اتهام السلف بالتجسيم والتشبيه
من دواهي خصوم السلف، وبعض الجهلة الذين لم يعرفوا قدر السلف، اتهامهم بالتجسيم والتشبيه في صفات الله تعالى (دعوى التجسيم والتشبيه) ، فأهل الكلام والأهواء يسمون كل من أثبت ما ينفونه من أسماء الله وصفاته وأفعال مشبها ومجسما، وإن كان ما يثبته هو قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فالجهمية الخالصة يسمون من أثبت أسماء الله وصفاته وأفعاله أو شيئا منها : مشبها ومجسما، وعلى هذا فالمعتزلة والأشاعرة والماتريدية وأهل السنة الذين يثبتون نحو قوله تعالى (وهو السميع البصير) كلهم مجسمة عند هؤلاء الجهمية .
والمعتزلة يسمون من أثبت الصفات لله تعالى أو شيئا منها مجسما ومشبها ، وعلى هذا فإن الأشاعرة والماتريدية وأهل السنة ، الذين يثبتون صفات السمع والبصر ، هم عند المعتزلة مشبهة ومجسمة.
والأشاعرة والماتريدية يسمون من وصف الله تعالى بالصفات الذاتية والفعلية دون تأويل وتحريف مثل قوله تعالى : (لما خلقت بيدي) ص : 75 وقوله تعالى : (وجاء ربك) وقوله تعالى : (الرحمن على العرش استوى) طه :5 مشبها ومجسما.
وما يوجد في بعض كتب السنة والآثار أحيانا من أحاديث تشكل على بعض مرضى القلوب ، وأهل الزيغ والأهواء والفتن، يزعمون أنها توهم التشبيه فهي:
1- إما من الأحاديث الضعيفة والموضوعة فلا يعول عليها ، وليس مجرد إيرادها من عالم أو روا يدل على صحتها والتزامها ، إنما هو عن اجتهاد أو زلة وخطأ لا يحسب على أصول السنة وعقيدة السلف.
2- وإما من الأحاديث الصحيحة فيجب إثبات ما ورد منها مع نفي المماثلة ، وما يتوهم فيها من التشبيه مدفوع قطعا، وعليه فإن مذهب السلف يقوم على إثبات أسماء الله وصفاته كما جاءت في النصوص الثابتة:
فالقاعدة عند السلف الصالح ، أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته وأفعاله إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه وما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم مما صحت به الأحاديث.
والإثبات عندهم مقيد، بنفي مماثلة الله لشيء من خلقه لأنه كما قال تعالى عن نفسه : (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) الشورى : 11
وأن ما ظاهره التشبيه إنما يثبت على ما يليق بالله تعالى مع نفي المماثلة جزما، ولا يصح نفيه لكونه يوهم التشبيه لأن هذا الفهم (يوهم التشبيه) أوهام وخيالات فاسدة يجب نفيها، لا نفي حقيقة كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفي حقيقة الصفة الثابتة اللائقة بالله تعالى ، فالنفي كذلك مقيد بعدم التعطيل (وهو إنكار الأسماء والصفات أو بعضها ) وبعدم التأويل أيضا ، لأنه قول على الله تعالى بغير علم ، ويتحكم بالغيب ، ولأن الإثبات مقيد بعدم المماثلة ، والزعم بأن شيئا من أسماء الله وصفاته الثابتة بالنصوص : يفهم التشبيه أو يوهمه هو ضرب من الزيغ، وعبث الشيطان بالناس وخيالات وأوهام فاسدة ووساوس عارضة ، يجب على المسلم حين يشعر بها أن يستعيذ بالله من نزعات الشيطان وتوهيماته ، ولا يعول على تلك الوساوس .
كما أن كلمة (التشبيه) من الألفاظ المجملة ، المحتملة للحق والباطل فإن قصد التشبيه : التشابه اللفظي بين صفة الخالق وصفة المخلوق فهذا حاصل ولا حرج فيه (كالسمع والبصر) مثلا فهي للخالق سبحانه على الكمال وللمخلوق على النقص فهذا التشابه اللفظي هو الذي جاءت به النصوص القطعية.
وإن قصد بالتشبيه المماثلة بين صفة الخالق وبين صفة المخلوق في الكيفية والخصائص فهذا هو المنفي بقوله تعالى : (ليس كمثله شيء) ومن الأول قوله تعالى : ( وهو السميع البصير) فهو سمع وبصر ليس كسمع المخلوق وبصره .
المصدر: من هنا
0 comments:
إرسال تعليق