أخبار الثورة السورية المباركة - اخوانكم في ليبيا معكم يا رجال ويا حرائر سوريا



فلم - كشف اللثام عن المنافق المجرم الصوفي البوطي عدو أهل الشام
فلم - كشف اللثام عن المجرم الصوفي البوطي عدو أهل الشام



دعم الثورة الجزائرية ضد النظام الجزائري الدموي العميل لاسرائيل

Asharis .. The Other Face

أشاعرة يدنسون ويدوسون على المصاحف ويكتبون الاسماء الحسنى بالغائط ! استماع ۞ الامام الاشعري وشيخه وتلاميذه مجسمة ۞ شيخ أشعري كذاب رماه الله تعالى بالخبث في العضو فمات !! ماذا فعل ؟ ۞ دفاع القرطبي عن ابن عبدالبر من اعتداء جهلة الأشعرية ودليل تجسيم الامام الاشعري !!! ۞ د. عبد الرحمن دمشقية: الامام الاشعري يثبت الحد!
السواد الاعظم... ... أم الكذب الأعظم؟
أشاعرة اليوم (الشعبوريون) أشر قولا من اليهود والنصارى !
روى أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري (صاحب صحيح البخاري) في كتابه خلق أفعال العباد ج1ص30 باب ذكر أهل العلم للمعطلة وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: " الْجَهْمِيَّةُ أَشَرُّ قَوْلًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، قَدِ اجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَأَهْلُ الْأَدْيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ، وَقَالُوا هُمْ: لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ "

فرقة الأحباش .. الوجه الآخر

الاحباش المرتزقة .. الوجه الآخر
وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب
ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون : آل عمران - 75

الصوفية .. الوجه الآخر - وكذبة الصوفية الحقة

واجهة التصوف إدّعاء الإحسان .. والوجه الآخر عبادة الأموات !
موقع الصوفية - صوفية حضرموت - الحوار مع الصوفية - شرار الخلق - التصوف العالم المجهول
۞ الاحسان الصوفي ۞ روى الشعراني : إذا صحبت فاصحب الصوفية فإن للقبيح عندهم وجوهاً من المعاذير وليس للحُسن عندهم كبير موقع يعظمونك به ۞ يقول الصوفي المغربي أبو لبابة حسين عن الصوفية : "فهم لا يترددون بالاستشهاد حتى بالموضوع من الحديث إذا كان ذلك يخدم قضيتهم" ا.هـ موقف متصوفة افريقيا وزهادها من الاحتلال العبيدي
Sufism .. The Other Face
The Outward is claiming Ihsan .. The inward is Graveworship (deadworship) !
Cleanse the houses of Allah .. from the corpses of Sufis

أسرار كتاب الغزالي إحياء علوم الدين - للشيخ نظام اليعقوبي استماع
رحلتي مع جماعة التبليغ - للصوفي السابق الشيخ :عباس الشرقاوي Angry face
ست محاضرات خطيرة! في كشف أسلحة الصوفية السرية في استغفال المسلمين علمائهم وعامتهم (اضغط على السهمين المتعاكسين للانتقال بين المحاضرات)
دينُ الصوفيةِ أصبحَ خَرِقاً - الدكتور الصوفي :فرحان المحيسن الصالح يطلقها مدوية !
خطبة مؤثرة جدا ! من يرد النجاة فليصدق ويستمع الى الخطبة

06 سبتمبر، 2010

تسفيه أدعياء التنزيه - نقض شبهات ابن الجوزي والسقاف حول نصوص الصفات

بسم الله الرحمن الرحيم

نقض شبهات ابن الجوزي والسقاف حول نصوص الصفات

النص الأول

سأبدأ هذا القسم  بمناقشة المحقق في حكمه على حديث (( رأيت ربي في أحسن صورة )) بالوضع _ وذلك في ص 148

قال ابن أبي عاصم (ص202) في السنة ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا إبراهيم بن طهمان ثنا سماك بن حرب عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (( إن الله تعالى تجلى لي في أحسن صورة ))
قلت هذا سند حسن وسماك تغير بآخره والتغير شيء والإختلاط شيء آخر

وقال الترمذي (5 / 369) حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هانيء حدثنا جهضم بن عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام ( واسمه ممطور) عن عبد الرحمن بن عائش أنه حدثه مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل عن النبي  به
ورواه أحمد عن أبو سعيد مولى بني هاشم عن جهضم به وصرح يحيى بالتحديث
قلت وسنده صحيح متصل

وإنما حصل الإضطراب في رواية خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش

قال الترمذي(5 / 369)   حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس فذكره

قلت لم يسمع قتادة من أبي قلابة كما قال عمرو بن علي في ترجمة قتادة في التهذيب

الترمذي حدثنا سلمة بن شبيب وعبد بن حميد حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس

قلت وأبو قلابة مطعون بسماعه من ابن عباس وأيوب بصري ورواية معمر عن البصريين ضعيفة

قال أحمد حدثنا أبو عامر ( عبد الملك بن عمرو ) حدثنا زهير بن محمد عن يزيد بن يزيد يعني ابن جابر عن خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عنه

قلت وهذه الرواية معلولة بخالد بن اللجلاج فلم يوثقه إلا ابن حبان وروى عنه جمع من الثقات وهو من كبار التابعين فهو صدوق وروايته غير صالحة لإعلال رواية ممطور الثقة فالحكم على الحديث بالإضطراب أو الوضع ساقط ولا يساوي شيئاً في ميزان العلم والتحقيق

وقد زعم السقاف في ص148  أن الإمام أحمد قد ضعف حديث الصورة وهو كاذب في زعمه فقد نقل قول أحمد (( ليس بشيء )) زاعماً أنه قاله في متن الحديث والحق أن الإمام أحمد قال هذه الكلمة في طريق من طريق الحديث مع ترجيحه لطريق أخرى وإليك نص كلامه _ في ترجمة خالد في التهذيب _

((وقال أبو زرعة الدمشقي قلت لأحمد إن بن جابر يحدث عن بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش حديث رأيت ربي في أحسن صورة ويحدث به قتادة عن أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن بن عباس قال هذا ليس بشيء والقول ما قال بن جابر ))

قلت فالإمام أحمد يرى أن الرواية المحفوظة عن خالد بن اللجلاج هي رواية ابن جابر لا رواية قتادة عن أبي قلابة وهذا هو الحق

وقال ابن عدي في نفس الصفحة (( الحديث له طرق وقد صحح أحمد طريق يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده ))

وقد كتم السقاف هذه الحقيقة لئلا ينتقض غزله

ولم يكتف السقاف بالكذب على أحمد حتى التفت إلى الترمذي فزعم أن حكمه على الحديث قد اختلف بين التصحيح والتحسين وأن الراجح أن الترمذي قال (( حسن غريب )) وهذا لفظ بفيد التضعيف عند جماعة من المحققين وأن الترمذي على فرض تصحيحه للحديث فقد انفرد بهذا الحكم ولم يوافقه الحفاظ

قلت وكلامه ظلمات بعضها فوق بعض فالترمذي لم يختلف حكمه بل إنه روى الحديث من طريق أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس

وقال عقبه (( هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وفي الباب عن معاذ بن جبل وعبد الرحمن بن عائش ))

ثم اخرج طريق معاذ بن جبل وقال عقبها هذا حديث حسن صحيح سألت محمد بن إسماعيل عنه فقال (( هذا حديث حسن صحيح ))

ومثل هذا الكلام في العلل للترمذي والخلاصة أن السقاف قد كذب ثلاث كذبات

الأولى زعمه اختلاف حكم الترمذي وقد بتر قول (( حسن غريب من هذا الوجه )) فحذف قول الترمذي (( من هذا الوجه )) لأنه يفيد أن للحديث وجه آخر يختلف عنه في الحكم
الثانية زعمه أنه يحتمل تضعيف الترمذي للحديث
الثالث زعمه تفرد الترمذي بهذا الحكم وكتم موافقة البخاري رضي الله عنه لتلميذه الترمذي رحمه الله
وقد كذب السقاف على كل من ابن الجوزي والسيوطي حين زعم انهما ذكرا حديث اختصام الملأ الأعلى ( وهو حديث رأيت ربي في أحسن صورة ) في الموضوعات
وهذا كذب لا يصدر إلا فاجر فاسق كالسقاف فهما إنما ذكرا حديث (( رأيت ربي في صورة  شاب أمرد )) وهو غير حديث اختصام الملأ الأعلى سنداً ومتناً

انظر الموضوعات (1 / 125) واللاليء للسيوطي ((1 / 317

وزعم السقاف في نفس الصفحة  أن الذهبي قد حكم على حديث اختصام الملأ الأعلى بالنكارة حيث قال (( أنبأنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه أخبرنا أبو الفتح المندائي أخبرنا عبيد الله بن محمد بن أحمد أخبرنا جدي أبو بكر البيهقي في كتاب الصفات له أخبرنا أبو سعد الماليني أخبرنا عبد الله بن عدي أخبرني الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن رافع حدثنا اسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" رأيت ربي يعني في المنام". وذكر الحديث وهو بتمامه في تأليف البيهقي وهو خبر منكر نسأل الله السلامة في الدين فلا هو على شرط البخاري ولا مسلم وراته وإن كانوا غير متهمين فما هم بمعصومين من الخطأ والنسيان فأول الخبر قال رأيت ربي وما قيد الرؤية بالنوم وبعض من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج يحتج بظاهر الحديث والذي دل عليه الدليل عدم الرؤية مع إمكانها فنقف عن هذه المسألة فإن من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه فإثبات ذلك أو نفيه صعب والوقوف سبيل السلامة الله أعلم وإذا ثبت شيء قلنا به ولا نعنف من أثبت الرؤية لنبينا في الدينا ولا من نفاها بل نقول الله ورسوله أعلم بلى نعنف ونبدع من أنكر الرؤية في الآخرة إذ رؤية الله في الأخرة ثبت في بنصوص متوافرة ))
قلت وهذا الحديث الذي قال فيه الذهبي ما قال ليس هو حديث اختصام الملأ الأعلى بل هو حديث الشاب الأمرد وبإمكان أي منصف أن يراجع كتاب الأسماء والصفات للبيهقي ليرى هذا الحديث ويكتشف خيانة السقاف
ويا ليت شعري حديث اختصام الملأ الأعلى موجود في مسند أحمد وسنن الترمذي وغيرها فما الذي يجعل الذهبي يعزوه للبيهقي فقط
ولا يفوتني أن أذكر أن ابن عبد البر قد حسن حديث اختصام الملأ الأعلى في التمهيد وصححه ابن العربي في أحكام القرآن
وتحامق السقاف في ص150 على الألباني حيث قال (( ثم نظرت في سنة أبن أبي عاصم ص (204) فإذا الحديث هناك . وقد أخطأ المعلق أو المخرج له ! المتناقض ! حيث صححه مع اعترافه هناك بضعف عبد الله بن صالح ، وجهالة أبي يحيى ، وعدم توثيق غيلان ابن أنس ابو يزيد الكلبي عند أي حافظ ، مع قوله عنه في " صحيحته " (1 / 40) المليئة بالاخطاء والتخبطات - : " مجهول الحال . . . " . وأما باقي رجاله فنقول : أبو سلام ممطور الاسود لم يسمع من ثوبان كما قال أبن معين وابن المديني ، وقال أحمد : ما أراه سمع منه وكذا قال أبو حاتم أن روايته عن ثوبان مرسلة ))
قلت لا وجه لتعقب الألباني فقد ضعف هذه الطريق باعتراف السقاف ولكنه صحح متن الحديث بشواهده كما قال هناك (( صحيح بشواهده ))
وقد روى ابن أبي عاصم هذه الشواهد ولكن السقاف بليد لا يفرق بين الحكم على أحد أسانيد الحديث وبين الحكم على متن الحديث
وتحامق مرة أخرى حين زعم أن الألباني قد صحح حديث الشاب الأمرد وهو كاذب فالألباني يحكم على الحديث بالنكارة كما في سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني
ولكن ابن أبي عاصم روى حديث أم الطفيل بلفظ مختصر (( رأيت ربي في أحسن صورة )) وذكر الحديث
فعلق الألباني (( حديث صحيح بما قبله واسناده ضعيف مظلم ))

وسبب تعليق الألباني أنه لم يطلع على الألفاظ المنكرة في الحديث فقد طواها ابن أبي عاصم وصحح موطن الشاهد

ونقل السقاف في ص210  عن عبد القاهر البغدادي الإجماع على عدم وصف الله عز وجل بالصورة ثم نقل عن الشافعي أن الإجماع مقدم على حديث الواحد

 يريد بذلك الطعن في حديث (( رأيت ربي في أحسن صورة ))

قلت إن كان عبد القاهر البغدادي يعني بالإجماع إجماع الأشاعرة فهذا حق وليس حجة علينا فقد جاء إثبات الصورة عن الأئمة قبل أن يولد الأشعري

فقد أثبت عثمان بن سعيد الدارمي صفة الصورة في رده على المريسي ودافع عن الحديث المتفق عليه (( فيأتيهم الجبَّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ))

واستقر رأي ابن قتيبة في مختلف الحديث على إثبات الصورة حيث قال

((والذي عندي والله تعالى أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ونحن نؤمن بالجميع ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد ))

قلت فنفيه الكلام بالكيفية يدل أنه يثبت المعنى إذ ما لم يثبت أصله لم نحتج إلى نفي فروعه والقول بالكيفية فرع عن إثبات الوجود

ويلزم الأشاعرة إثبات الصورة
ذلك انهم يثبتون الرؤية والرؤية معناها إنطباع صورة المرأي في الشبكية
فإن قالوا نثبت الرؤية ولا نخوض بكيفيتها فلا يلزمنا شيء
قلنا ونحن نثبت الصورة ولا يلزمنا التشبيه والتجسيم لأننا لم نخض في الكيفية وكما أننا نثبت لله وجود لا كوجودنا نثبت له صفات لا كصفاتنا
وإن قالوا بل نعطل الرؤية
قلنا كذبتم النبي صلى الله عليه وسلم وأصبحتم معتزلة وخالفتم مذهب إمامكم الأشعري

النص الثاني

وأورد ابن الجوزي في ص157 حديث (( يجمع الله الناس فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبعون ما كانوا يعبدون ، وتبقى هذه الامة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله عزوجل في غير الصورة التي كانوا يعرفون فيقول : أنا ربكم . فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا . فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا . . ؟ ))
وهو متفق عليه
فزعم السقاف أنه شاذ مورداً عليه ثلة من الإعتراضات السمجة
الأول فيه أن الله يتشكل فيأتي أحيانا بصورته الحقيقية المزعومة وأحيانا بغير صورته ! !
والجواب أن جماعة من السلف كالدارمي وغيره حملوا ذلك على أن الله عز وجل يغير أبصارنا وهو لا يتغير عن عظمته وحمله جماعة على ظاهره ولم يروا في ذلك إشكالاً إذ أننا لو فتحنا باب الإلزامات لخرجنا إلى الوسوسة وقد تقدم إلزام المعطلة بإثبات الصورة
الثاني فيه إثبات الصورة لله تعالى وذلك محال
قلت محال في عقل السقاف جائز عندنا ولقائل أن يقول إثبات الرؤية بدون إثبات صورة محال
( مع العلم أن السقاف ينفي الرؤية الآن )
الثالث فيه أن المنافقين يرون الله تعالى ، وهذا معارض لقوله سبحانه : (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)
قلت الآية في الكفار لا المنافقين وقد يكون حجب المنافقين بعد الرؤية فيكون أشد تقريعاً

الرابع فيه أنهم يرونه سبحانه في أرض المحشر مع أن الاحاديث الصحيحة تثبت أن الرؤيا هي الزيادة الواردة في قوله تعالى : (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) وذلك يتم لهم في الجنة . وفي هذا الحديث أن الرؤيا قبل الصراط وهذا باطل بلاشك
قلت والجواب أن الرؤية رؤيتان رؤية قبل الصراط ورؤية في الجنة كما جاءت به الأحاديث الصحاح

الخامس إن لفظ الصورة لم يثبت في جميع روايات الصحيحين ، ففي رواية البخاري في الاذان
قلت هذه مكابرة فلفظ الصورة ثابت في الصحيحين
السادس أين رأوه سبحانه قبل ذلك حتى يصح ما ورد في هذا الحديث قوله : " فيأتيهم بغير الصورة التي يعرفون "
قلت ليس معنى (( فيأتيهم بغير الصورة التي يعرفون )) أنه رأوه قبلها ولكن معناه أنهم لم يروا العلامة التي يعرفون بها ربهم وهي الكشف عن الساق كما رود في الأحاديث الصحيحة
وأما الرواية التي فيها (( فيأتيهم بصورة غير صورته التي رأوها أول مرة ))
فتعني أنه يأتيهم في صورته الحقيقية وأول مرة هي المرة التي لم يتعرفوا فيها عليه وإليك الرواية المؤيدة لما قررته في صحيح البخاري
((فيأتيهم الجبَّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه، فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ))
وقد صحح هذا الحديث كل من البخاري ومسلم وعثمان الدارمي والنووي وابن كثير و ابن حجر وغيرهم
فمن السقاف أمام هؤلاء الجبال ؟!!

