بسم الله
سلسلة كشف المناهج الخفية و بيان المناهج الشرعية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقض علم المنطق و تطبيقاته في العلوم الإسلامية
الجزء الثاني
الموقف الشرعي من طريقة السلوب في الصفات
كتبه
مختار الأخضر الطيباوي
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده،وبعد.......
من المعلوم أنه بسبب انتشار علم الكلام في الأمة، وما حمله معه من قواعد فلسفية و منطقية تغلغلت بعض هذه القواعد المنطقية داخل العقل المسلم حتى أضحت من المسلمات وتقريبا من البديهيات.
وهي بعد الفحص العلمي الدقيق أغلوطات كبيرة بسببها وقع من وقع من الأئمة البارزين في الفقه و الحديث و الأصول و التفسير في براثين منطق الفلسفة ، و انساقوا خلف بريق هذه العقليات الزائفة فانتهى بهم الحال إلى التخبط في أصول الدين، والوقوع في البدع المخالفة للنصوص الشرعية، ولهدي وفهم السلف الصالح.
وما كان لهذه القواعد المنطقية أن تخترق منهج وعقيدة أهل السنة لتسل منه طائفة منهم، لولا تلك الترهات التي وقع فيها بعض أئمتهم من مدح العقل و الشعور بعقدة النقص أمام المتكلمين.
ولا زال لحد اليوم يوجد من يمدح العقل و المنطق، ويعتقد توهما أنه لا يتعارض مع السنة، لأنه لا يفرق بين سنة الاقتداء التعبدي و سنة التأسي المنهجي ،القائمة على أصول معرفية و علمية واضحة و ثابتة.
وحتى لا يتكرر الخطأ فقد شرعنا في سلسلة نقض المنطق، و بيان تخلفه عن العقلية الإسلامية السنية بأشواط كبيرة، و أنه ليس إلا ممحاكات جدلية تقوم في جلها على تصور وثني سفسطائي، وكمثال على ضرره في أصول الدين فهذا بحث مقتضب في مسألة السلوب، وما جرته على الأمة من تعطيل و إلحاد في أسماء الله و صفاته.
فهذا ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ على جلالة قدره في العلم ، و إمامته في الحديث قد تأثر ببعض هذه القواعد المنطقية الفلسفية، و التي هي محض التعطيل لصفات الباري، تقطع الطريق و الصلة بين المؤمن و خالقه،و إن دل هذا على شيء فإنه يدل على أن الإمامة في الحديث غير الإمامة في السنة، كما قال عبد الرحمان بن مهدي ـ رحمه الله .
نقل ابن حجر في ( الفتح){13/164} كتاب الإيمان عن بعض المحققين، ولم يسمه[1]،مقرا له أنه قال:
(( الحقائق الإلهية لا تعرف إلا بطريق السلب كما في العلم لا يدرك منه إلا أنه ليس بجاهل)).
وهذه القاعدة التي أقر بصلاحيتها و صحتها ابن حجر موغلة في الباطل، إذ هي من قواعد المناطقة الفلاسفة التي استهوت المعتزلة، ومن بعدهم المتكلمين، والتي بموجبها نفوا الصفات و الأسماء، وعارضوا بها طريقة القرآن و السنة في الإثبات المفصل و النفي المجمل[2]،فقلبوا المسألة، و قالوا بالنفي المفصل و الإثبات المجمل، و اعتبروا إثبات الصفات و الأسماء من ضرب الوهم و الخيال،أشير في هذه العجالة إلى بعض أوجه بطلانها فأقول:
القاعدة في السلوب:
1 ـ من المعلوم في فطرة بني آدم وطرقهم في التفكير و الخطاب أن السلب عندهم لا يتضمن العلم بالأشياء،إذ الموجودات تنقسم إلى واجب الوجود وممكن الوجود ،والمعدوم ليس بموجود،فلا يمكن أن نعرف الموجود إلا بطريق الإثبات.
ولذلك لا يعتبر بنو آدم نفيهم العلم بوجود شيء ما علما بوجوده،فعندما يقول الواحد منهم بعدما يسأل :لم أره،لم ألقه،لست أدري أين هو.
لا يعنون علمهم بوجود المسئول عنه،ولهذا يقدم علماء الأصول قول المثبت على قول النافي ما لم يتضمن قول النافي دليل نفيه،ذلك أن النفي دليل على عدم العلم ،بينما الإثبات دليل على العلم، ولهذا وجب التفريق بين العلم بالعدم و عدم العلم.
