أخبار الثورة السورية المباركة - اخوانكم في ليبيا معكم يا رجال ويا حرائر سوريا



فلم - كشف اللثام عن المنافق المجرم الصوفي البوطي عدو أهل الشام
فلم - كشف اللثام عن المجرم الصوفي البوطي عدو أهل الشام



دعم الثورة الجزائرية ضد النظام الجزائري الدموي العميل لاسرائيل

Asharis .. The Other Face

أشاعرة يدنسون ويدوسون على المصاحف ويكتبون الاسماء الحسنى بالغائط ! استماع ۞ الامام الاشعري وشيخه وتلاميذه مجسمة ۞ شيخ أشعري كذاب رماه الله تعالى بالخبث في العضو فمات !! ماذا فعل ؟ ۞ دفاع القرطبي عن ابن عبدالبر من اعتداء جهلة الأشعرية ودليل تجسيم الامام الاشعري !!! ۞ د. عبد الرحمن دمشقية: الامام الاشعري يثبت الحد!
السواد الاعظم... ... أم الكذب الأعظم؟
أشاعرة اليوم (الشعبوريون) أشر قولا من اليهود والنصارى !
روى أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري (صاحب صحيح البخاري) في كتابه خلق أفعال العباد ج1ص30 باب ذكر أهل العلم للمعطلة وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: " الْجَهْمِيَّةُ أَشَرُّ قَوْلًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، قَدِ اجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَأَهْلُ الْأَدْيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ، وَقَالُوا هُمْ: لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ "

فرقة الأحباش .. الوجه الآخر

الاحباش المرتزقة .. الوجه الآخر
وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب
ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون : آل عمران - 75

الصوفية .. الوجه الآخر - وكذبة الصوفية الحقة

واجهة التصوف إدّعاء الإحسان .. والوجه الآخر عبادة الأموات !
موقع الصوفية - صوفية حضرموت - الحوار مع الصوفية - شرار الخلق - التصوف العالم المجهول
۞ الاحسان الصوفي ۞ روى الشعراني : إذا صحبت فاصحب الصوفية فإن للقبيح عندهم وجوهاً من المعاذير وليس للحُسن عندهم كبير موقع يعظمونك به ۞ يقول الصوفي المغربي أبو لبابة حسين عن الصوفية : "فهم لا يترددون بالاستشهاد حتى بالموضوع من الحديث إذا كان ذلك يخدم قضيتهم" ا.هـ موقف متصوفة افريقيا وزهادها من الاحتلال العبيدي
Sufism .. The Other Face
The Outward is claiming Ihsan .. The inward is Graveworship (deadworship) !
Cleanse the houses of Allah .. from the corpses of Sufis

أسرار كتاب الغزالي إحياء علوم الدين - للشيخ نظام اليعقوبي استماع
رحلتي مع جماعة التبليغ - للصوفي السابق الشيخ :عباس الشرقاوي Angry face
ست محاضرات خطيرة! في كشف أسلحة الصوفية السرية في استغفال المسلمين علمائهم وعامتهم (اضغط على السهمين المتعاكسين للانتقال بين المحاضرات)
دينُ الصوفيةِ أصبحَ خَرِقاً - الدكتور الصوفي :فرحان المحيسن الصالح يطلقها مدوية !
خطبة مؤثرة جدا ! من يرد النجاة فليصدق ويستمع الى الخطبة

05 يناير، 2011

العقل تعريفه، منزلته، مجالاته، ومداركه (2-2)

بسم الله الرحمن الرحيم
العقل تعريفه، منزلته، مجالاته، ومداركه (2-2)
د. عبد القادر بن محمد بن عطا صوفي