والآن نقف مع حديث الصورة من ناحية الدراية فقد أورد عليه ( البعض ) تأويلات عديدة
أولها تأويل الخطابي للمجيء بالكشف عن الحجاب وتابعه ابن الجوزي على هذا التأويل
ويرد هذا التأويل قوله (( فيأتيهم الجبَّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه، فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ))
فالكشف وقع بعد المجيء وهذا ينفي كونهما شيء واحد
الثاني تأويل الصورة على أنها الصفة كما يقال (( صورة الأمر كذا ))
قلت واللفظ السابق يسقط هذا التأويل فلم تظهر للمؤمنين الصفة التي عرفوا بها ربهم إلا بعد مجيئهم على صورة غير الصورة الأولى
ثم إن إطلاق الصورة بمعنى الصفة إنما يقع في حق المعاني كقولك (( صورة الأمر كذا )) ولا تقع في حق الأحياء فتقول (( صورة فلان أنه بصير ))

الثالث تأويلهم لمجيء الرب بمجيء الأهوال أو الملائكة
وهذا ساقط فالمؤمنون لا يسجدون للأهوال أو الملائكة
والأهوال تقع على جميع الناس لا هذه الأمة فقط
ثم إن الملائكة والأهوال لا تقول (( أنا ربكم ))
فصفة الصورة ثابتة إن رغمت أنوف المعطلة والكلام في كون الصورة تستلزم التشبيه والتجسيم تقدم الجواب عليه

النص الثالث

واحتج السقاف في ص 193 على تأويل صفة النزول بما رواه النسائي في الكبرى (486 )من طريق عمر بن حفص بن غياث عن أبيه ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن سمعت أبو هريرة وأبو سعيد يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن الله يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر منادياً ينادي يقول هل من داع يستجاب له هل من مستغفر يغفر له هل من سائل يعطى ))
قلت وهذا الرواية شاذة أو منكرة فقد خولف حفص بن غياث خالفه محاضر بن الورع وهو ثقة عند ابن خزيمة في التوحيد برقم ( 151) وسنده صحيح عن الأعمش بهذا الطريق بلفظ (( إن الله يمهل حتى يذهب شطر الليل الأول ثم ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر فأغفر له ؟
هل من سائل فأعطيه ؟ هل من تائب فأتوب عليه ))
قلت ومعلوم أن هذا لا يقوله إلا فلا يغفر الذنوب إلا هو
وخولف حفص بن غياث من قبل مالك بن سعير فقد رواه الآجرى (ص:309) من طريق : مالك بن سعير ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن أبي مسلم الأغر ، عن أبي هريرة مرفوعاً: (( إن الله عز وجل يمهل حتى إذا كان شطر الليل نزل تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا ، فقال : هل من مستغفر ………الحديث )) . وسنده صحيح إلى مالك وهو صدوق وروايته صالحة لترجيح رواية محاضر على رواية حفص
وقد في ترجمة حفص بن غياث في التهذيب قول يعقوب (( ثقة ثبت إذا حدث من كتابه ويتقي بعض حفظه ))
وقال أبو زرعة ساء حفظه بعد ما استقضي فمن كتب عنه من كتابه فهو صالح وإلا فهو كذا
وقال: داود بن رشيد حفص كثير الغلط
قلت هذا جرح مفسر لا يرد ويستفاد منه أن حفص لا يصمد عند المخالفة
وعلى فرض أن الرواية محفوظة عن الأعمش فقد خالفه الثقات الأثبات فرووه بلفظ ينزل ربنا وهم
 1_شعبة بن الحجاج : أخرجه الإمام أحمد (3/34) ، ومسلم  ، وابن خزيمة (1146) ، والآجرى في ((الشريعة )) (ص:310).
 2_ سفيان الثوري : أخرجه الآجرى (ص:309) .
3_  أبو عوانة : أخرجه أحمد (2/383) ، والرامهرمزى في (( المحدث الفاصل ))(55).
4_معمر : أخرجه عبد الرزاق (19654) .
5_إسرائيل : أخرجه الآجرى (ص:310) .
6_شريك : أخرجه الآجرى (ص:310) .
7_منصور بن المعتمر : أخرجه مسلم (1/523) ، والنسائي في (( اليوم والليلة ))(485)
8_ وابن شهاب الزهري عند المروذي في قيام الليل حديث رقم (79)

والراوي عنه الإمام مالك فأين حفص بن غياث من مالك
ولهذه الرواية الشاذة شاهد منكر
قال الشيخ عمرو عبد المنعم في كتابه دفاعاً عن السلفية  (( ورد هذا الحديث من طريقين عن عثمان بن أبي العاص :

الأول : من رواية على بن زيد بن جدعان ، عن الحسن ، عن عثمان باللفظ المذكور . أخرجه أحمد ( 4/22و217) ، والبزار ( 4/44:كشف ) .وهذا الإسناد معلول بعلتين :

? الأولى : ضعف علي بن زيد بن خدعان .
? والثانية : الانقطاع ، فالحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص كما في ترجمته من (( تهذيب التهذيب )) (2/231)

والثاني : من رواية هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن عثمان بن أبي العاص به . أخرجه الطبراني في (( الكبير ))(9/51) : حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ، حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحى ، حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار ، عن هشام بن حسان به .

قلت : وقد اختلف في هذا الإسناد على داود بن عبد الرحمن . فأخرجه البيهقي في (( الشعب ))(7/418/3555) ، وفي (( فضائل الأوقات)) ()25 من طريق : جامع بن الصبيح الرملي ، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز عن داود بن عبد الرحمن ، عن بن حسان ، عن الحسن ، عن عثمان مرفوعاً بلفظ : (( إذا كان ليلة النصف من شعبان ، نادى مناد ، هل من مستغفر فأغفر له ، هل من سائل فأعطيه ، فلا يسأل الله عز وجل أحد شيئاً إلا أعطاه إلا زانية بفرجها أو مشرك )) .
وجامع بن صبيح هذا ترجمه ابن أبي حاتم في (( الجرح والتعديل )) (2/1/530) وسكت عنه ، وضعفه لأزدى كما في (( لسان الميزان ))(2/93) .
ولكن تابعه على هذه الرواية راو ثقة وهو محمد بن بكار بن الزبير ، فرواه عن مرحوم به .
أخرجه الخرائطي في (( مساوئ الأخلاق ))(رقم :490) : حدثنا عبدالله بن أحمد بن إبراهيم الدورقى ، حدثنا محمد بن بكار ، عن مرحوم به .

قلت : وهذا سند صحيح إلى مرحوم بن عبد العزيز . ومرحوم بن عبد العزيز أثبت من مخالفة داود بن عبد الرحمن . فالأول : وثقة أحمد ، وابن معين ، والنسائي ، والبزار ، ويعقوب بن سفيان ، وابو نعيم ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وأخرج له الستة .

وأما الثاني : فقال أبو حاتم : (( صدوق )) ومثله نقل عن صالح جزرة ، وذكره ابن حبان في (( الثقات )) ، وأخرج له مسلم . فالأصح رواية مرحوم من حديث الحسن عن عثمان في فضل ليلة النصف من شعبان . وهي معلولة بالانقطاع بين الحسن وعثمان كما تقدم والله أعلم ))
قلت وعلى فرض تسليمنا بتأويل حديث النزول في الثلث الأخير من الليل فقد ثبت ذكر النزول في مواطن أخرى ولا يمكن تأويلها بتأويل سائغ

الموضع الأول  ما رواه الدارمي في الرد على الجهميه عن موسى بن إسماعيل وعلي بن عثمان اللاحقي قالا ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن عاصم بن أبي نجود قال قالت أم سلمة رضي الله عنها (( نعم اليوم يوم عرفة ينزل فيه رب العزة إلى السماء الدنيا ))
قلت إسناده حسن وله شاهد عند اللالكائي من طريق محمد بن أحمد بن علي بن حامد الطبري أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ثنا أبو سعيد الأشج حدثني عقبة ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أم سلمة
ورواه الصابوني في عقيدة أصحاب الحديث بسند آخر حسن
الثاني ما رواه ابن أبي الدنيا في الأهوال (حديث رقم 27 ) حدثني المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري ثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي قال ثنا أبو نضرة عن ابن عباس قال ((
ينادي مناد بين يدي الصيحة: يا أيها الناس، أتتكم الساعة، قال فيسمعها الأحياء والأموات، قال وينزل الله إلى السماء الدنيا، فينادي مناد: {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار))
قلت إسناده صحيح وهو صريح في إثبات ابن عباس لصفة النزول
ورواه عبد الله بن أحمد في السنة ( حديث رقم 179) حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي عن معتمر به

والآن نذكر من أثبت صفة النزول من السلف
فأولهم إسحاق بن راهوية
وقال أحمد بن سلمة : "سمعت إسحاق بن راهويه يقول: جمعني وهذا المبتدع -يعني إبراهيم بن أبي صالح- مجلس الأمير عبد الله ابن طاهر ، فسألني الأمير عن أخبار النـزول فسردتها.قال ابن أبي
صالح: كفرت برب ينـزل من سماء إلى سماء. فقال: آمنت برب يفعل ما يشاء" .
أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة(3/452) برقم(774).
والبيهقي في الأسماء والصفات (2/375-376، برقم951). وأورده الذهبي في العلو (ص131)، وفي السير (11/376)، وفي تاريخ الإسلام في حوادث وفيات (231-240، ص89)، وأورده في الأربعين (ص71، برقم59) وقال: "رواها الحاكم بإسناد صحيح عنه"( هذا مستفاد من تحقيق كتاب العرش )

والثاني أحمد بن حنبل
وقال إسحاق بن منصور الكوسج – رحمه الله - : قلت لأحمد – يعني ابن حنبل((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة ، حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا ((، أليس تقول بهذه الأحاديث ؟ و ((يراه أهل الجنة )) ، يعني ربهم عز وجل . و)) لاتقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته )) . و (( اشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى وضع فيها قدمه )) . و (( إن موسى لطم ملك الموت )) . قال أحمد : كل هذا صحيح . قال إسحاق : هذا صحيح ، ولا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي
رواه الآجري (306) بسند صحيح فتامل سؤال إسحاق لأحمد أليس تقول بهذه الأحاديث ومن بينها حديث الرؤية و قد كفر أحمد من لم يؤمن بالرؤية فهذا يدل انه يثبت النزول كما يثبت الرؤية وليس لقائل أن أحمد يفوض حديث الرؤية أو حديث لطم موسى للملك !!
وثالثهم الترمذي
وقال [الترمذي]  (3/50-51): لما روى حديث أبي هريرة "إن الله يقبل الصدقة، ويأخذها بيمينه فيربيها" : "هذا حديث صحيح روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث، وما يشبهه من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا: قد ثبتت الروايات في هذا، ونؤمن به، ولا نتوهم، ولا يقال كيف هذا
وروي عن مالك، وابن عيينة، وابن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف.
وهكذا قول أهل العلم، من أهل السنة والجماعة.
وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه، (60/أ) وفسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وإنما معنى اليد ها هنا النعمة، وقال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد، أو مثل يد، وسمع كسمع))

قلت وقوله ولا يقال كيف إثبات للصفة إذ ما لم يثبت معناه لم نحتج نفي العلم بكيفيته أو السؤال عن كيفيته ووما على أن الترمذي أراد الإثبات أنه لم يفرق بين صفات السمع والبصر واليد
ومما يؤكد أنه أراد الإثبات إثباته لصفة العلو في موضع آخر من سننه
الرابع الدارمي صاحب السنن حيث بوب في سننه ( باب في شأن الساعة ونزول الرب تعالى )
الخامس ابن أبي عاصم النبيل صاحب كتاب السنة فقد باباً في النزول في كتابه السنة
السادس عثمان بن سعيد الدارمي ولم ينكر عليه أحد من السلف إثباته للصفات بل أثنى أبو زرعة على تصنيفه
السابع ابن أبي داود حيث قال في منظومته
وقل ينـزل الجبار في كل ليلة بلا كيف جل الواحد المتمدح
وقال بعد منظومته (( هذا قولي، وقول أبي، وقول شيوخنا، وقول من لقيناهم من أهل العلم، وقول العلماء ممن لم نرهم كما بلغنا عنهم، فمن قال غير ذلك فقد كذب))
وقد قدمنا إثبات كل من ابن عباس وام سلمة رضي الله عنهما لصفة النزول وإنما قصدنا هنا ذكر من أثبت صفة النزول من غير الصحابة
وممن أثبت صفة النزول من السلف أبو جعفر الترمذي ( ولد عام 201 وتوفي عام 295)
قال الخطيب البغدادي (1/365)  في تاريخه حَدَّثَنِي الحَسن بن أَبِي طالِب قال نبأنا أبو الحَسَن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن مَنصُور القزاز: وذكر أن مولده سنة سبع وتسعين ومائتين. قال: سَمِعت أبا الطيَب أحمد بن عُثمَان السّمسَار والد أَبِي حَفص بن شَاهِين يقول: حضرت عند أَبي جَعفَر الترمذي فسأله. سائل عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى ينزل إلى سماء الدُّنيَا. فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علو؟ ".
فقال أبو جَعْفَر الترمذي: النزول معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة
قلت إسناده صحيح

والسائل كما ترى يثبت العلو ويستشكل النزول مع إثبات العلو فيسأل ( هو يبقى في علوه ) أي عند النزول
فأجابه الثقة الفاضل أبو جعفر الترمذي
بأن النزول معقول
قلت إذا اتفق العقل والنقل وجب الإثبات
والكيف مجهول
ولم يقل معدوم فتنبه
والإيمان به واجب
يعني النزول
والسؤال عنه بدعة
وهذا مذهب السلف في هذه المسألة
وينبغي التنبه لأمرين
الأول أنه لم يتكلم أحد في عقيدة أبو جعفر الترمذي
الثاني ان الترمذي لم ينكر على السائل إثباته للعلو
ولا يمكن حمل هذا على العلو المعنوي
إذ أنه لا يتوهم تعارض بين العلو المعنوي والنزول
ولم يتأول أحد النزول أنه نزول في المكانة والعياذ بالله
وممن أثبت النزول أبو العباس السراج ( ولد عام 217 وتوفي عام 313 )
قال الذهبي في سير اعلام النبلاء (14/396)  أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل في كتابه: أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك أخبرنا أبو روح بهراة أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف حدثنا أبو العباس السراج إملاء قال: من لم يقر بأن الله تعالى يعجب ويضحك وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول:" من يسألني فأعطيه" فهو زنديق كافر يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين
قلت وإسناده صحيح
شيخ الذهبي إسماعيل بن إسماعيل بن جوسلين أبو الفداء عماد الدين
قال اليونيني ذيل مرآة الزمان (( كان إماماً عالماً فاضلاً ورعاً عاملاً ))
وأحمد بن تميم حافظ معروف
وأبو روح اسمه عبد المعز بن محمد له ترجمه في تاريخ الإسلام
قال الذهبي (( عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل بن أحمد بن أسعد بن صاعد. الشيخ المعمَّر، حافظ الدين أبو رَوْح الساعدي، البزّاز، الهَرَوي، الصوفي، مسند العصر بخُراسان.
ولد في ذي العَقْدة سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة بهَراة ))
وشيخه محمد بن إسماعيل بن الفُضيل
له ترجمة في الأنساب للسمعاني
قال السمعاني (( محمد بن إسماعيل بن الفضيل الفضيلي من أهل هراة، كان مشهوراً بالعدالة والتزكية عالماً باللغة، سمع الحديث الكثير وكان من بيت الحديث )) ثم ذكر ولايته للأوقاف
وأما المليحي فله ترجمة في الأنساب للسمعاني
قال السمعاني (( محدث هراة في وقته ومسندها ))
وأما شيخه الخفاف فقد ذكر السمعاني ( كما نقل الألباني في مختصر العلو  ) في الأنساب أن سماعاته من أبي العباس السراج صحيحة
والأثر واضح وهو والذي قبله فيهما رد على من زعم أن السلف كانوا مفوضة

والآن نتحدث عن حديث النزول دراية فقد أورد المعطلة على مثبتي النزول إيرادات عديدة
الأول قولهم يلزم من إثبات النزول إثبات الحلول

قلت وهذا الإلزام ناتج تشبيههم لنزول الخالق بنزول المخلوق فلم يعقلوا من نزوله سبحانه إلا ما فهموا من نزول المخلوق وهذا التشبيه تصريح بالكيفية ولا يلزمنا لأننا نقول بأن الكيف مجهول فكما نثبت لله وجوداً لا نعقل كيفيته فكذلك نثبت الصفات إثبات وجود لا إثبات كيفية ولو فتحنا باب الإلزام لألزمناهم بإثبات القلب لأنهم يثبتون الإرادة فمعنى الإرادة ميل القلب

الثاني قولهم يلزم من إثبات النزول نفي العلو
والجواب على هذا كالجواب على سابقه أن هذا كلام في الكيفية والكيف مجهول وصفة العلو ذاتية وصفة النزول فعلية فلا تعارض بينهما

الثالث قولهم ثلث الليل الأخير يختلف من بلد لآخر فكيف تقولون أن الله (( ينزل في الثلث الأخير من الليل ))

والجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي قال ذلك
وإلزامكم ناتج عن تشبيهكم لنزول الخالق بنزول المخلوق فكما أن المخلوق إذا نزل في زمان أو مكان امتنع أن ينزل في زمان أو مكان آخر في نفس الوقت فكذلك الخالق عندهم
والله عز وجل (( ليس كمثله شيء ))

النص الرابع

روى الإمام مسلم في صحيحه 898 عن أنس أنه قال : أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ ، قَالَ : فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا ؟ قَالَ : " لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى " *


احتج بهذا الحديث جماعةٌ من العلماء على إثبات صفة العلو كالدارمي في الرد على الجهمية والذهبي في كتاب العلو

ووجه الدلالة في الحديث أنه لما كان السحاب في العلو كان أقرب إلى ربه

فلهذا كان حديث عهد بربه

فيكون معنى قوله (( حديث عهد بربه )) (( حديث عهد بالقرب من ربه ))

وليس وجه الدلالة _ على قولنا _ أن السحاب ملتصق بالله كما ظن السقاف الجاهل

فالسحاب في السماء الدنيا والله عز وجل على العرش فوق السماء السابعة

والسقاف بنى على فهمه السقيم لوجه الدلالة بعض الإنتقادات و الإلزامات السخيفة

فمنم ذلك قوله في صفحة 57 (( وهذا المجسم صاحب كتاب (( الرحمن على العرش استوى )) ما زال يعيش كبقية إخوانه من المشبهة بعقلية العصر الفرعوني الحجري فيظن أن قول النبي صلى الله عليه وسلم في المطر أنه (( حديث عهد بربه )) يؤيد عقيدته الفاسدة التي تقول أن المطر كان يسكن عند الله في السماء وفي السحاب وأن المطر إذا نزل فغنه يكون قد فارق الرب من وقت قصير جداً ))

قلت هذا كذب ناتجٌ عن فهمه السقيم لوجه الدلالة

وانظر إلى قلة ورعه كيف افترى علينا _ إذ نحن المشبهة عنده _ وزعم أننا نقول أن المطر يسكن عند الله

ويواصل كلامه ببعض الإلزامات السمجة فيقول في صفحة 58 (( ومتى ركب المجسم الطائرة فوق السحاب صار فوق ربه ))

قلت هذا أيضاً كذب فإن أهل السنة لا يقول أحدٌ منهم أن الله في السماء الدنيا واستدلالهم بهذا الحديث لا يدل على ذلك ووجه الدلالة في هذا الحديث على صفة العلو على ما بينته سابقاً

وأما قول بعض العلماء أن معنى قوله ((حديث عهد بربه ))

أي حديث عهد بتكوين ربه له

ففيه نظر لأن الزرع الذي يخرج من الأرض أيضاً حديث عهدٍ بتكوين ربه له ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم فيه ما قال في المطر

وزعم السقاف في صفحة 57 أن النبي صلى الله عليه وسلم إظهاراً للإفتقار لرحمة الله

وهذا من كيسه وليس في ظاهر الحديث ما يدل على ذلك

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بعلة الفعل ولم يترك مجالاً لمتهوك كالسقاف أن يتقول عليه فقال (( إنه حديث عهد بربه )) ولم يقل فعلت ذلك لإظهار الإفتقار إلى رحمة ربي

النص الخامس

قال تعالى ((وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً ))

هذه الآية احتج بها جماعة من العلماء على إثبات صفة العلو _ منهم الدارمي في الرد الجهمية وابن خزيمة في التوحيد والأشعري في الإبانة _

ووجه الدلالة أن موسى أخبر فرعون أن له إلهاً في السماء

لذلك أراد فرعون أن يطلع إليه ومع ذلك فقد كذب موسى في خبره فقال (( وإني لأظنه كاذباً ))

أما المعطلة ومنهم السقاف فزعموا أن فرعون مشبه مجسم لذلك أثبت العلو

وهذا القول من السخافة بمكان وذلك أن فرعون كان يسأل عن رب العالمين سؤال مستنكر

حيث قال (( وما رب العالمين ))

فكيف آمن بوجود هذا الرب الذي ينكر وجوده ثم خمن أين هو ؟!!