فعندما يُسأل المحدث عن حديث رواه احمد في ( المسند) فيقول :هذا الحديث غير موجود في (المسند).
فإن كان قد حكم بهذا الحكم السلبي بعد استقراء و مطالعة لمسند أحمد كله كان حكمه علما،و أما إن قال بحسب ظنه، فحكمه هذا لا يدل على العلم، بل يدل على جهله بوجود هذا الحديث في مسند أحمد.
ففي الحالة الأولى هو عالم بعدم هذا الحديث، وفي الحالة الثانية ليس عنده إلا عدم علم.
ومن نفى صفات الباري بناء على تصور فلسفي يزعم أن العلة الأولى لا يجب أن تكون إلا بسيطة ،لا تتصف بأي صفة من صفات المحسوسات،لأن اتصافها بالصفات يعني التعدد فيها والكثرة، كان في عقل هذا المخبول تنوع صفات الباري يستلزم حربا شعواء بين هذه الصفات،و كأن كل صفة إله مستقل بذاته!
يكون نفيه دليلا على جهله، لا على علمه، فإن القرآن أثبت هذه الصفات إثباتا مفصلا، ومن نفاها لم ينفها بعلم معتبر مصدره القرآن و السنة، بل مصدره عقيدة الإغريق الذين لم يعرفوا نور النبوة.
فعندما يثبت كل من له كتاب منزل الصفات، ولا يصدر النفي إلا عن الصابئة المتفلسفة نعلم من أين أخذ المتكلمون النفاة عقيدتهم في الصفات و الأسماء.
أكثر السلوب[3] صفات للمعدوم:
لقد علمنا أن المعدوم هو الذي تتكثر صفاته السلبية،و المتكلمون حينما ينفون صفات الله و أسمائه، وينفون رؤيته يوم القيامة،إنما يصفونه بالصفات السلبية التي لا تنطبق إلا على المعدوم،فيماثلونه بالمعدومات.
لماذا السلوب تماثل الله تعالى بالعدم؟
من المعلوم أن لكل موجود ماهية تخصه،وهذه الماهية هي مجموعة صفاته التي يتحدد بها وجوده في الحقيقة و يتميز بها عن غيره.
و إذا كان الأمر كذلك فإن افتراض موجود لا صفة ثبوتية له،وليس في صفاته معنيان متغايران في المفهوم،وهو لا في هذا العالم، ولا هو صفة من صفاته، ولا هو داخل فيه، ولا خارج عنه، ولا متصل به،ولا منفصل عنه،ولا مجانب له، ولا مباين له، ولا هو فوقه، ولا تحته ،ولا عن يمينه، ولا عن يسرته، ولا يرى، و لا يشار إليه،ولا هو متحرك، ولا ساكن، فلا يوصف بغير السلوب و الإضافات العدمية، ولا يوصف بشيء من الأمور الثبوتية هو بامتناع وجوده أحق و أولى منه بإمكان الوجود،فضلا عن أن يكون واجب الوجود!
و تكليف القلب بالإيمان بوجوده، و العقل بالاعتراف بوجود هذه الذات من قبيل تكليفه الجمع بين المتناقضات.
ذلك أن الموصوف بهذه السلوب مع نفي عنه الصفات الثبوتية لا يكون إلا ممتنعا،والامتناع ينافي الوجود فضلا عن وجوبه.
و الذين وصفوا الله تعالى بهذه السلوب وصفوه بما لا يتصف به إلا ممتنع الوجود،ومن وصف ما يجب وجوده بصفات ما يمتنع وجوده، فقد جعله دون المعدوم الممكن الوجود.
ومعلوم أن الجمادات خير من المسلوب عنه هذه الصفات،فضلا عن الذوات الحية العاقلة ،فقد جعلوا الله سبحانه و تعالى دون الإنسان ودون الحيوان البهيم و دون الحجر و التراب.
فلما فروا من وصفه بما يستلزم الإنكار في عقيدتهم وصفوه بما يستلزم الامتناع في العقل و الفطرة.
فهذه عقول كادها باريها حتى انتهت إلى هذا الاعتقاد الضال الباطل الذي يعلم بطلانه من نفسه، لما تطاولت على القرآن وجعلته وراءها ظهريا ،فاعتبرته ظواهر كفرية، و اعتقدت الحسن في عقول الإغريق.
السلب الصحيح يتضمن الإثبات:
إن إثبات أقصى درجات الكمال الممكن لله عز وجل يعني أنه لا يوصف بصفة سلب إن لم تتضمن معنى ثبوتيا،فكل صفة سلبية لا تتضمن ثبوتا فلا يوصف بها إلا المعدوم.
