نسيان اللَّه من نسيه
قال - تعالى - : { فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }
(سورة السجدة / 14 . )
وقال - تعالى - : { نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ }
(سورة التوبة / 67 .
وقال - تعالى - : { وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }
(سورة الجاثية / 34) .
وقال - تعالى - : { الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }
(سورة الأعراف / 51 .
وعن أبي هريرة - رضي اللَّه تعـالى عنه - قـال : قـال رسـول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " ... " فَيَقُولُ : أَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاقِيَّ ؟ فَيَقُولُ : لا ، فـَيَـقُولُ : فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيْتَنِي "
(أخرجه مسلم في صحيحه رقم ( 2968 ) .
حمل بعضهم هذه الآيات وهذا الحديث على المشاكلة
يقول القاضي عبد الجبار بن أحـمد الهمذاني المعتزلي ( ت 415 ) : " وقوله : { فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ }
(سورة السجدة / 14 . )
والنسيان على اللَّه - تعـالى - لا يجـوز ، والمراد به عاقـبناكـم على ترككم ، على مثال قـوله - تعالى - : { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا }
(سورة الشورى / 40 . )
والجواب عن هذا أن النسيان له في القرآن معنيان
أحدهما : خلاف ذكر الشيء .
ومنه قوله - تعالى - حكاية عن غلام الخـضر : { فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ }
(سورة الكهف / 63 . )
وقوله - تعـالى - : { لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ }
(سورة الكهف / 73 . )
ثانيهما : الترك .
ومنه قوله - تعالى - : { وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ }
(سورة البقرة / 237 . )
.
والأول ممتنع على اللَّه - تعـالى - لأن اللَّه - تعـالى - لا يعـزب عنه مثقال ذرة في السمـاء ولا فـي الأرض ؛ ولأن اللَّه - تعالى - يقـول :
{وما كان ربك نسيا ً}
(سورة مريم / 64 . )
ويقول - تعالى - : { قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى }
(سورة طه / 52 . )
فـتعين أن يكون المراد هو الثاني ، وحينئذ لا يقال : إنه من باب المشاكلة اللفظية .
قال الإِمام أحمد - رحمه اللَّه تعـالى - : " أما قوله : { وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }
(سورة الجاثية / 34 . )
يقول : نترككم في النار كما نسيتم : كما تركتم العمل للقاء يومكم هذا "
المصدر :
مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
العدد الثاني والثلاثون
بحث بعنوان :
دراسة عقدية لبعض
الصفات التي يدعى أنها
من باب المشاكلة
د / يوسف بن محمد السعيد
جمع الشيخ في هذا البحث ما ذكره بعض المفسرين ، وبعض شراح الأحاديث ، وبعض البلاغيين عن بعض الصفات التي زعموا أنها من باب المشاكلة ، وعطلوا من أجل ذلك الرب - سبحانه وتعـالى - عمـا يجب له من صفات الكمال ونعوت الجلال .
وعرف الشيخ في الفصل الأول المشاكلة وأنواعها مضمنا ذلك مسألة : هل المشاكلة من باب المجاز أو من باب الحقيقة ؟
ثم بين في الفصل الثاني القواعد المتعلقة بباب الصفات والتي ادعي فيها أنها من باب المشاكلة .
وقد جعل الفصل الثالث في بيان الصفات الذاتية التي ادعي أنها من باب المشاكلة , حيث ذكر الشيخ كل صفة وماقيل فيها من دعوى المشاكلة وسبب تلك الدعوى ثم الإجابة عليها .
اما الفصل الرابع فكان في الصفات الفعلية التي ادعي أنها من باب المشاكلة , و ذكر الشيخ 18 صفة - ومنها موضوعنا هذا ( نسيان الله من نسيه ) - وسار الشيخ فيها على نسق الفصل الثالث .
اما في الخاتمة فقد خرج الشيخ حفظه الله من هذا البحث بالأمور التالية :
1 - لا فرق يذكـر بين المجـاز والمشاكلة ، حيث إن كـلا منهمـا لا يراد باللفظ المدعى فيه ذلك حقيقته ، بل يراد به معنى آخر غير المعنى المتبادر منه .
2 - بطلان القول بالمشاكلة في باب أسماء اللَّه - تعالى - وصفاته .
3 - وجـوب حمل نصـوص الصـفات على مـعـانيـهـا المتـبـادرة إلى الذهن .
4 - القول بالمشـاكلة في باب الصـفـات يعني تعطيلهـا عن مـعـانيـهـا اللائقة بالله - تعالى - .
5 - من الصـفات صـفاتٌ مـا جيء بهـا إلا في سيـاق المقابلة بالمثل ، فحينئذ لا يجوز إطلاقها ، بل يجب تقييدها بذلك .
6 - القـول بأن من الصفـات ما لم يُؤْتَ به إلا في سياق المقـابلة بالمثل ، لا يعني تعطيل المعنى الصـحـيح ، فـإذا قـيل : إن اللَّه يمكر بمن مكر ، فلا يعني أن المكر مصروف عن ظاهره .
7 - ينبغي أن ينصرف الباحثون للبحث في مثل هذه الموضوعات التي اتخذت سبيلا لنفي الصفات .
8 - كما ينبغي إعادة النظر في كثير من المسائل البلاغية من وجهة عقدية ، وبيان الحق من الباطل فيها .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
قال - تعالى - : { فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }
(سورة السجدة / 14 . )
وقال - تعالى - : { نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ }
(سورة التوبة / 67 .
وقال - تعالى - : { وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }
(سورة الجاثية / 34) .
وقال - تعالى - : { الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }
(سورة الأعراف / 51 .
وعن أبي هريرة - رضي اللَّه تعـالى عنه - قـال : قـال رسـول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " ... " فَيَقُولُ : أَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاقِيَّ ؟ فَيَقُولُ : لا ، فـَيَـقُولُ : فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيْتَنِي "
(أخرجه مسلم في صحيحه رقم ( 2968 ) .
حمل بعضهم هذه الآيات وهذا الحديث على المشاكلة
يقول القاضي عبد الجبار بن أحـمد الهمذاني المعتزلي ( ت 415 ) : " وقوله : { فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ }
(سورة السجدة / 14 . )
والنسيان على اللَّه - تعـالى - لا يجـوز ، والمراد به عاقـبناكـم على ترككم ، على مثال قـوله - تعالى - : { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا }
(سورة الشورى / 40 . )
والجواب عن هذا أن النسيان له في القرآن معنيان
أحدهما : خلاف ذكر الشيء .
ومنه قوله - تعالى - حكاية عن غلام الخـضر : { فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ }
(سورة الكهف / 63 . )
وقوله - تعـالى - : { لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ }
(سورة الكهف / 73 . )
ثانيهما : الترك .
ومنه قوله - تعالى - : { وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ }
(سورة البقرة / 237 . )
.
والأول ممتنع على اللَّه - تعـالى - لأن اللَّه - تعـالى - لا يعـزب عنه مثقال ذرة في السمـاء ولا فـي الأرض ؛ ولأن اللَّه - تعالى - يقـول :
{وما كان ربك نسيا ً}
(سورة مريم / 64 . )
ويقول - تعالى - : { قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى }
(سورة طه / 52 . )
فـتعين أن يكون المراد هو الثاني ، وحينئذ لا يقال : إنه من باب المشاكلة اللفظية .
قال الإِمام أحمد - رحمه اللَّه تعـالى - : " أما قوله : { وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }
(سورة الجاثية / 34 . )
يقول : نترككم في النار كما نسيتم : كما تركتم العمل للقاء يومكم هذا "
المصدر :
مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
العدد الثاني والثلاثون
بحث بعنوان :
دراسة عقدية لبعض
الصفات التي يدعى أنها
من باب المشاكلة
د / يوسف بن محمد السعيد
جمع الشيخ في هذا البحث ما ذكره بعض المفسرين ، وبعض شراح الأحاديث ، وبعض البلاغيين عن بعض الصفات التي زعموا أنها من باب المشاكلة ، وعطلوا من أجل ذلك الرب - سبحانه وتعـالى - عمـا يجب له من صفات الكمال ونعوت الجلال .
وعرف الشيخ في الفصل الأول المشاكلة وأنواعها مضمنا ذلك مسألة : هل المشاكلة من باب المجاز أو من باب الحقيقة ؟
ثم بين في الفصل الثاني القواعد المتعلقة بباب الصفات والتي ادعي فيها أنها من باب المشاكلة .
وقد جعل الفصل الثالث في بيان الصفات الذاتية التي ادعي أنها من باب المشاكلة , حيث ذكر الشيخ كل صفة وماقيل فيها من دعوى المشاكلة وسبب تلك الدعوى ثم الإجابة عليها .
اما الفصل الرابع فكان في الصفات الفعلية التي ادعي أنها من باب المشاكلة , و ذكر الشيخ 18 صفة - ومنها موضوعنا هذا ( نسيان الله من نسيه ) - وسار الشيخ فيها على نسق الفصل الثالث .
اما في الخاتمة فقد خرج الشيخ حفظه الله من هذا البحث بالأمور التالية :
1 - لا فرق يذكـر بين المجـاز والمشاكلة ، حيث إن كـلا منهمـا لا يراد باللفظ المدعى فيه ذلك حقيقته ، بل يراد به معنى آخر غير المعنى المتبادر منه .
2 - بطلان القول بالمشاكلة في باب أسماء اللَّه - تعالى - وصفاته .
3 - وجـوب حمل نصـوص الصـفات على مـعـانيـهـا المتـبـادرة إلى الذهن .
4 - القول بالمشـاكلة في باب الصـفـات يعني تعطيلهـا عن مـعـانيـهـا اللائقة بالله - تعالى - .
5 - من الصـفات صـفاتٌ مـا جيء بهـا إلا في سيـاق المقابلة بالمثل ، فحينئذ لا يجوز إطلاقها ، بل يجب تقييدها بذلك .
6 - القـول بأن من الصفـات ما لم يُؤْتَ به إلا في سياق المقـابلة بالمثل ، لا يعني تعطيل المعنى الصـحـيح ، فـإذا قـيل : إن اللَّه يمكر بمن مكر ، فلا يعني أن المكر مصروف عن ظاهره .
7 - ينبغي أن ينصرف الباحثون للبحث في مثل هذه الموضوعات التي اتخذت سبيلا لنفي الصفات .
8 - كما ينبغي إعادة النظر في كثير من المسائل البلاغية من وجهة عقدية ، وبيان الحق من الباطل فيها .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المصدر: http://alagidah.com/vb/showthread.php?t=5372
0 comments:
إرسال تعليق