بل إنه قال أنا ربكم الأعلى وهذا تأكيدٌ لإنكاره

وقوله تعالى (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً ))

يدل على أنهم لم يتلفظا بما ظاهره الإيمان

وقول فرعون بعد أمره لهامان عن موسى (( وإني لأظنه كاذباً))

دليل على أن موسى أخبره بأن له إلهاً في السماء

واختار ما ذهبنا إليه إمام المفسرين ابن جرير الطبري في تفسيره (20 / 49 ) يقول ((: وإني لأظن موسى كاذبا فيما يقول ويدعي من أن له في السماء ربا أرسله إلينا ))

ثم يأتي بعد ذلك من يزعم أن السلف مفوضة لا يتكلمون في آيات الصفات

وأن ابن جرير يثبت العلو المعنوي دون الحسي وهذا النص يبين كذب الدعوتين

وأما السقاف فقد كان خطبه مع هذه الآية جليلاً

حيث زعم في صفحة 58 أن فرعون كانت عقيدته التجسيم لأنه أمر قارون بأن يبني له صرحاً يطلع فيه إلى الله

وفرعون لم يكن يؤمن بوجود هذا الإله حتى يجسمه ألا ترى لقوله (( وإني لأظنه كاذباً )) وقوله (( أنا ربكم الأعلى ))

ونسأل السقاف من أين لفرعون أن الله في السماء وهو كان يستفهم عن رب العالمين فيقول (( وما رب العالمين ))

فيكف عرف أين رب العالمين وهو يستفهم عنه ؟!

إن لم يكن موسى أخبره بذلك _ كما أخبره ابتداءً عن وجوده _

فإن قلت قادته فطرته لذلك

قلنا الفطرة لا تناقض العقيدة الصحيحة

وإن قلت خمن ذلك تخميناً _ كما هو مقتضى مذهب القوم _

قلنا هذا بعيد إذ كيف يستفهم عن وجود إله ثم يعرف أين هو بدون سؤال

ولكان البحث في الأرض أهون عليه وآكد لدعواه في أنه الرب الأعلى

بل إن السقاف كذب على جمع من المفسرين حيث قال في صفحة 58 (( والمفسرون متفقون على أن معنى قوله (( وإنه لأظن كاذباً في أن له إلهاً غيري ))

قلت ونص ابن جرير السابق يبين كذب السقاف وبتره لنصوص العلماء

بل إن السقاف كذب على جمع من المفسرين حيث قال في صفحة 58 (( والمفسرون متفقون على أن معنى قوله (( وإنه لأظن كاذباً في أن له إلهاً غيري )) ))

قلت ونص ابن جرير السابق يبين كذب السقاف وبتره لنصوص العلماء

بل إن جماعةً من المفسرين _ منهم ابن كثير _ قالوا أن قول فرعون (( وإني لأظنه كاذباً )) في أن له إلهاً أرسله

وهذا لا يناقض قولنا البتة بل إنه داخل في كلام ابن جرير

والسقاف الأفاك كذب على كلا الفريقين

وأما قول السقاف أن موسى لم يخبر فرعون بان الله في السماء ولا في آية واحدة

فنقول هذه الآية دليل على أنه أخبره وموسى أنكر على فرعون جحد الإله وجحد الرسالة ولم ينكر عليه إثبات العلو _ وهو لم يثبته بل صرح بالجحود ولكني ألزمهم بمقالتهم _

بل زعم السقاف في صفحة 58 أن موسى أخبر فرعون أن الله ليس في السماء ولا في الأرض ولكنه رب السماوات والأرض

وهذا كذب فإن موسى عندما سأله فرعون عن رب العالمين

قال (( قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ))

ولم يذكر صفة الكلام والإرادة والسمع والبصر

فهل معنى هذا أن موسى أخبر فرعون أن الله ليس له هذه الصفات !!!

فكذلك العلو مثلها لم يذكر في هذا وذكر في مقامٍ آخر


النص السادس
ومن حجج أهل السنة على إثبات صفة العلو لله عز وجل قول أم المؤمنين زينب بنت جحش (( وزوجني الرحمن من فوق سبع سماوات )) رواه البخاري

ووجه الدلالة واضح وحرف الجر من إذا جاء قبل كلمة فوق دل ذلك على أن الفوقية حقيقة فلم يأتي هذا التركيب في القرآن إلا وكان المقصود الفوقية الحسية

من ذلك قوله تعالى (( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ))

وقوله تعالى (( قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ))

وقوله تعالى (( يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ))

وقوله تعالى (( وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ))

وغيرها من الآيات الكريمة

وقد أجاب السقاف على هذا الإستدلال بأن معنى الحديث أن تزويج زينب موجود في القرآن الذي نزل من فوق سبع سماوات انظر صفحة 60 من مقدمته

قلت ونحن لا نخالف في هذا بل هو عين استدلالنا لأن القرآن كلام الله ونزل من لدن الله

قال تعالى (( الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ))

وقال تعالى (( وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ))

فنعم القرآن نزل من فوق سبع سماوات لأنه كلام الله المستوي على عرشه فوق سبع سماوات

فانظروا إلى السقاف البليد كيف ثبت حجتنا وهو يظن أنه ينقضها

وعول السقاف كثيراً على الرواية التي تقول فيها زينب (( أنا التي نزل تزويجي من السماء )) كما في صفحة 60 من مقدمته والرواية في تفسير ابن جرير

وهي ضعيفة جداً ففي سندها المعلى بن عرفان وهو متروك وله ترجمة في لسان الميزان

ولم يستحِ السقاف من الإحتجاج بمثل هذه الرواية

ومن جهالات السقاف قوله في صفحة 59 (( وأما قوله _ يعني عبد الله السبت _ (( ذكره الحافظ في الفتح ( 13 / 348) من مرسل الشعبي وقال أخرجه الطبري وأبو القاسم الطحاوي في كتاب الحجة والبيان له فلا قيمة له لأنه مرسل والمرسل من أقسام الضعيف كما يعرفه المبتدئون من الطلبة في هذا الفن ))

قلت نعم هذا ما يعرفه المبتدئون الجهلة من أمثالك ممن لا يعرفون الفرق بين القاعدة والإستثناء

ومراسيل الشعبي استثناء

قال العجلي كما في التهذيب للحافظ (( ولا يكاد الشعبي يرسل إلا صحيحاً ))

وقال الآجري عن أبي داود مرسل الشعبي أحب إلي من مرسل النخعي _ نقله الحافظ في التهذيب_

قلت ومراسيل النخعي محل خلاف ويستثنى مما تقدم مراسيل الشعبي عن علي فهي محل خلاف


ولكني لا أدري إن صح السند إلى الشعبي أم لم يصح فقد وقفت عليه في مستدرك الحاكم ولفظه (( زوجنيك الرحمن من فوق سبع سماوات ))

وفي سنده علي بن عاصم وهو ضعيف

النص السابع
ومن أدلة أهل السنة على إثبات صفة العلو ما رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر في الحج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس "اللهم ! اشهد اللهم ! اشهد"

ووجه الدلالة أن المستشهِد يشير إلى المستشهَد والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستشهد رب العالمين

وأجاب السقاف عن هذا الإستدلال بهذا الحديث بقوله في صفحة 62بعد أن نفى دلالة الحديث على صفة العلو (( وإنما جرت عادة الناس في خطاباتهم حتى فيما بينهم _ كذا _ يقول في خطابه _ كذا!!_ أيها الناس اشهدوا على كذا فإنه يشير بإصبعه رافعاً إياها ))

قلت النبي صلى الله عليه وسلم لم يستشهد الناس وإنما استشهد رب العالمين فقال (( اللهم اشهد ))

وبهذا يكون في كلام السقاف تثبيتٌ لحجتنا

ومن القبيح في حق آحاد الناس _ فضلاً عن الأنبياء _ أن يستشهد الشخص أحداً ثم يشير إلى غيره وهو يستشهده !!!!
النص الثامن


ومن أدلة اهل السنة على إثبات صفة العلو حديث (( الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك و تعالى , ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ))

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 630 :

رواه أبو داود ( 4941 ) و الترمذي ( 1 / 350 ) و أحمد ( 2 / 160 ) و الحميدي
(591) و الحاكم ( 4 / 159 ) و صححه و وافقه الذهبي و الخطيب في " التاريخ "
(3/560) و أبو الفتح الخرقي في " الفوائد الملتقطة " ( 222 - 223 ) كلهم
عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن # أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو #
مرفوعا . و قال الترمذي : " هذا حديث حسن صحيح " . و صححه الخرقي أيضا .
قلت : و رواه العراقي في " العشاريات " ( 59 / 1 ) من هذا الوجه مسلسلا بقول
الراوي : " و هو أول حديث سمعته منه " ثم قال : " هذا حديث صحيح " .
و صححه أيضا ابن ناصر الدين الدمشقي في بعض مجالسه المحفوظة في ظاهرية دمشق ))

قلت وأفاد الشيخ الألباني في الإستدراك رقم 11 في المجلد الثاني من السلسلة الصحيحة أن الحافظ قد صحح الحديث في كتابه (( الإمتاع ))

وصححه كذلك الشيخ أحمد بن الصديق الغماري في كتابه فتح الوهاب

وأخوه عبد الله في الكنز الثمين _ أفاد ذلك الشيخ الألباني في المصدر السابق _

وعليه فالحديث مع شهرته قد تلقاه الحفاظ بالقبول وهذا كافٍ لتصحيحه ورد قول السقاف في تضعيفه له

والحديث مروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص وفي سنده ابو قابوس مولى عبد الله

صحح الترمذي والحاكم حديثه وأفاد الحافظ في التهذيب أن البخاري ذكره في الضعفاء الكبير

فعلى مذهب من يرى أن الترمذي لم يكن متساهلاً السند حسن

وعلى مذهب من يرى أنه كان متساهلاً فالسند ضعيف

وقد حاول السقاف أن يسقط هذه الرواية فأورد عليها رواية (( ارحموا ترحموا واغفروا يغفر الله لكم ويل لأقماع القول ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعملون ))

رواه أحمد من حديث حبان الشرعبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم

فيكون هذا هو الوجه المحفوظ لتلك الرواية

وليس كذلك فهذه الرواية معلولة إذ أن حبان بن زيد الشرعبي لا ندري إن كان سمع من عبد الله بن عمرو بن العاص أم لم يسمع

ولم أقف على روايةٍ له يصرح فيها بالتحديث من عبد الله

وهو حمصي كما جاء تراجمه في تهذيب الكمال وفروعه

وعبد الله بن عمرو بن العاص لم يسكن حمص فيما أعلم

ولرواية أبي قابوس عن عبد الله بن عمرو شاهدٌ من حديث عبد الله بن مسعود عند الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك 7631 ولفظه (( ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء ))

قال الحافظ في الفتح (( رجاله ثقات ))

وذلك في شرحه لحديث (( من لا يرحم لا يرحم ))

ولكنه منقطع لأن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه

ولكن هذا الشاهد صالح للإعتبار وبه يثبت الحديث _ والله أعلم_

وبعضهم يقوي حديث أبي عبيدة عن أبيه لأنه أعرف بحديث أبيه من غيره

انظر شرح العلل لابن رجب (1/298)

وزعم السقاف كما في صفحة 64 أن هذا الحديث على فرض صحته فهو مؤول وأحال إلى فيض القدير للمناوي (1/ 473)

ولفظ المناوي (( (يرحمكم من في السماء) أي من رحمته عامة لأهل السماء الذين هم أكثر وأعظم من أهل الأرض أو المراد أهل السماء ))

قلت هذا التأويل ساقط لأن رحمة الله وسعت السماوات والأرض فلا وجه لتخصيص أهل السماء بالرحمة

والأصل في الكلام عدم وجود محذوف مقدر ومن ادعى وجوده فعليه البينة

ووجه الإشارة إلى الناس في الحديث وهي في قوله _ وينكتها إلى الناس _ أنهم هم المشهود عليهم

ولو يقصد بالإشارة الأولى استشهاد الناس لما كان للإشارة الثانية معنى

خصوصاً وهو يقول (( اللهم اشهد ))

النص التاسع

ومن أدلة أهل السنة على إثبات صفة العلو قوله صلى الله عليه وسلم (( ألا تأمنوني ؟ وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء ))

ووجه الدلالة واضح من هذا الحديث

وقد حاول السقاف تأويل هذا الحديث بعلو المكانة

واحتج لذلك بقول الشاعر

علونا السماء مجدنا وجدودنا ***وإنا لنبغي فوق ذلك مظهر وظاهر _ وذلك في صفحة 66 _

والجواب عليه

أن الأصل في الكلام عدم وجود محذوف مقدر _ وهي هنا لفظة المكانة _

والبقاء على الأصل هو المتعين عند عدم تعذر الحقيقة

ثم إن هذا يقتضي تشبيه مكانة الله بمكانة الخلق

فيكون هروب من تشبيه _ مزعوم _ إلى تشبيه محقق

ثم إننا لا ندري إن كان هذا الشعر أصيل أو مولد

مما يدل على أنه لا يثبت عندهم أن هذا من خصائص الله
فإن قال قائل حمل المعنى على الحقيقة متعذر لأنه يستلزم المكان والجهة والتجسيم

قلنا لا نسلم بلزوم هذا

والذي يلزم من فوقية بعض المخلوقات على بعضها

لا يلزم من فوقية الخالق على خلقه

إذ أن الفوقية المطلقة لا تقاس على الفوقيات المقيدة

والحق أن هذه الألفاظ لا نطلق نفيها ولا إثباتها

وكما وسعكم إثبات إرادة لا تستلزم ميل القلب

ووسعكم أيضاً إثبات أن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولم يلزمكم إعدامه بذلك  

فإنه يسعنا  إثبات علو بدون استلزام ما تقدم ذكره

وقفة ثالثة في الدفاع عن الألباني

من الأحاديث الضعيفة في إثبات صفة العلو حديث قتادة بن النعمان في الإستواء وله لفظان

اللفظ الأول (( إن الله عز وجل لما قضى خلقه استلقى , و وضع إحدى رجليه على الأخرى و قال :
لا ينبغي لأحد من خلقه أن يفعل هذا ))

وهذا اللفظ حكم عليه الشيخ الألباني بالنكارة وقال رواه أبو نصر الغازي في جزء من " الأمالي " ( 77 / 1 )

انظر ذلك في سلسلة الأحاديث الضعيفة حديث رقم 755

اللفظ الثاني (( لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه ))

ذكر الذهبي في العلو وقال (( رواته ثقات رواه أبو بكر الخلال في كتاب السنة له ))

انظر ذلك في صفحة 98 من مختصر العلو ونقل الألباني حكم ابن القيم على سند الخلال أنه على شرط الشيخين

والشيخ الألباني لم يقف على سند الخلال وله العذر في ذلك

لأنه لا يوجد في النسخة المطبوعة من السنة للخلال ولم يذكر الذهبي في العلو سند الخلال وكذلك ابن القيم

فاكتفى الشيخ الألباني بنقل حكم الذهبي وابن القيم لاحتمال أن يكون سند الخلال غير سند الرواية الأولى فالإختلاف في المتن من مظان الإختلاف في السند _ والواقع أن السند هو هو _

ولما كان السقاف جاهلاً حقوداً لم يتفهم هذا التصرف الدقيق من الشيخ الألباني فأخذ يتهمه بالتناقض لأنه حكم على اللفظ الأول بالضعف وسكت على حكم الذهبي وابن القيم على اللفظ الثاني بل أوهم أن اللفظين واحد وذلك كله في صفحة 67 _ والرواية ذكرها السقاف ونسبها للخلال تجمع بين اللفظين والشيخ الألباني لم يقف إلا على ما ذكره الذهبي وابن القيم من ذكر الإستواء دون الإستلقاء _

والخلاصة أن الشيخ لم يتناقض بل حكم على السند الذي رآه بالضعف واكتفى بنقل أحكام أهل العلم على السند الذي لم يره والإختلاف في المتنين يؤيد صنيع الشيخ

وهذا التصرف غاية في الدقة والورع والله الموفق

النص العاشر

وزعم السقاف أن معنى الإستواء هو الإستيلاء وزعم أن الإستيلاء لا يستلزم المغالبة لأن رب العالمين يقول (( والله غالبٌ على أمره )) ولم يفد ذلك مغالبة وذلك في حاشية صفحة 65

والجواب على ذلك من وجوه

الأول أن الغلبة غير المغالبة والغالب اسم فاعل لمصدر الغلبة وأما المغالبة فاسم فاعلها مغالب

والسقاف لجهله باللغة لم يفرق بين اللفظين

الثاني أن السلف لم يقولوا بأن الإستواء هو الإستيلاء

بل قال بشر بن عمر الزهراني سمعت غير واحد من المفسرين يقولون (( الرحمن على العرش استوى )) على العرش ارتفع

رواه اللالكائي في السنة 662  وإسناده صحيح

وأورد البخاري في صحيحه التفسير المنقول عن مجاهد وهو قوله استوى علا والتفسير المنقول عن أبي العالية وهو قوله استوى ارتفع ولم ينقل عن أحد من السلف تفسير الإستواء بالإستيلاء

الوجه الثالث أن أئمة اللغة فسروا الإستواء بالعلو وأنكروا تفسيره بالإستيلاء

قال ابن عرفة في كتاب الرد على الجمهية :
حدثنا داود بن علي قال : كنا عند ابن الأعرابي فأتله رجل فقال : ما معنى قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) ؟ قال : هو على عرشه كما أخبر , فقال : يا أبا عبد الله إنما معناه استولى فقال : اسكت ! لا يقال استولى على الشيء و يكون له مصادقا , إذا غلب أحدهما قيل : استولى كما قال النابغة :
ألا لمثلك أو من أنت سابقه .............. سبق الجواد إذا استولى على الأمد .

وأفاد الشيخ الألباني في مختصر العلو صفحة 196 أن هذا الأثر رواه الخطيب في تاريخ بغداد ( 5/283  _284) وكذا البيهقي في الأسماء والصفات 415

وسنده صحيح

وقد تقدم ذكر أثر الفراء للإستواء بالصعود

قال الأزهري في كتاب ( التهذيب ) له في قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) .
قال الأخفش : استوى أي : علا ؛ يقال : استويت فوق الدابة و على ظهر الدابة و على ظهر البيت أي : علوته

قلت نقل ذلك ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية

ثم يأتي بعد ذلك من يزعم أن السلف كانوا مفوضة

ألا لعنة الله على الكاذبين

وأورد السقاف بيتاً يحتج به لمقالته وهو قول الشاعر

إذا ما علونا واستوينا عليهم *** جعلناهم مرعى لنسرٍ وطائر

قلت أولاً هل هذا البيت مولد أم أصيل

ثانياً هو حجةٌ لنا إذ ان معنى المغالبة في البيت ظاهر

وهناك أدلةٌ أخرى على إبطال تفسير الإستواء بالإستيلاء بسطها ابن القيم في الصواعق المرسلة فمن أراد الإستزادة فليراجعها
ومن عجائب السقاف أنه تأول قول أبي العالية في تفسير الإستواء بالإرتفاع (( وفي البخاري تأويل أبي العالية الاستواء بالارتفاع فإن كان يريد إرتفاع الربوبية على رتبة العبودية بعلو الملك والسلطان والقهر والعظمة كما يقول الحافظ ابن جرير السلفي فتأويل مقبول لا ترفضه قواعد الشريعة ولا لغة العرب ))

قلت بل هذا هراء مردود لأنه لو كان هذا القصد فلما يخصص العرش بالذكر

ثم إن في الآية قوله (( ثم استوى )) فهل معناه ثم ارتفع بالربوبية عن العبودية ؟!!

