بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
كنت وعدت أني سأذكر شيئا عن نظرية الخلق المستمر عند الأشاعرة ، ذلك أن هذه النظرية أو الفكرة تعد من أصولهم التي انبثق عنها كثير من تفاصيل هذا المذهب .
وهي تعين طالب العلم في فهم هذا المذهب ، وفهم النقد الذي وجه إليه من قبل شيخ الإسلام وغيره ، ونظرا لأن هذه الفكرة يجهلها بعض طلبة العلم حتى بعض المختصين منهم ، ولم يذكرها بعض من صنف في مذهب الأشاعرة ، بل يجهلها بعض من ينتسب إلى هذا المذهب ، فهو لا يعرف من المذهب إلا التأويل وبعض المسائل الأخرى ؛ لذا سأكتب عنها نبذة يسيرة ، وربما اتبعها بالتعليق والنقد والمتضمن للنقض .
الفكرة بصورة مختصرة لمن أحب أن لا يدخل في التفاصيل
أن الله تعالى هو المؤثر وحده ، الفاعل الحقيقي وحده ، ومشيئته توجد كل شيء بدون تدخل أسباب أو غيرها ، بل خلقا وإيجادا مباشرا لكل صغير وكبير في كل (آن) ، فالماء لا ينبت الزرع ، والشبع يخلق عقب الأكل لا بسبب الأكل ، وكل شيء يحصل فليس له فاعل إلا الله وحده .
إلى هنا الكلام ليس فيه جديد بل يذكر في كثير من الكتب عندما يقرر مذهبهم في الأسباب .
لكن ما لم يذكر هو أن العالم الذي نشاهده الآن (بكل تفاصيله ) يجري خلقه مرات ومرات ، بمعدل تقريبي مرة كل ثانية .
[عند الأشاعرة مرة كل (آن) ؛ لأن (الآن) أقل أجزاء الوقت عندهم ] ولهذا سميت هذه النظرية بالخلق المستمر .
والله تعالى عندهم هو الفاعل الحقيقي لكل شيء ، وتدخل مشيئته في كل شيء بالخلق المباشر في كل لحظة وحين .
مثال : الطاولة التي أكتب عليها تم خلقها آلاف المرات منذ أن بدأت في كتابة هذا المقال (خلال نصف ساعة) ، وهي بحاجة إلى الخلق ، فهي تفنى في كل ثانية (آن) ، ويعيد الله تعالى خلقها إعادة مباشرة بمشيئته لنشاهدها بهذه الصورة ، ولو أراد الله في أي جزء من أجزاء الوقت [ في أي ثانية أو (آن) ] أن يغير خلقها إلى إنسان ذكر أو أنثى أو طفل أو دابة ، لجاز حدوث ذلك .
ولكنه لا يحصل لأن العادة جرت أن لا يحصل ، وإن كان ممكننا .
إلى هنا ينتهي الجزء المختصر من النظرية ، وهو كاف لمن أراد رأس المسألة بدون تعمق في تفاصيلها ، وبدون معرفة وجوه ارتباطها ببقية المذهب الأشعري .
ولمن يهمه الأمر من المختصين مقالة أخرى مفصلة أكثر أذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى .
المصدر: من هنا وفيه المزيد عن هذا الموضوع من اسئلة واجابات
0 comments:
إرسال تعليق