من تناقضات الأشاعرة – خرافة الجوهر الفرد –
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فإن من تناقضات الأشاعرة قولهم بالجواهر الفردة
ووجه ذلك أن القائلين بالجوهر الفرد يقسمون الجوهر إلى: الجسم والجوهر الفرد.
ويعرفون الجسم: الجوهر القابل للقسمة إلى الأبعاد الثلاثة ( الطول والعرض والعمق).
والجوهر الفرد: الجوهر غير القابل للقسمة إلى الأبعاد الثلاثة.
والجسم عند المتكلمة القائلين بالجوهر الفرد مؤلف من أجزاء لا تتجزأ، كل جزء هو جوهر فرد.
فالجوهر الفرد - عندهم - هو الجزء الذي لا يتجزأ، وهي الوحدة الأساسية في تأليف الجسم.
قال الشيخ محمد خليل هراس :
وقد غلا المتكلمون من المعتزلة والأشاعرة في التعويل على نظرية الجواهر الفردة وهي في الأصل نظرية يونانية قديمة قال بها ديموكريتس الفيلسوف الطبيعي اليوناني وقد بنوا عليها كثيرا من الأصول الإيمانية فجعلوها عمدتهم في الاستدلال على حدوث العالم ووجود المحدث له حتى أن أحد كبار الأشاعرة وهو القاضي أبو بكر الباقلاني قد أوجب الإيمان بوجود الجوهر الفرد بناء على أن الإيمان بوجود الله متوقف على ثبوته وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما بنوا على تلك النظرية ما يترتب على حدوث العالم من أن الله فاعل بالاختيار لا موجب بالذ1ات كما يقوله الفلاسفة وأنه لا تأثير لشيء من الأسباب في مسبباتها بل يخلق الله الأشياء عند وجود أسبابها لا بها .
وهكذا انحرف المتكلمون عن الجادة واعتمدوا في استدلالهم على وهم كاذب وربطوا به مصير العقائد الإيمانية كلها ...
ثم قال رحمه الله : والجوهر الفرد الذي زعمه أهل الكلام ونصبوه صنما لهم تدور حوله كل أفكارهم ومذاهبهم قامت أدلة كثيرة على بطلانه وكان الذي قام بإبطاله هم الفلاسفة انتصارا لمذهبهم الهيولي والصورة وقد قام المتكلمون من جانبهم بإبطال نظرية الفلاسفة وهكذا ضرب الله بعض المبطلين ببعض وبقي أهل الحق والإيمان بمنجى من هذا الإفك والبهتان .
قال ابن القيم رحمه الله في الرد على هذه النظرية الخرافية :
فالمثبتون الجوهر الفرد الذي ... زعموه أصل الدين والإيمان
قالوا بأن الجسم منه مركب... ولهم خلاف وهو ذو ألوان
هل يمكن التركيب من جزئين أو ... من أربع أو ستة وثمان
أو ست عشرة قد حكاه الأشعري ...لذي مقالات على التبيان
أفلازم ذا من ثبوت صفاته ... وعلوه سبحان ذي السبحان
والحق أن الجسم ليس مركبا ... من ذا ولا هذا هما عدمان
... والجوهر الفرد الذي قد أثبتو ... ه ليس ذا أبدا وذا إمكان
لو كان ذلك ثابتا لزم المحا ... ل لواضح البطلان والبهتان
من أوجه شتى ويعسر نظمها ... جدا ولأجل صعوبة الأوزان
أتكون خردلة تساوي الطود... في الأجزاء في شيء من
إذ كان كل منهما أجزاؤه ... لا تنتهي بالعد والحسبان
وإذا وضعت الجوهرين وثالثا ... في الوسط وهو الحاجز الوسطان
فلأجله افترقا فلا يتلاقيا ... حتى يزول إذا فيلتقيان
ما مسه إحداهما منه هو الممسوس.... للثاني بلا فرقان
هذا محال أو تقولوا غيره ... فهو انقسام واضح التبيان
قال الشيخ الهراس رحمه الله :
1- فمما أورد على نظرية الجوهر الفرد أنه يلزم عليه أن تكون الخردلة مركبة من عدد من الجواهر الفردة يساوي ما تركب منه الجبل الضخم إذ كان كل منهما مركبا من أجزاء غير متناهية العدد .
وهذا الإيراد إنما يتوجه على مذهب النظام الذي يقول بتركيب الجسم أي جسم من أجزاء غير متناهية فلزمه أن تكون الخردلة مساوية للجبل .