وكلام أبي العالية يبقى على ظاهره إذا ثبت عنه

وما نقله عن ابن جرير افتراء قد تقدم نقضه

وقد حاول السقاف رد استلزام الإستيلاء للمغالبة بالإحتجاج بقوله تعالى (( لمن الملك اليوم ))

فقال (( ألم تعلم أن الله تعالى يخبرنا عن يوم القيامة فيقول لنا في كتابه العزيز : (لمن الملك اليوم ؟ !) فنقول لك : هل كان الملك قبل ذلك اليوم لغير الله تعالى ؟ ! ! الجواب : لا قطعا . إذن لم يلزم من قول الله تعالى : (لمن الملك اليوم) أن الملك قبل ذلك اليوم كان لغيره سبحانه ، وكذلك قولنا : استوى معناه : قهر واستولى ، ولا يلزم منه أنه لم يكن مستوليا أو قاهرا قبل ذلك والله الموفق والهادي للصواب ))

وهذا كلام سخيف لأنه قوله تعالى (( لمن الملك اليوم ))

المقصود به نفي كل ملك وذلك أن البشر لهم ملك جزئي في الدنيا ولكنه يتقوض يوم القيامة

بل إن قوله تعالى (( لمن اليوم اليوم ))

لا ينفي كون الأيام الأخرى ملكه سبحانه وتعالى

بخلاف ذكر الإستيلاء فإنه مستلزم للمغالبة كما قرر ذلك أهل اللغة وكل الأبياء التي يحتجون بها فيها ذكر المغالبة

مثل

قد استوى بشر على العراق *** من غير سيف ودم مهراق

ومن عجائب السقاف احتجاجه ببعض المرويات في مسند الربيع بن حبيب الأزدي البصري

مثل هذا الأثر

قال وحدثنا اسماعيل ابن ابراهيم قال حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمر انه سئل عن الصخرة التي كانت في بيت المقدس فقال له ان ناسا يقولون فذكر قولهم سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا فارتعد ابن عمر فرقا وشفقا حين وصفوه بالحدود والانتقال فقال ابن عمر ان الله أعظم وأجل أن يوصف بصفات المخلوقين هذا كلام اليهود أعداء الله انما يقولون (الرحمن على العرش أستوى) أي استوى أمره وقدرته فوق بريته

قلت ليث ضعيف مختلط لا يجوز الإحتجاج به في أحاديث الطهارة فكيف احتج به الخساف هنا ؟

النص الحادي عشر
ونقل ابن الجوزي في ص 163 حديث (( إن الله بعث إبليس فأخذ من أديم الأرض فخلق منها آدم ))

فخرج السقاف الحديث قائلاً (( رواه ابن سعد (1/26) مطولاً من حديث عبدالله بن مسعود موقوفاً عليه بسندٍ حسن في غير العقائد ))

قلت بل سنده منقطع

فقد رواه ابن سعد من طريق سعيد بن جبير عن عبدالله بن مسعود

والناظر في ترجمة سعيد بن جبير في تهذيب التهذيب يرى أنه كثير الإرسال

وقد ذكر الحافظ ابن حجر عن أبي القاسم الطبري أن وفاته كانت عام سنه 95 وله من العمر 49

وهذا يعني أنه ولد عام 46

وإذا نظرت في ترجمة عبدالله بن مسعود في تهذيب التهذيب ستجد أنه توفي عام 32 أو 33

وهذا يعني أن الإنقطاع متحقق وأما السقاف فقد تسرع وحسن السند

النص الثاني عشر

ذكر ابن الجوزي في ص270 الحديث الذي رواه الترمذي2437 (( وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب ، مع كل ألف سبعون ألفا ، وثلاث حثيات من حثيات ربي ))

فعلق السقاف بعد أن خرجه قائلاً (( يحتمل أن تكون لفظة الحثيات من تصرفات الرواة على العادة ))

قلت هذا التعليل يفتح باب الزندقة على مصراعيه فكل من لا تعجبه لفظة في حديث قال (( يحتمل أن تكون من تصرف الرواة ))

وهكذا تهدم السنة

ثم تأول الحديث قائلاً (( وعلى كل لو ثبت المراد بها الكثرة لا غير ))

قلت لو كان هذا المراد فما وجه إضافة الحثية إلى رب العالمين في قوله (( حثيات ربي ))

هل معناها (( كثرة ربي ))

فإن قيل (( معناها الكثرة الذين يدخلهم ربي الجنة ))

قلت الألف الذين يدخلون مع كل سبعين ألف كثرة ما وجه تخصيص هؤلاء بلفظ الحثية

ثم إن هذا القول يجمع بين التأويل وتقدير محذوف وهذا ثقيل لا يصار إليه بسهولة

اذ أن في مثل هذا التصرف نستطيع مسخ دلالة عشرات النصوص

واعلم أن لفظة الحثيات ليست بأعجب من لفظة القبضة الثابتة في الأحاديث الصحيحة

وقد أورد ابن أبي عاصم هذا الحديث في كتاب السنة حديث رقم 589

اشارةً منه إلى اختلاف طريقة أهل السنة في التعامل مع هذا الحديث عن طريقة أهل البدع

وهذا الحديث داخلٌ في أصل السلف الكلي (( أمروها كما جاءت بلا كيف ))

فتأويله بدعة

وقد تأوله ابن الجوزي بقوله (( المراد التقريب بما يعقل لا حقيقة الحثية ))

قلت الأصل في الكلام الحقيقة وتوهم التشبيه من هذه النصوص تم نقضه وكذلك توهم التجسيم

ثم إن التقريب يكون لمعنىً من المعاني فما هو المعنى المراد تقريبه

فإن قيل (( كثرة الناس ))

قلنا إنما يصار للمعنى التقريبي إذا تعذر افهام المستمع

وما المتعذر في التعبير عن كثرة فيمكن أن يقال (( خلقٌ كثير لا يحصيهم إلا الله )) أو (( فئام من الناس كثير ))

أليس هذا أفضل من استخدام لفظٍ يوهم التجسيم أو التشبيه _ على زعم القوم_

والنبي صلى الله عليه وسلم يحضر مجلسه الأعرابي والجافي والنصراني حديث العهد بتجسيم النصارى وغيرهم

وبهذا يظهر أن مآل قول المعطلة إلى انتقاص النبي صلى الله عليه وسلم واتهامه بقلة النصح للأمة



النص الثالث عشر

وتكلم ابن الجوزي في ص273 على حديث ((إذا رأيتم الريح فلا تسبوها فإنها من نفس الرحمن))

فعلق السقاف بما مفاده أن لفظ (( نفس الرحمن )) شاذة ولا أخالفه في هذا غير أنه زعم انها من تصرف الرواة ولو اكتفى بطريقة اهل العلم في وصف هذا بالشذوذ بدلاً من طريقته السمجة لكان خيراً له

ثم ذكر ابن الجوزي حديث أبي هريرة (( وأجد نفس ربكم من قبل اليمن )) رواه أحمد ( 2/541)_ هذا تخريج السقاف _

وقال العراقي في تخريج الإحياء (( ورجاله ثقات ))

قلت وهذا الحكم صحيح ولكن في قلبي شيء من اتصاله وذلك أن شبيب بن نعيم الحمصي يرويه عن أبي هريرة

وشبيب هذا أخطأ من عده في الصحابة كما ذكر ذلك الحافظ في تقريب التهذيب

بل الذي يظهر أنه تأخر عن زمانهم فإن الرواة عنه هم من كانت جل روايتهم عن التابعين

لذا فأنا في شك من سماعه من أبي هريرة ولا نعرف له تاريخ ميلاد حتى نعرف ما إذا كان معاصراً لأبي هريرة أو غير معاصر

لذا أجدني مضطراً للحكم على هذا السند بعدم ثبوت الإتصال

غير أن الطبراني أخرج له شاهداً قوياً في معجمه الكبير من حديث سلمة بن نفيل (7/52 برقم 6358) _ وهذه الإحالة من السقاف _

وهذا لفظ الخبر ((قال سلمة بن نفيل دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كادت ركبتاي تمسان فخده فقلت يا رسول الله تركت الخيل وألقي السلاح وزعم أقوام أن لا قتال فقال كذبوا الآن جاء القتال لا تزال من أمتي أمة قائمة على الحق ظاهرة على الناس يزيغ الله قلوب قوم قاتلوهم لينالوا منهم وقال وهو مول ظهره إلى اليمن إني أجد نفس الرحمن من ههنا ولقد أوحى إلي مكفوت غير ملبث وتتبعوني أفنادا والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة وأهلها معانون عليها ))

قلت سياق الخبر يبين لنا معنى (( نفس الرحمن )) وهو الفرج ومثله حديث (( من نفس عن مؤمن كربة من كربات الدنيا نفس الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ))

رواه مسلم (2699)

وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق والتي بها يتم حفظ الدين

وتركنا للتأويل لا يعني أننا لا نعتبر السياق في فهم الخبر ولا نعتبر النصوص الأخرى المعينة على فهم الخبر

ولم أجد عالماً سلفياً ذكر هذا الخبر في أخبار الصفات

النص الرابع عشر
وذكر ابن الجوزي حديث الأطيط في في ص 266 وأعله بمحمد بن إسحاق ويعقوب بن عتبة

فأضاف السقاف عدة علل

حيث الخبر بوهب بن جرير حيث قال (( وهذا إسنادٌ معلول لما يأتي

قال فيه ابن حبان (( كان يخطيء وكان عفان يتكلم فيه وغمزه أحمد وعرض فيه مع أنه من رجال الستة))

انظر رحمني الله وإياك إلى هذا الكلام الساقط فقد اكتفى بنقل كلام الجارحين وهذا اجتزاء ولا نستغربه من السقاف إذ أن الشيء من معدنه لا يستغرب

وهب بن جرير روى عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني

وقال العجلي بصري ثقة

قال سليمان بن داود القزاز قلت لأحمد أريد البصرة عمن اكتب قال عن وهب بن جرير وأبي عامر العقدي وقال عثمان أحب إلي منهما وهب صالح الحديث

وقال بن سعد مات سنة ست ومائتين قلت وقال كان ثقة

وأما كلام أحمد وعفان فيه فكان من أجل روايته عن شعبة خاصة

قال أحمد ما روى وهب قط عن شعبة ولكن كان وهب صاحب سنة حدث زعموا عن شعبة بنحو أربعة آلاف حديث

قال عفان هذه أحاديث عبد الرحمن الرصاصي شيخ سمع من شعبة كثيرا ثم وقع إلى مصر وقال وهب بن جرير كتب لي أبي إلى شعبة فكتب أبي إليه فسأله

قلت وهذا لا يقدح فيه فإذا كان أرسل عن شعبة فقد أرسل الكثير من العلماء فهذا هشام بن حسان أرسل عن الحسن وغيره كثير غير أن البخاري أثبت سماع وهب من شعبة في تاريخه
ثم أعل السقاف حديث الأطيط بجرير بن حازم حيث قال في نفس الصفحة (( له أوهام واختلط ))

قلت لا يضر اختلاطه لأنه لم يحدث في حال اختلاطه

قال الحافظ في تهذيب التهذيب (( وقال أحمد بن سنان عن بن مهدي جرير بن حازم اختلط وكان له أولاد أصحاب حديث فلما احسوا ذلك منه حجبوه فلم يسمع أحد منه في حال اختلاطه شيئ))

وأما أوهامه فلا تسقط حديثه فقد احتج به أصحاب الصحاح

ولعل أوهامه فيما يرويه عن قتادة خاصة

قال الحافظ في تهذيب التهذيب (( وقال عبد الله بن أحمد سألت بن معين عنه فقال ليس به بأس فقلت إنه يحدث عن قتادة عن أنس أحاديث مناكير فقال ليس بشيء هو عن قتادة ضعيف ))

وقال بن عدي وقد حدث عنه أيوب السختياني والليث بن سعد وله أحاديث كثيرة عن مشائخه وهو مستقيم الحديث صالح فيه إلا روايته عن قتادة فإنه يروي عنه أشياء لا يرويها غيره

ولعل بقية أوهامه فيما روى عنه أهل مصر

قال الحافظ في تهذيب التهذيب (( وقال الأزدي جرير صدوق خرج عنه بمصر أحاديث مقلوبة ولم يكن بالحافظ حمل رشدين وغيره عنه مناكير ))

ونقل أيضاً عن أحمد أنه قال (( جرير بن حازم حدث بالوهم بمصر ولم يكن يحفظ ))

وهذا الحديث ليس من أحاديثه عن قتادة ولا مما يرويه عنه أهل مصر

وقال الحافظ ((قال علي عن بن مهدي جرير بن حازم أثبت عندي من قرة بن خالد))

وقال عثمان الدارمي عن بن معين ثقة

وقال العجلي بصري ثقة

وقال النسائي ليس به بأس

وقال أبو حاتم صدوق صالح

وكان شعبة يقول ما رأيت أحفظ من رجلين جرير بن حازم وهشام الدستوائي

قلت من هذا تعلم تسرع السقاف في اعلاله لهذا الخبر بجرير بن حازم

فيكون الكلام على رواية وهب عن شعبة بالذات لا على روايته بصفة عامة كما أوهم السقاف

وقال أحمد بن منصور الرمادي تذاكرت أنا وابن وارة أيما أثبت وهب أو أبو النضر فقال هو أبو النضر وقلت أنا وهب

وأما كلام ابن حبان فلا يسقط حديث وهب مع توثيق بقية الأئمة له وقد وصف العلماء حديث عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن أبي رواد بالخطأ بل ضعفه جمع كما ذكرته في الإسعاف من إغاثة السقاف

ومع ذلك هو ثقة عند السقاف!!!!!! كما في الإغاثة _ ص11_

وهذا تناقضٌ قبيح من هذا الجهول
النص الرابع عشر

وذكر ابن ابن الجوزي في ص264 حديث (( إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته )) رواه البخاري في كتاب الرقاق باب التواضع

فعلق السقاف عليه وأعله بخالد بن مخلد القطواني وشريك بن عبدالله

وقد اقتصر على ذكر الجرح في خالد بن مخلد دون التعديل

فنقل قول أحمد (( له مناكير ))
والجواب على هذا من وجهين الأول اخراج هذا البخاري للحديث نص منه على أنه ليس من مناكيره


الثاني أن هذا الحديث من أحاديثه عن سليمان بن بلال وقد أثنى الغلابي على حديثه عن سليمان بن بلال

قال ابن رجب الحنبلي في شرح علل الترمذي (2/775) (( ذكر الغلابي في تاريخه قال يؤخذ عنه مشيخة المدينة وسليمان بن بلال فقط ))

وسليمان بن بلال مدني ذكره خاصة من باب عطف الخاص على العام لبيان أهميته

وأما قول أبو حاتم (( لا يحتج به ))

فيقابله قول من وثق القطواني مطلقاً مثل العجلي وصالح جزرة وابن حبان وعثمان بن أبي شيبة

وبعضهم عدله تعديلات منخفضة وبعضهم ضعفه وعى كل حال حديثه عن سليمان بن بلال حالة خاصة

وأما شريك فهو بن عبدالله بن أبي نمر

ولا ينبغي اعلال الحديث به وذلك لأنه صدوقٌ حجة والجروح التي جاءت فيه لا تسقط حديثه عن درجة الإحتجاج

قال ابن معين والنسائي ليس به بأس

وقال النسائي أيضا ليس بالقوي

وقال بن سعد كان ثقة كثير الحديث

وقال بن عدي إذا روى عنه ثقة فلا بأس برواياته

وقال الآجري عن أبي داود ثقة

وذكره بن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ

وهذا الحديث ليس من بأخطائه لأن البخاري أخرجه في صحيحه وهذا كالنص على عدم خطئه

وهذا ما نقلته من تهذيب التهذيب

وقال أحمد (( صالح الحديث ))

كذا في العلل رواية المروزي ص 205

ووثقه العجلي _ انظر تاريخ الثقات 217_

وقال الدارقطني (( لا بأس به )) كما في سؤالات ابن بكير

وروى عنه مالك وهو معروف بانتقائه في شيوخه

فعليه حديثه صالح للإحتجاج

من هذا تعرف خطأ السقاف في قوله ((والخلاصة أن حديث التردد صحيح إلا أن لفظ التردد لا يثبت لاحتمال أن يكون من تصرف الرواة وخصوصاً وأن فيه ضعفاء ))

قلت قد تبين لك أنه لا ضعفاء في السند ولو فتحنا باب الإحتمالات لأسقطنا المئات من الأحاديث

ملحوظة كل الأقوال التي أنقلها من خارج تهذيب التهذيب مأخوذة من التذييل على تهذيب التهذيب
واعلم رحمك الله أن الشيخ الألباني استقصى طرق حديث (( من عادى لي ولياً )) في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم 1640 فراجعه غير مأمور

وأما معنى التردد في الحديث

فقال ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه ص266 (( وأما التردد خطاب لنا بما نعقل ))

وهذا الجواب ساقط وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ليعلم أمته ما لا يليق بالله عز وجل تنزلاً معهم

وإلا لفتحنا الباب للزنادقة فحملوا كل ما لا يوفق هواهم على أنه للتنزل

وبهذه الشبهة يسقط الجهمي نصوص إثبات السمع والبصر والكلام وغيرها

بعد أن أفسدنا قول المؤولة في التردد إليك قول أهل السنة

قال شيخ الإسلام ( 10 / 58 - 59 ) في الفتاوى (( فبين سبحانه أنه يتردد لأن التردد تعارض
إرادتين , فهو سبحانه يحب ما يحب عبده , و يكره ما يكرهه , و هو يكره الموت , فهو يكرهه كما قال : " و أنا أكره مساءته " و هو سبحانه قد قضى بالموت فهو يريد أن يموت , فسمى ذلك ترددا . ثم بين أنه لابد من وقوع ذلك ))

قلت وهذا حسن ومتناسب مع ظاهر النص وسياقه












النص الخامس عشر
وذكر ابن الجوزي في ص163 حديث (( إن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك ))

فخرجه السقاف وصححه غير أنه زعم لفظة (( من قبضة قبضها )) من تصرف الرواة محتجاً برواية الحاكم ولفظها (( خلق الله آدم من أديم الأرض كلها، فخرجت ذريته على حسب ذلك، منهم: الأبيض، والأسود، والأسمر، والأحمر، ومنهم: بين بين ذلك، ومنهم: السهل، والخبيث، والطيب))

قال فلم يذكر القبضة

قلت والجواب أن سند الحاكم فيه كلام فالحاكم يرويه في المستدرك  (2 / 261)  من طريق إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عبد الرزاق، أنبأ معمر، أخبرنا عوف العبدي، عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى الأشعري

