إن المتابع لأقوال أئمة الأشاعرة، يتضح له جليا أنهم لا يلتزمون مذهب السلف في مسائل الأسماء والصفات.
فمن ذلك المقولة المشهورة عنهم : "مذهب السلف أعلم ومذهب الخلف أحكم " !!!
ومنه ما قاله الإمام القرطبي في تفسير الإستواء :
هَذِهِ مَسْأَلَة الِاسْتِوَاء ; وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا كَلَام وَإِجْرَاء . وَقَدْ بَيَّنَّا أَقْوَال الْعُلَمَاء فِيهَا فِي ( الْكِتَاب الْأَسْنَى فِي شَرْح أَسْمَاء اللَّه الْحُسْنَى وَصِفَاته الْعُلَى ) وَذَكَرْنَا فِيهَا هُنَاكَ أَرْبَعَة عَشَر قَوْلًا .
وَالْأَكْثَر مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إِذَا وَجَبَ تَنْزِيه الْبَارِي سُبْحَانه عَنْ الْجِهَة وَالتَّحَيُّز فَمِنْ ضَرُورَة ذَلِكَ وَلَوَاحِقِهِ اللَّازِمَة عَلَيْهِ عِنْد عَامَّة الْعُلَمَاء الْمُتَقَدِّمِينَ وَقَادَتهمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ تَنْزِيهه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ الْجِهَة , فَلَيْسَ بِجِهَةِ فَوْق عِنْدهمْ ; لِأَنَّهُ يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ عِنْدهمْ مَتَى اِخْتَصَّ بِجِهَةٍ أَنْ يَكُون فِي مَكَان أَوْ حَيِّز , وَيَلْزَم عَلَى الْمَكَان وَالْحَيِّز الْحَرَكَة وَالسُّكُون لِلْمُتَحَيِّزِ , وَالتَّغَيُّر وَالْحُدُوث .((( هَذَا قَوْل الْمُتَكَلِّمِينَ ))).
وَقَدْ كَانَ ((( السَّلَف الْأَوَّل ))) رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ لَا يَقُولُونَ بِنَفْيِ الْجِهَة وَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ , بَلْ نَطَقُوا هُمْ وَالْكَافَّة بِإِثْبَاتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا نَطَقَ كِتَابه وَأَخْبَرَتْ رُسُله . وَلَمْ يُنْكِر أَحَد مِنْ السَّلَف الصَّالِح أَنَّهُ اِسْتَوَى عَلَى عَرْشه حَقِيقَة . وَخُصَّ الْعَرْش بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْظَم مَخْلُوقَاته , وَإِنَّمَا جَهِلُوا كَيْفِيَّة الِاسْتِوَاء فَإِنَّهُ لَا تُعْلَم حَقِيقَته . قَالَ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه : الِاسْتِوَاء مَعْلُوم - يَعْنِي فِي اللُّغَة - وَالْكَيْفَ مَجْهُول , وَالسُّؤَال عَنْ هَذَا بِدْعَة . وَكَذَا قَالَتْ أُمّ سَلَمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا.
فانظروا رحمكم الله كيف فرق بين قول المتكلمين وبين قول السلف، ليس هذا فحسب، بل أنظروا أيضا ما قاله في كتابه "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى" بعد ذكره ل14 قولاً في الاستواء :
" وأظهر هذه الأقوال -وإن كنت لا أقول به ولا أختاره- (!!!!) ما تظاهرت به الآي والأخبار إن الله سبحانه على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه هذا جملة مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات حسب ماتقدم"
فإنه أثبت منهج السلف واختار خلافه، فلم يختره ولم يقل به، وفي هذا دليل على منهج الأشاعرة في الصفات ومخالفتهم المتعمدة لمنهج السلف رضوان الله عليهم.
ومن الأدلة أيضا ما ذكره القاضي عياض :
لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ) ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوَّلة عند جميعهم،
فمن قال: بإثبات جهة فوق من غير تحديد ولا تكييف من (((المحدِّثين والفقهاء والمتكلِّمين))) تأوَّل في السَّماء أي: على السَّماء.
ومن قال من (((دهماء النظَّار والمتكلِّمين، وأصحاب التَّنزيه))) بنفي الحدِّ واستحالة الجهة في حقِّه سبحانه، تأوَّلوها تأويلات بحسب مقتضاها، وذكر نحو ما سبق.
نقله وأقره الإمام النووي و الإمام أبو العباس القرطبي (شيخ القرطبي المفسر) في كتابه المفهم شرح صحيح مسلم.
أنظروا كيف فرق بين الفقهاء والمحدثين ومن وافقهم من المتكلمين من جهة وبين دهماء النظار والمتكلمين وأصحاب التنزيه من جهة أخرى.
وكل هذه النقول، تدعم القول بأن منهج الأشاعرة في الصفات مغاير لمنهج السلف.
غير أن الأشاعرة المعاصرين ينفون هذه المقولة، ويؤكدون انتسابهم لمنهج السلف وانتهاجهم له من خلال نسبة أقوال لهم معظمها لا يصح، وإن صحت فهي لا تخدم وجهة نظرها، فيتأولونها لتوافق أهواءهم ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصدر: من هنا
1 comments:
اعتراف الاشاعرة بأن مذهبهم ليس مذهب السلف
وان التفويض هو تفويض الكيف لا تفويض المعنى
وان الاثبات على الحقيقة لا المجاز
إرسال تعليق