وكل صفة تصلح للمعدوم المحض فإنها لا تصلح أن يوصف بها الله تعالى، لأنها حينئذ صفة لا مدح فيها بحال،إذ المعدوم المحض لا يمدحه عاقل،وما لا يكون فيه مدح، فإن الله لا يوصف به،فله الأسماء الحسنى و المثل الأعلى.
ومعلوم أيضا أن السلوب لا نهاية لها ،ومهما كثرت لم يزداد الموصوف بها تميّزا،فعندما يقولون : إن الله واحد ليس كمثله شيء، و ليس بجسم، ولا شبح، ولا جثة، ولا صورة، ولا شخص، ولا جوهر، ولا عرض، ولا بذي لون، ولا طعم ولا رائحة، ولا مجسة،ولا بذي حرارة، ولا برودة، ولا رطوبة ،ولا يبوسة ، ولا طول، ولا عرض، ولا عمق، ولا اجتماع، ولا افتراق، ولا يتحرك، ولا يسكن، ولا يتبعض، و ليس بذي أبعاض و أجزاء، و ليس بذي جهات، لا يمين، ولا شمال، و أمام، و خلف، و فوق، و تحت، ولا يحيط به مكان، ولا يجري عليه زمان، ولا تجوز عليه المماسة، ولا العزلة، ولا الحلول في الأماكن، ولا يوصف بأنه متناه، ولا يوصف بمساحة، ولا ذهاب في الجهات، و ليس بمحدود، ولا تحيط به الأقدار، ولا تحجبه الأستار، ولا تدركه الحواس، وكل ما يخطر بالبال و تصور بالوهم فغير مشبه له[4]،لا تراه العيون، ولا تدركه الأبصار، ولا تحيط به الأوهام، ولا يسمع بالأسماع، شيء لا كالأشياء، لزمهم أنه معدوم، إذ هذه صفات العدم.
ومعلوم أننا لو زدنا على هذه السلوب آلاف السلوب الأخرى لما ازداد إلى غموضا، و ازددنا جهلا به، فكل هذه السلوب و آلاف أخرى لا يعرف بها المؤمن ربه، لأنه لم يعرف صفاته التي يحمد بها و يمجد، وهي الصفات الثبوتية التي تعيّن و تميّز وجوده عن غيره.
فالمتكلمون طلبوا معرفته بنفي صفاته و أسمائه فانتهوا إلى الجهل به، و غاية ما أدركوه بهذه السلوب هو وصف المعدوم،لان كثرة السلوب لا توجب أمرا ثبوتيا، فحتى الإبداع عند بعضهم لا يوجب لله تعالى و صفا ثبوتيا، فمهما كثرت الإبداعات منه لم توجب له وصفا ثبوتيا،وهذا في غاية التعطيل،مع أنهم متناقضون في جعلهم الإبداع أمرا عدميا،و أنه إضافة، و الإضافة أمر عدمي.
وهم يفرون من إثبات الصفات نفيا للتعدد، و إذا قالوا تعليلا:كثرة السلوب لا توجب تعدد أمر ثبوتي ، يقال لهم: وكثرة الإضافات كذلك عندكم،فلم تثبتوا له شيئا لا يتصف به العدم.
إذا كان العلم يتعلق بموجود ومعدوم،يثبت الموجود و ينفي المعدوم، لزم أن الإثبات أعم و أغنى من السلب و النفي،و السلب حينئذ ليس إلا أحد طرق الإثبات،ومتى لم يقتض السلب إلا النفي و العدم كان سلبا محضا لا مدح فيه،و الله تعالى إنما نصفه بالسلوب ما كان منها مستلزما للوجود،إذ العدم المحض ليس فيه ثناء و حمد،وصفات الله فيها الثناء و الحمد.
وعليه نقول: السلب في باب الصفات إن لم يتضمن إثباتا لم يكن مدحا وكمالا،فكل تنزيه مدح به الرب ففيه إثبات، كالتسبيح يتضمن تنزيه الله عن العيوب و النقائص و يتضمن تعظيمه،فالسلب تابع للإثبات، و المقصود منه تكميل الإثبات.
الفرق بين الإخبار عن الله بالسلوب و وصفه بها:
لقد بين القرآن أنه يجوز الإخبار عن الله تعالى بالسلوب التي تتضمن ثبوتا كما في قوله تعالى:{ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ }،فإنه يتضمن إثبات كمال حياة الله و قيوميته.