وعوف العبدي بصري وفي رواية معمر عن البصريين كلام

قال الحافظ في ترجمته في تهذيب التهذيب (( وقال بن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه إلا عن الزهري وابن طاوس فإنه حديثه عنهما مستقيم فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا وما عمل في حديث الأعمش شيئا قال يحيى وحديث معمر عن ثابت وعاصم بن أبي النجود وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطرب كثير الأوهام ))

وقد رواه عن عوف كل من محمد بن جعفر ويحيى بن سعيد عند أحمد في المسند ( 4 /400و 406)

ويزيد بن زريع عند أبي داود (4693)

وغيرهم في غيرها من مصادر السنة بذكر القبضة

من هذا يعرف أن رواية معمر المختصرة منكرة ورواية القبضة هي المحفوظة وهي رواية الأكثر والأحفظ

فاعجب ممن يعل رواية الثقات برواية الضعيف!! ويجعلها هي المحفوظة وروايتهم الشاذة !!
وزعم ابن الجوزي أن معنى القبضة في الحديث السابق فبضة المخلوق المأمور من الله كقوله تعالى (( فطمسنا أعينهم )) واحتج لذلك بخبر تقدم اعلاله

والجواب

أن النصوص تظافرت على أن الله عز وجل خلق آدم بيديه

وأظهرها قوله تعالى (( مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ))

فالزعم أن أن مخلوق من المخلوقات هو الذي قبض من الأرض زعمٌ باطل يخالف ظواهر النصوص ولا دليل ثابت عليه

النص السادس عشر
وذكر ابن الجوزي في ص 200 حديث (( إِنَّ اللَّه لاَ ينام، ولا ينبغي لَهُ أَن ينام، يخفض القسط ويرفعه. حجابه النور. لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره ))

وحاول السقاف إعلاله بعنعنة الأعمش عن عمرو بن مرة

وهذا الإعلال وإن كان غير متجه إلى أنني سأتنزل مع السقاف وأقول لقد توبع الأعمش من قبل المسعودي عند ابن ماجة في سننه

والمسعودي مختلط إلى أن الراوي عنه وكيع بن الجراح وهو كوفي ورواية أهل الكوفة عن المسعودي مستقيمة

قال الحافظ في تهذيب التهذيب (( وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه سماع وكيع من المسعودي قديم وأبو نعيم أيضا وإنما اختلط المسعودي ببغداد ومن سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد ))

قلت وعليه فالمتابعة ثابتة وبها يثبت الحديث
ولم ينفرد وكيع عن المسعودي بل تابعه من قبل أبي نعيم ومحمد بن عبيد عند ابن خزيمة في التوحيد (31 )

ولم ينفرد الأعمش والمسعودي بهذه الرواية عن عمرو بن مرة بل تابعهما العلاء بن مسيب عند ابن خزيمة في التوحيد (28)

وكذلك تابعهما سفيان الثوري عند ابن خزيمة ( 30)

وبهذه الطرق تثبت زيادة (( حجابه النور لو كشفه عنه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره ))

وقلت زيادة لأن شعبة روى هذا الخبر عن عمرو بن مرة بدون ذكر هذا الحرف


ورواية وكيع عن المسعودي موجودة في المسند للإمام أحمد (19240) وعند أبي يعلى في المسند من طريق ابن أبي شيبة عنه ( 7103)

ونأتي للكلام على متن الحديث

فقد علق ابن الجوزي على متنه عدة تعليقات

أولاً قال (201) (( حجابه النور ينبغي أن هذا الحجاب للخلق عنه لأنه لا يجوز أن يكون محجوباً لأن الحجاب يكون أكبر مما يستره ))

قلت هذا هو محل الخلل عند المعطلة فهم يقيسون الشاهد على الغائب فقد ظن أن حجاب الله مثل حجاب خلقه الذين لا يحجبهم إلا ما هو أكبر منهم وهذا لا يلزم في حق رب العالمين لأنه (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ))


وقد أضاف النبي  الحجاب لربه سبحانه فهو حجابه عن مخلوقاته لا حجاب المخلوقات عنه

ثم قال ابن الجوزي _ بعد كلام لا داعي لذكره _ (( وإنما المراد أن الخلق محجوبون عنه كما قال سبحانه وتعالى (( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون )) ))

قلت هذه الآية تتحدث عما سيحصل في الآخرة والحديث يتكلم عن الحال في الدنيا لذا لا يصلح أن تجعل الآية مفسرة لما في الحديث فالآية فيها حجب الكفار عن ربهم سبحانه وتعالى وبمفهومه يدل على أن المؤمنين يرون ربهم حين يكشف الحجاب كما جاء في حديث صهيب عند مسلم (298)

ثم تأول ابن الجوزي ذكر السبحات على أنه خطاب للناس بما يعرفون

وقد قدمت أن التنزل مع الناس في الخطاب يكون في حالة إذا ما كان إيصال المعنى المراد إليهم متعذراً بالخطاب المألوف المفهوم

فما هو المعنى المراد إيصاله من ذكر السبحات؟

هل معناه بيان عظمة الله ؟

هذا المعنى يمكن إيصاله بالألفاظ المألوفة المفهومة بدون استخدام لألفاظ توهم التجسيم والتشبيه _ على زعم المعطلة _

النص السادس عشر

ذكر ابن الجوزي في ص250 حديث البخاري (13/453من الفتح) ومسلم (379) (( يَقُولُ اللَّهُ يَا آدَمُ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ فَيُنَادَى بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ ))

ثم طعن ابن الجوزي بذكر الصوت في الحديث بحجة أن حفص بن غياث انفرد به عن الأعمش من دون وكيع وجرير وغيرهما

فعلق السقاف مؤيداً ابن الجوزي فنقل عن الحافظ قوله في الفتح (13/460) (( وفي رواية أبي ذر بفتحها على البناء للمجهول ولا محذور في رواية الجمهور، فإن قرينة قوله " إن الله يأمرك " تدل ظاهرا على أن المنادي ملك يأمره الله بأن ينادي بذلك))

قلت وقد بتر السقاف كلام الحافظ الذي يتضمن الرد على ابن الجوزي

قال الحافظ (( وقد طعن أبو الحسن بن الفضل في صحة هذه الطريق، وذكر كلامهم في حفص بن غياث، وأنه انفرد بهذا اللفظ عن الأعمش، وليس كما قال فقد وافقه عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن الأعمش أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب السنة له عن أبيه عن المحاربي، واستدل البخاري في كتاب خلق أفعال العباد على أن الله يتكلم كيف شاء وأن أصوات العباد مؤلفة حرفا حرفا فيها التطريب - بالهمز - والترجيع، بحديث أم سلمة ثم ساقه من طريق يعلى بن مملك بفتح الميم واللام بينهما ميم ساكنة ثم كاف، أنه سأل أم سلمة عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وصلاته فذكر الحديث، وفيه ونعتت قراءته فإذا قراءته حرفا حرفا وهذا أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما، واختلف أهل الكلام في أن كلام الله هل هو بحرف وصوت أو لا، فقالت المعتزلة: لا يكون الكلام إلا بحرف وصوت والكلام المنسوب إلى الله قائم بالشجرة.
وقالت الأشاعرة كلام الله ليس بحرف ولا صوت وأثبتت الكلام النفسي، وحقيقته معنى قائم بالنفس وإن اختلفت عنه العبارة كالعربية والعجمية، واختلافها لا يدل على اختلاف المعبر عنه، والكلام النفسي هو ذلك المعبر عنه، وأثبتت الحنابلة أن الله متكلم بحرف وصوت، أما الحروف فللتصريح بها في ظاهر القرآن، وأما الصوت فمن منع قال إن الصوت هو الهواء المنقطع المسموع من الحجرة، وأجاب من أثبته بأن الصوت الموصوف بذلك هو المعهود من الآدميين كالسمع والبصر، وصفات الرب بخلاف ذلك فلا يلزم المحذور المذكور مع اعتقاد التنزيه وعدم التشبيه، وأنه يجوز أن يكون من غير الحنجرة فلا يلزم التشبيه، وقد قال عبد الله بن أحمد ابن حنبل في كتاب السنة سألت أبي عن قوم يقولون لما كلم الله موسى لم يتكلم بصوت، فقال لي أبي: بل تكلم بصوت، هذه الأحاديث تروى كما جاءت وذكر حديث ابن مسعود وغيره))

انظر رحمني الله وإياك لرد الحافظ على شبهة الأساعرة العقلية في نفي الصوت

وتصريحه بأن اعتقادهم يخالف اعتقاد البخاري وأحمد وأن ظاهر النصوص مع الحنابلة في إثبات الحروف في كلام الله عز وجل

وفي كلامه أيضاً الرد زعم ابن الجوزي أن حفص بن غياث انفرد بذكر الصوت عن الأعمش وذكر متابعة المحاربي له

غير أن المحاربي كان يدلس كما في التقريب

والحديث اتفق عليه الشيخان فهو ثابت ولا عبرة بطعن ابن الجوزي


والحديث يدل على أنهم المتكلم بصوت هو الله إذ أن الفعل النداء لم يذكر فاعله واستتاره إنما حصل لقرب العهدج بالفاعل وهو الله عز وجل

وكلام الله عن عز وجل عن نفسه بغير صيغة المتكلم أمرٌ مألوف وهذا هو القرآن كلامه سبحانه في كلام الله عن نفسه بصيغة المتكلم وبغيرها

النص السابع عشر

ثم تكلم السقاف على حديث عبدالله بن أنيس الذي أخرجه الإمام أحمد ( 3 / 1495 ) ، والبخاري في (( الأدب المفرد )) ( 999 ) ، والحاكم في (( المستدرك )) ( 4 / 574 ) ، والخطيب في (( الرحلة في طلب الحديث )) ( 31 ) وصححه الحاكم

وقد طعن السقاف في اثنين من رواته

الأول القاسم بن عبدالواحد

وسأكتفي بنقل كلام عمرو بن عبدالمنعم في كتابه (( دفاعاً عن السلفية )) (( قوله في القاسم بن عبدالواحد ( ص : 30 ) : ( قال عنه أبو حاتم : لا يحتج به كما في الحرج والتعديل بمعناه ( 7 / 114 )) . فاحتاط لنفسه بقوله : ( بمعناه ) لئلا يتعقب ، والذي في (( الجرح والتعديل )) . قال ابن أبي حاتم : (( سألته عنه ، فقال : يكتب حديثه ، قلت يحتج بحديثه ؟ قال : يحتج بحديث سفيان وشعبه )) . وشتان بين هذا النقل ، وبين ما حرفه ذلك المؤول من قول أبي حاتم ، فإن هذا الوصف مشعر بأنه عنده من أهل الصدق والعدالة ، بل إن هذا الوصف يدل على تشدد أبي حاتم ، إذ قال : (( يحتج بحديث سفيان وشعبه )) ، أي أن القاسم هذا لم يصل إلى درجة الحافظ المحتج بحديثه دون سبر كسفيان وشعبة ، وهذا لا يمنع من كونه ثقة محتجاً به عند غير أبي حاتم ، فلا شك أن هذا الراوى أعلى درجة ممن يقول فيه أبو حاتم : (( لا يحتج به )) . وقد أورده أبن حبان في (( الثقات )) ( 7 / 337 ) ، وذكره الحافظ الذهبي في (( الميزان )) ( 3 / 375 ) ، وقال : (( راوى حديث الصوت ، ولم ينكره عليه ، مع أنه ذكر له حديثاً عدة من مناكيره (( . وهو ما اخرجه النسائي في (( عشرة النساء )) ( 256 ) ، والذهبي في (( الميزان )) (3/375) من طريق : محمد بن محمد بن نافع ، حدثني القاسم بن عبدالواحد ، قال حدثني عمر بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : فخرت بمال أبي في الجاهلية ، وكان قد ألف ألف وقية ، فقال النبي ? : (( أسكتى يا عائشة ، فإنى كنت لك كأبي زرع لأم زرع )) . ثم نشأ رسول الله يحدث : (( إن إحدى عشرة امرأة اجتمعن في الجاهلية وذكر … الحديث بطوله )) . قال الذهبي – وقد وقع في روايته : (( وكان ألف ألف وقية )) (( قلت : ألف الثانية باطلة قطعاً ، فإن ذلك لا يتهيأ لسلطان العصر )) . قلت : إن كان هذا هو وجه النكارة في هذا الحديث ، فهو مردود بما فسرته رواية النسائي وبينته : (( قد ألف ألف وقية )) . فليست هناك ثمة ألف ثانية ، بل الظاهر أنها تصحفت على الذهبي ، فخففها والصواب أنها بلام مشددة . وإن كان وجه النكارة قوله : (( ثم أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث : … الحديث )) – إذ المحفوظ أن الذي حدثت بهذا الحديث هي عائشة – فالأولى الحمل فيه على من هو دون القاسم بن عبد الواحد ، وهو محمد بن نافع ، فقد قال فيه الذهبي نفسه في (( الميزان )) ( 4/25) : (( لا يكاد يعرف )) . وقد تفرد بالرواية عنه عبد الملك الجدي ، فالحمل عليه أولى في رواية هذا الخبر . وبهذا يتضح لك القاسم بن عبد الواحد ثقة محتج به ، لا سيما وقد ثبت البخاري له هذا الحديث كما سوف يأتي ذكره ))

قلت لقد ذكره ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار

وقال (( يهم في الشيء بعد الشيء ))

لذا في نفسي شيء من انفراده

وتكلم على عبدالله بن محمد بن عقيل والراجح عندي أنه ضعيف ولكن السقاف ضعفه جداً وهذا تعنت

إذ أن الأئمة في عبدالله بن محمد بن عقيل على أربعة أقوال

أولها من يضعفه جداً

قال ابن سعد كان منكر الحديث لا يحتجون بحديثه وكان كثير العلم

وقال بشر بن عمر كان مالك لا يروي عنه

وقال علي بن المديني وكان يحيى بن سعيد لا يروي عنه

قلت ذكر الفلاس أن يحيى بن سعيد وعبدالرحمن بن المهدي حدثا عنه والمثبت مقدم على النافي


وقال يعقوب بن شيبة عن بن المديني لم يدخله مالك في كتبه قال يعقوب وابن عقيل صدوق وفي حديثه ضعف شديد جدا زكان بن عيينة يقول أربعة من قريش يترك حديثهم فذكره فيهم


وقال حنبل عن أحمد منكر الحديث

قلت جاء عن أحمد الإحجتاج بحديث ابن عقيل فلعله قصد التفرد أو تغير اجتهاده


القول الثاني قول من ضعفه تضعيفاً محمتلاً

وهم ابن معين وابن المديني وأبو حاتم حيث قال (( لين الحديث ليس بالقوي ولا ممن يحتج بحديثه وهو أحب إلي من تمام بن نجيح يكتب حديثه ))

وابن خزيمة حيث قال (( لا أحتج به لسوء حفظ))

و ضعفه أبو أحمد الحاكم وابن عدي والساجي والعقيلي

القول الثالث قول من حكم عليه بأنه متوسط أو صدوق

قال العجلي مدني تابعي جائز الحديث

وقال الترمذي صدوق وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه

وقال محمد بن إسماعيل البخاري وهو مقارب الحديث

القول الرابع قول من احتج بحديثه

قال البخاري كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديث بن عقيل

وقال أبو أحمد الحاكم كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه يحتجان بحديثه

هذه الأقوال انظرها كلها في تهذيب التهذيب ( 3/246) ط المعرفة

وقال الدارقطني (( ليس بقوي )) كما في سننه (1/83))

وقال أحمد كما في سؤالات أبي داود (361) (( في نفسي منه شيء ))

وقال الذهبي في الميزان (( حديثه في مرتبة الحسن ))

وقال الحافظ في التلخيص الحبير (1/155) ((ابن عقيل سيء الحفظ يصلح للمتابعات فأما إذا انفرد فيحسن ))

وقد رجح الجوزقاني ضعفه في الأباطيل والمناكير (2/73)

وقد ذهب الغماري في (( الرد المحكم المتين على كتاب القول المبين )) ( ص : 180 ) إلى أن حديث ابن عقيل حسن

وعليه فالسند ضعيف قريب من الحسن وليس ضعيفاً جداً كما اختار السقاف المتهور

وللحديث طريقٌ أخر ضعفه محتمل

وإليك كلام عمرو بن عبد المنعم في دفاعه عن هذا الطريق

قال عمرو (( أما الطريق الثاني :
فأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (156) ، وتمام الرازي في ((فوائده)) (928) من طريق : عثمان بن سعيد الصيداوي ، عن سليمان بن صالح – وعند تمام : سليم بن صالح – عبد الرحمن بن ثابت بن ثروان ، عن الحجاج بن دينار ، عن محمد بن المنكدر عن جابر به . قال الحافظ في الفتح (1/141) : (( إسناده صالح )) . وأما السقاف فرد حكم الحافظ عليه (ص :31) ، فقال : ( كيف يقبل – أي عمر محمود – هو وسادته قول الحافظ ابن حجر : وإسناده صالح هنا ، مع أن إسناده غير صالح لوجود المجاهيل في طريق الطبراني في مسند الشاميين ، وتمام ) . حتى قال : ( فعثمان الصيداوى الذي في سند الطبراني في مسند الشاميين وشيخه سليمان بن صالح مجهولان ، وشيخ الثاني : وهو عبد الرحمن بن ثابت : صدوق يخطئ رمى بالقدر تغير باخرة كما في التقريب ) .