2- وقد أورد عليه أيضا أن النملة إذا مشت بين نقطتين على جسم فإنها لا تستطيع قطع المسافة بينهما لعدم تناهيها إذ كانت مركبة من أجزاء غير متناهية وقد أجاب بأنه تمشي بعضا وتطفر بعضا فذهبت طفرة النظام مثلا وما أحسن قول الشاعر
مما يقال ولا حقيقة عنده *** معقولة تدنو إلى الأفهام
الكسب عند الأشعري والحال*** عند الهاشمي وطفرة النظام
3- ومما أورد على الجوهر الفرد أيضا أنك إذا وضعت جوهرا فردا بين جوهرين فردين وجعلته وسطا بينهما فإنهما لا يتلاقيان ما دام هذا الوسط قائما وحينئذ يقال إما أن يكون ما مسه أحدهما من هذا الوسط هو عين ما مسه الآخر بلا فارق أصلا وهذا محال لأنه يؤدي إلى انعدام الوسط نفسه ويقتضي تلاقيهما حال وجوده بينهما وأما أن يكون ما مسه أحدهما منه غير ما مسه الآخر وهذا يقتضي قبوله للإنقسام فيبطل ما زعموه من عدم هذه الجواهر الفردة للقسمة أيضا وهذا دليل بين على فساد هذه الخرافة التي نسجتها أوهام المتكلمين ومن العجيب أنهم تلقوها عبر الأعصار والقرون جيلا بعد جيل وكلهم مصر عليها محافظ على قدسيتها وجلالها لأنهم يعلمون أنه إذا انهارت زال بنيانهم كله من القواعد وطار كل ما بنوه عليها من خرافات وأوهام .
شرح القصيدة النونية (2|26)
ومن الاعتراضات على هذه النظرية الخرافية ما يلي :
1- أنهم وصفوا الجوهر الفرد بالتحيز وفي نفس الوقت غير قابل للانقسام
ومن المستحيل أن يوصف شيء بأنه متحيز وفي نفس الوقت غير قابل الانقسام .
ولذلك رد عليهم ابن حزم فقال : ثم يقال لهم أخبرونا عن الجزء الذي ذكرتم أنه لا يتجزأ وهو على قولكم في مكان لأنه بعض من أبعاض الجسم هل الملاقى منه للمشرق هو الملاقى للمغرب أم غيره وهل المحازي منه للسماء هو المحازي منه للأرض أم غيره ؟
فإن قالوا كل ذلك واحد والملاقي منه للمشرق هو الملاقى منه للمغرب والمجازى منه للسماء هو المجازى منه للأرض أتوا بإحدى العظائم وجعلوا جهة المشرق منا هي جهة المغرب وجعلوا السماء والأرض منه في جهة واحدة وهذا حمق لا يبلغه إلا الموسوس ومكابرة للعيان لا يرضاها لنفسه سالم البنية وإن قالوا بل الملاقى منه للمشرق هو غير الملاقى منه للمغرب وأن السماء والأرض منه في جهتين متقابلتين فوق وأسفل صدقوا وهكذا جهة الجنوب والشمال فإذ ذلك كذلك بلا شك فقد صح أنه ذو جهات ست متغايرة وهذا إقرار منهم بأنه ذو أجزاء إذ قطعوا بأن الملاقي منه للمغرب غير الملاقي منه للمشرق ومن للتبعيض وبطل قولهم من قرب والحمد لله رب العالمين .
الفصل في الملل (5|63)
ومعلوم أن ما يحازي العلو غير ما يحاذي السفل وما يحاذي اليمين غير ما يحاذي اليسار فلزم أن للجوهر الفرد جهات مختلفة وهذا يلزم منه الانقسام .