وكذلك قوله تعالى:{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ } يتضمن إثبات كمال قدرته،لأن نفي مس اللغوب الذي هو التعب والإعياء يدل على كمال القدرة ونهاية القوة، بخلاف المخلوق الذي يلحقه من التعب والكلال ما يلحقه.
وقوله تعالى:{ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ } يتضمن إثبات كمال علمه و إحاطته بأقل الأشياء وهي الذرة .
وقوله تعالى:{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} يتضمن إثبات كمال صمديته،وغناه عن خلقه.
وكذلك قوله :{ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} يتضمن إثبات تفرده بكماله، و أنه لا نظير له،وهذا مطرد في كل سلب ورد في حقه في القرآن أو السنة،لا ينفي شيئا عنه إلا ليثبت ما يحمد به، و يثنى به عليه، و يمجد به من الصفات.
ومن المعلوم لدى كافة المسلمين أن النبي صلى الله عليه و سلم و الصحابة و التابعين و أئمة السلف لم يكونوا يعظمون الله تعالى بشيء من هذه السلوب،بل لم يثبت عنهم إلا طريقة الإثبات المفصل و السلب المجمل.
وقد مجد النبي صلى الله عليه و سلم الله تعالى و عظمه بصفات الإثبات كما في النص الصحيح الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ {تحت رقم4437و 4992} حينما قرأ على المنبر قوله تعالى:{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}.
و الأدلة في القرآن والسنة دلت على عظم قدرة الرب الذي يقبض الأرض و يطوي السماوات بيمينه، وهذا وصف لأمور وجودية ثبوتية تقتضي عظمة القدرة ،بخلاف السلوب المحضة التي لا تثبت له أمرا وجوديا .
فالإخبار عن الله تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه و صفاته،كالإخبار عنه بالشيء، و القائم بنفسه،فإنه يخبر بها عنه، ولا تدخل في أسمائه الحسنى و صفاته العليا.
و الصفة متى كانت تحمل كمالا و نقصا لم تدخل بإطلاقها في أسمائه، بل لا نطلق عليه منها إلا كمالها، مثل:" المريد، و الفاعل و الصانع".
فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه، فإن الإرادة و الفعل و الصنع تتضمن كمالا و نقصا،و الله تعالى أطلق على نفسه منها أكملها فعلا و خبرا فقال: { فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ }.
وقد جمع ابن القيم ـ رحمه الله ـ قاعدة جليلة وافية في هذا الباب "الأسماء و الصفات" في كتابه (بدائع الفوائد){270/2}فليراجعه من شاء.
وبهذا يتبين أن المسلم لا يعرف الله تعالى بصفات السلب،بل الأصل في معرفة الله صفات الإثبات، و السلب تابع لها، يخدمها و يزيل عنها ظن النقص، وما قد يتوهمه الجاهلون و المشركون، و بالتالي لم يكن السلب طريقا إلى العلم بصفات الله كالإثبات إلا ما كان من صفات السلب مثل نفي الشريك عنه سبحانه و تعالى.
ومسألة الأحكام و القضايا السالبة هل هي منتجة كما هو الطرح في علوم المنطق ، قد خالف فيها المناطقة بعضهم بعضا، فمنهم من ينكر الأحكام السالبة أصلا، ويرد كل حكم سالب إلى حكم موجب.
وبدون الدخول في هذا النزاع يعلم العقلاء أنه لا وجود لتصورات سالبة في الذهن،فعدم وجود غير الموجود لا ينطبع في الذهن، ولا يتصور،لان النفي كما بيناه سابقا إثبات من الدرجة الثانية،فهو يثبت شيئا لإثبات يثبت من جهته شيئا موضوعا،و هذا ما نسميه السلب المتضمن للإثبات،فنحن في الواقع لا ندرك إلا صفات الأشياء لا غياب هذه الصفات.
فإذا قلت: ليست هذه السيارة بيضاء، فإني حينئذ لا أعبر عن مدرك، لان الغياب لا يدرك مفصلا، فأنا في حقيقة الأمر لا أحكم على السيارة بل على الحكم الذي قال عنها: إنها بيضاء، فأنا أحكم على حكم، لا على السيارة.
و السلب فائدته في دخول العنصر التعليمي الخارج عن العقل،لأن النفي ماهيته تعليمية إذ هو يصحح حكما أصدره أو يمكن أن يصدره شخص آخر،و لذلك لم يكن المعتبر منه في باب الصفات إلا السلب المتضمن نفي شيء لإثبات آخر كنفي الشريك عن الله تعالى، هو تصحيح لحكم الجاهلية و الشرك، يتضمن إثبات وحدانيته.
و لو تفحصنا الأحكام السلبية مفهوما وموضوعا لتبينا أن السلب يمثل نصف العقل و نصفه الآخر الإثبات،فأنت تنفي الشريك عن الله لإثبات الوحدانية و التفرد، وهذا لازم في كل سلب أن يتضمن الإثبات،ومن هنا تعرف كيف جعل المتكلمون السلب كل فعل العقل، فكانت معارفهم عدمية لا حقيقة لها.
نعم كل قول سالب أو موجب يتضمن نفي القول المناقض له،فمن يثبت وجود شيء فقد نفى عدم وجوده، و السلب في باب الصفات دوره أن يخدم الإثبات، فإن وصفنا الله بسلوب لا تتضمن الإثبات فلم نصفه بما يجب، و بالتالي لم يتميّز عن باقي الموجودات بصفات نعرفه بها.
فإذا كان مثل الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ قد أخطا في هذا الباب الخطير، وهو من هو في علم الحديث و الأثر، عرفت قدر علم التوحيد، و أنه المحك الذي يقيّم به الناس كل الناس ،و أنه علم خاص لا يقوم به علم الحديث وحده،بل نحتاج إلى معرفة مسالك الكلام و مصطلحاته، و إلا وقعنا في الخطأ و الغلط.
و الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
www.taibaoui.com
فهرس الموضوعات
[1] ـ نقل الأشعري في(المقالات){43/1} هذا القول عن ضرار بن عمرو، قال:
(( قال ضرار بن عمرو:معنى أن الله عالم أنه ليس بجاهل، ومعنى أنه قادر أنه ليس بعاجز،ومعنى أنه حي أنه ليس بميت.
وقال النظام: معنى قولي عالم إثبات ذاته ونفي الجهل عنه، ومعنى قولي قادر إثبات ذاته ونفي العجز عنه، ومعنى قولي حي إثبات ذاته ونفي الموت عنه، وكذلك قوله في سائر صفات الذات على هذا الترتيب)).
قلت: قولهم :عالم بمعنى أنه ليس بجاهل يقتضي أنهم جعلوا صفة العلم مجازا، بمعنى السلب و الإضافة،ومعلوم أنهم ما عرفوا معنى جاهل حتى عرفوا معنى عليم،فإن إدراك النفي أصله إدراك الإثبات،فمن عرف العلم عرف ما يضاده وهو الجهل.
أما من لم يعرف العلم لا يمكنه أن يعرف الجهل،وعليه فلم عرّفوا العلم بعدم الجهل، و الأحرى بهم تعريف عدم الجهل بالعلم.
وقد يقال لهم:معنى سميع بصير أنه ليس أصم ولا أعمى،ومعلوم أن السلوب لا نهاية لها،فإن السلوب و الإضافات له أكثر من أن يحصيها إنسان،فلزم أنه لا يتعين بها وجود الرب، ولا تعظيمه وتمجيده.
[2] ـ يعلم من قرأ القرآن و اتخذه مصدره في العلم أن الله أرسل رسله و أنبياءه بإثبات مفصل ونفي مجمل، فاثبتوا له الأسماء و الصفات، و نفوا عنه مماثلة الخلق،فالله تعالى أخبر في كتابه أنه حي، قيوم، عليم، حكيم، غفور، رحيم، سميع بصير، علي، عظيم، خالق، استوى على عرشه، كلم موسى تكليما،يرضى عن المؤمنين و يغضب على الكافرين و غير ذلك من الأسماء و الصفات، وقال في النفي:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}،{ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}،{ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
فنفى بذلك أن تكون صفاته كصفات المخلوقين، ليس كمثله شيء لا في نفسه المقدسة الموصوفة بالأسماء و الصفات، ولا في شيء من صفاته، ولا أفعاله.
وعليه، فالمؤمن يؤمن بالله و ماله من الأسماء الحسنى و يدعوه بها، و يجتنب الإلحاد في أسمائه و آياته:{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}،وقال تعالى:{ إنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}.
فليجتهد المؤمن في تحقيق العلم و الإيمان، و ليتخذ الله هاديا و نصيرا، لا يتخذ عقله و منطق اليونان كذلك .
فجاء من استبدل دلالة القرآن بمنطق اليونان، زاعما أن الأنبياء لم يعرفوا الحق،أو عرفوه ولم يبلغوه، أو عرفوه وموهوا على الناس و شبهوا لهم، لأنهم لا يمكنهم أن يدركوا مثلا أن الله لا خارج العالم ولا داخله، فيقول الناس: إذا هو غير موجود، فإن لم يوجد لا داخل العالم ولا خارجه لا يكون إلا عدما!