قلت : وهذا الكلام يُظهر جهله من وجهين :
الأول : قوله بجهالة عثمان الصيداوي وسليمان بن صالح ، فكأنه لم يقف لهما على تراجم . فأقول له : أما الأول : فترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11/ق:99) فقال : (( عثمان بن سعيد بن محمد بن بشير أبو بكر الصفراوى ، من أهل صيدا ، الصيداوى ، من ساحل دمشق ، روى عن محمد بن شعيب وسليم بن صالح ، ومحمد بن عبدك الرازي . روى عنه : الحسن بن جرير الصورى ، ومحمد بن المعافى الصيداوي ، وأحمد بن بشر بن حبيب ، وأبو جعفر أحمد بن عمر بن أبان الصورى الأصم ، وأبو عبد الملك بن عبدوس الصورى . . . )) . وأما سليمان بن صالح فهو نفسه سليم بن صالح كما في رواية تمام ، وقد ذُكر في شيوخ الصيداوى باسم سليم ، وله ترجمة في تاريخ دمشق ولكن في الجزء المفقود منه. دل على ذلك أن ابن منظور أورد ترجمته في (( مختصر تاريخ دمشق ))(10/205) ، فقال : (( سليم بن صالح أبو سفيان العنسى سكن جبلة حدثنا عبد الرحمن بن ثابت ابن ثوبان . . الحديث )) . وأما قول الذهبي فيه في (( الميزان )) : (( لا يعرف )) فمتعقب بما ذكرناه ، فإن ترجمته في (( تاريخ دمشق )) ونسبته وموطن سكنه ترفع عنه جهالة العين . وأما عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان فمع ما فيه من اللين إلا أنه عند ابن حجر ممن يتابع على حديثه ، فهؤلاء الثلاثة ضعفهم محتمل ، فمن أجل ذلك وصف الحافظ هذا الإسناد بأنه صالح ، أي أنه يقوي سابقه – وهو طريق ابن عقيل - .
والوجه الثاني :أنه ذكر ضعف عبد الرحمن بن ثابت على سبيل القدح فيه ، لكي يغلط الحافظ ابن حجر في حكمه على إسناد الحديث من هذا الطريق ، فكأنه ظن أن حكمه على الإسناد بالصلاح يعنى أنه محتج به ، أو أنه مثل الحسن في الرتبة ، والصواب أنه يدل على ضعف الإسناد ، إلا أن هذا الضعف محتمل غير شديد . فتدبر وتأمل ))

قلت وهذا كلام جيد وبهذا الطريق مع سابقه يثبت الحديث

وقد ذكر السقاف أن البخاري قد علق الحديث بصيغة التمريض

وأنا أقول نعم لقد فعل ولكنه علقه بصيغة الجزم في موطن آخر في كتاب الإيمان باب الخروج في طلب العلم

وأما قول الحافظ في توجيه تصرف البخاري يتعليقه للخبر بالتمريض تارة والجزم تارة أخرى بقوله في الفتح ( 1/174) (( ونظر البخاري أدق من أن يعترض عليه بمثل هذا فإنه حيث ذكر الارتحال فقط جزم به لأن الإسناد حسن وقد اعتضد.
وحيث ذكر طرفا من المتن لم يجزم به لأن لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب ويحتاج إلى تأويل فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها ولو اعتضدت))

قلت هذا ينقضه ما ذكره الحافظ نفسه من أن البخاري يثبت لله صفة الصوت وأورد هذا الحديث في خلق افعال العباد بصيغة الجزم محتجاً به
فإن قال قائل لماذا قبلتم رواية حفص بن غياث في الصوت ولم تقبلوها في حديث النزول الذي فيه أن الذي ينادي هو ملك ؟

قلنا أولاً رواية الصوت قد اتفق الشيخان على تخريجها ولم ينتقدها أحد من الأئمة المعتبرين لذا فهي داخلة في الإجماع الثابت على تثبيت أحاديث الصحيحين الغير منتقدة

ثانياً روايته في النزول فيها مخالفة صريحة على ما قدمناه سابقاً أما روايته هنا لو لم يذكر الصوت لفهمناه ضمناً فالكلام المسموع _ وهو النداء المذكور في الحديث _لا يكون إلا بصوت

بل إنك لو عرفت الصوت فلن تعرفه بأبلغ من قولك (( هو الكلام المسموع ))

فزيادة حفص تأكيد للمعنى اللغوي فقط

فعليه زيادة حفص ليس فيها إثبات شيء جديد وهذا النوع من الزيادات هو أهون أنواع الزيادة لذا قبلها الشيخان ولم ينتقدها الدارقطني

والنداء لا يكون إلا بصوت _ والصوت يكفي في إثباته حديث عبدالله بن أنيس _

فإن قالوا لا نسلم بأن الكلام المسموع لا يكون إلا بصوت

قلنا إنكم لم تعقلوا يداً ليست بجارحة _مع أن أئمتكم عقلوا _

ولم تعقلوا علواً بدون تحيز وجهة وجودية

فكيف تعقلون الآن كلاماً مسموعاً لا يكون بصوت ؟

هذا تناقض قد سلمنا منه والأحاديث التي صححها الأئمة تؤيد قولنا

وسيكونون بذلك قد خالفونا باللفظ ووافقونا بالمعنى


النص الثامن عشر
وتأول الحافظ ابن الجوزي آيات العلو على العلو المعنوي وذلك في ص131

وهذا مخالفٌ لما كان عليه السلف وابتداعٌ في الدين

ولنأخذ آيةً واحدةً من آيات العلو يستحيل حملها على العلو المعنوي بل لا بد من استفادة اثبات العلو الحسي منها

وهي قوله تعالى (( يخافون ربهم من فوقهم ))

لفظ (فوق ) إذا سبقها حرف الجر (من) لم تفد إلا العلو الحقيقي

وهذا أمرٌ مطرد في نصوص الوحيين وفي لغة العرب

وإليك بعض الأدلة على مقصودنا

قال تعالى ((وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ))

وليس لقائلٍ أن يقول أن المقصود أن الطعام فوقكم بالقدر!!!

وقال تعالى ((قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ))

وقال تعالى ((هُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ))

وقال تعالى ((مَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ))

وقال تعالى ((وْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ))

وفي هذا القدر كفاية لطالب الحق

ولن يجد المعطلة في النصوص أو في لغة العرب ما يؤيد بدعتهم


النص التاسع عشر

وأول السقاف في ص 132 قوله تعالى (( تعرج الملائكة والروح إليه )) الآية بأن معناه تعرج الملائكة إلى المكان الذي هو محلهم في السماء

قلت وهذا تأويل مبتدع مخالف لما كان عليه السلف وصرفٌ للفظ عن ظاهره بدون قرينة


قال ابن جرير ففي تفسيره(12/226) ط دار الكتب العلمية ((يقول تعالى ذكره: تصعد الملائكة والروح، وهو جبريل عليه السلام إليه، يعني إلى الله جل وعز؛ والهاء في قوله: {إليه} عائدة على اسم الله {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ))

وقال البغوي(8/220) ((تعرج الملائكة"، قرأ الكسائي يعرج بالياء، وهي قراءة ابن مسعود، وقرأ الآخرون تعرج بالتاء، "والروح"، يعني جبريل عليه السلام، "إليه"، أي إلى الله عز وجل، "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة))

في هذا رد على من زعم أن التفويض هو مذهب السلف

ولسنا بآثمين إذا بقول هذين المفسرين الكبيرين وأثبتنا العلو

وأما قوله تعالى عن إبراهيم (( إني ذاهب إلى ربيسيهدين )) ( الصافات :99)

فقد عرفنا أن مقصود إبراهيم ( إلى المكان الذي أمرني ربي أن أذهب إليه ) لقرينة الحال

فقد علمنا من حاله أنه هاجر من قريته إلى المكان الذي أمره ربه _ عز وجل _ أن يهاجر إليه

وهذه القرينة مفقودة هنا لذا فتبقى الآية على ظاهرها كما هو مذهب كبار مفسري السلف

النص العشرون
قال ابن الجوزي في ص 113(( قال الله تعالى : (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) الرحمن : 27 . قال المفسرون : معناه يبقى ربك ، وكذا قالوا في قوله : (يريدون وجهه) الانعام : 52 أي يريدونه . وقال الضحاك وأبو عبيدة في قوله : (كل شئ هالك إلا وجهه) القصص : 88 ، أي إلا هو ))

قلت تقدم بيان بطلان تأويل الوجه بالذات في عدد من النصوص ولكن المراد هنا بيان أن ما نقله ابن الجوزي عن السلف لا ينافي إثبات الصفة

فقد حملوا الآية على أنها من باب إطلاق الخاص وإرادة العام ولا يلزم من هذا نفي الخاص بل هو يؤكد وجوده

كمثل قول إخوة يوسف (( اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ ))

فالمراد يقولهم وجه أبيكم شخص أبيكم ولكنهم أطلقوا الخاص وأرادوا العام فلم ينفِ وجود الخاص

وتعميم ابن الجوزي غير صحيح فليس جميع المفسرين ذهبوا لما نقل

قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله في «تفسيره» على قوله تعالى: ]كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ[ الرحمن : الآيتان 26:
«يقول تعالى ذكره: كل من على ظهر الأرض من جن وإنس؛ فإنه هالك، ويبقى وجه ربك يا محمد ذو الجلال والإكرام، و]ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ[ من نعـت الوجـه؛ فلـذلك رفع ]ذو))


وابن الجوزي نفسه رد على هذا التأويل حيث قال في كتابه «مجالس ابن الجوزي» يرد على من أوَّل الوجه بالذات: «وقول المعتزلة: إنه أراد بالوجه الذات؛ فباطل؛ لأنه أضافه إلى نفسه، والمضاف ليس كالمضاف إليه؛ لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه

النص الحادي والعشرون
وقد أنكر السقاف أن يكون آدم قد اختصه الله بأن خلقه بيده واحتج لذلك بقوله تعالى (( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون))

وهذا من جهله باللغة فإن قوله تعالى (( مما عملت أيدينا )) من باب إطلاق وإرادة العام

كمثل قوله تعالى (( ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ))

ولا شك أن العبد يفعل الذنوب بيديه ورجليه ولسانه وعينيه فيكون هذا من باب إلاق الخاص وإرادة العام

ومثله قوله تعالى (( تبت يدا أبي لهب ))

فالخسران يقع على ذاته ولكن هذا لم يقل إلا ولأبي لهب يدان حقيقةً فتأمل

وأما قوله تعالى (( مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ )) (ص:75)

فاتصال الباب بذكر اليد يدل على مباشرة اليد للفعل

ولا تجد في اللغة ذكراً لليد متصلةً بالباء إلا والمراد بها مباشرة اليد للفعل

فيكون الإطلاق هنا خاصاً وهو المراد أيضاً

النص الحادي والعشرون

قال ابن الجوزي في ص140(( ومنها قوله تعالى : (فنفخنا فيه من روحنا) التحريم : 12 . قال المفسرون : أي من رحمتنا وإنما نسب الروح إليه ، لانه بأمره كان ))

قلت نقل هذا عن المفسرين غلطٌ عليهم فإن أكابر المفسرين لم يقولوا بهذا التأويل البعيد

قال ابن جرير (( فنفخنا فيه في جيب درعها، وذلك فرجها، من روحنا من جبرئيل، وهو الروح ))

ولا يقال بأن هذا تأويل فإن المراد من الروح مبينٌ في القرآن واقرأ ذلك في سورة مريم

(( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً ))

فهذا تفسيرٌ للنصوص ببعضها وهذا لا ينكره أحد من أهل السنة

ثم قال ابن جرير((( أثر رقم 26719 )حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة {فنفخنا فيه من روحنا} فنفخنا في جيبها من روحنا.
{وصدقت بكلمات ربها} ))
النص الثاني والعشرون

قال ابن الجوزي في ص 140(( ومنها قوله تعالى : (يؤذون الله) الاحزاب 57 . قلت : أي يؤذون أولياءه ))

قلت هذا القول فيه نظر لأمرين

الأول أنه لم يقل به أحد من السلف

قال الحافظ ابن جرير الطبري في تفسيره (10/330) ط دار الكتب العلمية (( {إن الذين يؤذون الله} إن الذين يؤذون ربهم بمعصيتهم إياه، وركوبهم ما حرم عليهم. وقد قيل: إنه عنى بذلك أصحاب التصاوير، وذلك أنهم يرومون تكوين خلق مثل خلق الله ))

قلت فانظر كيف لم يورد القول البعيد الذي اختاره ابن الجوزي

ثم روى ابن جرير بسنده عن عكرمة قوله (( الذين يؤذون الله ورسوله هم أصحاب التصاوير))

قلت ورجاله ثقات فيهم سلمة بن الحجاج ليس من رجال الستة وقد وثقه أبو زرعة كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/158 ترجمة رقم 697) ط دار الفاروق

الأمر الثاني الذي يرد لأجله تفسير ابن الجوزي أن أذية أولياء قد ذكرت الآية التي بعدها

في قوله تعالى (( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ))

والمؤمنون الأتقياء هم أولياء الله
النص الثالث والعشرون
وقال ابن الجوزي في ص141 (( وقد روى عبيد الله بن أبي سلمة قال : بعث ابن عمر إلى عبد الله بن عباس يسأله هل رأى محمد ربه ؟ فأرسل إليه أن نعم قد رآه . فرد الرسول إليه كيف رآه ؟ قال : رآه على كرسي من ذهب يحمله أربعة من الملائكة في صورة رجل . قلت : وهذا الحديث تفرد به ابن إسحاق وكذبه جماعة من العلماء ))

قلت ما ذهب إليه ابن الجوزي من جرح ابن إسحاق خلاف مذهب مذهب الجمهور كما لا يخفى

ومذهبهم أن أن ما صرح به ابن إسحاق بالتحديث فهو حجة

راجع كتاب (( دفاعاً عن السلفية )) للشيخ عمرو بن عبدالمنعم

وأما السقاف فسار على خطى ابن الجوزي وزاد عليه

فقال معلقاً على الحديث

(( قلت هذا الحديث المكذوب الموضوع على ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما مما سود به صاحب كتاب " السنة " المنسوب لابن الامام أحمد كتابه ، وشأنه به ، واليك الحديث من صحيفة (42) من طبعة دار الكتب العلمية - بيروت ورقمه (208) قال : حدثنا يونس بن بكير عن ابن اسحاق قال فحدثني عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش عن عبد الله بن أبي سلمة قال : بعث عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن العباس يسأله هل رأى محمد ربه ؟ فبعث إليه : أن نعم قد رآه . فرد رسوله إليه وكيف رآه ؟ فقال : رآه على كرسي من ذهب يحمله أربعة : ملك في صورة رجل ، وملك في صورة أسد ، وملك في صورة ثور ، وملك في صورة نسر ، في روضة خضراء دونه فراش من ذهب . علل هذا الاسناد : (1) يونس بن بكير قال عنه أبو داود : ليس هو عندي بحجة كان يأخذ كلام ابن اسحق فيوصله بالاحاديث . كذا في " تهذيب التهذيب " (11 / 383) وفي " الميزان " (4 / 477) . قلت : وهذا الحديث قال فيه كما في كتاب " السنة " المنسوب لابن أحمد (عن ابن اسحق قال فحدثني) مع أن الرواية المضبوطة عند الحافظ البيهقي في " الاسماء والصفات " ص (443) : (عن ابن اسحق عن عبد الرحمن بن الحارث) فابن اسحق معنعن فيها ، وما في " السنة " تحريف للتضليل ، فتنبه . وقال النسائي عن يونس هذا : " ضعيف " وقال قرة : " ليس بالقوي " . قلت : فجرح من جرحه مفسر وهو مقدم على توثيق من وثقه لاسيما في هذا الحديث ))

قلت إعلاله للخبر بيونس بن بكير لا شيء

فقد توبع من قبل سلمة بن الفضل عند ابن خزيمة في التوحيد (1/483-484، رقم275)

وتوبع أيضاً من قبل بكر بن سليمان عند الآجري في الشريعة (3/1543 برقم 1034، و1035)

وسند الآجري صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث وسنده دائرٌ بين الضعف المحتمل والحسن

ففيه محمد بن عباد بن آدم روى عنه جماعة من الثقات منهم النسائي وهذا يقوي شأنه

واحتج به ابن خزيمة في صحيحه (حديث رقم 848)

وذكره ابن حبان في الثقات (9/114) وقال (( يغرب ))

فمثله صدوق حسن الحديث

وشيخه هو بكر بن سليمان روى عنه ثلاثة من العدول

وقال عنه أبو حاتم كما في الجرح والتعديل (2/387) (( مجهول ))

وذكره ابن حبان في الثقات (5/95) وقال عنه الذهبي في الميزان (1/345) (( لا بأس به إن شاء الله ))

وما استظهره الذهبي سديد إذ أنه لا مناكير له وروى عنه جماعة وذكره ابن حبان في الثقات

وبهذا نكون قد انتهينا من السند إلى ابن إسحاق وهو دائرٌ بين الحسن والضعف المحتمل

ومثله السند بعد ابن إسحاق

ففيه عبدالرحمن بن الحارث بن عياش قال فيه الحافظ في التقريب (( صدوق له أوهام ))

قلت فمثله يحسن حديثه

وبقي الكلام على علة ذكرها البيهقي في الأسماء والصفات ولا وجه لها حيث قال في (2/361-362، رقم934) "هذا حديث تفرد به محمد بن إسحاق بن يسار، وقد مضى الكلام في ضعف ما يرويه إذا لم يبين سماعه فيه، وفي هذه الرواية انقطاع بين ابن عباس وبين الراوي عنه، وليس بشيء من هذه الألفاظ في الروايات الصحيحة عن ابن عباس"

قلت ولا وجه لما ذكره من الإنقطاع عبدالله بن أبي سلمة _ الراوي عن ابن عباس وابن عمر _ من أواسط التابعين وسماعه من ابن عمر ثابت (انظر التقريب (ص512)

وعليه فلا وجه لما ذكره البيهقي من الإعلال ويكون السند دائراً بين الحسن والضعف المحتمل ولا وجه للحكم على الخبر بالوضع

النص الرابع والعشرون

وقال ابن الجوزي في ص141(( ومنها قوله تعالى : (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) البقرة 210 ، أي بظلل ))

قلت هذا التأويل بدعة لم يقل به أحدٌ من السلف

قال ابن جرير الطبري في تفسيره (( : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة}

يعني بذلك جل ثناؤه: هل ينظر المكذبون بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به، إلا أن يأتيهم الله في ظلل من

الغمام والملائكة ))

قلت انظر كيف أثبت المجيء ومع هذا ينسبونه وبقية السلف إلى التفويض _ فض الله أفواههم _

ثم قال 3206 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} قال: هو غير السحاب لم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم حين تاهوا، وهو الذي يأتي الله فيه يوم القيامة

وقال 3207 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتاده: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} قال: يأتيهم الله وتأتيهم الملائكة عند الموت

ثم قال (( ثم اختلف في صفة إتيان الرب تبارك وتعالى الذي ذكره في قوله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله} فقال بعضهم: لا صفة لذلك غير الذي وصف به نفسه عز وجل من المجيء والإتيان والنزول، وغير جائز تكلف القول في ذلك لأحد إلا بخبر من الله جل جلاله، أو من رسول مرسل. فأما القول في صفات الله وأسمائه، فغير جائز لأحد من جهة الاستخراج إلا بما ذكرنا.

وقال آخرون: إتيانه عز وجل نظير ما يعرف من مجيء الجائي من موضع إلى موضع وانتقاله من مكان إلى مكان.
وقال آخرون: معنى قوله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله} يعني به: هل ينظرون إلا أن يأتيهم أمر الله، كما يقال: قد خشينا أن يأتينا بنو أمية، يراد به حكمهم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: هل ينظرون إلا أن يأتيهم ثوابه وحسابه وعذابه، كما قال عز وجل: {بل مكر الليل والنهار} [سبأ: 33] وكما يقال: قطع الوالي اللص أو ضربه، وإنما قطعه أعوانه.

وقد بينا معنى الغمام فيما مضى من كتابنا هذا قبل فأغني ذلك عن تكريره، لأن معناه ههنا هو معناه هنالك.
فمعنى الكلام إذا: هل ينظر التاركون الدخول في السلم كافة والمتبعون خطوات الشيطان إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام، فيقضي في أمرهم ما هو قاض ))

قلت انظر كيف رجح الإثبات في النهاية وحتى المؤولون في عصر ابن جرير لم يذهبوا إلى ما ذهب إليه ابن الجوزي

وقال ابن أبي حاتم في تفسيره ( أثر رقم 1999) - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَوْنٍ الْبَصْرِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ،"فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ , وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

قلت هذا يعضد المنقول سابقاً عن قتادة

وقد قال ابن أبي حاتم (أثررقم 2005 ) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، أنبأ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ،"فِي قَوْلِهِ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ﴾ , قَالَ: يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ، وَتَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ".