2- القائلون بهذه النظرية وصفوا الجوهر الفرد بأنه لا طول له ولا عرض ولا عمق لنفي قابلية الانقسام عنه في الجهات كلها
والاشكال هنا كيف يتكون الجسم بانضمام جوهرين إلى بعضهما ؟
ولذلك رد عليهم ابن حزم رحمه الله أيضا فقال :
وبرهان آخر وهو أنهم يقولون أن الجزء الذي لا يتجزأ لا طول له ولا عرض ولا عمق فنقول لهم وبالله تعالى التوفيق إذا أضفتم إلى الجزء الذي لا يتجزأ عندكم جزأ آخر مثله لا يتجزأ أليس قد حدث لهما طول فلا بد من قولهم نعم لا يختلفون في ذلك ولو أنهم قالوا لا يحدث لهما طول للزمهم مثل ذلك في إضافة جزء ثالث ورابع وأكثر حتى يقولوا أن الأجسام العظام لا طول لها ويحصلوا في مكابرة العيان فنقول لهم إذا قلتم أن جزءا لا يتجزأ لا طول له إذا ضم إليه جزء آخر لا يتجزأ ولا طول له فأيهما يحدث له طول فقولوا لنا هل يخلو هذا الطول الحادث عندكم من أحد والثلاثة أوجه لا رابع لها أما أن يكون هذا الطول لأحدهما دون الآخر أولا لواحد منهما أو كليهما فإن قلتم ليس هذا الطول لهما ولا لواحد منهما فقد أوجبتم طولا لا لطويل وطولا قائما بنفسه والطول عرض والعرض لا يقوم بنفسه وصفة والصفةلا يمكن أن توجد إلا في موصوف بها ووجود طول لا لطويل مكابرة ومحال وإن قلتم أن ذلك الطول هو لأحد الجزئين دن الآخر فقد أحلتم وأتيتم بما لا شك بالحس وضرورة العقل في بطلانه ولزمكم الجزء الذي لا يتجزأ له طول وإذا كان له طول فهو بلا شك يتجزأ وهذا ترك منكم لقولكم مع أنه أيضا محال لأنه يجب من هذا أنه يتجزى ولا يتجرئ وإن قلتم أن ذلك الطول للجزئين معا صدقتم وأقررتم بالحق في أن كل جزء منهما فله حصته من الطول والحصة من الطول طول بلا شك وإذا كان كل واحد منهما له طول فكل واحد منهما له طول فكل واحد منهما يتجزأ وهذا خلاف قولكم أنه لا يتجزأ.
الفصل في الملل (5|63)
3- أن الأرقام تبطل نظرية الجوهر الفرد
فلا شك أن الأرقام تقبل القسمة فالواحد مثلا قابل للقسمة إلى جزئين والنصف ينقسم إلى ربعين والربع قابل للقسمة وهكذا
فإن عجزنا بعد ذلك عن الحساب عبر عن صغر النتيجة بالصفر
انظر إحكام التقييد على أغاليط سعيد (54) لنذير عطاونة – وهو كاتب يميل لمذهب المعتزلة له رد على الأشاعرة في بعض المسائل .
والحمد لله رب العالمين .
المصدر: وفيه تعقيبات
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فإن من تناقضات الأشاعرة قولهم بالجواهر الفردة
ووجه ذلك أن القائلين بالجوهر الفرد يقسمون الجوهر إلى: الجسم والجوهر الفرد.
ويعرفون الجسم: الجوهر القابل للقسمة إلى الأبعاد الثلاثة ( الطول والعرض والعمق).
والجوهر الفرد: الجوهر غير القابل للقسمة إلى الأبعاد الثلاثة.
والجسم عند المتكلمة القائلين بالجوهر الفرد مؤلف من أجزاء لا تتجزأ، كل جزء هو جوهر فرد.
فالجوهر الفرد - عندهم - هو الجزء الذي لا يتجزأ، وهي الوحدة الأساسية في تأليف الجسم.
قال الشيخ محمد خليل هراس :
وقد غلا المتكلمون من المعتزلة والأشاعرة في التعويل على نظرية الجواهر الفردة وهي في الأصل نظرية يونانية قديمة قال بها ديموكريتس الفيلسوف الطبيعي اليوناني وقد بنوا عليها كثيرا من الأصول الإيمانية فجعلوها عمدتهم في الاستدلال على حدوث العالم ووجود المحدث له حتى أن أحد كبار الأشاعرة وهو القاضي أبو بكر الباقلاني قد أوجب الإيمان بوجود الجوهر الفرد بناء على أن الإيمان بوجود الله متوقف على ثبوته وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما بنوا على تلك النظرية ما يترتب على حدوث العالم من أن الله فاعل بالاختيار لا موجب بالذ1ات كما يقوله الفلاسفة وأنه لا تأثير لشيء من الأسباب في مسبباتها بل يخلق الله الأشياء عند وجود أسبابها لا بها .
وهكذا انحرف المتكلمون عن الجادة واعتمدوا في استدلالهم على وهم كاذب وربطوا به مصير العقائد الإيمانية كلها ...
ثم قال رحمه الله : والجوهر الفرد الذي زعمه أهل الكلام ونصبوه صنما لهم تدور حوله كل أفكارهم ومذاهبهم قامت أدلة كثيرة على بطلانه وكان الذي قام بإبطاله هم الفلاسفة انتصارا لمذهبهم الهيولي والصورة وقد قام المتكلمون من جانبهم بإبطال نظرية الفلاسفة وهكذا ضرب الله بعض المبطلين ببعض وبقي أهل الحق والإيمان بمنجى من هذا الإفك والبهتان .