فهؤلاء المعطلة النفاة عكسوا دلالة القرآن فجاؤا بنفي مفصل و إثبات مجمل أي وجود مطلق بشرط النفي أو بشرط الإطلاق، وقد آمنوا و أقروا في منطقهم اليوناني أن المطلق بشرط الإطلاق لا يكون في الخارج، فليس في الخارج إنسان مطلق بشرط الإطلاق، ولا موجود مطلق بشرط الإطلاق، بخلاف المطلق لا بشرط، الذي يطلق على هذا وعلى هذا فهو يكون في الخارج، و لكنه لا يكون إلا معينا مميزا عن غيره.
وعليه، فإنهم عندما قالوا: الله لا خارج العالم ولا داخله، فإذا قلت لهم: هو موجود ؟ قالوا: نعم، لزم أنه الوجود المشروط بنفي كل ثبوت عنه، فيكون عز وجل تعالى عن شركهم مشاركا لسائر الموجودات في مسمى الوجود، متميزا عنها بالعدم، إذ المخلوقات موجودة داخل العالم، وهو موجود لا داخل العالم ولا خارجه، وقد علمنا أن الشيء لا يكون موجودا حتى يكون متميزا بأمر ثبوتي، وهم لا يثبتون له شيء يميز وجوده عن وجود خلقه، و إذا كان الوجود خيرا من العدم يكون أحقر الموجودات خيرا من العدم، و المتميز بين الموجودين لا يكون عدما محضا بل لا يكون إلا موجودا.
فحقيقة قول هؤلاء وفقا لقولهم بان الله موجود لا داخل العالم ولا خارجه يجمعون بين المتناقضات ويلزمهم أن الوجود الواجب ممتنع، وهذا غاية الجهل و الضلال،{ سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين}.
[3] ـ معنى السلب:
السلب عند المناطقة المتفلسفة المتكلمة هو نفي معنى زائد على نفسه،أو نفي المادة عنه، أو نفي الغيبة عنه،وكل سلب خاص لا يتضمن سلبا عاما،و السلب إنما يتضمن غيره إذا كان أعم منه.
قال ابن سينا في( منطق الإشارات):
(( السلوب لوازم للأشياء بالقياس إلى اعتبار معان ليست لها،فإن غير الناطق أمر يعقل باعتبار الناطق))
أي:لا يعقل السلب إلا بعد أن يعقل الإثبات،فهو فرع على الإثبات،أو هو درجة ثانية من الإثبات كما سأبينه لاحقا،فمن لم يعقل العلم و القدرة لا يعقل الجهل و العجز.
و السلوب عند ابن سينا لا تصح إلا عن المعدومات،وذلك لأن إيجاب المعاني الموجودة لها يكذب عليها إلا بشرط وحال،فقولنا:
الحجر صحيح، و الحجر ليس بصحيح، الصدق هو السالب منهما،فإثبات الصحة المضادة للمرض للحجر كاذب بينما نفيها عنه صادق،وهذا ما يبين بوضوح أن السلوب من صفات المعدوم لا الموجود.
يقع الاشتراك في السلوب عند بعض المتكلمين،وهي عندهم مغايرة للأحوال إذ هي أعدام محضة، بينما الحال لا يوصف عندهم بالعدم،كما لا يوصف بالوجود،إذ هو أمر نسبي و إضافي،و عليه فالسلوب التي يوصف بها الموجود فإنها معدومة لا أحوال،والفلاسفة يعتقدون أن الله تعالى واحد من جميع جهاته لا تعدد فيه أصلا،بل جميع صفاته راجعة إلى السلوب و الإضافات.
وقد علم العقلاء أن الاختلاف بين معاني الصفات و الأسماء يستدعي مميزا بينها و إلا كانت شيئا واحدا،وقولهم يجوز أن يسند ذلك إلى السلوب و الإضافات فمندفع وذلك أن السلب عمن لا تقع بينهما المشاركة من الصفات المختلفة كالجبار و الرحيم و العليم و القدير يعني إثبات صفة زائدة أو معنى زائد،فقولنا ليس بعاجز غير قولنا ليس بجاهل.
علاقة السلوب بالمعاني عند الأشاعرة:
الصفات عند الأشاعرة سبعة وهي : العلم و الإرادة و القدرة و الحياة و الكلام النفساني و السمع و البصر، وهي صفات معاني ليست منفكة عن الله تعالى، ولا عينا فيه،بل شيء ملازم بخلاف صفة الوجود و يسمونها"الكون" فإنها عندهم إما هي عين الذات بناء على أنه وجه و اعتبار،و إما أنه غيرها بناء على أنه حال،والحال هو ما له ثبوت في نفسه وفي محله.
ومنهم من قال: قولنا: الله موجود حكم معنوي يعتقد ويبرهن عليه لا مجرد إخبار لفظي،و إذا كانت الصفة يكفي فيها مغايرة المفهوم و إن لم تكن زائدة في الخارج فإنهم مع ذلك عدوا السلوب كالقدم و البقاء و مخالفته تعالى للحوادث و قيامه بنفسه و الوحدانية صفات،و الصفات كما علمت تدل عندهم تدل على معنى زائد على الذات، و إن كانت ليست عين الذات.
وقد علمنا أن صفات السلوب عدمية عبارة عن سلبها نقصا عن الذات إما أن تكون وجها و اعتبارا و حالا،و الاعتبار لا ثبوت له إلا في ذهن المعتبر،و أنه أمر واحد إن وافق الموجود في الخارج كان صادقا، و إن خالفه كان مجرد اعتبار لا ثبوت له إلا في الذهن، وماله ثبوت في نفسه دون المحل بخلاف الحال.
فالوجود و الصفات المعنوية إن لم تكن زائدة في الخارج على الذات بمعنى ليست هي الذات كانت كصفات السلوب من حيث أنها صفات يحكم بها على الذات حكما معنويا، وصفات السلوب يكفي في كونها غير صفات الإثبات مغايرة مفهومها لمفهوم صفات الإثبات.
[4] ـ مثل هذه العبارات قد أطلقها بعض المتصوفة ولهم قصد فيها غير قصد المتكلمين،مثل ما ينسب لجعفر الصادق أنه قال:
(( وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه)).
وقول ذي النون المصري:((وكل ما تصور في وهمك فالله بخلاف ذلك)).
وقول علي الروذباري:(( كل ما صورته الأوهام و الأفكار فالله سبحانه بخلافه)).
قلت:هذا حق على معنى ما ذهب إليه هؤلاء، لا على معنى المتكلمين، فإن هؤلاء العُباد لا ينفون صفات الله و أسمائه،ويقولون:كلام الله مخلوق، ولا يقولون:هو لا داخل العالم ولا خارجه.
وكون الله تعالى لا تحيط به الأوهام و الخيالات لا ينفي ثبوت صفاته،إذ ما لا صفة له ، ولا يتوهم هو العدم المحض.
تعريف مصطلح الوهم و الخيال:
لفظ "الوهم و الخيال" يراد به معنيان: المطابق و غير المطابق،والمعنى المشهور لـ"الوهم و الخيال" هو:(( ما لا يطابق الحقيقة)).
بينما معناه في الفلسفة و المنطق :(( قوى في الإنسان تتعلق بالمحسوسات هي دون قوى العقل)).
فعندهم أن الوهم و الخيال لا يتصرفان إلا في المحسوسات،فيأتي الظن بثبوت الصفات عند من يثبتها بسبب حكم الوهم و الخيال، لا بسبب حكم العقل!
فالوهم عند الفلاسفة و المناطقة هو قوة للإنسان ، من شأنها إدراك المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوسات، كشجاعة زيد وكرمه، وهذه القوة هي التي تحكم بها الشاة أن الذئب مهروب منه، وأن الولد معطوف عليه، وهذه القوة حاكمة على القوى الجسمانية كلها، مستخدمة إياها استخدام العقل للقوى العقلية بأسرها، وهو إدراك المعنى الجزئي المتعلق بالمعنى المحسوس.
و الوهمي المتخيل عندهم هو الصورة التي تخترعها المتخيلة باستعمال الوهم إياها، كصورة الناب أو المخلب في النعجة.
و الوهميات هي قضايا كاذبة يحكم بها الوهم في أمور غير محسوسة، والقياس المركب منها، يسمى: سفسطة.
قلت: تمثيل الفلاسفة لحكم الوهم بهروب النعجة من الذئب غير صحيح ،فإن هروبها من كل ذئب تصادفه، بحيث لا تفرق بين ذئب وذئب هو حكم عام في كل ذئب، و الحكم العام حكم كلي أي من الكليات،و الكليات عندهم من حكم العقل، لا من حكم الوهم.
و بالتالي تبيّن أن ما تسميه الفلاسفة "حكم الوهم والخيال" هو حكم العقل، وما تسميه "حكم العقل" كإثبات موجود قائم بنفسه لا داخل العالم ولا خارج عنه، ولا يشار إليه ولا يرى هو حكم الوهم و الخيال،إذ هذا توهم و تخيل لموجود ممتنع في حكم العقل و في الخارج.
و الفلاسفة ومن اتّبعهم من المتكلمين يقصدون بالتخيل الصور، و بالتوهم المعاني،ومعلوم أن هذا اللفظ" التوهم و الخيال" يعم القسمين: المطابق وغير المطابق،أي قد يتوهم الإنسان و يتخيل ما هو مطابق لما في خارج ذهنه، وقد يكون غير مطابق لما توهمه و تخيله، فالأول حق، و الثاني باطل.
تماما كما يعم لفظ " الخبر" الخبر الصادق و الخبر الكاذب، ولفظ" الكلام" للحق و الباطل، ولفظ" الظن" للمصيب و المخطئ، و لفظ" الاعتقاد" للحق و الباطل.
فما يتخيله الإنسان و يتوهمه قد يكون حقا أو باطلا مثل ما يعتقده و يظنه و يحسبه.
و التوهم في اللغة أصله وهمة إذا توهم الإنسان شيء من الريب، قال الأزهري في ( تهذيب اللغة){184/1}:
(( يقال: توهّمتُ في كذا وكذا، وَأَوَهْمتُ الشيءَ إذا أغفلته، والتهمة أصلها وُهْمَة من الوَهْم، يقال: اتهمَتُه، افتعالٌ منه، ويقال: أَتْهمتُ فلاناً على بناء أفعَلْتُ، أي أدخَلْتُ عليه التُّهمة ويقال: وهِمتُ في كذا وكذا، أي غَلِطت. ووَهَم إلى الشيء يَهِم، إذا ذَهب وَهْمُه إليه)).
وما اتهم به الإنسان قد يكون حقا، وقد يكون باطلا،و اسم الجنس إذا كان يعم نوعين احدهما أشرف من الآخر، فقد يخص في العرف النوع الأشرف باسمه الخاص،و يبقى الاسم العام مختصا بالنوع المفضول.
ولذلك كثيرا ما يقصد بلفظ" الوهم و الخيال" النوع الناقص،وهو الباطل الذي لا حقيقة له، و أما ما كان حقا مما يتخيله الإنسان فيسموه باسمه الخاص و أنه معلوم و معقول و يقال: إنه متصور و متذكر.
وهذا بخلاف لفظ" العلم و العقل و الإحسان" فإنما تطلق على نفس الإدراك الذي هو الإدراك الصحيح،ولفظ" الوهم و الخيال" لا يدل على نفس الإدراك،و إنما يدل على الاعتقاد الذي يكون تارة مطابقا، ويكون فيما يتصور في النفس و ينشأ فيها كما تنشأ العلوم بالنظر و الاستدلال، وهذا يكون حقا تارة، وباطلا تارة أخرى.
و عليه فإن لفظ " التوهم و التصور و الخيال" في الكلمات المنقولة عن بعض أئمة التصوف و غيرهم المقصود بها التوهم و الخيال الباطل، لا ما يوافق الاعتقاد الحق، تعرف ذلك بكونهم من مثبتة الصفات، و إثبات الصفات عند الفلاسفة و المتكلمين من حكم الوهم و الخيال.
علاقة السلوب بالوهم و الخيال:
لما كانت السلوب لا حد لها ولا نهاية، ومهما أكثروا من وصف الله تعالى بها لم تشبع نهمهم في التعطيل و النفي وضعوا لذلك قاعدة جامعة تعم كل سلب ممكن وهي قولهم:
(( كلما خطر على قلبك أنه شيء تعرفه فهو على خلافه))،كما اشتهر بذلك الرازي و وغيره ، فقد قال:(( إنه على خلاف الحس والوهم و الخيال)).
وقد حاجهم الإمام أحمد قديما كما في ( الرد على الجهمية) عندما قال:
(( فقلنا هو شيء؟ قالوا: هو شيء لا كالأشياء،فقلنا: إن الشيء الذي لا كالأشياء قد عرف أهل العقل أنه لا شيء،فعند ذلك تبين للناس أنهم لا يثبتون شيئا، ولكنهم يدفعون عن أنفسهم الشنعة بما يقرون في العلانية،فإذا قيل لهم: من تعبدون؟ قالوا: نعبد من يدبر أمر هذا الخلق، فقلنا: فهذا الذي يدبر أمر هذا الخلق مجهول)).
0 comments:
إرسال تعليق