بن إبراهيم – وفقه الله - مقالا في الملتقى العلمي للعقيدة والمذاهب المعاصرة عن نظرية الخلق المستمر عند الأشاعرة ؛ وقد أفاد وأجاد جزاه الله خيرا وهذا رابط المقال :
http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=3714
ترتبت هذه المسألة على التزامهم أن العرض لا يبقى زمانين فهي تفنى وتتجدد وهي دائمة الإفناء والتجدد فالإنسان وهو مخلوق تعتريه الأعراض فعلى قولهم فأعراضه تفنى وتتجدد في كل جزء من الثانية بل في أقل من ذلك وهذا من عجائبهم .
قال الإيجي في المواقف : ذهب الشيخ الأشعري ومتبعوه من محققي الأشاعرة إلى أن العرض لا يبقى زمانين فالأعراض جملتها غير باقية عندهم بل هي على وهذه المسألة التي أشار إليها خرافة من خرافاتهم وعجيبة من عجائبهم ؛ وقد أضفت على مقاله ما يلي : التقضي والتجدد ينقضي واحد منها ويتجدد آخر مثله وتخصيص كل من الآحاد المنقضية والمتجددة بوقته الذي وجد فيه إنما هو للقادر المختار فإنه يخصص بمجرد إرادته كل واحد منها بوقته الذي خلقه فيه وإن كان يمكن له خلقه قبل ذلك الوقت وبعده وإنما ذهبوا إلى ذلك لأنهم قالوا بأن السبب المحوج إلى المؤثر هو الحدوث فلزمهم استغناء العالم حال بقائه عن الصانع بحيث لو جاز عليه العدم تعالى عن ذلك علوا كبيرا لما ضر عدمه في وجوده فدفعوا ذلك بأن شرط بقاء الجوهر هو العرض ولما كان هو متجددا محتاجا إلى المؤثر دائما كان الجوهر أيضا حال بقائه محتاجا إلى ذلك المؤثر بواسطة احتياج شرطه إليه فلا استغناء أصلا .
المواقف (1|498)
وقال الغزالي في الاقتصاد : فإن قيل فبما إذاً تفنى عندكم الجواهر والأعراض ؟ قلنا: أما الأعراض فبأنفسها، ونعني بقولنا بأنفسها أن ذواتها لا يتصور لها بقاء. ويفهم المذهب فيه بأن يفرض في الحركة، فإن الأكوان المتعاقبة في أحيان متواصلة لا توصف بأنها حركات إلا بتلاحقها على سبيل دوام التجدد ودوام الانعدام، فإنها إن فرض بقاؤها كانت سكوناً لا حركة، ولا تعقل ذات الحركة ما لم يعقل معها العدم عقيب الوجود. وهذا يفهم في الحركة بغير برهان.
الاقتصاد في الاعتقاد
وقال ابن حزم : وذهب أبو الهذيل العلاف والأشعرية إلى أن الأرواح أعراض تفنى ولا تبقى وقتين فإذا مات الميت فلا روح هنالك أصلا ومن عجائب أصحاب هذه المقالة الفاسدة قولهم أن روح الإنسان الأن غير روحه قبل ذلك وأنه لا ينفك تحدث له روح ثم تفنى ثم روح ثم تفنى وهكذا أبدا وأن الإنسان يبدل ألف ألف روح وأكثر في مقدار أقل من ساعة زمانية وهذا يشبه تخليط من هاج به البرسام . الفصل لابن حزم (4|58)
وقال أيضا : قال أبو محمد ولو كان ما قاله أبو الهذيل والباقلاني ومن قلدهما حقا لكان الإنسان يبدل في كل ساعة ألف ألف روح وأزيد من ثلاث مائة نفس ألف لأن العرض عندهم لا يبقى وقتين بل يفنى ويتجدد عندهم أبدا فروح كل حي على قولهم في كل وقت غير روحه التي كانت قبل ذلك وهكذا تتبدل أرواح الناس عندهم بالخطاب وكذلك بيقين يشاهد كل أحد أن الهواء الداخل بالتنفس ثم يخرج هو غير الهواء الداخل بالتنفس الثاني فالإنسان يبدل على قول الأشعرية أنفسا كثيرة في كل وقت ونفسه الآن غير نفسه آنفا وهذا حمق لا خفاء به فبطل قول الفريقين بنص القرآن والسنة والإجماع والمشاهدة والمعقول . الفصل (5|48)
وقال شيخ الإسلام : وهم لا يشهدون للرحمن إحداثا ولا إفناء بل إنما يحدث عندهم الأعراض وهي تفنى بأنفسها لا بإفنائه وهي تفنى عقب إحداثها وهذا لا يعقل . النبوات (62)
وقال ابن القيم : ومن يقول منهم أن العرض لا يبقى زمانين كما يقوله أكثر الأشعرية فمن قولهم إن روح الإنسان الآن هي غير روحه قبل وهو لا ينفك يحدث له روح ثم تغير ثم روح ثم تغير هكذا أبدا فيبدل له ألف روح فأكثر في مقدار ساعة من الزمان فما دونها . الروح (111)
والسبب في قولهم بأن العرض لا يبقى زمانين كما مر من كلام الإيجي أنهم لا يرون أثرا لمؤثر غير الله ولو قيل أن العالم من طبيعته بقاء أعراضه للزم من ذلك استغناء العالم عن الله وهم يرون أن شرط بقاء الجوهر هو العرض ولما كان هو متجددا محتاجا إلى المؤثر دائما كان الجوهر أيضا حال بقائه محتاجا إلى ذلك المؤثر .
والحمد لله رب العالمين
===
توجد تعقيبات مهمة في مصدر هذا الموضوع هنا
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
كتب الشيخ الدكتور توفيق بن إبراهيم – وفقه الله - مقالا في الملتقى العلمي للعقيدة والمذاهب المعاصرة عن نظرية الخلق المستمر عند الأشاعرة ؛ وقد أفاد وأجاد جزاه الله خيرا وهذا رابط المقال :
http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=3714
ترتبت هذه المسألة على التزامهم أن العرض لا يبقى زمانين فهي تفنى وتتجدد وهي دائمة الإفناء والتجدد فالإنسان وهو مخلوق تعتريه الأعراض فعلى قولهم فأعراضه تفنى وتتجدد في كل جزء من الثانية بل في أقل من ذلك وهذا من عجائبهم .
قال الإيجي في المواقف : ذهب الشيخ الأشعري ومتبعوه من محققي الأشاعرة إلى أن العرض لا يبقى زمانين فالأعراض جملتها غير باقية عندهم بل هي على وهذه المسألة التي أشار إليها خرافة من خرافاتهم وعجيبة من عجائبهم ؛ وقد أضفت على مقاله ما يلي : التقضي والتجدد ينقضي واحد منها ويتجدد آخر مثله وتخصيص كل من الآحاد المنقضية والمتجددة بوقته الذي وجد فيه إنما هو للقادر المختار فإنه يخصص بمجرد إرادته كل واحد منها بوقته الذي خلقه فيه وإن كان يمكن له خلقه قبل ذلك الوقت وبعده وإنما ذهبوا إلى ذلك لأنهم قالوا بأن السبب المحوج إلى المؤثر هو الحدوث فلزمهم استغناء العالم حال بقائه عن الصانع بحيث لو جاز عليه العدم تعالى عن ذلك علوا كبيرا لما ضر عدمه في وجوده فدفعوا ذلك بأن شرط بقاء الجوهر هو العرض ولما كان هو متجددا محتاجا إلى المؤثر دائما كان الجوهر أيضا حال بقائه محتاجا إلى ذلك المؤثر بواسطة احتياج شرطه إليه فلا استغناء أصلا .
المواقف (1|498)
وقال الغزالي في الاقتصاد : فإن قيل فبما إذاً تفنى عندكم الجواهر والأعراض ؟ قلنا: أما الأعراض فبأنفسها، ونعني بقولنا بأنفسها أن ذواتها لا يتصور لها بقاء. ويفهم المذهب فيه بأن يفرض في الحركة، فإن الأكوان المتعاقبة في أحيان متواصلة لا توصف بأنها حركات إلا بتلاحقها على سبيل دوام التجدد ودوام الانعدام، فإنها إن فرض بقاؤها كانت سكوناً لا حركة، ولا تعقل ذات الحركة ما لم يعقل معها العدم عقيب الوجود. وهذا يفهم في الحركة بغير برهان.
الاقتصاد في الاعتقاد
وقال ابن حزم : وذهب أبو الهذيل العلاف والأشعرية إلى أن الأرواح أعراض تفنى ولا تبقى وقتين فإذا مات الميت فلا روح هنالك أصلا ومن عجائب أصحاب هذه المقالة الفاسدة قولهم أن روح الإنسان الأن غير روحه قبل ذلك وأنه لا ينفك تحدث له روح ثم تفنى ثم روح ثم تفنى وهكذا أبدا وأن الإنسان يبدل ألف ألف روح وأكثر في مقدار أقل من ساعة زمانية وهذا يشبه تخليط من هاج به البرسام . الفصل لابن حزم (4|58)
وقال أيضا : قال أبو محمد ولو كان ما قاله أبو الهذيل والباقلاني ومن قلدهما حقا لكان الإنسان يبدل في كل ساعة ألف ألف روح وأزيد من ثلاث مائة نفس ألف لأن العرض عندهم لا يبقى وقتين بل يفنى ويتجدد عندهم أبدا فروح كل حي على قولهم في كل وقت غير روحه التي كانت قبل ذلك وهكذا تتبدل أرواح الناس عندهم بالخطاب وكذلك بيقين يشاهد كل أحد أن الهواء الداخل بالتنفس ثم يخرج هو غير الهواء الداخل بالتنفس الثاني فالإنسان يبدل على قول الأشعرية أنفسا كثيرة في كل وقت ونفسه الآن غير نفسه آنفا وهذا حمق لا خفاء به فبطل قول الفريقين بنص القرآن والسنة والإجماع والمشاهدة والمعقول . الفصل (5|48)
وقال شيخ الإسلام : وهم لا يشهدون للرحمن إحداثا ولا إفناء بل إنما يحدث عندهم الأعراض وهي تفنى بأنفسها لا بإفنائه وهي تفنى عقب إحداثها وهذا لا يعقل . النبوات (62)
وقال ابن القيم : ومن يقول منهم أن العرض لا يبقى زمانين كما يقوله أكثر الأشعرية فمن قولهم إن روح الإنسان الآن هي غير روحه قبل وهو لا ينفك يحدث له روح ثم تغير ثم روح ثم تغير هكذا أبدا فيبدل له ألف روح فأكثر في مقدار ساعة من الزمان فما دونها . الروح (111)
والسبب في قولهم بأن العرض لا يبقى زمانين كما مر من كلام الإيجي أنهم لا يرون أثرا لمؤثر غير الله ولو قيل أن العالم من طبيعته بقاء أعراضه للزم من ذلك استغناء العالم عن الله وهم يرون أن شرط بقاء الجوهر هو العرض ولما كان هو متجددا محتاجا إلى المؤثر دائما كان الجوهر أيضا حال بقائه محتاجا إلى ذلك المؤثر .
والحمد لله رب العالمين
===
توجد تعقيبات مهمة في مصدر هذا الموضوع هنا
0 comments:
إرسال تعليق