قال ابن القيم رحمه الله في الرد على هذه النظرية الخرافية :
فالمثبتون الجوهر الفرد الذي ... زعموه أصل الدين والإيمان
قالوا بأن الجسم منه مركب... ولهم خلاف وهو ذو ألوان
هل يمكن التركيب من جزئين أو ... من أربع أو ستة وثمان
أو ست عشرة قد حكاه الأشعري ...لذي مقالات على التبيان
أفلازم ذا من ثبوت صفاته ... وعلوه سبحان ذي السبحان
والحق أن الجسم ليس مركبا ... من ذا ولا هذا هما عدمان
... والجوهر الفرد الذي قد أثبتو ... ه ليس ذا أبدا وذا إمكان
لو كان ذلك ثابتا لزم المحا ... ل لواضح البطلان والبهتان
من أوجه شتى ويعسر نظمها ... جدا ولأجل صعوبة الأوزان
أتكون خردلة تساوي الطود... في الأجزاء في شيء من
إذ كان كل منهما أجزاؤه ... لا تنتهي بالعد والحسبان
وإذا وضعت الجوهرين وثالثا ... في الوسط وهو الحاجز الوسطان
فلأجله افترقا فلا يتلاقيا ... حتى يزول إذا فيلتقيان
ما مسه إحداهما منه هو الممسوس.... للثاني بلا فرقان
هذا محال أو تقولوا غيره ... فهو انقسام واضح التبيان
قال الشيخ الهراس رحمه الله :
1- فمما أورد على نظرية الجوهر الفرد أنه يلزم عليه أن تكون الخردلة مركبة من عدد من الجواهر الفردة يساوي ما تركب منه الجبل الضخم إذ كان كل منهما مركبا من أجزاء غير متناهية العدد .
وهذا الإيراد إنما يتوجه على مذهب النظام الذي يقول بتركيب الجسم أي جسم من أجزاء غير متناهية فلزمه أن تكون الخردلة مساوية للجبل .
2- وقد أورد عليه أيضا أن النملة إذا مشت بين نقطتين على جسم فإنها لا تستطيع قطع المسافة بينهما لعدم تناهيها إذ كانت مركبة من أجزاء غير متناهية وقد أجاب بأنه تمشي بعضا وتطفر بعضا فذهبت طفرة النظام مثلا وما أحسن قول الشاعر
مما يقال ولا حقيقة عنده *** معقولة تدنو إلى الأفهام
الكسب عند الأشعري والحال*** عند الهاشمي وطفرة النظام
3- ومما أورد على الجوهر الفرد أيضا أنك إذا وضعت جوهرا فردا بين جوهرين فردين وجعلته وسطا بينهما فإنهما لا يتلاقيان ما دام هذا الوسط قائما وحينئذ يقال إما أن يكون ما مسه أحدهما من هذا الوسط هو عين ما مسه الآخر بلا فارق أصلا وهذا محال لأنه يؤدي إلى انعدام الوسط نفسه ويقتضي تلاقيهما حال وجوده بينهما وأما أن يكون ما مسه أحدهما منه غير ما مسه الآخر وهذا يقتضي قبوله للإنقسام فيبطل ما زعموه من عدم هذه الجواهر الفردة للقسمة أيضا وهذا دليل بين على فساد هذه الخرافة التي نسجتها أوهام المتكلمين ومن العجيب أنهم تلقوها عبر الأعصار والقرون جيلا بعد جيل وكلهم مصر عليها محافظ على قدسيتها وجلالها لأنهم يعلمون أنه إذا انهارت زال بنيانهم كله من القواعد وطار كل ما بنوه عليها من خرافات وأوهام .
شرح القصيدة النونية (2|26)
ومن الاعتراضات على هذه النظرية الخرافية ما يلي :
1- أنهم وصفوا الجوهر الفرد بالتحيز وفي نفس الوقت غير قابل للانقسام
ومن المستحيل أن يوصف شيء بأنه متحيز وفي نفس الوقت غير قابل الانقسام .
ولذلك رد عليهم ابن حزم فقال : ثم يقال لهم أخبرونا عن الجزء الذي ذكرتم أنه لا يتجزأ وهو على قولكم في مكان لأنه بعض من أبعاض الجسم هل الملاقى منه للمشرق هو الملاقى للمغرب أم غيره وهل المحازي منه للسماء هو المحازي منه للأرض أم غيره ؟
فإن قالوا كل ذلك واحد والملاقي منه للمشرق هو الملاقى منه للمغرب والمجازى منه للسماء هو المجازى منه للأرض أتوا بإحدى العظائم وجعلوا جهة المشرق منا هي جهة المغرب وجعلوا السماء والأرض منه في جهة واحدة وهذا حمق لا يبلغه إلا الموسوس ومكابرة للعيان لا يرضاها لنفسه سالم البنية وإن قالوا بل الملاقى منه للمشرق هو غير الملاقى منه للمغرب وأن السماء والأرض منه في جهتين متقابلتين فوق وأسفل صدقوا وهكذا جهة الجنوب والشمال فإذ ذلك كذلك بلا شك فقد صح أنه ذو جهات ست متغايرة وهذا إقرار منهم بأنه ذو أجزاء إذ قطعوا بأن الملاقي منه للمغرب غير الملاقي منه للمشرق ومن للتبعيض وبطل قولهم من قرب والحمد لله رب العالمين .
الفصل في الملل (5|63)
ومعلوم أن ما يحازي العلو غير ما يحاذي السفل وما يحاذي اليمين غير ما يحاذي اليسار فلزم أن للجوهر الفرد جهات مختلفة وهذا يلزم منه الانقسام .
2- القائلون بهذه النظرية وصفوا الجوهر الفرد بأنه لا طول له ولا عرض ولا عمق لنفي قابلية الانقسام عنه في الجهات كلها
والاشكال هنا كيف يتكون الجسم بانضمام جوهرين إلى بعضهما ؟
ولذلك رد عليهم ابن حزم رحمه الله أيضا فقال :
وبرهان آخر وهو أنهم يقولون أن الجزء الذي لا يتجزأ لا طول له ولا عرض ولا عمق فنقول لهم وبالله تعالى التوفيق إذا أضفتم إلى الجزء الذي لا يتجزأ عندكم جزأ آخر مثله لا يتجزأ أليس قد حدث لهما طول فلا بد من قولهم نعم لا يختلفون في ذلك ولو أنهم قالوا لا يحدث لهما طول للزمهم مثل ذلك في إضافة جزء ثالث ورابع وأكثر حتى يقولوا أن الأجسام العظام لا طول لها ويحصلوا في مكابرة العيان فنقول لهم إذا قلتم أن جزءا لا يتجزأ لا طول له إذا ضم إليه جزء آخر لا يتجزأ ولا طول له فأيهما يحدث له طول فقولوا لنا هل يخلو هذا الطول الحادث عندكم من أحد والثلاثة أوجه لا رابع لها أما أن يكون هذا الطول لأحدهما دون الآخر أولا لواحد منهما أو كليهما فإن قلتم ليس هذا الطول لهما ولا لواحد منهما فقد أوجبتم طولا لا لطويل وطولا قائما بنفسه والطول عرض والعرض لا يقوم بنفسه وصفة والصفةلا يمكن أن توجد إلا في موصوف بها ووجود طول لا لطويل مكابرة ومحال وإن قلتم أن ذلك الطول هو لأحد الجزئين دن الآخر فقد أحلتم وأتيتم بما لا شك بالحس وضرورة العقل في بطلانه ولزمكم الجزء الذي لا يتجزأ له طول وإذا كان له طول فهو بلا شك يتجزأ وهذا ترك منكم لقولكم مع أنه أيضا محال لأنه يجب من هذا أنه يتجزى ولا يتجرئ وإن قلتم أن ذلك الطول للجزئين معا صدقتم وأقررتم بالحق في أن كل جزء منهما فله حصته من الطول والحصة من الطول طول بلا شك وإذا كان كل واحد منهما له طول فكل واحد منهما له طول فكل واحد منهما يتجزأ وهذا خلاف قولكم أنه لا يتجزأ.
الفصل في الملل (5|63)
3- أن الأرقام تبطل نظرية الجوهر الفرد
فلا شك أن الأرقام تقبل القسمة فالواحد مثلا قابل للقسمة إلى جزئين والنصف ينقسم إلى ربعين والربع قابل للقسمة وهكذا
فإن عجزنا بعد ذلك عن الحساب عبر عن صغر النتيجة بالصفر
انظر إحكام التقييد على أغاليط سعيد (54) لنذير عطاونة – وهو كاتب يميل لمذهب المعتزلة له رد على الأشاعرة في بعض المسائل .
والحمد لله رب العالمين .
المصدر: وفيه تعقيبات
0 comments:
إرسال تعليق