وقال بعد ذلك ( أثر رقم 2001) - حَدَّثَنَـا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"قَوْلُهُ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ , قَالَ: كَانَ مُجَاهِدٌ، يَقُولُ: هُوَ غَيْرُ السَّحَابِ، وَلَمْ يَكُنْ إِلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي تِيهِهِمْ حِينَ تَاهُوا، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي اللَّهُ فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

ثم قال قال بعدها 2002- حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا الْوَلِيدُ، قَالَ: سَأَلْتُ زُهَيْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ،"عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ , قَالَ: ظُلَلٌ مِنَ الْغَمَامِ، مَنْظُومٌ بِالْيَاقُوتِ، مُكَلَّلٌ بِالْجَوَاهِرِ وَالزَّبَرْجَدِ".

قلت وهذا إسنادٌ صحيح

فهذا مذهب السلف في هذه الآية ولا شك أنهم أعلم من ابن الجوزي بكتاب الله عز وجل

النص الخامس والعشرون

قال ابن الجوزي في ص 170 (( الحديث الحادي عثسر روى البخاري ومسلم في الصحيحين (99) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول : هل من مزيد . . ؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض فتمتلئ " . قلت : الواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله تعالى لا تتبعض ولا يحويها مكان ولا توصف بالتغير ولا بالانتقال (100) . وقد حكى أبو عبيد الهروي عن الحسن البصري أنه قال : القدم : هم الذين قدمهم الله تعالى من شرار خلقه وأثبتهم لها))

قلت هذا التأويل المنقول عن الحسن البصري لا يثبت عنه وإلا فأين إسناده ؟

وهو تأويل ساقط إذ أنه لو كان المقصود بالقدم المجموعة من الناس فلمن يضيفهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى رب العالمين فيقول (( قدمه ))

ثم كيف يتأخر دخول شرار الخلق للنار عن دخول من هم أقل منهم شراً ؟

وعلق السقاف على قول ابن الجوزي بقوله (( رواه البخاري في مواضع منها (الفتح 8 / 594) ومسلم (4 / 2188) وغيرهما . وقد أورد هذا الحديث سيدنا الامام ابو الفضل الغماري في كتابه : " الفوائد المقصودة في بيان الاحاديث الشاذة المردودة " وهو مصيب فيه جدا لان الله عز وجل متنزه عن القدم وسيأتي بيان ذلك ان شاء الله تعالى ، وقد نص الامام الغماري هنالك على أن " الحديث صحيح " لكن لفظ وضع القدم لا يجوز ان ينسب صفة لله تعالى . (100) قلت : وهذه اللفظة " حتى يضع قدمه " الزائدة عما في القرآن الكريم فيها إثبات التبعيض ، أي أن الله يضع بعض جسمه الذي تتخيله المجسمة وهو قدمه في النار حتى تسكت ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (ليس كمثله شئ) وفيها إثبات أن بعض أجزائه سبحانه تحل في خلقه إذ أن النار بعض خلقه . وفيه أن الله أو بعضه ينتقل من مكان إلى مكان وهذا محال جدا ، لان المكان مخلوق لله تعالى ، فهذه الاشياء مما يحكم بها على شذوذ ونكارة لفظة " حتى يضع فيها قدمه " الواردة في هذا الحديث الصحيح الاسناد ))

قلت الحديث مروي من طريق أنس وقد خرجه السقاف

وهو أيضاً مروي من طريق أبي هريرة رواه البخاري (7449) ومسلم (2846)

فهو من الأحاديث المجمع على صحتها

وكونه فيه زيادة على القرآن فهو لا يعله بشيء

فقد قال جمهور الفقهاء بوجوب تغريب الزاني مع عدم وجوده في القرآن وغنما ورد في أحاديث

والحنفية الذين خالفوا الجمهور في هذه المسألة قد قالوا بتحريم لحم كل ذي ناب من السباع مع عدم ورود تحريمه في القرآن مع المحرمات

وأما كون الحديث يقتضي التشبيه على مذهب السقاف وشيخه

فهذا متوفرٌ في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث التي يوافقوننا على صحتها

وليس في الحديث أن القدم تدخل في النار وإنما فيه أن الله يضع قدنه عليها وفرق بين اللفظتين

النص السادس والعشرون

قال ابن الجوزي في ص 200 (( الحديث الحادي والعشرون روى البخاري (11 / 102 فتح) ومسلم (4 / 2102 / 4) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لله أشد فرحا بتوبة عبده إذا تاب ، من أحدكم براحلته إذا وجدها " . قلت : من كان مسرورا بشئ راضيا به قيل له فرح ، والمراد الرضا بتوبة التائب ، ولا يجوز أن يعتقد في الله تعالى التأثر الذي يوجد في المخلوقين ، فإن صفات الحق قديمة فلا تحدث له صفة ))

قلت هذا محض تخليط

فلو كان المقصود بالفرح الرضا لعبر النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الرضا ولما استخدم لفظاً موهماً للكفر _ على زعمهم _

ثم إن ضرب المثال بالرجل الذي فلتت راحلته ثم وجدها فهذا شعوره الفرح

وما أورده ابن الجوزي على صفة الفرح يرد على الرضا

فهي صفة حادثة _ وليست مخلوقة _ وقعت بعد إن لم تكن على إثر فعلٍ حادثٍ من العبد وهو التوبة فقول ابن الجوزي (( فإن صفات الحق قديمة فلا تحدث له صفة )) ينقضه بنفسه ونحن وإن كنا نسلم بهذا لا نسلم يتنزيله على هذا

فصفاته سبحانه قديمة ولكنه سبحانه له أفعال تقع بعد إن لم تكن مثل الرضا عن التائب والفرح بتوبته

ثم انظر إلى تخليطه بقوله (( من كان مسروراً بشئ راضيا به قيل له فرح ))

ما الفرق بين السرور والفرح ؟!!

والتعبير عن الرضا بالفرح لا يعرف بلغة العرب ومن زعم ذلك فليأتِ ببينة

فالرضا عكسه السخط

والفرح ضده الحزن

فإن قيل يلزمك من هذا إثبات الحزن

قلنا لا نثبت إلا بنص ووصف الله عز وجل بالصفة لا يلزم منه وصفه بضدها فهو سبحانه موصوف بالقدرة والقوة والعدل والعلم

وينفى عنه اضدادها

وله صفات يثبت له أضداداها فهو سبحانه يرضى عن الأتقياء ويسخط على الأشقياء

النص السابع والعشرون
ذكر ابن الجوزي في ص 161 الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (2 / 1136 برقم 17) من حديث المغيرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا شخص أغير من الله ، ولا شخص أحب إليه العذر من الله ، ولا شخص أحب إليه المدحة من الله "

فعلق السقاف قائلاً (( وذكره البخاري في صحيحه معلقا (الفتح 13 / 399) وعقد عليه بابا في التوحيد هناك . وقد ورد هذا الحديث أيضا بلفظ : " لا أحد . . . " بدل لا شخص انظر البخاري (الفتح 8 / 296) حيث ورد هناك حديث بلفظ : " لا أحد أغير من الله ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا شئ أحب إليه المدح من الله . . . " وارجع إلى شرح الحديث في الفتح ، وفي كتاب المحدث أبي الفضل الغماري : " فتح المعين " ص (24 - 25) . (91) ذكره الترمذي في سننه (5 / 161) وانظر " سير أعلام النبلاء " (10 / 578) ))

قلت وهذا طعنٌ منه برواية (( لا شخص أغير من الله ))

ورواية لا أحد أغير من الله إنما وقعت في شرح ابن بطال على البخاري ولم تقع مسندة في الصحيح من حديث المغيرة فلا ترجح على رواية مسلم المسندة

وقد وجدت رواية (( لا أحد أغير من الله )) مسندة من حديث عائشة لا المغيرة بسياقٍ مختلف

فقد روى البخاري في صحيحه 997 ومسلم 901 عن عائشة أنها قالت:
خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام، وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع، وهو دون الركوع الأول، ثم سجد فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى، ثم انصرف، وقد انجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا وصلوا وتصدقوا). ثم قال: (يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا).

ووجدته أيضاً مسنداً من حديث عبدالله بن مسعود عند البخاري (4358 )ومسلم (2760) ولفظ البخاري (( ما من أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش، وما أحد أحب إليه المدح من الله ))

وحديث عائشة وحديث ابن مسعود مختلفان عن حديث المغيرة لذا لا يصلحان لإعلاله


النص الثامن  والعشرون

قال ابن الجوزي في ص110 (((ولتصنع على عيني) طه : 39 أي بمرأى منا ))

قلت لا ننازع في أن هذا هو معنى الآية غير هذه اللفظة لا تطلق إلا في حق من كانت له عينٌ حقيقةً

وقد تقدم إثبات صفة العين عن أبي عمران الجوني وهو من أفاضل التابعين

وحديث (( إن ربكم ليس أعور )) رواه البخاري (2892) ومسلم

 يدل على أن لله عزوجل عينان

وذلك أن البصير بعين واحدة يسمى أعوراً

فنفي هذا مع ثبوت صفة العين لله عز وجل دل على أنه بصير بعينين

إذ لم يبقى إلا احتمال كونه بصيراً بأعين كثيرة ولم يقل به أحد

النص التاسع والعشرون

روى البخاري (فتح 11 / 3) ومسلم (4 / 2017 برقم 115) في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورته ))

تكلم ابن الجوزي في ص144 على هذا الحديث وذكر أوجهاً في تأويله

فأقواها والذي اختاره السقاف أن الهاء عائدة على آدم

قال السقاف ((لا تقبح الوجه فإن الله خلق آدم على صورة أبيهم سيدنا آدم عليه السلام وهو نبي مرسل ))

قلت هذا القول مردود فلو كانت الهاء عائدة على آدم لكان تقدير الكلام (( إن الله خلق آدم على صورة آدم )) وهذا بديهي لا يحتاج إلى توضيح

وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلق ؟!!

ثم إن حمل الضمير على أنه عائد على آدم يلزم منه أن تكون أعضاء بني آدم على يجوز ضربها فلا اختصاص للوجه بأنه خلق على صورة آدم

ولم يقل أحدٌ بهذا

ولا يلزم من جعل الضمير عائداً إلى الله عز وجل التشبيه

فهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم ((أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر)) متفق عليه

فقال : (( على صورة القمر )) ولم تكن وجوههم أقماراً حقيقية متكونة من الصخور والتراب وغيرها

النص الثلاثون

ومن الأحاديث الصحيحة الثابتة في إثبات صفة الضحك لرب العالمين ما رواه الإمام مالك في الموطأ عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يضحك الله إلى رجلين، يقتل أحدهما الآخر، يدخلان الجنة: يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل، فيستشهد).
ومن طريقه البخاري 2671  ومسلم 1890 في صحيحهما وغيرهما كثير

وقدم تشبث السقاف بما رواه النسائي 3165 عن محمد بن منصور حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
-إن الله عز وجل يعجب من رجلين يقتل أحدهما صاحبه وقال مرة أخرى ليضحك من رجلين يقتل أحدهما ثم يدخلان الجنة)) للطعن في هذه الرواية وليس في رواية النسائي كما ترى نفي للضحك وقد حذف السقاف الجزء المتعلق بالضحك _ وذلك في تعليقه على دفع شبه التشبيه ص178 وهذه من تدليساته الكثيرة فهو ( مدالس موالس )


فهي محض زيادة تردد فيها الراوي والجازم مقدم على المتردد

وشيخ النسائي وإن كان ثقة إلا أنه قد انفرد التردد 

فقد روى هذا الخبر الإمام أحمد 7322  عن سفيان عن أبي الزناد به 



وكذا رواه الحميدي في المسند برقم 1071 عن سفيان به

وقال مسلم في صحيحه حدثنا محمد بن أبي عمر المكي حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة ) فقالوا كيف ؟ يا رسول الله قال ( يقاتل هذا في سبيل الله عز و جل فيستشهد ثم يتوب الله على القاتل فيسلم فيقاتل في سبيل الله عز و جل فيستشهد )


( 1890 ) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو كريب قالوا حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزناد بهذا الإسناد مثله


129 - ( 1890 ) حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبدالرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر أحاديث منها


وبهذا يبطل إرجاف السقاف


واعلم رحمني الله وإياك أن حمل الضحك في هذا الحديث على الرحمة متعذر وذلك لأن الرحمة سبب في دخول الجنة أما الضحك في هذا الحديث فهو حاصل لدخولهما الجنة فهو نتيجة وليس سبباً في ذلك وفرق بين السبب والنتيجة
تنبيه
ومما يبطل هذا التأويل ما قررناه آنفاً من أن الرحمة لازم الضحك ولازم الشيء غيره

النص الحادي والثلاثون

ذكر ابن الجوزي في ص 139 الحديث الذي رواه أحمد مسنده (4/11-12) الترمذي (3109) وحسنه وابن ماجة في سننه، المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية (1/64) من حديث وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين العقيلي قال قلت يا رسول أين كان ربنا قبل أن يخلق ؟ قال (( كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء ))

وأعله السقاف بوكيع بن حدس وهذا إعلال ساقط

فقد ذكره ابن حبان في كتاب مشاهير علماء الأمصار( ص124) وقال انه من الأثبات وقال عنه الجورقاني في كتابه الأباطيل و المناكير والصحاح المشاهير (1/232) صدوق صالح الحديث وصحح له الترمذي وابن خزيمة _ كما في التذييل على كتب الجرح والتعديل ص125 _

والجوزقاني هذا صنفه التهانوي مع المتشددين في كتابه (( قواعد في علم الحديث )) ص191 وأقره المحقق عبدالفتاح أبو غدة

وقد صحح هذا الحديث ابن جرير الطبري في تاريخه (1/19)

