الباب السادس عشر
دراسة أهم المسائل التي اتفق عليها أهل الكلام
من الأشعرية والماتريدية والمعتزلة والجهمية
1 - تقديم العقل على النقل:
من المساوئ التي ابتلى بها بعض المنتسبين إلى الإسلام تقديس العقل واعتماده مصدراً أعلى من كلام خالق العقل. وقد لبس عليهم إبليس فرأوا أنهم على صواب، وقويت في نفوسهم شبه الملاحدة أعداء الدين، فارتكبوا هذا الجرم الشنيع، ورأوا أنه إذا تعارض النقل والعقل في شيء فإن العقل هو المقدم، وذلك عند الجمهية والمعتزلة وجمهور الأشعارة المتأخرين، ظانين أنه يوجد بالفعل تعارض بين العقل السليم والنص الصحيح – حسب زعمهم – ولهم حجج في تقديم العقل على النقل وهى شبه لا تسلم لهم، ومنها:
أن العقل هو الأصل والأساس للنقل وإلا لم يرد النقل.
أن الدلالة العقلية قطعية بينما الدلالة النقلية ظنية.
أن معرفة الله تعالى لا تنال إلا بحجة العقل وهى أصل وما عداها فرع، وهذا الأصل إنما قام على العقل، فلو قدمنا النقل لكان من باب تقديم الفرع على الأصل فالعقل هو الأساس، فلو حكم باستحالة الشيء وحكم السمع بخلافه فيجب تأويل السمع، ليتوافق مع العقل، فإن هو الذي شهد بصدق الشرع ولم يعرف الشرع إلا بالعقل، فمن كذب العقل فقد كذب الشرع والعقل معاً سواء كان في الصفات أو في غيرها من الأخبار، وما ورد من آيات الصفات في القرآن الكريم ينبغي عرضها على العقل، فإذا عارضها وجب تأويلها لتوافق العقل أو تفويض عملها إلى الله.
إن صدق الأنبياء في إخبارهم عن الله لا يتوقف على النقل بل يتوقف على العقل، لأن النقل لا يقبل إلا أن يكون عن الأنبياء فلو توقف صدق الأنبياء على النقل للزم الدور.
ما ثبت بالتواتر وخالفه العقل إما أن يؤول أو يفوض، وما ثبت بأخبار الآحاد فإنه لا يقبل بأي حال في العقائد
الرد عليهم:
مهما حاول دعاة تقديم العقل على النقل من سرد المبررات لقبول ذلك، فإن تلك المحاولات والاحتجاجات والجداول والخصومة، غير مقبولة عند من وفقه الله لمعرفة دينة، وابتعد عن الوساوس التي جاء بها علم الكلام، وهذه المسألة على بساطة الرد عليها قد أخذت حيزاً واسعاً من الجدال والخصومة بين المثبتين والنافين، إلا أنه يمكن إيجاز الرد عليهم فيما يلى:
هل يوجد بالفعل تعارض بين العقل السليم والنقل الصحيح؟
الجواب: لا يوجد تعارض بين العقل والنقل، فإن النقل وهى النصوص الشرعية إذا صحت من كتاب الله عز وجل أو من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن يعارضها العقل السليم الخالي عن الشهوات والبدع، فإنه لا يمكن أن يحصل التعارض بين دليل عقلي قطعي وآخر نقلى قطعي، أما إذا كان الدليلان ظنيين فإنه يقدم الراجح منهما سواء كان عقلياً أو نقلياً، إن كان أحدهما ظنياً والآخر قطعياً، فإنه يقدم الدليل القطعي بغض النظر عن كونه نقلياً أو عقلياً، إذا القطعي هو الذي يمكن الاعتماد علية حتى وإن كان عقلياً، فالمزية إنما هي لكونه قطعياً لا لأجل لأنه عقلي.
وأما ما ذهبوا إليه من إسقاطهم أخبار الآحاد في العقد، فهو من المساوئ التي وقع فيها هؤلاء، كما زعموا أن المتواتر حتى وإن كان قطعي السند فهو غير قطعي الدلالة، وذلك لأن الدلالة اللفظية لا تفيد اليقين حسب مفهومهم (1).
وأخبار الآحاد – حسب زعمهم – لا تفيد العلم وهو من جملة أقوالهم البدعية العارية عن الأدلة الشرعية، لا من الكتاب ولا من السنة ولا من أقوال علماء الأمة الذين يعتبر كلامهم في هذه القضية، ذلك أن الحق هو قبول خبر الآحاد في باب الاعتقاد وفى غيره مادام ثابتاً (2).
قال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ( (3).
ولولا أن خبر الواحد مقبول، لما توجه الأمر بالتثبت فيما يخبر به مما يحتاج إلى تثبيت خصوصاً إذا جاء من فاسق، ومعناه أنه إذا كان غير فاسق فإن خبره يقبل.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتفي بخبر الواحد ويأمر بالاكتفاء به، حيث كان يرسل الشخص الواحد إلى مجموعة من الناس ويأمره بتبليغ ما يأمره به، ويطلب إلى الناس قبول ما يأمرهم به والانتهاء عما ينهاهم عنه.
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أرسل معاذاً إلى اليمن وأمره بتعليمهم الدين وسائر شعائر الإسلام، وكان يرسل من أصحابه الواحد والاثنين أو الثلاثة أو أكثر – حسب ما يتيسر له – بغض النظر عن قضية خبر الآحاد التي ابتدعها أهل الكلام، وقد حصل ذلك منه في وقائع كثيرة، وعلى قبول خبر الآحاد جميع الأمة خلفاً وأعرض عن النصوص الشرعية من الجهمية والمعتزلة والرافضة والخوارج ومن سار عليهم طريقتهم.
وكان السلف من الصحابة فمن بعدهم، لا يشترطون لقبول رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل به، سوى عدالة الراوي وثقته وتقواه، وكانوا إذا روى الثقة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم تلقوه بالقبول والعمل، ولم يخطر في أذهانهم
أنه خبر آحاد، وأن أخبار الآحاد غير مقبولة كما هي حجة من أراد رد النصوص وتعطيلها والتشويش على عقول عامة المسلمين.
وهنا أمر جدير بالذكر، وهو أن السلف حينما يقدمون النقل على العقل، ليس مقصودهم احتقار العقل وأنه لا يستفاد به المعرفة، بل يقدرون دور العقل في المعرفة والاهتداء به إلى الحق، ولكنهم لا يوصلونه إلى درجة التقديس التام وتقديمه على كلام الله عز وجل وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم.
فكل ما في القرآن الكريم وكل ما صح في السنة النبوية، لا يستجيز مسلم يؤمن بالله رباً، وبحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وبالإسلام ديناً، أن يعارضه بعقلة أو باجتهادات العلماء، وهو يعلم ثبوت النص، اللهم إلا أن يكون من باب
الاجتهاد وتنوع المفاهيم في معاني النصوص وتوجيهها، فإن الشخص حينئذ إن اجتهد فأصاب له أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر اجتهاده ونيته.
أما إذا قدم عقله فلاسفة اليونان، فعلية حينئذ إثمه وإثم من عمل بقوله، وحسن رد ما جاءت به الأنبياء واستبدال مفاهيم الفلاسفة السقيمة بها، التي يسميها بالأدلة والبراهين اليقينية، تهويلاً لأمرها ورفعاً لشأنها، ليتم له ما يريد من رد النصوص الشعرية وتأويلها – فعلية حينئذ إثمه وإثم من عمل بقوله.
إن الهداية لم تأتنا إلا عن طريق الوحي وعلى أيدي رسل الله الكرام، فبأي مسوغ نترك طريق الهداية ونرجع إلى تقديم العقل، فلو كان العقل يكفى للوصول إلى الحق مجرداً عن النقل، لما عاش هؤلاء المعرضون عن الله في متاهات الكفر والضلال، ولما احتجنا إلى الأنبياء، فمن الإجرام أن نترك طريق الهداية واضحاً مشرقاً، ثم نتعلل بتقديس العقل في مقابل نصوص الكتاب والسنة، فالعقل حد إذا تجاوزه صاحبه انقلب إلى الجهل والخزعبلات.
فمثلاً المشبهة حينما أبوة الوقف عند حدود الشرع، بحثوا وتعمقوا في الصفات إلى أن وصلوا دإلى تشبيه الله بخلقة تماماً، ووصفوه إنساناً واقفاً أمامهم، وظنوا أن عقولهم أوصلتهم إلى علم غزير، فهل ذلك صحيح؟ كلا.
