بسم الله
الحافظ أبي الفضل بن ناصر السلامي الشافعي البغدادي (ت 550ه) ، حكى عن نفسه إنه تأثر بالأشاعرة في مسألة كلام الله تعالى ، و أصبح يقول بمقالتهم ، دون أن يحصل له اطمئنان ، فظل مضطربا حائرا مدة طويلة ، يدعو الله أن يهديه إلى الحق ، و في ذلك يقول عن نفسه : (( كنتُ أسمع الفقهاء في النظامية يقولون : القرآن معنى قائم بالذات، و الحروف و الأصوات عبارات و دلالات عن الكلام القديم القائم بالذات ، فحصل في قلبي شيء من ذلك ، حتى صرتُ أقول بقولهم موافقة )) ، ثم قال : (( و كنتُ إذا صليتُ أدعو الله أن يُوفقني لأحب المذاهب و الاعتقادات إليه ، و بقيتُ على ذلك مدة طويلة أقول : اللهم وفقني لأحب المذاهب إليك ،و أقربها عندك )) ، ثم ذكر إنه رأى في المنام رسول الله –عليه الصلاة و السلام- فحثّه على اتباع مذهب أبي منصور الخياط البغدادي الحنبلي(ت499ه) ،و في الصباح اتصل به و أخبره بالأمر ، فقال له أبو منصور : (( يا بني مذهب الشافعي حسن ، فتكون على مذهب الشافعي في الفروع ،و على مذهب أحمد و أصحاب الحديث في الأصول ، )) ، فقال ابن ناصر: (( يا سيدي ما أريد أن أكون لونين )) ، ثم أشهده على نفسه إنه على مذهب أحمد بن حنبل أصولا و فروعا[1] .
و يُروى إنه –أي ابن ناصر- لما انتقل إلى المذهب الحنبلي أعاد صلاته التي صلاها منذ احتلامه إلى أن تحنّبل ، و غسل جميع ما في منزله من أوانٍ و أفرشة و ثياب ، حتى جدران بيته غسلها ، بسبب ما كان يعتقده من مذهب الأشعري[2] . و إن صح عنه هذا الخبر ، فيعني إنه كان يرى في الأشعرية نجاسة معنوية و مادية يجب التطهّر منها ، و فعله هذا مبالغة لا مسوّغ لها شرعا و لا عقلا .
---------------------------
[1] ابن رجب: الذيل على طبقات الحنابلة ، ج 1 ص: 121-122 .
[2] الصفدي: الوافي بالوفيات ، ج 5 ص: 105-106 .
0 comments:
إرسال تعليق