المسألة الثالثة: مجالات العقل ومداركه في الإسلام :
من سمات التكريم التي حظي بها العقل في الإسلام، تلك المجالات التي حددت له ليخوض فيها، حتى لا يضل، ولا يزيغ، ولا يتخبط في الظلمات إذا ما نأى عنها، وخاض في غيرها.
والله عز وجل قد جعل للعقول في إدراكها حدا تنهى إليه لا تتعداه، ولم يجعل لها سبيلا إلى الإدراك في كل مطلوب)[1].
وعقول البشر يعتريها ما يعتري البشر من ضعف، وعجز، ونقص.
وهى متفاوتة، كما قال وهب بن منبه (ت 110 هـ): (كما تتفاضل الشجر بالأثمار، كذلك تتفاضل الناس بالعقل)[2].
ويشهد لتفاوتها: قوله - صلى الله عليه وسلم - للنساء: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن»[3] ؛ فقد دل بمنطوقه على النقصان، وبمفهومه على الزيادة، وهو معنى التفاوت.
وكذا الإجماع دل على التفاوت؛ فـ (كل الناس يقولون: عقل فلان قليل، وعقل فلان أكثر من عقل فلان، وفلان غير عاقل. قيل: هذا كله يراد به أكثر استعمالا وتدبرا وتفكرا من الآخر. قيل: فذلك التدبر والتفكر علامة على كثرة العقل؛ إذ لو كان مثل الآخر، لما تفكر أكثر، ولا تدبر)[4].
وهذا التفاوت يتطرق إلى معاني العقل كلها، عدا المعنى الثاني؛ وهو العلوم التي تلازم الإنسان العاقل؛ فتقع في نفسه ابتداء، ولا تنفك عن ذاته؛ (فإن من عرف أن الاثنين أكثر من الواحد، عرف أيضا استحالة كون الجسم في مكانين، وكون الشيء الواحد قديما حادثا... إلخ)[5].
وهذا كله يتساوى فيه بنو البشر.
وتفاوت العقول يدل على أن لكل واحد منها حدا وغاية - في إدراك الأشياء - ينتهي إليه، ولا يتعداه.
فالعقل لا يدرك كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أخبر عنه؛ فمداركه ليست شاملة.
من أجل ذا قال الإمام أحمد بن حنبل (ت 240 هـ): (ليس في السنة قياس، ولا يضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول)[6].
وقد عقب عليه ابن تيمية (ت 728 هـ) بقوله: (هذا قوله، وقول سائر أئمة المسلمين؛ فإنهم متفقون على أن ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا تدركه كل الناس بعقولهم، ولو أدركوه بعقولهم لاستغنوا عن الرسول)[7] ، والله عز وجل يقول: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[8].
والعلوم من حيث إدراك العقل لها تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
1 - (قسم ضروري لا يمكن التشكيك فيه كعلم الإنسان بوجوده، وعلمه بأن الاثنين أكثر من الواحد، وأن الضدين لا يجتمعان،...)[9].
2 - (وقسم نظري يمكن العلم به، ويمكن أن لا يعلم به؛ وهي النظريات. وذلك الممكنات التي تعلم بواسطة، لا بأنفسها. إلا أن يعلم بها إخبارا)[10].
3 - (وقسم لا يعلمه البتة، إلا أن يعلم به، أو يجعل له طريق إلى العلم به. وذلك كعلم المغيبات عنه، كانت من قبيل ما يعتاد علم العبد به أولا؛ كعلمه بما تحت رجليه، إلا أن مغيبه عنه تحت الأرض بمقدار شبر؛ وعلمه بالبلد القاضي عنه، الذي لم يتقدم له به عهد. فضلا عن علمه بما في السماوات، وما في البحار، وما في الجنة أو النار على التفصيل. فعلمه بما لم يجعل له عليه دليل غير ممكن)[11].
ويدخل في هذا القسم الأخير أغلب مسائل الاعتقاد؛ فلا تعلم إلا عن طريق الخبر؛ إذ لا يمكن للعقول أن تستقل بمعرفة هذه المسائل، لولا مجيء الوحي بها، وبأدلتها العقلية. وما على العقل إلا فهمها وتدبرها.
(وأيضا فإن كثيرا من مسائل الاعتقاد - بعد معرفتها، والعلم بها عند العقول - لا تدرك العقول حقيقتها وكيفياتها)[12].
ومن الأمثلة على ذلك:
1 - الروح، التي ليست من مدارك العقل؛ لذلك لما سألت يهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها، لم يبين لهم ماهيتها، بل قال: هي من أمر ربي:
فقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما «أن اليهود مروا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متكئ على عسيب، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فسألوه. فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يرد عليهم شيئا، حتى نزل عليه الوحي»[13].
