الاشتراك في الأذهان ولكل شيء وجود يخصه
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
من المسائل الدقيقة التي تفرد – في ظني – شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيانها هذه المسألة المهمة ألا وهي أن المطلق بشرط الإطلاق لا يوجد إلا في الأذهان وبيان أن الاشتراك بين الأشياء إنما هو في الأذهان ولكل شيء من الأشياء وجود يخصه ؛ وهذه المسالة إذا تدبرها الإنسان وخصوصا من قام في نفسه تأويل أو تعطيل الصفات لزال عنه كثير من الإشكالات التي تعترضه في إثبات الصفات .
فمثلا لفظة الإنسان هذه من الألفاظ المطلقة ولا يوجد هذا اللفظ بشرط الإطلاق إلا في الذهن أما خارجه فلا يوجد مسمى الإنسان إلا معينا ومقيدا مثلا خالد , محمد , عمر , عثمان إلخ .
وكذلك يقال مثلا في الصفات لو قلنا مثلا الحي أو الحياة فهذه من الألفاظ المطلقة التي يتصورها الذهن ؛ ولكن في خارجه لا يوجد هذا اللفظ إلا مقيدا ومعينا مع بيان اختصاص كل واحد بحقيقة حياته وماهيتها فلو قلنا مثلا حياة الله وهذا لفظ مقيد دل على حقيقة هذه الحياة التي لايسبقها عدم ولا يلحقها زوال .
ولو قلنا حياة خالد أو فلان من الناس لعرف أن حياته تختص به التي يسيقها العدم ويلحقها زوال , وعند التحقيق لا يتصور الاشتراك بين حياة الخالق وحياة المخلوق إلا في الذهن وهو الاشتراك باللفظ فقط ؛ وأما خارج الذهن في الحقيقة فلا اشتراك بينهما , ومن هنا قامت الشبهة في أذهان كثير من المأولة والمعطلة أن ما فهم منه الاشتراك في الذهن يلزم منه الاشتراك خارجه في الحقيقة والماهية ؛ وهذا الفهم كما ذكر شيخ الإسلام أصل بلية التحريف والتعطيل .
وهكذا يقال في بقية الألفاظ والمسميات فخذ مثالا آخر لفظة الوجود لفظ مطلق يتصور فيه الذهن وجود واجب الوجود ويتصور فيه أيضا وجود الممكن ؛ وهذا الوجود بإطلاقه لو تصور فيه الذهن اشتراكا لكان هذا فقط في الذهن أما خارج الذهن وفي الحقيقة والماهية فوجود واجب الوجوب يختلف بتاتا وقطعياعن وجود سائر الأشياء .
ومثال آخر لفظة اليد مثلا هكذا مطلقة أي بدون قيد أو تخصيص لا توجد إلا في الذهن أما في الحقيقة فلا توجد هذه اللفظة إلا مقيدة يقال يد الإنسان ويد السيارة ويد النافذة ويد النملة ويد الجمل ؛ فأنت ترى أن لا اشتراك بين هذه الأشياء في الحقيقة إلا ما يتصوره الذهن من لفظة اليد وهذه اللفظة كما قدمنا لا توجد مطلقة إلا في الأذهان لا في خارجها فلا إشكال في إطلاق هذه الصفة على الله فيقال يد الله ولا يقوم في الذهن أن إثبات هذه الصفة يلزم منه اشتراك بين الخالق والمخلوق لأن وجود كل شيء يخصه ووجود الخالق كما بينه الله { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }
وبعد هذه المقدمة نأتي إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وبين فيها أن القدر المشترك الكلي لا يوجد في الخارج إلا معينا مقيدا وأن معنى اشتراك الموجودات في أمر هو تشابهها من ذلك الوجه وأن ذلك المعنى العام يطلق على هذا وهذا لأن الموجودات في الخارج لا يشارك أحدهما الآخر في شيء موجود فيه بل كل موجود متميز عن غيره بذاته وصفاته وأفعاله .
ولما كان الأمر كذلك كان كثير من الناس متناقضا في هذا المقام فتارة يظن إثبات القدر المشترك يوجب التشبيه الباطل فيجعل ذلك له حجة فيما يظن نفيه من الصفات حذرا من ملزومات التشبيه وتارة يتفطن أنه لا بد من إثبات هذا على تقدير فيجب به فيما يثبته من الصفات لمن احتج به من النفاة .
مجموع الفتاوى (3|76)
وقال أيضا : الوجود المطلق بشرط الإطلاق أو بشرط سلب الأمور الثبوتية أو لا بشرط مما يعلم بصريح العقل انتفاؤه في الخارج ,وإنما يوجد في الذهن وهذا مما قرروه في منطقهم اليوناني وبينوا أن المطلق بشرط الإطلاق كإنسان مطلق بشرط الإطلاق وحيوان مطلق بشرط الإطلاق جسم مطلق بشر الإطلاق ووجود مطلق بشرط الإطلاق : لا يكون إلا في الأذهان دون الأعيان .
ولما أثبت قدماؤهم الكليات المجردة عن الأعيان التي يسمونها المثل الأفاطونية أنكر ذلك حذاقهم وقالوا : هذه لا تكون إلا في الذهن. درء التعارض (1|167)
وقال رحمه الله : وإذا كان من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه وما هو محدث ممكن يقبل الوجود والعدم فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود ولا يلزم من اتفاقهما في مسمى الوجود أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا بل وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه , واتفاقهما في اسم عام لا يقتضى تماثلهما فى مسمى ذلك الاسم عند الإضافة والتخصيص والتقييد ولا فى غيره
فلا يقول عاقل إذا قيل إن العرش شيء موجود وإن البعوض شيء موجود أن هذا مثل هذا لاتفاقهما في مسمى الشيء والوجود لأنه ليس فى الخارج شيء موجود غيرهما يشتركان فيه بل الذهن يأخذ معنى مشتركا كليا هو مسمى الاسم المطلق وإذا قيل هذا موجود وهذا موجود ؛ فوجود كل منهما يخصه لا يشركه فيه غيره مع أن الاسم حقيقة فى كل منهما .
ولهذا سمى الله نفسه بأسماء وسمى صفاته بأسماء وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لا يشركه فيها غيره وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص ولم يلزم من اتفاق الاسمين وتماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص اتفاقهما ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص فضلا عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص
فقد سمى الله نفسه حيا فقال {الله لا اله إلا هو الحي القيوم} وسمى بعض عباده حيا فقال {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} وليس هذا الحي مثل هذا الحي لأن قوله الحي اسم لله مختص به وقوله {يخرج الحي من الميت} اسم للحى المخلوق مختص به وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا عن التخصيص ولكن ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج ,ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركا بين المسميين وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق .
ولا بد من هذا فى جميع أسماء الله وصفاته يفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق فى شيء من خصائصه سبحانه وتعالى .
مجموع الفتاوى (3|11)
وقال :وذلك ان الموجودات تشترك فى مسمى الوجود فرأوا الوجود واحدا ولم يفرقوا بين الواحد بالعين والواحد بالنوع
وآخرون توهموا أنه إذا قيل الموجودات تشترك فى مسمى الوجود لزم التشبيه والتركيب فقالوا لفظ الوجود مقول بالإشتراك اللفظى فخالفوا ما اتفق عليه العقلاء مع اختلاف اصنافهم من ان الوجود ينقسم الى قديم ومحدث ونحو ذلك من أقسام الموجودات
وطائفة ظنت انه إذا كانت الموجودات تشترك فى مسمى الوجود لزم أن يكون فى الخارج عن الأذهان موجود مشترك فيه وزعموا أن فى الخارج عن الأذهان كليات مطلقة مثل وجود مطلق وحيوان مطلق وجسم مطلق ونحو ذلك فخالفوا الحس والعقل والشرع وجعلوا ما فى الأذهان ثابتا فى الاعيان وهذا كله من نوع الإشتباه .
مجموع الفتاوى (3|64)
وقال رحمه الله : ويقال لهم : هذا كاشتراك الموجود الواجب والموجود الممكن في مسمى الوجود مع امتياز هذا بما يخصه وهذا بما يخصه ؛فإن الوجوب المشترك الكلي ليس هو ثابتا في الخارج بل للواجب وجود يخصه وللممكن وجود يخصه كما أن لهذا حقيقة تخصه ولهذا حقيقة تخصه .
وكذلك إذا قيل لهذا ماهية تخصه ولهذا ماهية تخصه فإنهما يشتركان في مسمى الماهية ويمتاز أحدهما عن الآخر بما يختص به وإنما اشتركا في المسمى المطلق الكلي وامتاز كل منهما عن الآخر بالوجود الذي في الخارج .
درء التعارض (2|391)
وملخص الكلام كما ذكر شيخ الإسلام : من قال إنه يوجد في الخارج كليا فقد غلط فإن الكلي لا يكون كليا قط إلا في الأذهان لا في الأعيان وليس في الخارج إلا شيء معين إذا تصور منع نفس تصوره من وقوع الشركة فيه ولكن العقل يأخذ القدر المشترك الكلي بين المعينات فيكون كليا مشتركا في الأذهان .
الجواب الصحيح (4|308)
وهذه المسألة تجر إلى مسألة أخرى متعلقة بها وهي ماهية الأشياء هل هي عين وجودها ؟
سيأتي الحديث عنها لاحقا .
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
من المسائل الدقيقة التي تفرد – في ظني – شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيانها هذه المسألة المهمة ألا وهي أن المطلق بشرط الإطلاق لا يوجد إلا في الأذهان وبيان أن الاشتراك بين الأشياء إنما هو في الأذهان ولكل شيء من الأشياء وجود يخصه ؛ وهذه المسالة إذا تدبرها الإنسان وخصوصا من قام في نفسه تأويل أو تعطيل الصفات لزال عنه كثير من الإشكالات التي تعترضه في إثبات الصفات .
فمثلا لفظة الإنسان هذه من الألفاظ المطلقة ولا يوجد هذا اللفظ بشرط الإطلاق إلا في الذهن أما خارجه فلا يوجد مسمى الإنسان إلا معينا ومقيدا مثلا خالد , محمد , عمر , عثمان إلخ .
وكذلك يقال مثلا في الصفات لو قلنا مثلا الحي أو الحياة فهذه من الألفاظ المطلقة التي يتصورها الذهن ؛ ولكن في خارجه لا يوجد هذا اللفظ إلا مقيدا ومعينا مع بيان اختصاص كل واحد بحقيقة حياته وماهيتها فلو قلنا مثلا حياة الله وهذا لفظ مقيد دل على حقيقة هذه الحياة التي لايسبقها عدم ولا يلحقها زوال .
ولو قلنا حياة خالد أو فلان من الناس لعرف أن حياته تختص به التي يسيقها العدم ويلحقها زوال , وعند التحقيق لا يتصور الاشتراك بين حياة الخالق وحياة المخلوق إلا في الذهن وهو الاشتراك باللفظ فقط ؛ وأما خارج الذهن في الحقيقة فلا اشتراك بينهما , ومن هنا قامت الشبهة في أذهان كثير من المأولة والمعطلة أن ما فهم منه الاشتراك في الذهن يلزم منه الاشتراك خارجه في الحقيقة والماهية ؛ وهذا الفهم كما ذكر شيخ الإسلام أصل بلية التحريف والتعطيل .
وهكذا يقال في بقية الألفاظ والمسميات فخذ مثالا آخر لفظة الوجود لفظ مطلق يتصور فيه الذهن وجود واجب الوجود ويتصور فيه أيضا وجود الممكن ؛ وهذا الوجود بإطلاقه لو تصور فيه الذهن اشتراكا لكان هذا فقط في الذهن أما خارج الذهن وفي الحقيقة والماهية فوجود واجب الوجوب يختلف بتاتا وقطعياعن وجود سائر الأشياء .
ومثال آخر لفظة اليد مثلا هكذا مطلقة أي بدون قيد أو تخصيص لا توجد إلا في الذهن أما في الحقيقة فلا توجد هذه اللفظة إلا مقيدة يقال يد الإنسان ويد السيارة ويد النافذة ويد النملة ويد الجمل ؛ فأنت ترى أن لا اشتراك بين هذه الأشياء في الحقيقة إلا ما يتصوره الذهن من لفظة اليد وهذه اللفظة كما قدمنا لا توجد مطلقة إلا في الأذهان لا في خارجها فلا إشكال في إطلاق هذه الصفة على الله فيقال يد الله ولا يقوم في الذهن أن إثبات هذه الصفة يلزم منه اشتراك بين الخالق والمخلوق لأن وجود كل شيء يخصه ووجود الخالق كما بينه الله { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }
وبعد هذه المقدمة نأتي إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وبين فيها أن القدر المشترك الكلي لا يوجد في الخارج إلا معينا مقيدا وأن معنى اشتراك الموجودات في أمر هو تشابهها من ذلك الوجه وأن ذلك المعنى العام يطلق على هذا وهذا لأن الموجودات في الخارج لا يشارك أحدهما الآخر في شيء موجود فيه بل كل موجود متميز عن غيره بذاته وصفاته وأفعاله .
ولما كان الأمر كذلك كان كثير من الناس متناقضا في هذا المقام فتارة يظن إثبات القدر المشترك يوجب التشبيه الباطل فيجعل ذلك له حجة فيما يظن نفيه من الصفات حذرا من ملزومات التشبيه وتارة يتفطن أنه لا بد من إثبات هذا على تقدير فيجب به فيما يثبته من الصفات لمن احتج به من النفاة .
مجموع الفتاوى (3|76)
وقال أيضا : الوجود المطلق بشرط الإطلاق أو بشرط سلب الأمور الثبوتية أو لا بشرط مما يعلم بصريح العقل انتفاؤه في الخارج ,وإنما يوجد في الذهن وهذا مما قرروه في منطقهم اليوناني وبينوا أن المطلق بشرط الإطلاق كإنسان مطلق بشرط الإطلاق وحيوان مطلق بشرط الإطلاق جسم مطلق بشر الإطلاق ووجود مطلق بشرط الإطلاق : لا يكون إلا في الأذهان دون الأعيان .
ولما أثبت قدماؤهم الكليات المجردة عن الأعيان التي يسمونها المثل الأفاطونية أنكر ذلك حذاقهم وقالوا : هذه لا تكون إلا في الذهن. درء التعارض (1|167)
وقال رحمه الله : وإذا كان من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه وما هو محدث ممكن يقبل الوجود والعدم فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود ولا يلزم من اتفاقهما في مسمى الوجود أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا بل وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه , واتفاقهما في اسم عام لا يقتضى تماثلهما فى مسمى ذلك الاسم عند الإضافة والتخصيص والتقييد ولا فى غيره
فلا يقول عاقل إذا قيل إن العرش شيء موجود وإن البعوض شيء موجود أن هذا مثل هذا لاتفاقهما في مسمى الشيء والوجود لأنه ليس فى الخارج شيء موجود غيرهما يشتركان فيه بل الذهن يأخذ معنى مشتركا كليا هو مسمى الاسم المطلق وإذا قيل هذا موجود وهذا موجود ؛ فوجود كل منهما يخصه لا يشركه فيه غيره مع أن الاسم حقيقة فى كل منهما .
ولهذا سمى الله نفسه بأسماء وسمى صفاته بأسماء وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لا يشركه فيها غيره وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص ولم يلزم من اتفاق الاسمين وتماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص اتفاقهما ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص فضلا عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص
فقد سمى الله نفسه حيا فقال {الله لا اله إلا هو الحي القيوم} وسمى بعض عباده حيا فقال {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} وليس هذا الحي مثل هذا الحي لأن قوله الحي اسم لله مختص به وقوله {يخرج الحي من الميت} اسم للحى المخلوق مختص به وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا عن التخصيص ولكن ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج ,ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركا بين المسميين وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق .
ولا بد من هذا فى جميع أسماء الله وصفاته يفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق فى شيء من خصائصه سبحانه وتعالى .
مجموع الفتاوى (3|11)
وقال :وذلك ان الموجودات تشترك فى مسمى الوجود فرأوا الوجود واحدا ولم يفرقوا بين الواحد بالعين والواحد بالنوع
وآخرون توهموا أنه إذا قيل الموجودات تشترك فى مسمى الوجود لزم التشبيه والتركيب فقالوا لفظ الوجود مقول بالإشتراك اللفظى فخالفوا ما اتفق عليه العقلاء مع اختلاف اصنافهم من ان الوجود ينقسم الى قديم ومحدث ونحو ذلك من أقسام الموجودات
وطائفة ظنت انه إذا كانت الموجودات تشترك فى مسمى الوجود لزم أن يكون فى الخارج عن الأذهان موجود مشترك فيه وزعموا أن فى الخارج عن الأذهان كليات مطلقة مثل وجود مطلق وحيوان مطلق وجسم مطلق ونحو ذلك فخالفوا الحس والعقل والشرع وجعلوا ما فى الأذهان ثابتا فى الاعيان وهذا كله من نوع الإشتباه .
مجموع الفتاوى (3|64)
وقال رحمه الله : ويقال لهم : هذا كاشتراك الموجود الواجب والموجود الممكن في مسمى الوجود مع امتياز هذا بما يخصه وهذا بما يخصه ؛فإن الوجوب المشترك الكلي ليس هو ثابتا في الخارج بل للواجب وجود يخصه وللممكن وجود يخصه كما أن لهذا حقيقة تخصه ولهذا حقيقة تخصه .
وكذلك إذا قيل لهذا ماهية تخصه ولهذا ماهية تخصه فإنهما يشتركان في مسمى الماهية ويمتاز أحدهما عن الآخر بما يختص به وإنما اشتركا في المسمى المطلق الكلي وامتاز كل منهما عن الآخر بالوجود الذي في الخارج .
درء التعارض (2|391)
وملخص الكلام كما ذكر شيخ الإسلام : من قال إنه يوجد في الخارج كليا فقد غلط فإن الكلي لا يكون كليا قط إلا في الأذهان لا في الأعيان وليس في الخارج إلا شيء معين إذا تصور منع نفس تصوره من وقوع الشركة فيه ولكن العقل يأخذ القدر المشترك الكلي بين المعينات فيكون كليا مشتركا في الأذهان .
الجواب الصحيح (4|308)
وهذه المسألة تجر إلى مسألة أخرى متعلقة بها وهي ماهية الأشياء هل هي عين وجودها ؟
سيأتي الحديث عنها لاحقا .
0 comments:
إرسال تعليق