بسم الله
الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (430 هـ)
وهو ممن عده الأشعريان من الأشاعرة، وأنا أذكر بعض ما نُقل عنه في المعتقد ليتبين لنا حقيقة هذه الدعوى:
قال فى كتابه "محجة الواثقين ومدرجة الوامقين" فيما نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأجمعوا أن الله فوق سمواته، عالٍ على عرشه، مستوٍ عليه، لا مستول عليه كما تقول الجهمية: أنه بكل مكان خلافاً لما نزل فى كتابه {أأمنتم من فى السماء} الملك16، {اليه يصعد الكلم الطيب} فاطرفاطر10، {الرحمن على العرش استوى} طه5،. له العرش المستوى عليه، والكرسى الذى وسع السموات والأرض، وهو قوله: {وسع كرسيه السموات والأرض} البقرة255، وكرسيه جسم، والأرضون السبع والسموات السبع عند الكرسى كحلقة فى أرض فلاة، وليس كرسيه علمه كما قالت الجهمية، بل يوضع كرسيه يوم القيامة لفصل القضاء بين خلقه، كما قاله النبي r، وأنه تعالى وتقدس يجىء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده والملائكة صفاً صفاً كما قال تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا} الفجر22، وزاد النبى r: وأنه تعالى وتقدس يجىء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده فيغفر لمن يشاء من مذنبى الموحدين، ويعذب من يشاء، كما قال تعالى: {يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} آل عمران129)[1] اهـ.
وقال الذهبي في العلو: (قال الحافظ الكبير أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني مصنف "حلية الأولياء" في كتاب "الاعتقاد" له: (طريقتنا طريقة السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة. ومما اعتقدوه أن الله لم يزل كاملاً بجميع صفاته القديمة، لا يزول ولا يحول، لم يزل عالماً بعلم بصيراً ببصر سميعاً بسمع متكلماً بكلام، ثم أحدث الأشياء من غير شيء، وأن القرآن كلام الله، وكذلك سائر كتبه المنزلة كلامه غير مخلوق، وأن القرآن في جميع الجهات مقروءاً ومتلواً ومحفوظاً ومسموعاً ومكتوباً وملفوظاً كلام الله حقيقة، لا حكاية ولا ترجمة، وأنه بألفاظنا كلام الله غير مخلوق، وأن الواقفة واللفظية من الجهمية، وأن من قصد القرآن بوجه من الوجوه يريد به خلق كلام الله فهو عندهم من الجهمية، وأن الجهمي عندهم كافر - إلى أن قال: وأن الأحاديث التي ثبتت في العرش واستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل، وأن الله بائن من خلقه، والخلق بائنون منه، لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم، وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه))[2] اهـ.
ونقل ابن القيم عنه: (قال في عقيدته: وإن الله سميع، بصير، عليم، خبير، يتكلم، ويرضى، ويسخط، ويضحك، ويعجب، ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكاً، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف يشاء، فيقول: هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ حتى يطلع الفجر. ونزول الرب تعالى إلى سماء الدنيا بلا كيف، ولا تشبيه، ولا تأويل، فمن أنكر النزول أو تأول فهو مبتدع ضال، وسائر الصفوة العارفين على هذا. - ثم قال: وإن الله استوى على عرشه بلا كيف، ولا تشبيه، ولا تأويل، فالاستواء معقول، والكيف مجهول، وأنه سبحانه بائن من خلقه، وخلقه بائنون منه، بلا حلول، ولا ممازجة، ولا اختلاط، ولا ملاصقة، لأنه البائن الفرد من الخلق، والواحد الغني عن الخلق، -وقال أيضاً: طريقنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة، -وساق ذكر اعتقادهم ثم قال: ومما اعتقدوه أن الله في سمائه دون أرضه وساق بقيته)[3] اهـ.
فتأمل رحمك الله هذا التقرير من الحافظ أبي نعيم لمعتقد السلف، وفيه إثبات جميع الصفات لله تعالى بلا تفريق بين صفة وغيرها، بل الكل ثابت لله تعالى بلا تشبيه ولا تأويل.
وتأمل إثباته لصفة النزول لله تعالى على حقيقته، وأنه موصوف بذلك، وأن من تأوله أو أنكره فهو مبتدع ضال.
فهل يا ترى الأشاعرة يقرون بما قرره الحافظ أبو نعيم في هذا المعتقد؟!!
-------------------------------------------
[1] نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/60).
[2] العلو (ص243).
[3] اجتماع الجيوش الإسلامية (ص279).
المصدر : الباب الرابع : تبرئة أئمة السنة من فرية الانتساب إلى الأشعرية والكلابية
الأشاعرة في ميزان أهل السنة
نقدٌ لكتاب (أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم)
تأليف فيصل بن قزار الجاسم
الأشاعرة في ميزان أهل السنة
نقدٌ لكتاب (أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم)
تأليف فيصل بن قزار الجاسم
0 comments:
إرسال تعليق