فهذه الروح التي توجد فينا، والتي توصف بصفات متعددة، منها: الوجود، والحياة، والقدرة، والسمع، والبصر، والصعود، والنزول، وغير ذلك. وهى مخلوقة، ومع ذلك فالعقول قاصرة عن معرفة كيفيتها، وتحديدها؛ لأنهم لم يشاهدوا لها نظيرا، كما قال ابن تيمية : (والناس لما لم يشهدوا لها نظيرا، عسر عليهم التعبير عن حقيقتها)[14].
2 - أما عن صفات الله عز وجل، فللعقل دور في تفهم معانيها؛ لأنا (بعقولنا نعتبر الغائب بالشاهد، فتبقى في أذهاننا قضايا عامه كلية، ثم إذا خوطبنا بوصف ما غاب عنا، لم نفهم ما قيل لنا إلا بمعرفة المشهود لنا)[15].
وأما حقيقة الصفات وكيفياتها: فلا يدركها العقل، مع أنه لا يحيلها؛ إذ كيف يدرك ما يفتقر إلى تصوره.
ونحن لا نعلم كيفية صفات ربنا عز وجل؛ (إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له، وتابع له. فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه، وبصره، وتكليمه، واستوائه، وأنت لا تعلم كيفية ذاته ! وإذا كنت تقر بأن له ذاتا حقيقية ثابتة في نفس الأمر، مستوجبة لصفات الكمال، لا يماثلها شيء؛ فسمعه، وبصره، وكلامه، ونزوله، واستواؤه ثابت في نفس الأمر، وهو متصف بصفات الكمال التي لا يشابهه فيها سمع المخلوقين، وبصرهم، وكلامهم، ونزولهم، واستواؤهم)[16].
لذلك لما جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه؛ إمام دار الهجرة، فقال له: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[17] كيف استوى؟ أطرق الإمام مالك برأسه، وعلته الرحضاء[18] ، ثم رفع رأسه، وقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[19] كما وصف نفسه، فلا يقال: كيف؟ و " كيف " عنه مرفوع، وقال للسائل: أنت صاحب بدعة، وطلب من أصحابه أن يخرجوه من مجلسه.
فسبب إنكار الإمام مالك - رحمه الله - على السائل، كونه أراد أن يخوض بعقله، ما ليس في متناول عقله؛ وهو إدراك كيفية الصفة؛ لأن الرب جل جلاله لا يحيط به علما أحد من خلقه.
3 - وكذلك ما أخبر الله سبحانه وتعالى عنه من أمور الآخرة؛ كالجنة ونعيمها، والنار وجحيمها، وغير ذلك من المغيبات، ليست من مدارك العقل، ولا في متناوله، مع أن العقل يقر بها، ولا يحيلها.
ولنأخذ على ذلك مثالا بنعيم الجنة؛ فالله سبحانه وتعالى أخبرنا عما في الجنة من المخلوقات؛ " من أصناف المطاعم، والمشارب، والمناكح، والمساكن؛ فأخبرنا أن فيها لبنا، وعسلا، وخمرا، وماء، ولحما، وفاكهة، وحريرا، وذهبا، وفضة، وحورا، وقصورا، وقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء[20] " [21].
أما الكيفية فمختلفة، ولا طاقة للعقل في إدراك كيفية هذا النعيم المقيم، الذي أعده الله للمتقين، مع أن وجوده لا يتعارض معه بحال.
ونحن إذا تدبرنا عامة ما جاء في أمر الدين؛ من ذكر صفات الله عز وجل، وما تعبد الناس باعتقاده، وكذلك ما ظهر بين المسلمين وتداولوه بينهم، ونقلوه عن سلفهم، إلى أن أسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ذكر عذاب القبر، وسؤال الملكين، والحوض، والميزان، والصراط، وصفات الجنة، وصفات النار، وتخليد الفريقين فيهما، أمور لا تدرك حقائقها بعقولنا، وإنما ورد الأمر بقبولها والإيمان بها. فإذا سمعنا شيئا من أمور الدين، وعقلناه، وفهمناه، فلله الحمد في ذلك والشكر، ومنه التوفيق. وما لم يمكنا إدراكه وفهمه، ولم تبلغه عقولنا، آمنا به وصدقنا... "[22].
وهذا راجع إلى أن نصوص الكتاب والسنة لا تتعارض مع العقل الصريح.
يقول ابن تيمية (ت 728 هـ): (فيأخذ المسلمون جميع دينهم، من الاعتقادات، والعبادات، وغير ذلك - من كتاب الله، وسنة رسوله، وما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها. وليس ذلك مخالفا للعقل الصريح؛ فإن ما خالف العقل الصريح فهو باطل. وليس في الكتاب والسنة والإجماع باطل. ولكن فيه ألفاظا قد لا يفهمها بعض الناس، أو يفهمون منها معنى باطلا، فالآفة منهم، لا من الكتاب والسنة)[23].
وإذا كان كذلك، فإن العقل مطالب بالتسليم للنص الشرعي الصريح، ولو لم يفهمه، أو يدرك الحكمة التي فيه؛ لأن الشارع نص على كل ما يعصم من المهالك نصا قاطعا للعذر، فلا حجة لأحد بعد بيانه، كما ذكر ابن تيمية (ت 728) مستدلا على ذلك بآيات كثيرة، منها[24] : قوله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[25] وقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[26] ، وقول أبى ذر الغفاري رضي الله عنه: (لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يتقلب في السماء طائر، إلا ذكرنا منه علما)[27] ، وقول سلمان الفارسي رضي الله عنه حين قيل له: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة[28] ؟: « أجل؛ لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم »[29].