وأما مطاعن السقاف في حماد بن سلمة  فقد نقضها الأخ عمرو عبد المنعم في كتابه (( دفاعا عن السلفيه ))
قال عمرو بن عبد المنعم سليم في "لا دفاعا عن الألباني فحسب بل دفاعا عن السلفية" : طعن السقاف وشيخه عبدالله الغماري في حماد بن سلمة للطعن في أحاديث الصفات : وقد سلك السقاف وشيخه عبـدالله بن الصديق الغماري مسلك أهل البدع قبلهم في الطعن في أحاديث الصفات بالطعن في حماد بن سلمة – رحمه الله – الثقة الرضي لأنه روى جملة كبيرة من أحاديث الصفات ، حتى قالوا : أن شيطاناً ألقاها إليه ليضل بها أهل الحق ، ونسبوا هذا القول إلى إبراهيم بن عبد الرحمن ابن مهدي .
وأصل هذه القصة : وما أخرجه ابن عدي في (( الكامل ))(2/676) : عن الدولابي قال : حدثنا أبو عبدالله محمد بن شجاع بن الثلجي ، أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي ، قال : كان حماد بن سلمة لا يُعرف بهذه الأحاديث حتى خرج خرجة إلى عبادان ، فجاء وهو يرويها ، فلا أحسب إلا شيطاناً خرج إليه في البحر فألقاها إليه . وهذه قصة موضوعة ملفقة ، وضعها أبن الثلجي الكذاب ، فهو جهمي ضال خرب القلب ، كان يضع الحديث .
قال ابن عدي : (( كذاب ، وكان يضع الحديث ويدسه في كتب أصحاب الحديث بأحاديث كفريات )) .
وكان يفعل ذلك ليثلبهم ، ويلحق بهم في النقص .
والعدل والقسط في الحكم على أحاديثه التي رواها في الصفات ما ذكره شيخنا الجديع – حفظه الله - ، قال (23) :
(( ما صح سنده إليه وجب قبوله والإيمان به إن أسنده بالسند الصحيح ، وأهل البدع يجهلون طرق الحديث والمعرفة برواته ، ويتبعون الشبهات ، ولو أنهم علموا وتثبتوا وأخلصوا في النية لبان لهم أن ما ورد به الخبر الصحيح موافق لما ورد به القرآن ، ويحتذي فيه حذوه ، ولكن القوم عموا وصمّوا ، وتمكنت منهم الأهواء )) .
قلت : وقد صرح عبدالله الغماري بالطعن في في حماد بن سلمة في كتابه (( فتح المعين ))(ص:20) حيث قال :
(حماد بن سلمة وإن كان ثقة ، فله أوهام ، كما قال الذهبي ، ولم يخرج له البخاري ، ومن أوهامه ما رواه عن عكرمة ، عن ابن عباس : (( رأيت ربي جعداً أمرداً عليه حلة خضراء )) وروى عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر في لؤلؤ ، قدميه أو رجليه في خضرة ، قال الذهبي في الميزان ، فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة وهذه الرؤية منام إن صحت ) .
وقد علق السقاف على كلام شيخه هذا في الحاشية بقوله :
( وأقول : حماد بن سلمة إمام ثقة ، لكن لا ينبغي أن تقبل أخباره في الصفات البتة ، لأن ربيبيه كانا يدسان في كتبه ما شاءا ، وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (7/452) : إلا أنه طعن في السن ساء حفظه … فالاحتياط أن لا يحتج به فيما يخالف الثقات أ . هـ كلام الذهبي.
قلت : فما بالك برواياته التي يخالف بها نصوص التنزيه في الكتاب والسنة !! فتدبر ) .
قلت : أما كون البخاري لم يخرج لحماد بن سلمة فقد أخذ عليه ذلك ، فقد أخرج عن قوم دونه في الضبط والإتقان .
قال الحافظ الذهبي في (( الميزان ))(1/594) :
(( نكت ابن حبان على البخاري ، ولم يسمه حيث يحتج عبد الرحمن بن عبدالله بن دينار ، وبابن أخي الزهرى ، وبابن عياش ، ويدع حماداً)) .
قلت : والأصح أن يُقال : إن البخاري لم يمتنع عن إخراج حديثه مطلقاً ، بل له حديث عند البخاري في (( الصحيح )) .
قال الحافظ الذهبي في ترجمة حماد بن سلمة من (( السير ))(7/446) : (( تحايد البخاري إخراج حديثه ، إلا حديثاً خرجه في الرقاق ، فقال : قال أبو الوليد : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس عن أبُي )) .
وعدم إخراج البخاري له كما زعم شيخ السقاف فليس بقادح فيه ، فالبخاري لم يشترط أن يخرج حديث الثقات جميعاً كما يعلم المبتدئ من طلاب العلم ، فإقحام مثل هذا القول عند الكلام على حماد بن سلمة دون ذكر الجواب عنه إنقاص من قيمته ، وإنزال من رتبته ، وهو من هو من الحفظ والضبط والإتقان ، وأقوال أهل العلم شاهدة على ذلك .
وأما قول السقاف : (حماد بن سلمة إمام ثقة ، لكن لا ينبغي أن تقبل أخباره في الصفات ألبتة ، لأن ربيبيه كانا يدسان في كتبه ماشاءا ) .
فمتناقض … فكيف تقبل أحاديثه في غير الصفات ، وترد أحاديثه في الصفات مستدلاً على نحو ذلك بخبر موضوع وحكاية ملفقة .
إنما مستندك في ذلك :
ما رواه ابن عدي في (( الكامل ))(2/676) بالسند السابق ذكره إلى ابن الثلجي ، قال : سمعت عباد بن صهيب ، يقول : إن حماد بن سلمة كان لا يحفظ ، فكانوا يقولون ، إنها دست في كتبه ، وقد قيل : إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه ، فكان يدس في كتبه هذه الأحاديث .
وابن الثلجي كذاب كما مر ذكره .
وأما الأحاديث التي أوردها الغماري من رواية حماد بن سلمة في الرؤية ، ليطعن بها فيه ، فليس فيها ما يدل على أن الحمل عليه فيها ، فهو لم يتفرد برواية هذه الأحاديث من جهة :
قال الحافظ أبو أحمد بن عدي في (( الكامل ))(2/678) عقب روايته أحاديث الرؤية من طريق حماد :
(( هذه الأحاديث التي رويت عن حماد بن سلمة في الرؤية ، وفي رؤية أهل الجنة خالقهم ، قد رواها غير حماد بن سلمة ، وليس حماد بمخصوص به فينكر عليه )) .
ومن جهة أخرى فهي غير محفوظة عنه باللفظ المذكور .
وأما قول الذهبي : (( فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة )) .
فالجواب عنه من وجوه :
الأول : أن الحديث بهذا التمام الذي ذكره الذهبي منكر ، غير محفوظ عن حماد بن سلمة ، فالآفة فيه من غيره .
تفصيل ذلك :
أن الحديث صحيح من حديث حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ : (( بلفظ ربي عز وجل )) .
فقد أخرجه بهذا اللفظ :
الإمام أحمد ( 1/285) : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، بإسناده ومتنه .
وأخرجه من طريقه : أبو القاسم الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة ))(1/509) . وقد اختلف في متنه على أسود بن عامر .
فرواه ابن عدي في (( الكامل ))(2/677) من طريق : النضر بن سلمة شاذان ، حدثنا الأسود بن عامر ، بسنده ، بلفظ : (( أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد من دونه ستر من لؤلؤ ، قدميه ، أو قال : رجليه في خضرة )) .
وهذا سند واه بمرة ، آفته النضر بن سلمة – شاذان – قال أبو حاتم : (( كان يفتعل الحديث )) .
وقال عبدان : سألنا عباس العنبري عن النضر بن سلمة ، فأشار إلى فمه ، قال ابن عدي : (( أراد أنه يكذب )) .
ولكن رواه ابن عدي في (( الكامل ))(2/677) ، والدار قطنى في (( الرؤية ))(300) كلاهما عن الحسن بن علي بن عاصم ، حدثنا إبراهيم بن أبي سويد الذراع ، حدثنا حماد بن سلمة بإسناده .
ولفظه عند ابن عدي : (( رأيت ربي جعداً أمرد عليه حلة خضراء )) .
ولفظه عند الدار قطنى : (( رأيت ربي في أحسن صورة )) .
قلت : وهذا إسناد تالف ، آفته الحسن بن علي بن زكريا بن صالح بن عاصم ، وله ترجمة في (( تاريخ بغداد ))(7/382) .
قال ابن عدي : (( أبو سعيد الحسن بن علي العدوي يضع الحديث ، ويسرق الحديث ، ويلزقه على قوم آخرين ، ويحدث عن قوم آخرين ، ويحدث عن قوم لا يعرفون ، وهو متهم فيهم ، وإن الله لم يخلقهم ، وعامة ما حدث به – إلا القليل – موضوعات ، وكنا نتهمه بل نتيقنه أنه هو الذي وضعها )) ، وقال الدار قطنى : (( متروك )) ، وقال ابن حبان : (( لعله قد حدث عن الثقات بالأشياء الموضوعات ما يزيد على ألف حديث )) .
ورواه ابن عدي من طريق : محمد بن رزق الله موسى ، حدثنا السود ابن عامر ….. بسنده وبلفظ :
(( رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد عليه حلة خضراء )) .
قلت : ومحمد بن رزق الله بن موسى هذا قد أطلت البحث عنه فلم أعرفه ، ولا أظنه الذي ترجمه الخطيب في (( تاريخ بغداد ))(5/27) باسم محمد بن رزق الله الكلوذاني .
ورواه ابن عدي من طريق محمد بن رافع ، حدثنا الأسود بن عامر بسنده وبلفظه حديث الحسن بن علي بن عاصم .
ومن طريقه البيهقي في (( الأسماء والصفات ))(ص:444) .
ومن طريق الذهبي في (( السير ))(10/113) ، وقال :
(( وهو خبر منكر )) .
قلت : لاشك في ذلك ، والحمل فيه على محمد بن رافع ، فهذه الزيادة في هذا الحديث قد تفرد بها عن الأسود ، وخالفه الإمام أحمد فرواه عن الأسود من غير زيادة ، ومحمد بن رافع وإن كان ثقة إلا أنه دون الإمام أحمد في الحفظ والضبط والإتقان ، فهذه الزيادة منكرة كما ترى.
فإن قيل : ولكن رواه غيره عن الأسود بهذه الزيادة ؟
فالجواب : إن الطرق ضعيفة إلى الأسود كما سبق أن ذكرنا بل بعضها تالفة واهية .
وقد رواه غير الأسود عن حماد ، فلم يذكر هذه الزيادة ، مما يدل على أن حماداً لم يحدث بهذا الحديث على هذا الوجه المنكر .
فالحديث قد أخرجه الآجرى في (( الشريعة ))(ص :494) حدثنا أبو بكر بن أبي داود ، قال : حدثنا الحسين بن كثير العنبري ، قال : حدثنا أبي ، قال :حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، مرفوعاً :
(( رأيت ربي عز وجل )) .
وسنده صحيح .
رواه الإمام أحمد (1/290) ، وابن أبي عاصم في (( السنة )) (433) وابن عدي (2/677) من طريق : عفان ، حدثنا عبد الصمد بن كيسان ، حدثنا حماد بن سلمة بالسند والمتن السابق.
ولكن رواه الخطيب في (( تاريخه ))(11/214) من طريق : عمر ابن موسى ابن فيروز ، حدثنا عفان ، فذكره بإسناده ولكن زاد :
(( صورة شاب أمرد عليه حلة حمراء )) .
قلت : وهذه زيادة منكرة ، تفرد بها عمر بن موسى بن فيروز التوزى ، وهو مستور ، ذكره الخطيب في ((تاريخه ))(11/214) ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وقد خالف كلاً من الإمام أحمد بن حنبل ، وحنبل بن إسحاق ، وفضل ابن سهل ، فرووه من غير هذه الزيادة .
ولكن في هذا الإسناد عبد الصمد بن كيسان ، قال الحافظ في ((تعجيل المنفعة))(ص:26): (( عبد الصمد بن كيسان : عن حماد بن سلمة ، وعنه عفان ، فيه نظر ، قلت : أظنه الأول ، تصحف اسمه )) .
يقصد بذلك عبد الصمد بن حسان ، وهو صدوق حسن الحديث كما يظهر من ترجمته في (( التعجيل )) ، فقد وثقه ابن سعد ، وقال أبو حاتم : ((صالح الحديث ، صدوق)) ، وقال الذهبي : (( صدوق إن شاء الله )) .
فهذا يدلك على أن ما ورد في المتن من نكارة إنما هو من قلة ضبط من روى الحديث عن الأسود بن عامر ، وليس هو بمحفوظ بهذا المتن المنكر عن حماد بن سلمة ، وإنما المحفوظ عنه من حديثه لفظ :
(( رأيت ربي عز وجل )) .
وهذا الحديث قد صححه جماعة من الحفاظ منهم الإمام أحمد بن حنبل ، وأبو زرعة الرازي ، وغيرهما .
ففي (( رسالة عبدوس بن مالك العطار عن الإمام أحمد )) رحمه الله (ص:58) ، قال :
(( أصول السنة عندنا :…… والإيمان بالرؤية يوم القيامة كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحاح ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه ، فإنه مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صحيح ، رواه قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، ورواه الحكم ابن أبان ، عن عكرمة عن ابن عباس ، ورواه علي بن الزيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس )) .
وقال عبدالله بن الإمام أحمد في (( السنة ))(584) :
(( رأيت أبي رحمه الله يصحح هذه الأحاديث أحاديث الرؤية ويذهب إليها وجمعها في كتاب وحدثنا بها )) .
وروى الضياء في (( المختارة )) عن أبي زرعة الرازي ، قال (24) :
(( وحديث قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس صحيح ، ولا ينكره إلا معتزلي )) . يعتني باللفظ المختصر .
ولا يتوهم – كما يحاول أن يبث السقاف في روع القراء – أن أهل السنة والجماعة يثبتون الحديث بهذه الزيادة المنكرة الواردة فيه ، والتي سبق أن بينا أن الحمل فيها على من هو دون حماد بن سلمة وليست الآفة منه .
والوجه الثاني : أن قول الذهبي هذا مجمل ، وليس بحجة على أن الحمل في هذا الخبر عند الذهبي على حماد بن سلمة لأنه لما روي هذا الحديث في ((السير))(10/113)، قال : (( خبر منكر نسأل الله السلامة في الدين فلا هو على شرط البخاري ، ولا مسلم ، ورواته وإن كانوا غير مهتمين ، فما هم بمعصومين من الخطأ والنسيان )) .
والوجه الثالث : أننا لو سلمنا بصحة أسانيد هذا الخبر – بهذه الزيادة – إلى حماد بن سلمة ، فكيف تغاضى السقاف عن عنعنة قتادة بن دعامة السدوسي وهو عنده وعند شيوخه مدلس ، ولو تغاضى عن هذه العلة فاين من أعل هذه الرواية بعكرمة ؟!
قال البيهقي في (( الأسماء والصفات )) : (( وقد حمل غيره من أهل النظر في هذه الرواية على عكرمة مولى ابن عباس )) .
قلت : ونحن لا نحاول دفع التهمة عن حماد ، لنصيب بها غيره ، وإنما غايتنا أن السقاف إنما تغاضى عن بيان هذه العلل كلها حتى يسلم له اتهام حماد بن سلمة ، كما هو الحال عند أسلافه من المعتزلة .
والسقاف متناقض ..
فتارة يوثق حماد بن سلمة في غير أحاديث الصفات ، فيقول – كما مر ذكره - : ( حماد بن سلمة إمام ثقة ، لكن لا ينبغي أن تقبل أخباره في الصفات ألبتة ) .
ثم يأتي في موضع آخر من قراطيسه – وهو تعليقه على (( دفع شبه التشبيه ))(ص :19) – فتدفعه عقيدته الاعتزالية إلى الطعن فيه بشدة فيقول : ( نحن نغمز حماد بن سلمة أشد الغمز ، خصوصاً في أحاديثه في الصفات ).
وتراه يتعالم بخبث طوية ، فيقول (ص : 178-179) : ( حماد بن سلمة ضعفه مشهور ، وإن كان من رجال مسلم ، وقد تحايده البخاري ، كما في (( الميزان ))(1/594) في ترجمته ) .
فلا أدري كيف يقول في موضع : (( إمام ثقة )) ، ثم يتناقض نفسه في موضع آخر فيقول : (( ضعفه مشهور )) .
والأغرب من ذلك أن يعل حديث أبي رزين العقيلي مرفوعاً : (( كان في عماء ما تحته هواء ، وما فوقه هواء ، ثم خلق عرشه على الماء )) بحماد بن سلمة وفيه من هو أوهي منه .
قال (ص : 189) : (وهذا حديث ضعيف لأجل حماد بن سلمة ، ولا تقبل أخباره في الصفات ألبتة ، وكذلك يضعف هذا الحديث بوكيع بن عدس ، لأنه مجهول لم يرو عنه إلا يعلى بن عطاء) .
قلت : فقدم إعلال الحديث بحماد مع أن فيه من هو أضعف منه – وهو وكيع – ووكيع هذا قد حدث بالحديث قبل حماد ، فالآفة فيه منه ، وليست من حماد ، ولكن دفعه إلى ذلك مادفع المعتزلة من قبله إلى الطعن في حماد .
ولن أكلف نفسي الجهد في جمع أقوال أهل العلم في تعديل وتوثيق حماد ابن سلمة فهي كثيرة جداً ، ومبسوطة في ترجمته في كتب الرجال و((السير)) للذهبي ، حتى عُد حبه من علامة اتباع السنة ، وبغضه والوقيعة فيه من علامة البدعة ))

قلت فإن قيل أن الحافظ في التهذيب نقل أن البيهقي أن حماد بن سلمة ساء حفظه لما كبر

قلنا لأن هذا غير مسقط لحديثه عن درجة الإحتجاج وقد تقدم قول من صحح هذا الحديث من أهل العلم وخصومنا يحتجون بروايته لحديث الأعمى إذا تكلموا في مسألة التوسل

وأقول أيضاً
وقد روي من طرق عن حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن أبي رزين به
قد روى هذا الحديث جمعٌ غفير عن حماد منهم
1- أبو داود الطيالسي كما في مسنده برقم 1176
2_ يزيد بن هارون كما رواه أحمد في المسند برقم15931و يزيد شيخ أحمد تابع أحمد كل من أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح عند ابن ماجة (وهما شيخان لابن ماجة ) برقم 181 وتابعه أيضا أحمد بن منيع ( وهو شيخ الترمذي) عند الترمذي برقم 3181
3-بهز بن أسد العمي وهو ثقة ثبت عند أحمد في المسند برقم 15945
4_ حجاج بن منهال عند ابن أبي عاصم في السنة برقم 497من طريق محمد بن المثنى عن الحجاج به

وأكتفي بهذا القدر ولا يعقل أن يكون هؤلاء وإخوانهم جميعاً قد رووا هذا الخبر عن حماد بعد التغير

وتأول ابن الجوزي هذا الحديث على أن الله عز وجل فوق السحاب بالتدبير والقهر

وهذا ساقط إذ أن السائل لم يسأل عن هذا وقد سأل عن الله عز وجل قبل أن يخلق الخلق والسحاب من الخلق

والذي يظهر أن (ما ) في قوله (( ما فوقه هواء )) ما النافية



النص الثاني والثلاثون

روى أحمد في مسنده (3 / 125) من حديث أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم
 تعالى : (فلما تجلى ربه للجبل) الاعراف : 143 . قال : قال هكذا ، يعني أنه أخرج طرف الخنصر ، فقال حميد الطويل لثابت : ما تريد إلى هذا يا أبا محمد ، قال فضرب صدره ضربة شديدة . فقال : من أنت من أنت يا حميد ، وما أنت يا حميد . فحدثني به أنس بن مالك عن النبي صلى الله وفي لفظ : " فأومأ بخنصره فساخ الجبل وخر موسى صعقا ))
ذكر ابن الجوزي هذا الخبر في ص211
فأعله السقاف باختلاط ثابت بن أسلم
وهذا مردود فثابت من الأئمة الأثبات
وقال أبو بكر البرديجي ثابت عن أنس صحيح عن من حديث شعبة والحمادين وسليمان بن المغيرة فهؤلاء ثقات ما لم يكن الحديث مضطربا
فهذا نص على أن ر واية حماد عنه صحيحه وهذا يرد على السقاف 







وقفة مع احتجاج السقاف بالربيع بن حبيب

واحتج السقاف  بعدة أخبار من مسند الربيع بن حبيب الإباضي

وإليك نص كلامه في ص 125 ((ودللنا عليه وتعضده منها : ما روى الامام الربيع بن حبيب الازدي

البصري في " جامعه الصحيح " وهو كتاب محفوظ منقول بالاعتناء عند أهل مذهبه ككتب الفقه المنقولة عن الائمة المقتدى بهم ففيه (3 / 35) ما نصه : وأخبرنا أبو ربيعة زيد بن عوف العامري البصري قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أبي عثمان النهدي ان أبا موسى الاشعري قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر لما دنونا من المدينة كبر الناس ورفعوا أصواتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم " ثم قال صلى الله عليه وسلم : " يا أبا موسى هل أدلك على كنز من كنوز الجنة " قال قلت وما هو يا رسول الله قال " لا حول ولا قوة إلا بالله " قال جابر ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم عندنا " ان الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم " وذلك ان الله تعالى يقول : (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا) وقال (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) والتشبيه والتحديد لا يكون الا لمخلوق لان المخلوق إذا قرب من موضع تباعد من غيره وإذا كان في مكان عدم من غيره لان التحديد يستوجب الزوال والانتقال والله تعالى عز عن ذلك . قال جابر بن زيد حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يوشك الشرك أن ينتقل من ربع إلى ربع ومن قبيلة إلى قبيلة " قيل يا رسول الله وما ذلك الشرك قال " قوم يأتون بعدكم يحدون الله حدا بالصفة " . قال جابر بن زيد سئل ابن عباس عن قوله تعالى (الرحمن على العرش أستوى) فقال ارتفع ذكره وثناؤه على خلقه لا على ما قال المنددون ان له أشباها وأندادا تعالى الله عن ذلك . قال وحدثنا اسماعيل ابن ابراهيم قال حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمر انه سئل عن الصخرة التي كانت في بيت المقدس فقال له ان ناسا يقولون فذكر قولهم سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا فارتعد ابن عمر فرقا وشفقا حين وصفوه بالحدود والانتقال فقال ابن عمر ان الله أعظم وأجل أن يوصف بصفات المخلوقين هذا كلام اليهود أعداء الله انما يقولون (الرحمن على العرش أستوى) أي استوى أمره وقدرته فوق بريته ))

قلت لم يخجل السقاف هذه الأخبار التي عامتها مناكير في مسند هذا المجهول الذي جعله إماماً بجهله

ويزعم بعض الإباضية أنه له ترجمة في كتب أهل السنة أنه معروف وهذا من التدليس والتلبيس

وبيانه بأن يقال الذين اسمهم الربيع بن حبيب البصري في كتب التراجم اثنان

الأول الربيع بن حبيب الحنفي وهو مترجم في تهذيب الكمال وفروعه للتمييز وهو غير الربيع بن حبيب صاحب المسند لأن الإباضي أزدي وهذا حنفي

الثاني الربيع بن حبيب البصري سمع الحسن وابن سيرين وروى عنه موسى البصري ( انظر التاريخ الكبير للبخاري (3/277)

وقد جعلهما ابن أبي حاتم رجلاً واحداً كما في الجرح والتعديل (3/457)

وتابعه على هذا المزي في تهذيب الكمال

وأما ابن حبان ففرق بينهما كما في الثقات (3/349)

وعلى مذهب التفريق يكون الربيع بن حبيب الثاني مجهولاً إذ لا جرح فيه ولا تعديل

وهو غير الربيع بن حبيب الإباضي قطعاً

لأن الإباضي أكبر شيوخه جابر بن زيد وهذا لا يذكر جابر بن زيد في شيوخه

والإباضي لا يروي عن الحسن وابن سيرين مباشرةً كما يتضح للناظر في مسنده

بخلاف هذا المذكور هنا فهما شيخاه المباشران

زد على ذلك أن التسوية بين الإباضي والربيع بن حبيب الثاني ليست أولى من التسوية بين الربيع بن حبيب الحنفي والربيع بن حبيب الثاني كما فعل ابن أبي حاتم

فجميعهم من البصرة وفي نفس الطبقة تقريباً
الخاتمة
وبهذا أكون قد انتهيت من نقض الكتاب المذكور سائلاً المولى عز وجل أن ينفع المسلمين بما كتبت وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مالٌ ولا ينون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
 


 

0 comments:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية