السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أمّا بعد :
هذه فائدة جليلة في الردّ على دعوى الإنتساب إلى الائمة في الفروع مع مخالفتهم في الأصول أنقلها لكم عن مقدمة التحقيق لكتاب (عقيدة الشافعي) للبرزنجي الحسيني طبعة مكتبة المعارف للنشر والتوزيع ص 70-73 تحقيق وتعليق الدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس ولست أدري إن كنت مصيبا في نشرها ذلك أنّي قرأت على طرّة الكتاب : (جميع الحقوق محفوظة للناشر ، فلا يجوز نشر أي جزء من هذا الكتاب ، أو تخزينه أو تسجيله بأية وسيلة ، أو تصويره أو ترجمته دون موافقة خطية مسبقة من الناشر .. ) فإن أخطأت فأرجوا المعذرة
(انتسب للأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم طوائف وأناس ، منهم من وافقهم في الاعتقاد مع متابعتهم في الفروع ، ومنهم من تابعهم في الفروع دون الاعتقاد ، والرزية كلّ الرزيّة أن كل من تلبس بشيء من العقائد المخافة لما عليه الأئمة فقد ينسب إليهم تلك العقائد الفاسدة وهم برآء منها ، فقد نسب طوائف من أتباه أبي حنيفة من المعتزلة إليه بعض من عقائدها وكذا الإمام مالك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( فما من إمام إلاّ وقد انتسب إليه أقوام وهو منهم بريء ، فقد انتسب إلى مالك أناس ومالك بريء منهم ، وانتسب إلى الشافعي أناس وهو بريء منهم ) (1) .
وقال كذلك : (وكذلك أهل المذاهب الأربعة وغيرها ولاسيما من قد تلبس ببعض المقالات الأصولية وخلط هذا بهذا ، فالحنبلي والشافعي والمالكي يخلط بمذهب مالك والشافعي وأحمد شيئا من أصول الأشعرية والسالمية وغير ذلك .
ويضيفه إلى مذهب مالك والشافعي وأحمد ، وكذلك الحنفي يخلط بمذهب أبي حنيفة شيئا من أصول المعتزلة والكرامية والكلاّبية ويضيفه إلى مذهب أبي حنيفة ) (2) .
وقال ابن أبي العز : ( ولا يلتفت إلى من أنكر ذلك -يعني علو الله تعالى على خلقه واستوائه على عرشه- ممن ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة ، وقد انتسب إليه طوائف المعتزلة وغيرهم مخالفون له في كثير من اعتقاده ، وقد ينتسب إلى مالك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم من يخالفهم في بعض اعتقاداتهم ، وقصة يوسف في استتابة بشر المريسي لمّا أنكر أن يكون الله عز وجل فوق العرش مشهورة ) (3) .
وقال أبو مظفر الإسفرايني الشافعي : ( وقد نبغ من أحداث أهل الرأي من تلبّس بشيء من مقالات القدرية والروافض مقلدا فيها ، وإذا خاف سيوف أهل السنة نسب ماهو فيه من عقائده الخبيثة إلى أبي حنيفة تسترا به ، فلا يغرنك ما ادعو من نسبتها إليه فإن أبا حنيفة بريء منهم ومما نسبوه إليه ) (4) .
وقال الشهرستاني : ( ومن العجائب أن غسان كان يحكي عن أبي حنيفة رحمه الله مثل مذهبه في الإيمان وبعده من المرجئة ولعله كذب كذلك عليه ) (5) .
وبعد هذا العرض نصل إلى نتيجة واقعية وهي أن كثيرا من الفرق المخالفة لعقائد الأئمة الأربعة ينسب عقائدهم الباطلة إلى الأئمة الأربعة تلبسا بهم خوفا من سيوف أهل السنة إما جهلا بعقيدة الأئمة الأربعة وإمّا هوى .
وفي حق أمثال هؤلاء ممن يقلد الأئمة في الفروع ويخافهم في الإعتقاد وفي الرد عليهم : ألف أحد علماء الشافعية الكبار كتابا سماه : ( الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول ) . ألا وهو الإمام أبو الحسن محمد بن عبد الكريم الكرجي ، ذكر في كتابه هذا كلام الشافعي ومالك والثوري وأحمد ابن حنبل والبخاري وسفيان بن عيينة وعبد
الله بن المبارك والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهوية ، ذكر كلامهم في أصول السنة وما يعرف به اعتقادهم ، وذكر في تراجمهم ما فيه تنبيه على مراتبهم ومكانتهم في الإسلام ...
إلى أن قال : ( ووجه ثالث لابد من أن نبين فيه فنقول : ( إن في النقل عن هؤلاء الأئمة إلزاما للحجة على كل من ينتحل مذهب إمام يخالفه في العقيدة ، فإن أحدهما لا محالة يضلل صاحبه أو يبدعه أو يكفره ، فانتحال مذهبه مع مخالفته له في العقيدة مستنكر -والله- شرعا وطبعا ، فمن قال : أنا شافعي الشرع أشعري الإعتقاد قلنا له : هذا من الأضداد ، بل من الإرتداد ،إذ لم يكن الشافعي أشعري الإعتقاد ، ومن قال أنا حنبلي الفروع معتزلي الاصول قلنا : قد ضللت إذا عن سواء السبيل فيما تزعمه إذ لم يكن أحمد معتزلي الدين والإجتهاد .... ) (5) .
وقال : (وقد افتتن ، أيضا خلق من المالكية بمذاهب الاشعرية وهذه والله سبّة وعار وفلتة تعود بالوبال والنكال وسوء الدار على منتحلي مذاهب هؤلاء الأئمة الكبار ، فإن مذهبهم ما رويناه من تكفيرهم الجهمية والمعتزلة والقدرية والوصفية وتكفيرهم اللفظية ) (6) .
.............................. .............................. .........
(1) - مجموع الفتاوى (3/185) والعقود الدرية 157
(2) - منهاج السنة (5/261)
(3) - شرح العقيدة الطحاوية ص 102 ط دار البيان
(4) - التبصير في الدين ص 114
(5) - الملل والنحل (1/141)
(6) - هذا الكتاب مفقود وقد لخصه شيخ الإسلام في درء تعارض النقل والعقل وكذلك في مجموع الفتاوي (4/175)
---
0 comments:
إرسال تعليق