وقابل هؤلاء نفاة الصفات فقد أوصلتهم عقولهم حينما تجاوزت الوقوف عند النصوص الشرعية إلى حد أن وصفوا ربهم بصفات، نتيجتها أن الله لا وجود له حتى وإن لم يصرحوا بنفي وجود الله لكن تلك الأوصاف السلبية لا نتيجة لها إلا هذه النتيجة، وظنوا أنهم اهتدوا بعقولهم إلى الوصول إلى الحق وزين لهم الشيطان ذلك.
فقارن بين مواقف هؤلاء ومواقف أهل الحق أهل السنة والجماعة، الذين يسيرون وراء النصوص مستعملين عقولهم إلى الحد الذي تنتهي عنده، وبالتالي فالقائد هو النص إلى أن يصلوا إلى غاية ما يريدون أو يطلب منهم.
فأمنوا العثار واهتدوا إلى سواء السبيل، ورضوا بما جاء به كتاب ربهم وسنة نبيهم، وما كان علية سلفهم الكرام من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وعلموا أن العقل الصحيح لا يعارض النقل الصحيح، فأراحوا أنفسهم عناء التأويلات والتكلفات التي ابتلى بها غيرهم، حين بحثوا كثيراً وأتبعوا أنفسهم طويلاً وخرجوا عن الحق الذي طلبوه بتلك التأويلات والتكلفات وهم لا يشعرون.
لأن السلف يعلمون أن النقل حينما جاء مخاطباً للعقل ومبيناً له الطريق الصحيح يعلمون أن بينهما توافقاً تاماً، فالخطاب إنما جاء لأهل العقول لا للمجانين ولا للحيوانات البهيمية، فكيف يتصور بعد ذلك أن العقل أعلى من النقل بحجة أن العقل هو الأصل وإلا لم يرد النص، فالنقل هو الموجه لمحل قابل للتوجيه وهو العقل، ولم تأت العقول لتوجه النقول في أي زمن من عمر البشر.
وزعمهم أن الدلالة النقلية ظنية بينما الدلالة العقلية قطعية (1)، هذا كلام اخترعوه وأرادوا أن يؤصلوه، وإلا فإن السلف من الصحابة فمن بعدهم لا يعرفون هذه المسالك، بل كانوا يعتبرونها من وساوس الشيطان ومن نقص الإيمان وزعمهم هذا هو مثل زعمهم أن صدق الأنبياء إنما يتوقف على العقل، ولو كان هذا صحيحاً لآمن قوم نوح وسائر أمم الأنبياء، إذا إن لهم عقولاً، ولما احتاجوا إلى سماع النقل منهم عن الله تعالى
والواقع خلاف ذلك فإن كلام الأنبياء وإخبارهم عن الله تعالى هو في حد ذاته الطريق إلى الإيمان بالأنبياء، فكل رسول كان يأتي لقومه ويقول لهم:
)إني رسول الله إليكم ( (2)، ثم يخبرهم عن الله تعالى ويقول لهم في أنفسهم قولاً بليغاً، دون التركيز على الأدلة العقلية، فهي تأتى عرضاً ويستفاد منها كثيراً، لكن ليست هي الدليل الوحيد على صدق الأنبياء، فدلائل صدقهم كثيرة جداً.
2-التأويل في مفاهيم الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة:
لقد جرت التأويلات الفاسدة فتناً عظيمة على الإسلام والمسلمين، وأخرجت الكثير منهم عن عقيدتهم السليمة إلى عقائد ما أنزل الله بها من سلطان، ولقد عبر عن بعض مضار التأويلات الفاسدة العلامة ابن أبى العز، في معرض رده على الذين يؤولون رؤية الله تعالى في قوله عز وجل: )وجوه يومئذ ناضرة (22) إلى ربها ناظرة ( (1)
فقال: ((وهى من أظهر الأدلة، وأما من أبى تحريفها بما يسميه تأويلاً، فتأويل نصوص المعاد والجنة والنار والحساب أسهل من تأويلها على أرباب التأويل، ولا يشاء مبطل أن يتأول النصوص ويحرفها عن مواضعها إلا وجد إلى ذلك من السبيل ما وجده متأول هذه النصوص.
وهذا الذي أفسد الدنيا والدين، وهكذا فعلت اليهود والنصارى في نصوص التوراة والإنجيل، وحذرنا الله أن نفعل مثلهم، وأبى المبطلون إلا سلوك سبيلهم، وكم جنى التأويل الفاسد على الدين وأهله من جناية! فهل قتل عثمان رضي الله عنه إلا بالتأويل الفاسد؟، وكذا ما جرى في يوم الجمل وصفين ومقتل الحسين والحرة. وهل خرجت الخوارج، واعتزلت المعتزلة، ورفضت الروافض، وافترقت الأمة على ثلاث وسبعين فرقة إلا بالتأويل الفاسد)) (2)
لقد كثر الجدال والخصام بين أهل السنة من جانب، وبين المخالفين لهم ممن تأثر بعلم الكلام والفلسفات من جانب آخر في قضية التأويل.
فما هو التأويل، وما المراد به عند هؤلاء الفرق من الأشعرية والماتريدية والمعتزلة وغيرهم ممن اقتحم التأويلات الفاسدة
حقيقة التأويل في أساس إطلاقه يشمل أمرين:
الأمر الأول: تطلق كلمة التأويل ويراد بها ما تؤول إليه حقيقة ذلك الشيء ومصيره وعاقبته.
الأمر الثاني: تطلق هذه الكلمة ويراد بها معرفة ذلك الشيء ومفهم تفسيره وبيانه، سواء وافق ظاهره الصواب أو خالفه، وكثير من المفسرين يستعمل كلمة التأويل بمعنى التفسير فيقول: تأويل هذه الآية كذا أي تفسيرها، فإن وافق الحق فهو مقبول وصحيح، وإن خالفه فهو باطل.
وقد ورد ذكر كلمة التأويل في القرآن الكريم في عدة آيات، قال تعالى:
)ذلك خير وأحسن تأويلا ( (3) أي عاقبة التحاكم إلى الله ورسوله عند التنازع هو أحسن مآلاً وعاقبة، ومنه قوله تعالى: )هل ينظرون إلا تأويله ( (4)، أي عاقبة تأويله، وجميع ما ورد في القرآن الكريم من معاني التأويل فهي تطلق بهذا المعنى.
وورد في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى (5) حيث روى سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: )قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم من تحت أرجلكم ((6)، فقال:
((أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد))، أي لم يأت وقت ظهور حقيقة العذاب ومصير المخاطبين وما تؤول إليه عاقبتهم.
وورد في السنة النبوية أيضاً استعمال التأويل بمعنى التفسير والمعرفة كما في دعائه صلى الله عليه وسلم لابن عباس بقولة: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)) (7)، أي فهمه معرفة الدين.
وهذه المعاني للتأويل هي التي كانت معروفة عند السلف قبل ظهور أهل الكلام والفلسفات العقيمة، وقبل ظهور الخصام والجدال في معاني التأويل.
قال ابن القيم:
((وأما المعتزلة والجهمية وغيرهم من فرق المتكلمين فمرادهم بالتأويل:
صرف اللفظ عن ظاهره وحقيقته إلى مجازه وما يخالف ظاهره، وهذا هو الشائع في عرف المتأخرين من أهل الأصول والفقه، ولهذا يقولون: التأويل على خلاف الأصل والتأويل. وهذا التأويل هو الذي صنف في تسويغه وإبطاله من الجانبين، فصنف جماعة في تأويل آيات الصفات وأخبارها، كأبي بكر بن فورك وابن مهدى الطبري وغيرهما، وعارضهم آخرون فصنفوا في إبطال ذلك التأويل، كالقاضي أبى يعلى والشيخ موفق الدين بن قدامة، وهو الذي حكى عن غير واحد، إجماع السلف على عدم القول به)) (1)
وقد بين ابن القيم رحمه الله انقسام التأويل إلى صحيح وباطل وأنه ينحصر في هذين القسمين فقال: ((وعلى هذا يبنى الكلام في الفصل الثاني، وهو انقسام التأويل إلى صحيح وباطل.
وذكر أن كل ما ورد من الروايات عن الصحابة وفيها ذكر التأويل، أن المراد به حقيقة المعنى وما يئول إليه في الخارج أو المراد به التفسير، وذكر أمثلة كثيرة على هذا، وأن تأويلهم من جنس التأويل الذي يوافق الكتاب والسنة أو أن لهم وجهة نظر قوية لا تخرج عن الحق (1)
وأما التأويل الباطل فقد ذكر له عدة أنواع منها:
أحدها: ما لم يحتمله اللفظ بوضعه، كتأويل قوله صلى الله عليه وسلم: ((حتى يضع رب العزة عليها رجله)) (2) بأن الرجل جماعة من الناس، فإن هذا لا يعرف في شيء من لغة العرب ألبته.
الثاني: ما لم يحتمله اللفظ ببنيته الخاصة من تثنية أو جمع، وإن احتمله مفرداً كتأويل قول
)لما خلقت بيدي ( (3) بالقدرة.
الثالث: ما لم يحتمله سياقه وتركيبة وإن احتمله في غير ذلك السياق، كتأويل قوله: )هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك ( (4) بأن إتيان بعض آياته التي هي أمره، وهذا يأباه السياق كل الإباء.
الرابع: ما لم يؤلف استعماله في ذلك المعنى في لغة المخاطب وإن ألف في الاصطلاح الحادث، وذكر أن هذا النوع لم يؤلف استعماله في لغة العرب وإن كان معهوداًَ في اصطلاح المتأخرين، ومثل لهذا بتأويل الجهمية والفلاسفة والمعتزلة لقول الله تعالى: )ثم استوى على العرش ( (5) بأن المعنى أقبل على خلق العرش، فإن هذا لا يعرف في لغة العرب، بل ولا غيرها من الأمم، أن من أقبل على الشيء يقال: قد استوى عليه، فلا يقال لمن أقبل على الرجل: قد استوى عليه ولا لمن أقبل على الأكل: قد استوى على الطعام.
الخامس: ما ألف استعماله في ذلك المعنى لكن في غير التركيب الذي ورد به النص، فيحمله المتأول في هذا التركيب الذي لا يحتمله على مجيئه في تركيب آخر يحتمله، وهذا من أقبح الغلط والتلبيس، ومثل لهذا بتأويل اليد بالنعمة، والنظر إلى الله بانتظار الثواب.
السادس: كل تأويل يعود على أصل النص بالإبطال فهو باطل، كتأويل
قوله صلى الله عليه وسلم: ((أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل)) (1)، بحمله على الأمة، فإن هذا التأويل مع شدة مخالفته لظاهر اللفظ يرجع على أصل النص بالإبطال وهو قولة: ((فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها)) ومهر الأمة إنما هو للسيد، فقالوا: نحمله على المكاتبة، وهذا يرجع على أصل النص بالإبطال من وجه آخر، فإنه أتى بأي الشرطية التي هي من أدوات العموم، وأكدها بما المقتضية تأكيد العموم، وأتى بالنكرة في سياق الشرط وهى تقتضي العموم، وعلق بطلان النكاح بالوصف المناسب له المقتضى لوجود الحكم بوجوده وهو نكاحها نفسها، ونبه على العلة المقتضية للبطلان وهي افتياتها على وليها، وأكد الحكم بالبطلان مرة بعد مرة ثلاث مرات، فحمله على صورة لا تقع في العالم إلا نادراً يرجع على مقصود النص بالإبطال (2) إلى آخر الأوجه التي ذكرها للتأويل الباطل.
وكان السلف يدركون الفرق بين التأويل بمعنى التفسير وفهم المراد من الكلام الذي هو باستطاعة الإنسان الوصول إليه – وهذا هو التأويل المقبول عند السلف – وبين التأويل بمعنى معرفة ما يؤول إليه المراد من الكلام سواء كان في الدنيا أو في الآخرة من الأمور الغيبية، الذي ليس باستطاعة الشخص معرفته إلا بعد ظهوره ووضوح حقيقته.
وأمثلة هذا النوع كثيرة يمثلها الإخبار بالمغيبات التي ستحدث في الدنيا أو في الآخرة، ويمثلها كذلك معرفة صفات الله عز وجل حقيقتها وكيفياتها.
وأهل السنة لا يتعدون هذه المفاهيم الواضحة المشرقة البعيدة عن التكليفات والتأويلات الباطلة.
ولو وقف الخلف عند المكان الذي وقف فيه السلف لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً ولكنهم تجاوزوا النصوص وقدموا عليها عقولهم ومفاهيمهم القاصرة وتأويلاتهم الباطلة، فجاءت خليطاً مشوهاً.
والتأويل في عرف هؤلاء المتأخرين يراد به: ((صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن بذلك، فلا يكون معنى اللفظ الموافق لدلالة ظاهرة تأويلاً على اصطلاح هؤلاء، وظنوا أن مراد الله تعالى بلفظ التأويل ذلك، وأن للنصوص تأويلاً يخالف مدلولها لا يعلمه إلا الله ولا يعلمه المتأولون)) (3).
فالمتأخرون يريدون بالتأويل عدم إجراء النص على ظاهره والإتيان له بمعنى يحتمله، ليتوافق مع تأويلهم الذي حرفوه عن معناه الصحيح، وهذا هو التأويل الباطل.
وقد رفض السلف تأويل الخلف بالمعنى الذي قرره هؤلاء، لأنه تحريف للنصوص وإبعاد للمراد منها، خصوصاً وأن تلك النصوص ظاهرة الدلالة لا خفاء فيها ولا احتمال، فإن كل ما جاء في القرآن والسنة من الوضوح وتحديد المراد ما لا يحتمل التلاعب به ولا بمعاينة، لأنه نزل على قوم أدركوا المراد به وآمنوا به وأطمأنت قلوبهم، ولم يحتاجوا إلى التأويلات التي اخترعها زعماء التعطيل.
فإنه على حسب مفهومهم ما من نص إلا وهو يحتمل التأويل، وبالتالي فلا تتم الثقة بأي نص على ظاهره، فإذا ورد النص بقول: )وجاء ربك ( (1)
قالوا: جاء أمره، وإذا ورد النص )إن الله سميع بصير ( (2)، قالوا: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر بل بذاته ورحمة الله إرادة الثواب، واليد النعمة.. إلى غير ذلك من تلك التأويلات التي ملئوا بها كتبهم، استناداً إلى أن العقل
هو الفاصل والمقدم على النقل، فلا حرج بعد ذلك أن تؤول نصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف الذين يقتدي بهم
على حسب ما تراه العقول، فصار هؤلاء المؤولة أشر من المعطلة، قال ابن القيم رحمة الله: ((فصل في بيان أن التأويل شر من التعطيل)).
وتحت هذا العنوان قال عن التأويل: ((فإنه يتضمن التشبيه والتعطيل والتلاعب بالنصوص وإساءة الظن بها، فإن المعطل والمؤول قد اشتركا في نفى حقائق الأسماء والصفات، وامتاز المؤول بتلاعبه بالنصوص وإساءة الظن بها، ونسبة قائلها إلى التكلم بما ظاهرة الضلال والإضلال)) (3).
وقال ابن أبى العز:
((فإنه قد صار اصطلاح المتأخرين في معنى التأويل أنه صرف اللفظ عن ظاهرة، وبهذا تسلط المحرفون على النصوص وقالوا: نحن نتأول ما يخالف قولنا فسموا التحريف تأويلاً، تزييناً له وزخرفة ليقبل)) إلى أن قال:
((فمن التأويلات الفاسدة تأويل أدله الرؤية وأدلة العلو، وأنه لم يكلم موسى تكليماً ولم يتخذ إبراهيم خليلاً)) (4).
وما زعمه المؤولة من أن نصوص الصفات في القرآن والسنة لا تعرف إلا بالتأويل زعم مردود، إذا أريد أن معاني تلك الصفات معروفة، أما إذا أريد بأنها لا تعرف بمعنى أننا لا نعرف كيفيتها فهذا حق، ولكنهم لا يريدونه.
وعموما ً فكل تأويل يوافق دلالة الكتاب والسنة فهو مقبول وصحيح، وكل تأويل يخالفهما فهو تأويل فاسد فاتح لباب الزندقة، مهيئ للتفلت من قبول الشرع، ومسبب للحيرة والاضطراب، ويمثل علماء السلف للتأويل الصحيح بمسألة شفعة الجار في حديث ((الجار أحق بسقبه)) (5)، أي من حق الجار أن يشفع حق جاره ويكون أحق بشرائه من غيره، ولفظ الجار يشمل الجار الملاصق ويشمل أيضاً الشريك المقاسم على احتمال مرجوح.
لكن هذا الاحتمال المرجوح هو الصحيح المقبول، وذلك لموافقة السنة النبوية في الحديث الثابت وهو قوله صلى الله عليه وسلم:
((فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة)) (6) فثبت من الحديث أن المعنى المرجوع هو المراد، لنسخة ظاهر المعنى الراجح وهو الجار عموماً، وهذا ليس من التأويل المذموم في شيء بل هو من باب الجمع والترجيح.
ومما ينبغى ملاحظته أن التأويل المذموم وإنما وجد حين ظهرت الفرق من خوارج ومعتزلة وشيعة وجهمية وباطنية وصوفية، حيث أراد هؤلاء أن يوجدوا لأفكارهم غطاء مقبولاً، فلم يجدوا أفضل من التستر بالتأويل، وإظهار أنه علم غزير توصلوا إليه، وهو في حقيقته نقلة إلى القول بأن للنصوص ظاهراً وباطناً وأن الظاهر غير مراد وأن الباطن هو المراد وهو بمنزلة اللب وتشويش مفاهيمهم بما أدخلوه من تلك المصطلحات الجوفاء، التي نرجو من الله عز وجل أن يبطلها ويعيد ذلك الصفاء الذي كان عليه سلف هذه الأمة الإسلامية فإنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها
وإذا رجع القارئ إلى ما كتبة الإمام ابن القيم في موضوع التأويل في كتابه الصواعق المنزلة على الطائفة الجهمية والمعطلة، فسيجد فيه من أنواع الجدال لأصحاب التأويلات الفاسدة ومن الفوائد ما لا يتسع البحث هنا لذكره.
فليرجع من أحب التوسع في دراسة قضية التأويل إلى هذا الكتاب والمكون من جزئين بعد تحقيقه (1)فلقد أزاح كل الشبهات التي يتعلق بها دعاة التأويل، وبين المضار التي جلبها على الإسلام والمسلمين، مع سعة المناقشة وعمقها وإفحام الخصوم ودخص كل ما يتعلقون به.
3 – جهل أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية بمعنى توحيد الألوهية:
التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.
هذا هو تقسيم – أهل السنة والجماعة – لأنواع التوحيد، وهذه الأنواع كانت معروفة بالبداهة عند السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم بإحسان حتى ولو لم يفصلوا هذا التفصيل في وقتهم.
فإنهم كانوا يعلمون أن توحيد الألوهية يتعلق بإفراد الله عز وجل بالعبادة والخضوع والإنابة وحده جل وعلا، والابتعاد عن الاشتراك مع الله آلهة أخرى.
وأما توحيد الربوبية فهم يعلمون أن الله هو رب كل شيء وملكية، وهو خالق الخلق ورازقهم ومدبر أمورهم كلها، وان هذا النوع من التوحيد داخل في مضمون توحيد الألوهية إلا عند الخلف من المتكلمين الذين عكسوا الحقائق.
وأما توحيد الأسماء والصفات فلقد كانوا على معرفة بأن الله عز وجل من الصفات ما أخبر به عز وجل في كتابه الكريم وما أخبر به نبيه العظيم، يؤمنون أن الله تعالى له ذات لا تشبه الذوات وله صفات الخلق إلا مجرد الاشتراك في التسمية.
ودراسة هذه الأقسام وتفصيلها تفصيلاً كاملاً يحتاج إلى مجلدات، بل هو الحاصل بالفعل، فإن كتب علماء السنة تبلغ المئات في بيان هذه الأنواع والواجب على الناس تجاهها، وكيفية الإيمان بها، وغير ذلك مما لا يكاد يحصر إلا بالكلفة وليس الغرض هنا هو الخوض في ذكر كل تلك التفاصيل، وإنما الغرض هو بيان خطأ أهل الكلام في مفاهيمهم لتوحيد الألوهية الذي كان أكثر النزاع بين الأنبياء وأممهم فيه، بل وبين علماء السنة وغيرهم من علماء الطوائف الضالة.
فمن حقق توحيد الألوهية قولاً واعتقاداً فاز، ومن حاد عن الحق الواجب فيه كان ذلك أكبر دليل على خسارته وضلاله.
والمتكلمون حينما يقررون الكلام في التوحيد يقسمونه إلى ثلاثة أقسام، فيقولون: ((هو واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له))، وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث وهو توحيد الفعال وهو أن خالق العالم واحد، وهم يحتجون على ذلك بما يذكرونه من دلالة التمانع وغيرها، ويظنون أن هذا هو معنى قولنا: لا إله إلا الله، حتى يجعلوا معنى الإلهية القدرة على الاختراع)) (2).
هكذا يقرر المتكلمون أنواع التوحيد، فيجعلون توحيد الربوبية – الذي لم يوجد فيه نزاع بين الأنبياء وأممهم – هو أهم أقسام التوحيد وأوجبها معرفة، مع أن الله تعالى أخبر في كتابة الكريم أن كفار قريش وغيرهم عند بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم، كانوا يعرفون توحيد الربوبية ويعتقدون أن الله هو الخالق لكل شيء، فإذا وجه لأحدهم سؤال: من خلق السموات والأرض؟ فإنه على الفور يجيب: الله هو الذي خلقهما. وكانوا يعرفون أن معنى لا إله إلا الله نفى ألوهية أي كائن كان، لا أصنامهم ولا غيرها مع الله تعالى، ولهذا وقفوا في وجوه رسلهم شعارهم:
)أجعل الآلهة إلها واحداً ( (1)، فكانوا في فهمهم وهم على شركهم أحسن من فهم علماء الكلام – وهم يدعون الإسلام – حينما قرروا أن معنى لا إله إلا الله: لا قادر على الاختراع والخلق والإيجاد إلا الله، وهو معنى باطل يرده كتاب الله وما جاء في سنة رسول الله عليه عامة أهل الحق، فإن معنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله وحده.
وهذه هي دعوة الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم كما قال تعالى:
)وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ( (2) وقال تعالى حاكياً عن دعوة الرسل لأممهم:
)وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ( (3).
فالإله هو الذي يستحق العبادة والخضوع له وهذا هو التفسير الحق، وأما تفسير الإله بأنه القادر على الخلق فهو باطل، وأول ما يدل على بطلانه: أنه لو حقق شخص مفهوم هذا التوحيد، فأقر بأن الله هوالخالق الرازق المدبر لكي يشهد الشهادتين، معترفاً بأن الله هو الإله المستحق للعبادة لا يشرك به أحداً.
والبشر كلهم يقرون بأن الله هو الرب الخالق، حتى الذين عاندوا وجحدوا الربوبية يعترفون في قرارة أنفسهم بانفراد الرب بخلق كل شيء، وما تقوله نفاة الصفاة، من أن الله واحد لا قسيم له، يريدون من وراء هذه العبارة إثبات ذات مجردة عن كل الصفات، التي يسمونها انقساماً للبارئ وتركيباً في ذاته، وبالتالي يلزم من ذلك – حسب أكاذيبهم – تعدد الآلهة، فتكون العين والسمع واليد وغير ذلك من الصفات آلهة معه وحينما تصوروا وقوع هذا المفهوم وشبهوا الله تعالى، ثم عطلوه عن صفاته بتلك الحجة الباطلة. وحينما جعلوا توحيد الألوهية نفس توحيد الربوبية استدلوا على ذلك بدليل التمانع فقالوا في تقريره: لو كان للعالم صانعان فعند اختلافهما مثل أن يريد أحدهما تحريك جسم وآخر يريد سكونه، أو كان أحدهما يريد أن يكون ذلك الجسم حياً والآخر يريد أن يكون ميتاً، أو غير ذلك من الأمور المتضادة، فإنه حينئذ إما أن تتحقق إرادتهما معاً، وهو مستحيل، إذ لا يمكن الجمع بين النقيضين لأمر واحد.
أو يتحقق إرادة واحد منهما ويمتنع تحقيق إرادة الآخر، فيكون هذا الآخر عاجزاً ليس بإله.
أو لا يمكن أن تتحقق إرادتهما معاً لعجز كل واحد عن قهر الآخر، فتسقط ألوهيتهما معاً.
وبهذا التقرير نتج عندهم أن الله هو وحده الخالق لكل شيء، وأنه رب كل شيء.
وهذا وإن كان حقاً أن الله هو رب كل شيء وخالقه، لكنه ليس هو مضمون توحيد الألوهية الذي هو بمعنى إفراد الله بالألوهية وحده لا شريك له، وإفراده أيضاً بالعبودية التي هي معنى الألوهية.
وليس هو مضمون جحد أسماء الله وصفاته كما يزعمون حين يؤكدون نفيها وتعطيلها عن الله، ويسمون ذلك توحيدا، ويزعمون أن من أثبت لله الأسماء والصفات الواردة في كتاب الله وفى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أنه مشبه ومجسم، وهم على حد قول القائل: ((رمتنى بدائها وانسلت))، فهم أهل التشبيه والتجسيم، كما هي سمة أهل التعطيل والإلحاد، وهم يسترون باطلهم بأوصاف لله تعالى مجملة، مثل قولهم: إن الله واحد في ذاته لا قسيم له، ولا جزء له، ولا بعض له … إلخ.
فهو يحتمل معنى صواباً إذا كانوا يقصدون به أن الله واحد لا يجوز علية الانقسام ولا التجزؤ ولا التبعض، مع أنها ألفاظ مخترعة لم ترد في أي نص شرعي ويحتمل معنى باطلاً وهو نفى صفات الله تعالى تحت هذه الأوصاف وقد اتضح من إنكارهم وتعطيلهم لأسماء الله وصفاته، أنههم لا يريدون إلا هذا المعنى الموافق لتأويلاتهم التي يسمونها توحيداً، ويسمون من يردها مشبها ً ومجسماً وحشوياً.. الخ لأنه لم يقر بأن توحيد الربوبية هو غاية التوحيد ويستدل المؤولون من الخلف على دليل التمانع من القرآن الكريم بقول الله عز وجل: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ( (1)
على اعتقادهم أن معنى الآية: لو كان في السموات والأرض إله يخلق غير الله عز وجل لفسدتا، فثبت أنه لا خالق إلا الله، وأن هذا هو توحيد الربوبية الذي بينه القرآن الكريم ودعا إلى تحقيقه وأنه هو دعوة الرسل. فهل أصابوا في هذا الفهم؟ الجواب: لا، وقد بينه ابن أبى العز رحمة الله فقال:
((وكثير من أهل النظر يزعمون أن دليل التمانع هو معنى قوله تعالى: )لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا (
لاعتقادهم أن توحيد الربوبية الذي قرروه هو توحيد الإلهية الذي بينه القرآن ودعت إليه الرسل عليهم السلام وليس الأمر كذلك، بل التوحيد الذي دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية المتضمن توحيد الربوبية، وهو عبادة الله وحده لا شريك له(2) ثم قال: "فعلم أن التوحيد المطلوب هو توحيد الإلهية الذي يتضمن توحيد الربوبية)) (3)
فدليل التمانع قائم على أن الله هو خالق الخلق لا رب سواه، والخطأ إنما هو المتكلمين الذين جعلوه هو التوحيد الخالص، وقدموه على توحيد الألوهية استغناء به، مع إغفال توحيد الألوهية الذي خلق الله الجن والإنس لتحقيقه، وجعله احب شيء إليه،ة وبه يثيب وبه يعاقب.
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله عن هذا التوحيد:
((وهذا التوحيد هو أول الدين وآخره وباطنه وظاهره، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى قول: لا إله إلا الله، فإن الإله هو المألوه المعبود بالمحبة والخشية والتعظيم وجميع أنواع العبادة، ولآجل هذا التوحيد خلقت الخليقة وأرسلت وأنزلت الكتب، وبه افترق الناس إلى مؤمنين وكفار وسعداء أهل الجنة وأشقياء أهل النار..)) إلى أن قال: ((وهذا التوحيد هو أول واجب على المكلف لا النظر، ولا القصد إلى النظر، ولا الشك في الله،كما هو أقوال من لم يدر ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم من معاني الكتاب والحكمة)) (4).
ثم أورد السؤال الآتي وأجاب عنه وهو قوله: ((0 فإن قيل: قد بين معنى الإله والإلهية (5) فما الجواب عن قول من
قال بأن معنى الإله: القادر على الاختراع، ونحو هذه العبارة؟
قيل: الجواب من وجهين:
أحدهما: أن هذا قول مبتدع لا يعرف أحد قاله من العلماء ولا من أئمة اللغة وكلام العلماء وأئمة اللغة هو معنى ما ذكرنا كما تقدم فيكون هذا باطلاً)).
وإشارته إلى ما تقدم، يريد ما ذكره من تفسير العلماء لمعنى الإله بالمعبود الذي يجب له وحده العبودية والذل والخضوع، ثم قال:
((وهذا كثير جداً في كلام العلماء، وهو إجماع منهم أن الإله هو المعبود خلافاً لما يعتقده عباد القبور وأشباههم في معنى الإله، أنه الخالق أو القادر على الاختراع أو نحو هذه العبارات..))، إلى أن قال: ((ولو كان معناها ما زعمه هؤلاء الجهال لم يكن بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبينهم نزاع، بل كانوا يبادرون إلى إجابته ويلبون دعوته، إذا يقول لهم: قولوا لا إله إلا الله بمعنى أنه لا قادر على الاختراع إلا الله فكانوا يقولون: سمعنا وأطعنا، قال الله تعالى: )ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ( (1))) (2).
الثاني: على تقدير تسليمه فهو تفسير باللازم للإله الحق، فإن اللازم له أن يكون خالقاً قادراً على الاختراع، ومتى لم يكن كذلك فليس بإله حق وإن سمى إلها، وليس مراده أن من عرف أن الإله هو القادر على الاختراع فقد دخل في الإسلام، وأتى بتحقيق المرام من مفتاح دار السلام، فإن هذا لا يقوله أحد، لأنه يستلزم أن يكون كفار العرب مسلمين (3).
ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في رده على المفهوم الخاطئ لأهل تجاه المراد بالتوحيد: ((وليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية وهو اعتقاد أن الله وحده خلق العالم، كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام والتصوف، ويظن هؤلاء أنهم إذا اثبتوا ذلك فقد أثبتوا غاية التوحيد، وأنهم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه فقد فنوا في غاية التوحيد..))
إلى أن قال:
((فإذا فسر المفسر (الإله) بمعنى القادر على الاختراع، واعتقد أن هذا المعنى هو أخص وصف الإله، وجعل إثبات هذا هو الغاية في التوحيد – ما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفاتية – وهو الذي يقولونه عن أبى الحسن وأتباعه
لم يعرفوا حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله الله صلى الله عليه وسلم، فإن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خالق كل شيء، وكانوا مع ذلك مشركين)) (4)
4 – تعطيل النصوص عن مدلولاتها:
من الأمور الواضحة بعد عرض ما تقدم، أن كل الطوائف المخالفة لأهل السنة والجماعة لم يلتزموا بالمفاهيم الواضحة للنصوص، وإنما كان حالهم فيها مثل حال من يفسر الواضح حتى يجعله غامضاً، فهؤلاء تعمقوا – كما يظنون – في استخراج الحق الكامن خلف النصوص ثم خرجوا بعلم غزير لم يهتد إليه أحد قبلهم، لا الصحابة ولا من جاء بعدهم، بل لم يهتد إليه حتى الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه، وهم وإن لم يصرحوا بذلك، لكن عباراتهم ومواقفهم تدل على هذ1 دلالة لا تخفى على من عرف ألغازهم في كلامهم، والمصطلحات التي تستروا بها، لدس أفكارهم الضالة حيال التلاعب بالنصوص، وإظهارها بالمظهر الذي يريدونه.
وقد كانوا بحق أذكياء جدا في عرض شبهاتهم وتأويلاتهم، حيث جاءوا بزخرف من القول والدعاية، واختيار الأسماء المنفرة لما لا يريدونه، وإلقاء الأسماء التي ظاهرها يخدمهم ولها رونق وبريق، فانخدع بذلك كثير من عوام المسلمين، بل من طلاب العلم، وسموا أنفسهم بأحسن الأسماء، مثل: أهل التوحيد، أهل العدل، أهل الاستقامة، الفرقة الناجية، أهل السنة، محققين، حكماء. إلى غير ذلك من الألقاب التي اصبغوها على أنفسهم واتباعهم.
