الامام أبو نصر السجزي وتقية أشعري في صفة كلام الله
قال الإمام أبو نصر السجزي الوائلي الحنفي (444هـ) رحمه الله.
"خاطبني بعض الأشعرية يوماً في هذا الفصل وقال: "التجزؤ على القديم غير جائز".
فقلتُ له: أتقر بأن الله اسمع موسى كلامه على الحقيقة بلا ترجمان؟.
فقال: "نعم".
وهم يطلقون ذلك ويموهون على من لم يخبر مذهبهم، وحقيقة سماع كلام الله من ذاته على أصل الأشعري محال. لأن سماع الخلق على ما جبلوا عليه من البنية، وأجروا عليه من العادة - لا يكون البتة إلا لما هو صوت أو في معنى الصوت. وإذا لم يكن كذلك كان الواصل إلى معرفته بضرب من العلم والفهم. وهما يقومان في وقت مقام السماع لحصول العلم بهما كما يحصل بالسماع.
وربما سمى ذلك سماعاً على التجوز لقربه من معناه. فأما حقيقة السماع لما يخالف الصوت فلا يتأتى للخلق في العرف الجاري.
فقلت لمخاطبي الأشعري: قد علمنا جميعاً أن حقيقة السماع لكلام الله منه على أصلكم محال.
وليس ههنا من تتقيه وتخشى تشنيعه.
وإنما مذهبك: أن الله يفهم من شاء كلامه بلطيفة منه، حتى يصير عالماً متيقناً بأن الذي فهمه "كلام الله".
والذي أريد أن ألزمك وأردٌ على الفهم وروده على السماع.
فَدَعِ التمويه ودع المصانعة.
ما تقول في موسى عليه السلام حيث كلمه الله؟.
أفهم كلام الله مطلقاً أم مقيداً؟.
فتلكأ قليلاً، ثم قال: "ما تريد بهذا"؟.
فقلتُ: دع إرادتي، وأجب بما عندك، فأبى وقال: "ما تريد بهذا"؟.
فقلتُ: أريد أنك إن قلت: "إنه عليه السلام فهم كلام الله مطلقاً".
اقتضى أن لا يكون لله كلام من الأزل إلى الأبد إلا وقد فهمه موسى - وهذا يؤول إلى الكفر...
وإذا لم يجز إطلاقه وألجئت إلى أن تقول:
"أفهمه الله ما شاء من كلامه".
دخلت في التبعيض الذي هربت منه، وكَفَّرْتَ من قال به، ويكون مخالفك أسعد منك، لأنه قال بما اقتضاه النص الوارد من قبل الله عز وجل، وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت أبيت أن تقبل ذلك وادعيت:
"أن الواجب المصيرٌ إلى حكم العقل في هذا الباب".
وقد ردك العقل إلى موافقة النص خاسئاً.
فقال: هذا يحتاج إلى تأمل".وقطع الكلام..." . انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : "... فقيل لهم: عندكم هو معنى واحد لا يتبعض ولا يتعدد. فموسى فهم المعنى كله أو بعضه؟.إن قلتم كله فقد علم علم الله كله، وإن قلتم بعضه فقد تبعض وعندكم لا يتبعض!!!"
http://www.dorar.net/enc/firq/509
للمزيد حول التقية الاشعرية ينظر هنا : التقية الاشعرية
0 comments:
إرسال تعليق