فهل يعقل أن يعلمهم - صلى الله عليه وسلم - هذه الأمور، ويهمل ما كان أعظم منها؟ !
والجواب: لا. وفي هذا دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - ترك أمته على مثل البيضاء، فوجب الامتثال لأمره، والانقياد لحكمه.
وعلينا أن لا ننسى أن أول ذنب عصي الله سبحانه وتعالى به، كان سببه عدم الامتثال لأمر الله عز وجل؛ وذلك حين أمر الله سبحانه وتعالى إبليس بالسجود لآدم عليه السلام:
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ}[30] ، لم يمتثل الأمر؛ فكان أول من قاس[31] ، إذ ركن إلى عقله، فلم يهده إلى السبب الذي لأجله يسجد الفاضل للمفضول - على حسب ظنه - فعصى، فعوقب: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}[32] وأيضا [ ص: 76 ].
وهذه أول شبهة وقعت في الخليقة؛ كما قال الشهرستاني (ت 548 هـ): (اعلم أن أول شبهة وقعت في الخليقة: شبهة إبليس لعنه الله، ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص، واختياره الهوى في معارضة الأمر، واستكباره بالمادة التي خلق منها؛ وهي النار، على مادة آدم عليه السلام؛ وهي الطين)[33].
فما أخبرنا عنه الله عز وجل في كتابه، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - آمنا به وصدقناه، وما سكت عنه من أمر الغيب، ويدخل في ذلك ذات الله سبحانه وتعالى، وأسماؤه، وصفاته، لم نشغل عقولنا في البحث عن كيفيته، أو تكلف ما لا يقدر عليه؛ لأن عقول البشر لا تستقل بمعرفة أصول الدين على سبيل التفصيل، لعجزها وقصورها، ولو كانت تستقل بمعرفة ذلك، لما أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب.
يقول السفاريني (ت 1188 هـ): (لو كانت العقول مستقلة بمعرفة الحق وأحكامه، لكانت الحجة قائمة على الناس قبل بعث الرسل، وإنزال الكتب. واللازم باطل بالنص: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا }[34] ، فكذا الملزوم)[35].
لكن ليس النفي على إطلاقه، بل نقول: لا تستقل العقول على سبيل التفصيل. أما على سبيل الإجمال؛ فإن الله سبحانه وتعالى فطر الخلق على ملة التوحيد :
يقول ابن تيمية (ت 728 هـ): (.. الله سبحانه فوق مخلوقاته، عال عليها؛ قد فطر الله على ذلك العجائز، والأعراب، والصبيان في الكتاب، كما فطرهم على الإقرار بالخالق تعالى... والرسل بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها، لا بتحويل الفطرة وتغييرها)[36] .
والله سبحانه وتعالى قد وهب عباده عقولا يهتدون بها إلى الحق.
والوصول إلى الحق يمكن من طريقين: طريق الوحي، وطريق التجربة التي تجمع بين الحس والعقل.
وقد أشار القرآن الكريم في غير ما آية إلى الطريقة الثانية، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ}[37].
(فبالسير في الأرض تتكون الصور الحسية لآثار السابقين؛ من خراب الديار، ودروس العمار، بعد أن كانوا أكثر قوة وجمعا. وهذا هو عطاء الحس، ثم تأتي مهمة العقل، وذلك بالنظر في هذا العطاء الحسي؛ فيفحصه مرتبا له، ورابطا لأجزائه بعضها ببعض؛ يقيس الغائب على الشاهد، ويلحق الشيء بنظيره، والفرع بأصله، والملزوم بلازمه، إلى غير ذلك من الأعمال العقلية، ثم يخرج بالنتيجة؛ وهى صلاح الدار الآخرة، وتقديمها على الدار الفانية)[38].
وهكذا تبدأ معطيات الحس ترد على العقل عبر رسله: السمع، والبصر، ونحوهما، ويبدأ العقل بأداء دوره في التفكر فيها، إلى أن ينتهي إلى نتيجة تهديه إلى الحق.
وبهذا يتضح أن الشريعة الإسلامية لم تهمل العقل، ولم تلغ دوره، ولم تأمر أتباعها بتعطيله وعدم تشغيله، كما فعلت باقي الديانات المحرفة، التي كانت تأمر أتباعها بالتسليم الأعمى.
فالحمد لله الذي هدانا لهذا الدين، وجعلنا من أمة محمد سيد الأنبياء والمرسلين.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