وبالتالي أطلقوا أسماء أخرى على أهل السنة والجماعة تنفر السمع عنهم وتجعله يمتلئ غيظا عليهم، كارها لمذهبهم وعقيدتهم الحنيفية، فأطلقوا عليهم ظلما وعدوانا: أهل التشبيه والتجسيم، الحشوية، خوارج، نوابت، وفى هذا يقول ابن القيم رحمه الله في نونيته، حكاية عن معطل يحذر أصحابه من مذهب أهل السنة:
تسمع مقال مجسم حيوان قد دان بالآثار والقرآن أخذوا الظواهر ما اهتدوا لمعان | قالوا مشبهة مجسمة فلا قال أيضا وقال أيضاً: ومن العجائب أنهم قالوا لمن أنتم بذا مثل الخوارج إنهم |
وقال أيضا في تسميتهم لأهل السنة حشوية، أي من حشو الناس وسقطهم: | |
بالوحي نمن اثر ومن قرآن وفضلة في أمة الإنسان رب العباد بداخل الأكوان الرب ذو الملكوت والسلطان حمن محوي بظرف مكان | ومن العجائب قولهم لمن اقتدى حشوية يعنون حشوا في الوجود ويظن جاهلهم بأنهم حشوا إذ قولهم فوق العباد وفى السماء ظن الحمير بأن في للظرف والر |
أي ظن هؤلاء أن أهل السنة يقولون: إن الله في السماء، أي هي ظرف له وتحويه، وهو كلام باطل لا يقوله أهل السنة
وهناك اسم أخر يسمون به أهل السنة وهو: " النوابت "، أي نبتوا في الإسلام بأقوال بدعية بعد اختلاطهم بالأعاجم، بل وسموا أهل السنة: عابدي أوثان، لأنهم يقولون: إن ربهم في السماء وفوق العرش بذاته، والروافض أيضا يسمون أهل السنة – كذباً – " نواصب"، ومن الغرائب أنهم يسبون أهل السنة بما ينطبق عليهم هم، وفيهم يقول ابن القيم رحمه الله:
أولى ليدفع عنه فعل الجاني ولذاك عند الغر يشتبهان ومجسمين وعابدي أو ثان وهم الروافض أخبث الحيوان سموا بالنواصب شيعة الرحمن(1) بالمعدوم فاجتمعت له الوصفان حتى نفاه وذان تشبيهان سماه تشبيها فيا إخوان هذا الخبيث المخبث الشيطان أم مثبت الأوصاف للرحمن | فرموهم بغيا بما الرامي به يرمي البرئ بما جناه مباهتا سموهم حشوية ونوابتا وكذاك أعداء الرسول وصحبه نصبوا العداوة للصحابة ثم وكذا المعطل شبه الرحمن وكذا شبه قوله بكلامنا وأتي إلى وصف الرسول لربه وبالله من أولى بهذا الاسم من فمن المشبه بالحقيقة أنتم |
والله عز وجل يعلم أن أهل السنة براء من تلك الألقاب الظالمة، فإن الذي يثبت لله ما أثبته لنفسه لا يجوز أن يسمي مشبها أو مجسما، والذي يقول: الله في السماء، أي في جهة العلو المطلق، وأن السماء ليست ظرفا له عز وجل، وإنما المقصود جهة العلو بغير تحديد مكان – لا يصح أن يسمى حشويا.
والذي يأخذ بظواهر النصوص ويفهم معانيها فهما جيدا ويقول عن الكيفية: لا علم بها، لأن الله لم يخبرنا بذلك، لا يصح أن يسمي خارجيا يقف على ظواهر النصوص دون فهم لمعانيها.
والذي نبت على معرفة الحق وما جاء في كتاب الله وسنة نبيه لا يصح أن يسمي نابتا جديدا خارجا عن الحق.
والذى يحترم أهل البيت وينزلهم المنزلة التي تليق بهم فلا يرفعهم إلى مرتبة العصمة أو الألوهية، ولا ينزلهم عن قدرهم فيذم بعضهم ويمدح البعض الآخر، كالرافضة، لا يصح أن يسمى رافضيا.
إن تلك الأسماء كلها في إطلاقها على أهل الحق ظلم وكذب وزور، فهي في الحقيقة أسماء لأهل الباطل، لكن الجاني يسمى نفسه بريئا ويسمي البريء مجرما، والله عز وجل يفصل بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.
إن تسلط علماء الخلف على النصوص وتحريفها عن معانيها الصحيحة لتوافق ما جاءوا به من عقائد ما أنزل الله بها من سلطان – أمر معلوم لطلاب العلم.
فإن هؤلاء لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من تخبطات في فهم النصوص وبناء عقائدهم، إلا على لي أعناق النصوص وزخرف الأقاويل في تأويلها، وإيراد الشبهات الكثيرة تحت اسم الأدلة القاطعة والبراهين الواضحة، وهى أسماء تخفي وراءها خداعهم لمن يعرف ما يهدفون إليه، إحياء أفكار أساطين الملاحدة والفلاسفة من اليونانيين وغيرهم.
وقد ذكرنا من خلال ما تقدم دراسته – بيان مذاهب الفرق الباطلة وأقوالهم المخالفة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ابتداء بالخوارج وانتهاء بهذه الفرق الكلامية أتباع الفلاسفة.
ومجمل الاعتقاد فيما تقدم في باب الأسماء والصفات، هو أن نثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته رسوله صلى الله عليه وسلم له، وأن ننفي عن الله ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم على حسب ما يأتي:
نثبت لله تعالى كل الأسماء الحسنى كما قال عز وجل: ولله الأسماء الحسنى فادعوه وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ( (1)
نثبت له كل الصفات الواردة في القرآن الكريم.
نثبت أن لله في كل صفة المثل الأعلى والأكمل.
الإيمان بكل ما جاء من صفات الله تعالي إلى التفصيل الذي ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.
أن نثبت معاني كل أسماء الله وصفاته، ونتوقف عن الخوض في كيفياتها، لأن الله لم يخبرنا بذلك. وأن نردد في كل صفة عبارة السلف: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة ".
* * * * * * * * * * * * * * * * **
5- جدول مختصر لبيان صفات الله تعالى
وتأويل الخلف لها (وما من صفة من الصفات إلا وللسلف
دليل على ثبوتها لله تعالى) كما في الجدول الآتي
الصفحة | دليل ثبوتها | تعطيل الخلف لها |
نفس الله | وقال صلى الله عليه وسلم: " يقول تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي فإن ذكرني في ملأ خير منهم " إلى آخر الحديث ([3]). فلله تعالى نفس لا تعرف كيفيتها، وليست كسائر النفس المركبة في أبدان المخلوقات. | زعموا أن الله لا يصح وصفه بذلك، وإنما أضاف النفس إليه مثل إضافة سائر الخلق إليه، وهو تعطيل لتلك النصوص وغيرها مما لم نورده هنا. |
علم الله | وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مفاتح الغيب خمس: إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب إذا وما تدري نفس بأي أرض تموت ( ([6]). | لا يؤمنون بصفة العلم على أنها من صفات ذاته عز وجل مضافة إليه، ومن الغريب أنهم يقولون: إن الله هو العالم وينكرون أن لله علماً مضافاً إليه من صفات الذات " يعني أنهم يثبتون الاسم وينكرون الصفة التي يدل عليها، وهو تناقض، فإنه لا يعقل عالم بلا علم ". |
الوجه لله تعالى: صفة ذاتية لله تعالى | كل شيء هالك إلا وجهه ( ([8])، ولله وجه لا تعلم كيفيته، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ابتغى وجه الله وأطاع الإمام وأنفق الكريمة وياسر الشريك واجتنب الفساد فإن نومه ونبهه أجر ([9]). كله " الحديث. والسلف رحمهم الله يثبتون الوجه لله تعالى حقيقة مع تنزيهه عن مشابهة خلقه، ولا يلزم من المشاركة في التسمية الاتحاد في الذات فالله أعلى وأجل من ذلك. | نفوا أن يتصف الله بالوجه وأولوه بمعنى نفس الذات. أي ويبقي ذات ربك أو يبقى ثوابه أو هو بمعنى القبلة، أو هو كما تقول العرب: وجه الدار ووجه الكلام، وهذا تكذيب لله ورسوله وتأويل باطل لا مبرر له، وهو من تلاعب الشياطين بهؤلاء المعطلة النفاة، والسلف يؤمنون بأن لله تعالى وجهاً من غير تشبيه وجه يليق به، وهذا هو الحق الموافق لكتاب الله وسنة نبيه. |
عين الله | {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا}. {ولتصنع على عيني}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال "إنه أعور وإن الله ليس بأعور" وفى رواية أخرى ((أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية ([10]). | لا يثبتون هذه الصفة ويؤولونها بحجة أنها مرة جاءت بلفظ الإفراد ومرة بلفظ التثنية متجاهلين أنها أسلوب من أساليب العرب في لغتهم. والسلف يثبتونها صفة ذاتية لله تعالى ولا يكيفونها، والخلف أولوها بمعنى حفظ الله أو العلم، وان الحديث فيه تنزيه الله عز وجل عن أن يكون له صفة تشبه صفات خلقه وهذا تأويل. |
السمع والبصر | وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حينما رفعوا أصواتهم بالتكبير: ((يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنه سميع قريب)) ([13]). وفى رواية: ((إن الذي تدعون هو أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)) ([14]). | ينفون إثبات السمع والبصر على أنهما صفتان على حقيقيتان لله تعالى ويزعمون أن اثباتهما يقتضى تشبيه الله بخلقه، لأنه على حسب زعمهم لا يوجد خارج من يتصف بالسمع والبصر إلا المخلوقات، والسلف يثبتونهما صفتان حقيقيتان لله عز وجل من غير تكييف لهما تمشياً مع الأدلة. |
اليدان | يد الله فوق أيديهم ( ([17])، والآيات والأحاديث في إثبات اليد واليدين لله عز وجل كثيرة جداً، من ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل إلا الطيب. فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربى أحدكم قلوه حتى تكــون مثل الجبل)) ([18]). وفى رواية أبى هريرة رضي الله عـنه: ((إلا أخذها الله بيمينه فيربيها كما يربى أحدكم فلوه أو قلوصه حتى مثل الجبل أو أعظم)) ([19]). وعن أبى موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء الليل الليل حتى تطلع الشمس من مغربها)) ([20]). | نفوها وقالوا: إن اليد من صفات المخلوقين، وزعموا المخلوقين، وزعموا أن اليد النعمة واليدين النعمتان أو القوة. والسلف يثبتونها صفة حقيقية ذاتية لله عز وجل لا تشبه أيادي ذاتا لا تشبه الذوات، فكذلك له صفات لا تشبه الصفات المخلوقة. |
الأصبع | عن عبد الله قال: جاء حبر من أحبار اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات على أصبع والأرضين على أصبع والشجر على أصبع والماء والثرى على أصبع، وسائر الخلائق على أصبع فيقول أنا الملك قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } ([21]) ([22]). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث شــاء" ([23]). | ذهب بعضهم إلى نفى ما جاء من النصوص في ما جاء من النصوص في إثبات الأصابع، وزعموا أن إثباتها إنما هو من أكاذيب اليهود، لأنهم من غلاة المشبهة وأن ضحك النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان كراهة وبغضاً لذلك، وهذا رد سافر للنص، وكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يضحك عندما توجه ألفاظ الإهانة إلى الله تعالى. وبعض هؤلاء لم يجد بداً من تصحيح الحديث، فذهب يؤول الأصابع إلى أنها بمعنى شيء يخلقه الله يحمل السماوات وكل ما ذكر في الحديث كما تحمل الأصابع الشيء الثقيل، إلى غير ذلك من التأويلات الباطلة التي يردها فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله، ومنهم الصحابة رواة الحديث |
الرجل والقدم | أهل السنة يثبتون أن لله قدماً لصريح الحديث في إثبات الرجل والقدم لله عز وجل، ولا يعلم مقدار عظمة ذلك إلا هو سبحانه وتعالى، وتكلف القول في بيان كيفيتها أو الإقدام على نفيها من الباطل المنهي عنه. وقد أول المعطلة ما ورد من إثبات القدم لله تعالى في الحديث بمعنى أن النار حين يضع فيها الجبار المتعالي على الله؛ تقول: قط قط، وهو تأويل بعيد لا تدل عليه النصوص ولا اللغة، وأول المعطلة الرجل إلى معنى الجماعة من الناس. | |
الساق | قال تعالى: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ } ([26]). ورد لفظ الساق هنا منكراً، ومن هنا وقع خلاف بين علماء السلف هل الساق صفة ذاتية لله أم لها معنى آخر على قولين إلا أنه قد جاء حديث صحيح يفصل هذا النزاع وهو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفيه: "فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً، ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهراني جهنم" الحديث ([27]). | للسلف وغيرهم مفاهيم مختلفة حول ثبوت صفة الساق لله، فيروى أن الساق هو الشدة، وقيل: الساق هو النور العظيم، وقيل: هو ما يقع للمؤمنين من لطف الله. فمن أثبته صفة لله تعالى فمستنده حديث أبي سعيد الخدري ومن نفاه عن الله ذهب إلى تلك التأويلات. والحق هو إثبات الساق صفة لله تعالى بدون تكييف ولا تأويل؛ لثبوت ذلك في حديث أبي سعيد الخدري. وفي قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ} |
الاستواء | نفوا الاستواء وزعموا أن معنى النصوص الواردة باستوائه أي بمعنى استيلائه على العرش، أو بمعنى الإقبال على خلق العرش وغيره، وهي تأويلات باطلة خلاف ما جاءت به النصوص الواضحة من كتاب الله وسنة نبيه، بل وخلاف ما عرف في اللغة العربية من أن الاستواء هو غير الاستيلاء، وأن الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة. | |
النزول والإتيان والمجيء 1- يوم القيامة 2- كل ليلة | 1- النزول والمجيء والإتيان في يوم القيامة: قال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ}([31]) وقال تعالى: { وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا }([32]). ومن السنة: ما جاء في أحاديث القيامة وفصل القضاء بين العباد,وهي أحاديث كثيرة , منها قوله صلى الله عليه وسلم قال: "فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول: أنا ربكم , فيقولون: هل بينكم وبينه آية تعرفونه , فيقولون: الساق , فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن , ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة.." الحديث([33]). 2- في الدنيا: ينزل ربنا كل ليلة كما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له" ([34]). | لا يؤمنون بالنزول ولا المجيء ويؤولون ذلك إلى معنى نزول أمره أو نزول الملائكة أو نزول رحمته. وهو تأويل باطل وتعطيل ظاهر للنصوص , والسلف يؤمنون بنزول الله عز وجل , وهو من الصفات العلية , ينزل ربنا تعالى نزولاً يليق به. كل هذه الصفات الاختيارية لا يؤمن بها الخلف فلا يثبتون ما دل عليه كل نص. |
الرضى, الغضب, الضحك. الفرح, السخط, التعجب, المحبة, الكراهة, الرحمة. | هذه الصفات يؤمن بها السلف كما جاءت بها النصوص من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه على ما يليق بجلال الله وعظمته , وأدلتها على الترتيب: قال تعالى: {رضي الله عنهم ورضوا عنه}([35]) وقال تعالى: {ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم}([36]) وفي الصحيح أن آخر رجل يدخل الجنة يتوسل إلى الله كلما قدمه درجة طلب أخرى , قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: "فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه فإذا ضحك منه قال له: أدخل الجنة " ([37]). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض دوية مهلكة عليها طعامه وشرابه , فطلبها فلم يجدها , فنام تحت شجرة ينتظر الموت , فلما استيقظ إذا هو بدابته عليها طعامه وشرابه , فالله أشد فرحاً بتوبة عبده من هذا براحلته"([38]). وقال تعالى:{ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه} ([39]) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل" ([40]). وقال تعالى: { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه }([41]). | بل جاءوا لها بمعان مختلفة عطلوا بها معاني تلك النصوص فالرضى عندهم إرادة الثواب أو العطاء أو الإنعام , والغضب إرادة الانتقام , والضحك إرادة الثواب أو الرضى , والفرح قبول التوبة وإرادة الثواب , ومحبة الله للعبد بمعنى إحسانه إليه وإنعامه , والرحمة إرادة الله الخير والنعم لعبده. وكل تلك التأويلات باطلة ومخالفة للحق الذي قررته الشريعة الإسلامية , ولا يلزم من إثباتها أي محذور , وليس فيه أي تشبيه لله بخلقه , خصوصاً وقد مدح الله نفسه بها , ولا يتصور التشبيه إلا من لم يعرف الحق ولم يطلع على مذهب السلف , ذلك أنها صفات تليق بالله عز وجل وكما ل نعرف ذاته فكذلك لا نعرف كيفية صفاته. |
الكلام صفة ذات وفعل | قال تعالى: { فأجره حتى يسمع كلام الله }([44]), عن ابن مسعود: "إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل حتى إذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم" الحديث([45]). وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء أن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض"([46]). | لا يؤمنون بأن الله تعالى يتكلم متى يتكلم متى شاء ولا يثبتونها صفة لله تعالى , وأولوا النصوص الواردة بإثباتها وعطلوها عن مدلولاتها , ومن هنا زعموا أن القرآن الكريم مخلوق لم يتكلم به الله , وأن نسبة الكلام إلى الله مجاز , وهو قول الجهمية. أو هو معنى قائم بذات الله خلقه في غيره , وهو قول الماتريدية , أو أنه ألفاظ ومعان , فلألفاظ مخلوقة والمعاني قديمة قائمة بالنفس , وهو معنى واحد يختلف حسب التعبير به إن عبر عنه بالعربية صار قرآناً وإن عبر عنه بالعربية صار توراة وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلاً. ولا تعلق له بالمشيئة الإلهية وهذا قول الكلابية ومن تبعهم من الأشاعرة الذين لا سثبتون لله تعالى إلا كلاماً نفسياً لله قائماً بذاته من غير حرف ولا صوت. أو أن القرآن متعلق بالمشيئة والقدرة , وأنه قائم بذات الرب إلا أنه حدث بعد أن لم يكن , وهذا قول الكرامية. أو أن كل كلام طيباً أو خبيثاً هو كلام الله , وهذا قول الاتحادية , إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة. ومذهب السلف أن الله يتكلم متى شاء بما شاء على وجه لا نعرف كيفيته , وأن نوع الكلام قديم وآحاده حادثة. |
الرؤية الرؤية ليست من صفات الله تعالى , والغرض هو بيان تعطيل الخلف للنصوص | لا يختلف السلف في أن الله يرى بالأبصار في يوم القيامة , قال تعالى: { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }([47]). وفي السنة: عن جرير بن عبد الله قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: " إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون هذا القمر لا تضمون في رؤيته, فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا "([48]). | ينفي المخالفون رؤية الله في الدار الآخرة , ويزعمون أنها تؤدي إلى القول بأن الله مثل الحوادث وأنه متحيز في مكان , وزعموا أن قول الله: { وجوه يومئذ ناضرة } أي منتظرة لفضله ونعمه , وأن "لن" في قول الله تعالى لموسى: { لن تراني } على التأبيد , وهو كذب على اللغة وعلى الحق. وأهل السنة يثبتون رؤية الله في الدار الآخرة يرونه بأبصارهم رؤية لا تعرف كيفيتها , بعيدة عن التشبيه وعن ما يتوهمه أهل التعطيل , وفي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا خلاف مشهور بين الصحابة ومن جاء بعدهم. |
العلو | علو الله أمر معلوم من الدين بالضرورة قال تعالى: { بل رفعه الله إليه }([49]). وقال تعالى: { أأمنتم من في السماء }([50]). عند أهل السنة كلمة السماء المراد بها مطلق العلو , وتكون "في" بمعنى "على"قال تعالى: { يخافون ربهم من فوقهم }([51]). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم للجارية: "أين الله؟ قالت: في السماء "([52]). | ينكر المعطلة صفة العلو , ويزعمون أن الله في كل مكان بذاته , وأولوا الفوقية أنها بمعنى فوقية القدر والعظمة , وهو تعطيل للنصوص ورد لها وجحد للحق الثابت |
هذا وأسأل الله عز وجل أن يكون فيما تقدم ما ينفع وأن يجزل لي الأجر , فإنه يجزي على العمل الحقير الأجر الكثير , وكل ما أطمع فيه هو عفو الله وثوابه في جمع تلك المعلومات وكتابتها , وجمع شتات ما تفرق في كتب العلماء حول الطوائف المخالفة للحق الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وإنني مدين في نهاية هذا البحث بالشكر العظيم لله عز وجل أولاً , ثم لأصدقائي من مشائخ فضلاء وطلاب علم , وموظفين في مكتبات الجامعة الإسلامية وغيرها من تيسير كثير من المراجع التي لم تتوفر لدي واحتسابهم ذلك عند الله تعالى , ولم يرغبوا في ذكر أسمائهم أو الإشادة بهم ولهم في قلبي أعمق الود والإجلال.
أسأل الله لي ولهم ولكل طالب علم ولكل المسلمين عموماً الهداية والتوفيق.
وهو حسبنا ونعم الوكيل..
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
* * * * * * * * * * * * * * * * **
ومن المراجع المفيدة في دراسة أقوال علماء أهل الكلام
والرد عليهم
- فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية.
- القصيدة النونية للإمام ابن القيم مع شرحها للهراس.
- الصواعق المنزلة لابن القيم مع تحقيقها للدكتور أحمد عطية الغامدي، والدكتور علي بن ناصر فقيهي.
- بيان تلبيس الجهمية لشيخ الإسلام ابن تيمية.
- كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل لابن خزيمة.
- شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار.
- مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم.
- اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن القيم.
- رد الإمام الدارمي على بشر المريسي لعثمان بن سعيد الدارمي.
- شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز.
- مقالات الإسلاميين واختلاف المصليين لأبي الحسن الأشعري.
- الفرق بين الفرق للبغدادي.
- الملل والنحل للشهر ستاني.
- الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم.
- الإبانة لأبي الحسن الأشعري.
- كتاب الإيمان لابن منده تحقيق الدكتور علي بن ناصر.
- المعتزلة عواد بن عبد الله المعتق.
- تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة.
- فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.
- تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب.
- الصفات الإلهية للدكتور محمد أمان الجامي.
- أبو الحسن الأشعري للشيخ حماد الأنصاري.
- عقيدة التوحيد في فتح الباري شرح صحيح البخاري للشيخ أحمد عصام الكاتب.
- تاريخ الجهمية والمعتزلة للشيخ جمال الدين القاسمي.
- العصريون معتزلة اليوم يوسف كمال.
- المعتزلة بين الفكر والعمل علي الشابي / أبو لبابة حسين / عبد المجيد النجار.
- خلق أفعال العباد للإمام البخاري محمد بن إسماعيل.
- المواقف للعضد الإيجي.
- الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية.
- التحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية للشيخ فالح بن مهدي آل مهدي.
- درء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام ابن تيمية.
- الصفات الخبرية بين الإثبات والتأويل للشيخ عثمان بن عبد الله آدم.
ومئات المراجع التي كتبها العلماء في دراستهم لهذه الفرق مما لا يخفي على طلاب العلم، وقد ذكرت فيما تقدم مراجع قديمة ومراجع عصرية.
وأرغب في نهاية دراسة هذه الفرق أن أتقدم بنصيحة إلى كل محب من طلاب العلم ألا يزهد عن كتابة المتأخرين، فإن فيها صفوة كثير من المعلومات لإطلاع هؤلاء على ما كتبه السابقون واستخلاص زبدة أفكارهم ثم تدوينها في كتاباتهم.
وليس من الإنصاف الإعراض عنها بحجة أنهم عالة على ما كتبه القدامى فهذا خطأ يفوتك فوائد قد تجتنيها بدون عناء مع أنه لا يبعد عن الصدق في أن علماء هذا العصر عالة في كثير من الأمور على ما كتبه القدامى لمعايشتهم الأحداث وصفاء عقولهم وإخلاصهم في نفع الناس.
ولكن هذا لا يمنع أن توجد فوائد قد لا نجدها في بعض كتابات القدامى، ومن قال بخطأ هذا فقد زعم انحصار فضل الله عز وجل على عباده، فإن الله تعالى هو الوهاب وهو الفتاح العليم. غفر الله لعلمائنا من تقدم منهم ومن تأخر، ونسأله عز وجل أن يلحقنا بهم صالحين غير خزايا ولا مفتونين.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم( (1).
* * * * * * * * * * * * * * * * **
(1) وقد تقدم في درس الشيعة أنهم يسمون أهل السنة نواصب، وذكرنا الأدلة على هذا من كتبهم ومن كلام علمائهم، خلفهم عن سلفهم.
(1) سورة الأعراف : 180.
[40] )) متفق عليه، والمراد بهم الكفار حين يؤسرون ويؤتى بهم في السلاسل فيسلمون فيدخلون الجنة، انظر: فتح الباري 6/145 باب الأسارى في السلاسل.
(1) سورة الحشر : 10.
0 comments:
إرسال تعليق