بسم الله
ما مدى صحة إطباق أهل السنة على صحة حديث الشاب الأمرد؟
السؤال:
أحسن الله اليك يا شيخ
ذكرت في درس الواسطية ان حديث الشاب الامرد صحيح وان اهل السنة مطبقون على قبوله ولا ينكره الا جهمي فهل تقصد ان اهل السنة مطبقون على قبول حديث الشاب الامرد خصوصا ام رؤية النبي ربه في المنام في احسن صورة ولأن السؤال كان عن حديث الشاب الامرد,وعلماء اهل السنة قديما وحديثا انكروا هذا الحديث حديث الشاب الامرد ان النبي رأى ربه في صورة شاب امرد (وهي رؤيا منامية)وذكره اهل السنة في الموضوعات وبعض اهل البدع من الرافضة والاشاعرة يفترون على شيخ الاسلام ويقولون انه صحح هذا الحديث ولم نجد تصحيحه للحديث وسالت الشيخ عثمان فقال ان ابن تيمية يضعفه وراجع الحديث وقال لا يصح الحديث ولم يصححه ابن تيمية وهذا كلام لشيخ الاسلام في الاستقامة:ومن هؤلاء من يزعم ان دحية الكلبي كان امردا وان جبريل كان يأتي النبي صلى الله عليه و سلم في صورة امرد ويقول له ما احب ان تأتيني الا في صورة امرد
وفيهم من يتأول قوله صلى الله عليه و سلم رأيت ربي في أحسن صورة وفي صورة كذا وكذا ويجعل الأمرد ربه
وهؤلاء الحلولية والاتحادية منهم من يخصه بالصور الجميلة ويقول مظاهر الجمال ومنهم من يقول بالاتحاد المطلق والحلول المطلق لكن هو يتخذ لنفسه من المظاهر ما يحبه واذا كان الحديث صحيح فمن من العلماء صححه وجزاك الله خيرا
الجواب:
أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد) فأهل السنة والجماعة مجمعون على صحته وقبوله وعلى أن هذه الرؤية رؤيا منامية، أي رآه في منامه في صورة شاب أمرد، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمة إجماع العلماء على صحته وقبوله في كتاب بيان تلبيس الجهمية في المجلد الخامس وعقد له فصلا طويلاً جداً وجمع طرقه كلها من رواية أربعة من الصحابة، وذكره القاضي أبو يعلى في كتابه (إبطال التأويلات) في المجلد الثاني ونقل نصوص الإمام أحمد في تصحيحه وكذلك أبو زرعة وغيرهم من أئمة السنة، وذكر ذلك قبلهم الخلال في كتاب السنة، وانظر أيضاً ما ذكره ابن عدي في الكامل في ترجمة حماد بن سلمة، والحديث له طرق كثيرة، وقد قال أبو زرعة الرازي: (لا يُنكر هذا الحديث إلا جهمي).
والحديث لا إشكال فيه لأن أهل السنة والجماعة وكذلك الأشاعرة متفقون على أن الله يُرى في المنام، وقد نص الأشاعرة على ذلك في كتبهم كما ذكره الصاوي في شرح الجوهرة وغيره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فالصحابة والتابعون وأئمة المسلمين على أن الله يرى في الآخرة بالأبصار عياناً وأن أحداً لا يراه في الدنيا بعينه لكن يُرى في المنام ويحصل للقلوب في المكاشفات والمشاهدات ما يناسب حالها). [مجموع الرسائل والمسائل 1/100]
فإذا كان ربنا تبارك وتعالى يُرى في المنام لا على صورته التي هو عليها وإنما على صور أخرى لأن الرؤيا المنامية إنما هي رموز لا حقائق، فلا إشكال في أنه يُرى في صورة شاب أو غيرها من الصور الحسنة بحسب حال الرائي وإيمانه، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت ربي في أحسن صورة) أي رؤيا منامية، ومعلوم أنه لم ير الله تعالى على صورته التي هو عليها وإنما رآه في صورة حسنة مخلوقة ترمز إلى الله تعالى فلا فرق إذا بين صورة وصورة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد يرى المؤمن ربه في المنام في صور متنوعة على قدر إيمانه ويقينه؛ فإذا كان إيمانه صحيحا لم يره إلا في صورة حسنة وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يشبه إيمانه، ورؤيا المنام لها حكم غير رؤيا الحقيقة في اليقظة ولها تعبير وتأويل لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق). [مجموع الفتاوى 3/390]
وأما نكير الأشاعرة على هذا الحديث وعيب أهل السنة به فكنكير أسلافهم من الجهمية، ثم يقال لهم: كيف تستنكرون هذا الحديث مع أنكم متفقون على أن الله يُرى في المنام لا على صورته التي هو عليها، فأي إشكال إذاً في أن تكون الصورة صورة شاب أمرد.
وحقيقة الإشكال هو ظن من ظن أن هذه الرؤية هي رؤية عيانية، ففهموا منها تشبيه الله تعالى، وهذا لا شك في بطلانه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وإنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا). وهو محل إجماع عند الصحابة والأئمة. وإنما كانت الرؤية رؤية منامية.
وأما ما نقله السائل من كلام شيخ الإسلام فالمراد به الصوفية الذين يزعمون أنهم يرون الله في الدنيا في اليقظة عياناً إما بصورة شاب أمرد أو غيره، وليس كلامه في الرؤية المنامية، وانظر كلامه المستفيض في أحاديث الصورة في (بيان تلبيس الجهمية) وفي (جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية)، ثم أن كلامه الذي نقله السائل يدل ضمناً على قبوله لحديث الشاب الأمرد لأنه قال: (وفيهم من يتأول قوله صلى الله عليه و سلم رأيت ربي في أحسن صورة وفي صورة كذا وكذا ويجعل الأمرد ربه)، أي أن بعض الصوفية تأول هذا الحديث على أن ربه هو الشاب الأمرد المرئي حقيقة، وكلامه يقتضي صحة الحديث عنده وإبطاله تأويلهم له بما ذكر، لأ أن الحديث ضعيف، لأنه إنما أنكر التأويل للحديث لا ثبوت الحديث.
والله أعلم
0 comments:
إرسال تعليق