[1] الشاطبي، 1405 هـ، 2 \ 318.

[2] ابن أبى الدنيا، مصدر سابق، ص 49.

[3] صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم. وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقصان الطاعات، واللفظ للبخاري.

[4] الكلوذاني 1406 هـ، 1 \ 55 - 56

[5] الغزالي، مصدر سابق، ص 66.

[6] ابن أبي يعلى (د. ت) 1 \ 241.

[7] ابن تيمية، درء تعارض العقل والنقل، مصدر سابق، 5 \ 297.

[8] سورة الإسراء الآية 15

[9] الشاطبي، مصدر سابق، 2 \ 318.

[10] الشاطبي، مصدر سابق، 2 \ 319.

[11] الشاطبي، مصدر سابق، 2 \ 318، 319.

[12] ابن حسن، مرجع سابق، 1 \ 178.

[13] صحيح البخاري تفسير القرآن (4721) ، صحيح مسلم صفة القيامة والجنة والنار (2794) ، سنن الترمذي تفسير القرآن (3141) ، مسند أحمد (1/445).

[14]سورة الإسراء الآية 85 (1) { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا }

[15] ابن تيمية، تفسير سورة الإخلاص، 1408 هـ، ص 202.

[16] ابن تيمية، الرسالة التدمرية، 1405 هـ، ص 44، 45.

[17] سورة طه الآية 5

[18] الرحضاء: عرق يغسل الجلد لكثرته. (الزبيدي، 1306 هـ، 5 \ 32).

[19] سورة طه الآية 5

[20] أثر ابن عباس أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره، مصدر سابق، 1 \ 210.
 

0 comments:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية