حمل اللفظ على الحقيقة لا المجاز
إعداد : ماجد بن سليمان الرسي
قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى :
قال الواسطي رحمه الله :
" واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث بأفصح اللغات ، وأبين الألسنة والعبارات ، وقد صرح ببيان صفات الله ، مخبراً بها عن ربه ، واصفاً له بها ، وكان يحضر مجلسه الشريف العالم ، والجاهل ، والذكي والبليد ، والأعرابي الجافي ، وقد أوجب عليهم أن يتدبروا ذلك الكتاب ، ويعتقدوا موجَـب ذلك الخطاب ، ليزدادوا به معرفة مع الفطرة السليمـة ."
فهل يتصور عاقل أن هناك دليلاً خفياً لا يستنبطه إلا أفراد الناس ، ويدع الأمة في حيرة والتباس ، ويترك تبليغه الأمة ، ويدعهم في جهالة وضلالة وغُمة ، حتى إذا انقرض عصر الصحابة والتابعين ، ظفر ببيانه من أخذ عن اليونان والصابئين ، كجَـهم وبِـشر وغيرهما من المبتدعين ؟!
هذا والله نقيض البيان ، وضد الهدى والبرهان ، كيف يتكلم هو [1] وهم [2] بكلام يريدون به خلاف ظاهره المراد ، المخالف لما يتوهمه أهل الفساد ، ويندرجون على خلاف هذا الاعتقاد ، وأن صرفه إلى التأويلات المحدثة هو المراد ؟!
من لم يكن يكفيه ذانِ فلا كفاه الله شر حوادث الأزمان
بل السلف رضوان الله عليهم أنصح للأمة ، وأبين للسنة ، وقد فهموا أن بعض العلم جهالة ، قال صلى الله عليه وسلم : ((إن من العلم جهلاً)) ، وقال في دعائه : ((أعوذ بالله من علم لا ينفع)) ، وقال علي : حدثوا الناس بما يعرفون ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله ؟
وقد عُلِم أن ما كان في الكتاب والسنة لا يخالف ظاهره باطنه ، فقد عرفوا دليله ، ووضَّحوا سبيله ، إما بأن يكون عقلياً ظاهراً مثل قوله تعالى ( وأوتيت من كل شي ) [3] ، فإن كل أحد يعلم من عقله أن المراد : وأوتيت من جنس ما يؤتاه مثلها ، وكذلك قوله تعالى ( خالق كل شيء )[4] ، فإنه قد علم بالضرورة أن الخالق لا يدخل في هذا العموم ، أو سمعياً ظاهراً مثل الدلالات في الكتاب والسنة التي تُصرف عن الظاهر ، كالمعية الخاصة والعامة ، فإن الإِجماع من الصحابة والتابعين انعقد على أن المراد به العلم ، لأن الله بدأها بالعلم وختمها به .
وقد أجمع العقلاء أنه لا بد من دليل سمعي أو عقلي يوجب الصرف عن الحقيقة إلى المجاز وإن ادعى ظهور الدليل ، فلا بد من دليل مرجِّح لحمله على ذلك ، ومن الموانع [5] الاشتراك في اللفظ ، ومن أراد هذا وجده في مظانه .
ومن جعل السنة معياره أدرك المأمول ، وعرف جنايات المجازات والعقول على صريح المنقول ، ومن تغذى بكلام المتأخرين من غير إشراف على كتب أهل السنة المشتهرين ككتاب ((السنة)) لعبد الله بن الإِمام أحمد ، وكتاب ((السنة)) للخلال ، وكتاب ((السنة)) للالكائي ، والدارمي ، وغيرهم ، بقي في حيرة وضلال .
انتهى كلامه رحمه الله ، نقلا من « الدرر السنية في الأجوبة النجدية » (3/336– 338)
وقال الشيخ عبد الله أبا بطين رحمه الله تعالى :
وأما وقوع المجاز في القرآن ففيه خلاف بين الفقهاء حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وذكر أن أكثر الأئمة لم يقولوا : إن في القرآن مجازاً ، وردَّ القول بوجود ذلك في القرآن ، واستدل بأدلة كثيرة ، وعلى تقدير جواز وجوده في القرآن فمن المعلوم أنه لا يجوز صرف الكلام عن حقيقته حتى تُجمع الأمة على أنه أريد به المجاز ، إذ لا سبيل إلى إتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك ، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل أحد ما ثبت شيء من العبادات ، ولبطلت العقود كلها كالأنكحة والطلاق والأقارير وغيرها ، وجلّ الله أن يخاطب الأمة إلا بما تفهمه العرب من معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين .
وأيضاً فالكلام إذا قام الدليل على أن المـُتكلم به عالم ناصح مرشد ، قصده البيان والهدى والدلالة والإيضاح بكل طريق ، وحسم مواد اللبس ومواقع الخطأ وأن هذا هو المعروف المألوف من خطابه ، وأنه اللائق بحكمته ؛ لم يشك السامع في أن مراده هو ما دل عليه ظاهر كلامه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أثناء كلام له : ومعلوم باتفاق العقلاء أن المخاطب المبِـين إذا تكلم بمجاز فلا بد أن يقرِن بخطابه ما يدل على إرادة المعنى المجازي ، فإذا كان الرسول المبلغ المبِـين الذي بيّن للناس ما أنزل إليهم يعلم أن المراد بالكلام خلاف مفهومه أو مـقتضاه ؛ كان عليه أن يقرِن بخطابه ما يصرف القلوب عن فهم المعنى الذي لم يُرده ، لاسيما إذا كان لا يجوز اعتقاده في الله ، فإنه عليه أن ينهاهم عن أن يعتقدوا في الله ما لا يجوز اعتقاده ، وإذا كان ذلك مخُـوفاً عليهم [6] ، ولو لم يخاطبهم بما يدل على ذلك ، فكيف إذا كان خطابه هو الذي يدلهم على ذلك الاعتقاد الذي تقول النفاة هو اعتقاد باطل - إلى أن قال : - وهذا كلام بيِّـن لا مخلص لأحد عنه . انتهى .
انتهى كلامه رحمه الله
« الدرر السنية في الأجوبة النجدية » (3/ 233- 234)
هذا الرسالة منشورة في :
www.saaid.net/kutob
------------------------------------
[1] أي النبي صلى الله عليه وسلم .
[2] أي الصحابة والتابعين رضي الله عنهم .
[3] النمل : 23
[4] الأنعام : 102
[5] أي من موانع صرف المعنى من الحقيقة إلى المجاز .
[6] هذه الجملة معطوفة على قوله : لاسيما إذا كان لا يجوز اعتقاده في الله .
وقد عُلِم أن ما كان في الكتاب والسنة لا يخالف ظاهره باطنه ، فقد عرفوا دليله ، ووضَّحوا سبيله ، إما بأن يكون عقلياً ظاهراً مثل قوله تعالى ( وأوتيت من كل شي ) [3] ، فإن كل أحد يعلم من عقله أن المراد : وأوتيت من جنس ما يؤتاه مثلها ، وكذلك قوله تعالى ( خالق كل شيء )[4] ، فإنه قد علم بالضرورة أن الخالق لا يدخل في هذا العموم ، أو سمعياً ظاهراً مثل الدلالات في الكتاب والسنة التي تُصرف عن الظاهر ، كالمعية الخاصة والعامة ، فإن الإِجماع من الصحابة والتابعين انعقد على أن المراد به العلم ، لأن الله بدأها بالعلم وختمها به .
وقد أجمع العقلاء أنه لا بد من دليل سمعي أو عقلي يوجب الصرف عن الحقيقة إلى المجاز وإن ادعى ظهور الدليل ، فلا بد من دليل مرجِّح لحمله على ذلك ، ومن الموانع [5] الاشتراك في اللفظ ، ومن أراد هذا وجده في مظانه .
ومن جعل السنة معياره أدرك المأمول ، وعرف جنايات المجازات والعقول على صريح المنقول ، ومن تغذى بكلام المتأخرين من غير إشراف على كتب أهل السنة المشتهرين ككتاب ((السنة)) لعبد الله بن الإِمام أحمد ، وكتاب ((السنة)) للخلال ، وكتاب ((السنة)) للالكائي ، والدارمي ، وغيرهم ، بقي في حيرة وضلال .
انتهى كلامه رحمه الله ، نقلا من « الدرر السنية في الأجوبة النجدية » (3/336– 338)
وقال الشيخ عبد الله أبا بطين رحمه الله تعالى :
وأما وقوع المجاز في القرآن ففيه خلاف بين الفقهاء حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وذكر أن أكثر الأئمة لم يقولوا : إن في القرآن مجازاً ، وردَّ القول بوجود ذلك في القرآن ، واستدل بأدلة كثيرة ، وعلى تقدير جواز وجوده في القرآن فمن المعلوم أنه لا يجوز صرف الكلام عن حقيقته حتى تُجمع الأمة على أنه أريد به المجاز ، إذ لا سبيل إلى إتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك ، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل أحد ما ثبت شيء من العبادات ، ولبطلت العقود كلها كالأنكحة والطلاق والأقارير وغيرها ، وجلّ الله أن يخاطب الأمة إلا بما تفهمه العرب من معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين .
وأيضاً فالكلام إذا قام الدليل على أن المـُتكلم به عالم ناصح مرشد ، قصده البيان والهدى والدلالة والإيضاح بكل طريق ، وحسم مواد اللبس ومواقع الخطأ وأن هذا هو المعروف المألوف من خطابه ، وأنه اللائق بحكمته ؛ لم يشك السامع في أن مراده هو ما دل عليه ظاهر كلامه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أثناء كلام له : ومعلوم باتفاق العقلاء أن المخاطب المبِـين إذا تكلم بمجاز فلا بد أن يقرِن بخطابه ما يدل على إرادة المعنى المجازي ، فإذا كان الرسول المبلغ المبِـين الذي بيّن للناس ما أنزل إليهم يعلم أن المراد بالكلام خلاف مفهومه أو مـقتضاه ؛ كان عليه أن يقرِن بخطابه ما يصرف القلوب عن فهم المعنى الذي لم يُرده ، لاسيما إذا كان لا يجوز اعتقاده في الله ، فإنه عليه أن ينهاهم عن أن يعتقدوا في الله ما لا يجوز اعتقاده ، وإذا كان ذلك مخُـوفاً عليهم [6] ، ولو لم يخاطبهم بما يدل على ذلك ، فكيف إذا كان خطابه هو الذي يدلهم على ذلك الاعتقاد الذي تقول النفاة هو اعتقاد باطل - إلى أن قال : - وهذا كلام بيِّـن لا مخلص لأحد عنه . انتهى .
انتهى كلامه رحمه الله
« الدرر السنية في الأجوبة النجدية » (3/ 233- 234)
هذا الرسالة منشورة في :
www.saaid.net/kutob
------------------------------------
[1] أي النبي صلى الله عليه وسلم .
[2] أي الصحابة والتابعين رضي الله عنهم .
[3] النمل : 23
[4] الأنعام : 102
[5] أي من موانع صرف المعنى من الحقيقة إلى المجاز .
[6] هذه الجملة معطوفة على قوله : لاسيما إذا كان لا يجوز اعتقاده في الله .
-----
تفضلوا بزيارة قناة القرون الاولى المفضلة FirstGenerations
0 comments:
إرسال تعليق