بسم الله الرحمن الرحيم
حسن المحاججة ببيان بطلان القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجة
زعم السقاف في أول صفحةٍ من كتابه أن الله لا داخل العالم ولا خارجه وهذا القول باطل من وجوه
أولها أنه بدعة لم يقل به أحدٌ من السلف
وثانيها أنها مجرد سلوب ولا تمدح في السلب فلو قلت (( فلان لا يبخل )) لا يعني هذا أنك تمدحه لأنك قد تقصد أنه لا يوجد عنده ما يبخل به وفي هذا يقول الشاعر ساخراً من إحدى القبائل
قبيلة لا يغدرون بذمة *** ولا يظلمون الناس حبة خردل
يقصد أنهم ضعفاء لا يستطيعون ذلك
وأما في حق الله عزوجل فلا ينفى شيء عنه إلا لإثبات كمال ضده كقوله تعالى (( ولا يظلم ربك أحدا )) ففيه إثبات كمال عدله فأي ضد هذا الذي سيثبت كماله من القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه
وثالثها أنه رفع للنقيضين وهذا ممتنع وحاول السقاف في ص68 أن يرد هذا بضربه مثالاً بصفة الذكورة والأنوثة _ أي أن الله لا يوصف بهما ومع ذلك لم يكن هذا ممتنعاً _
والجواب من وجهين
أولهما أن صفتي الذكورة والأنوثة ليستا نقيضين فبينهما صفة وسطية وهي الخنوثة فلا تقاسان على صفتي الدخول والخروج
وثانيهما أن السلف لم يقولوا الله لا ذكر ولا أنثى والعياذ بالله بل أثنوا على الله عزوجل بما أثنى به على نفسه بدون تكلفات
ثم يقال أن الذكورة والأنوثة من صفات المخلوقات التي تتناكح وتتكاثر بالنكاح والله عز وجل نزه نفسه عن أن يتخذ صاحبةً وهو الأول والآخر
والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان معاً وهذا بديهي فقولك مثلاً (( هذا الرجل مسلمٌ وكافر )) أو (( ليس بمسلم ولا كافر )) فهذا ممتنع ومثله قولكم في الله (( لا داخل العلم ولا خارجه ))
وضرب مثالا ثانيا وهو الزواج والعزوبية والجواب أن يقال أن هذا من خصائص المخلوقات المتناكحة لهذا يمكنك أن تقول في الجماد (( غير متزوج ولا أعزب )) غير أن ليس كمالاً
وأن تقول ذلك في الملك ولا يكون كمالاً والسلف لم يثنوا على الله عز وجل بشيء من الله بل لا يوجد لهذا نظير في الكتاب أو السنة
ورابعها أنه تشبيه لله بالعدم وهذا واضح
وقد حاول السقاف نفي هذا الإلزام
فنقل في ص71 عن الغزالي قوله في الإقتصاد ص28((فإن قيل : فنفي الجهة يؤدي إلى المحال وهو إثبات موجود تخلو عنه الجهات الست ويكون لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه وذلك محال ! ! " قلنا : إذا كان هذا الموجود جسما يأخذ حيزا في الفراغ وله حد أي طول وعرض وارتفاع بأي شكل كان ثم وصفناه بعد ذلك بأنه لا متصل ولا منفصل أي لا داخل العالم ولا خارجه ولا هو في جهة كان ذلك مقتضيا الاخبار عن عدمه ؟ وقولنا ساعتئذ لا هو متصل ولا منفصل محال . وهو كقول القائل يستحيل أن يوجد موجود . لا يكون عاجزا ولا قادرا ولا عالما ولا جاهلا ولا أعزب ولا متزوجا ولا ذكرا ولا أنثى أو خنثى ولا في نور ولا في ظلمة ! ! فإن كان ذلك الشئ قابل للمتضادين فيستحيل خلوه من أحدهما ، وأما إذا كان جمادا مثلا وهو الذي لا يقبل واحدا منهما لانه فاقد لبعض شروط هذه الصفات وهي الحياة فلا يستحيل وجوده حينئذ ، فكذلك شرط الاتصال والانفصال والاختصاص بالجهات والتحيز والقيام بالمتحيز من صفات الاجسام والاعراض ، فإذا كانت هذه صفات الجسم الذي نعرفه فالله تعالى ليس كذلك لاننا عاجزون عن إدراكه ولا يمكننا أن نقيس عليه غيره لانه سبحانه ليس من جنس الاجسام ولا له شكل وهيئة ؟ وكل ما خطر في أذهاننا فالله تعالى ليس كذلك لانه أخبر بذلك فقال * (ليس كمثله شئ) * و * (لم يكن له كفوا أحد) ))
قلت خلاصة جواب الغزالي أن هذا الإلزام إنما يصح في حق الأجسام التي تكون في حيز
ويجاب على اعتراضته على صفة العلو بمثل هذا الجواب فيقال إنما تصح إلزامتك في حق المخلوقات التي تحيط بها الأحياز أما الله عز وجل فليس فوقه شيء
ومزية قولنا على قولكم أن قولنا تعضده ظواهر النصوص وإجماع السلف والعقل الصريح والفطرة السليمة
اعترافات أشعرية
نقل السقاف في ص75 عن الغزالي قوله في الإحياء (4 / 434) : " أن الله تعالى مقدس عن المكان ومنزه عن الاقطار والجهات وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا هو متصل به ولا هو منفصل عنه ، قد حير عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا سماعه ومعرفته " .
ثم نقل في ص76 عن للعز بن عبد السلام قوله في القواعد ص (201) (( أن من جملة العقائد التي لا تستطيع العامة فهمها هو أنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا منفصل عن العالم ولا متصل به ))
فنقول للأشاعرة عقيدتكم هذه موجودة في القرآن أم غير موجودة ؟
فإن قالوا غير موجودة قلنا لهم كيف يفرط رب العالمين بعقيدة هامة كهذه ويبين أحكام الحيض والظهار وغيرها هذا ما لا يليق بكتاب رب العالمين؟!!!
فإن قالوا مذكورة قلنا كيف هي مذكورة وقد صرح أئمتكم بأن العوام لا تفهمها وأنها حيرت عقول أقوام بينما يقول رب العالمين عن كتابه (( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ))
فكيف تكون هذه العقيدة المعقدة في هذا الكتاب الميسر ؟!!
قاعدة الرازي الكلية تنقض غزل الأشعرية
للرازي قاعدة معروفة وهي (( إذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل على النقل )) و نحن والعامة بموجب هذه القاعدة ننكر عقيدة أن الله لا داخل العالم و لا خارجة لأن عقولنا لا تفهم هذه العقيدة وبالتالي لا تقبلها إذ كيف يقبل ما لا يفهم وما تحير به العقول كما شهد بذلك الغزالي والعز بن عبد السلام ؟!
وقفة مع نصوص الأشاعرة
نقل السقاف نصوصاً لعلماء الأشعرية ومن وافقهم يزعم أنهم يصرحون فيها بأن الله عزوجل لا داخل العالم ولا خارجة ولا متصل ولا منفصل وقد تقدم نقض هذا القول وإثبات أن السلف أجمعوا على خلافه
ولكن السقاف نقل نصوصاً لا يوجد فيها التصريح بما زعم _ وذلك في ص
75_
أولها وثانيها قول النووي والمتولي (( أو أثبت له الإتصال أو الإنفصال كان كافرا ))
قلت وإنكار القول لا يعني إثبات ضده فلو جاءنا شخص وقال أن الله شاعر أو فنان والعياذ بالله لأنكرنا قوله أشد الإنكار ولكن هذا لا يسيغ لنا أن نقول أن الله ليس بشاعر والعياذ بالله
ونظير هذا تكفيرنا لمن يقول بأن الملائكة إناث ومع ذلك فإننا ننكر القول بذكورية الملائكة أيضا
ووقفة أخيرة مع نص الاسفراييني في " التبصير في الدين ص 97 (( وأن تعلم أن الحركة والسكون . . . . والاتصال " والانفصال . . . . كلها لا تجوز عليه تعالى لان جميعها يوجب الحد والنهاية ))
قلت ولا يلزم من هذا نفي العلو لأن هناك من أثبت العلو مع نفي الإتصال والإنفصال
كصاحب بدء الأمالي القائل
ورب العرش فوق العرش *** لكن بلا وصف التمكن واتصال
زعم السقاف في أول صفحةٍ من كتابه أن الله لا داخل العالم ولا خارجه وهذا القول باطل من وجوه
أولها أنه بدعة لم يقل به أحدٌ من السلف
وثانيها أنها مجرد سلوب ولا تمدح في السلب فلو قلت (( فلان لا يبخل )) لا يعني هذا أنك تمدحه لأنك قد تقصد أنه لا يوجد عنده ما يبخل به وفي هذا يقول الشاعر ساخراً من إحدى القبائل
قبيلة لا يغدرون بذمة *** ولا يظلمون الناس حبة خردل
يقصد أنهم ضعفاء لا يستطيعون ذلك
وأما في حق الله عزوجل فلا ينفى شيء عنه إلا لإثبات كمال ضده كقوله تعالى (( ولا يظلم ربك أحدا )) ففيه إثبات كمال عدله فأي ضد هذا الذي سيثبت كماله من القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه
وثالثها أنه رفع للنقيضين وهذا ممتنع وحاول السقاف في ص68 أن يرد هذا بضربه مثالاً بصفة الذكورة والأنوثة _ أي أن الله لا يوصف بهما ومع ذلك لم يكن هذا ممتنعاً _
والجواب من وجهين
أولهما أن صفتي الذكورة والأنوثة ليستا نقيضين فبينهما صفة وسطية وهي الخنوثة فلا تقاسان على صفتي الدخول والخروج
وثانيهما أن السلف لم يقولوا الله لا ذكر ولا أنثى والعياذ بالله بل أثنوا على الله عزوجل بما أثنى به على نفسه بدون تكلفات
ثم يقال أن الذكورة والأنوثة من صفات المخلوقات التي تتناكح وتتكاثر بالنكاح والله عز وجل نزه نفسه عن أن يتخذ صاحبةً وهو الأول والآخر
والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان معاً وهذا بديهي فقولك مثلاً (( هذا الرجل مسلمٌ وكافر )) أو (( ليس بمسلم ولا كافر )) فهذا ممتنع ومثله قولكم في الله (( لا داخل العلم ولا خارجه ))
وضرب مثالا ثانيا وهو الزواج والعزوبية والجواب أن يقال أن هذا من خصائص المخلوقات المتناكحة لهذا يمكنك أن تقول في الجماد (( غير متزوج ولا أعزب )) غير أن ليس كمالاً
وأن تقول ذلك في الملك ولا يكون كمالاً والسلف لم يثنوا على الله عز وجل بشيء من الله بل لا يوجد لهذا نظير في الكتاب أو السنة
ورابعها أنه تشبيه لله بالعدم وهذا واضح
وقد حاول السقاف نفي هذا الإلزام
فنقل في ص71 عن الغزالي قوله في الإقتصاد ص28((فإن قيل : فنفي الجهة يؤدي إلى المحال وهو إثبات موجود تخلو عنه الجهات الست ويكون لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه وذلك محال ! ! " قلنا : إذا كان هذا الموجود جسما يأخذ حيزا في الفراغ وله حد أي طول وعرض وارتفاع بأي شكل كان ثم وصفناه بعد ذلك بأنه لا متصل ولا منفصل أي لا داخل العالم ولا خارجه ولا هو في جهة كان ذلك مقتضيا الاخبار عن عدمه ؟ وقولنا ساعتئذ لا هو متصل ولا منفصل محال . وهو كقول القائل يستحيل أن يوجد موجود . لا يكون عاجزا ولا قادرا ولا عالما ولا جاهلا ولا أعزب ولا متزوجا ولا ذكرا ولا أنثى أو خنثى ولا في نور ولا في ظلمة ! ! فإن كان ذلك الشئ قابل للمتضادين فيستحيل خلوه من أحدهما ، وأما إذا كان جمادا مثلا وهو الذي لا يقبل واحدا منهما لانه فاقد لبعض شروط هذه الصفات وهي الحياة فلا يستحيل وجوده حينئذ ، فكذلك شرط الاتصال والانفصال والاختصاص بالجهات والتحيز والقيام بالمتحيز من صفات الاجسام والاعراض ، فإذا كانت هذه صفات الجسم الذي نعرفه فالله تعالى ليس كذلك لاننا عاجزون عن إدراكه ولا يمكننا أن نقيس عليه غيره لانه سبحانه ليس من جنس الاجسام ولا له شكل وهيئة ؟ وكل ما خطر في أذهاننا فالله تعالى ليس كذلك لانه أخبر بذلك فقال * (ليس كمثله شئ) * و * (لم يكن له كفوا أحد) ))
قلت خلاصة جواب الغزالي أن هذا الإلزام إنما يصح في حق الأجسام التي تكون في حيز
ويجاب على اعتراضته على صفة العلو بمثل هذا الجواب فيقال إنما تصح إلزامتك في حق المخلوقات التي تحيط بها الأحياز أما الله عز وجل فليس فوقه شيء
ومزية قولنا على قولكم أن قولنا تعضده ظواهر النصوص وإجماع السلف والعقل الصريح والفطرة السليمة
اعترافات أشعرية
نقل السقاف في ص75 عن الغزالي قوله في الإحياء (4 / 434) : " أن الله تعالى مقدس عن المكان ومنزه عن الاقطار والجهات وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا هو متصل به ولا هو منفصل عنه ، قد حير عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا سماعه ومعرفته " .
ثم نقل في ص76 عن للعز بن عبد السلام قوله في القواعد ص (201) (( أن من جملة العقائد التي لا تستطيع العامة فهمها هو أنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا منفصل عن العالم ولا متصل به ))
فنقول للأشاعرة عقيدتكم هذه موجودة في القرآن أم غير موجودة ؟
فإن قالوا غير موجودة قلنا لهم كيف يفرط رب العالمين بعقيدة هامة كهذه ويبين أحكام الحيض والظهار وغيرها هذا ما لا يليق بكتاب رب العالمين؟!!!
فإن قالوا مذكورة قلنا كيف هي مذكورة وقد صرح أئمتكم بأن العوام لا تفهمها وأنها حيرت عقول أقوام بينما يقول رب العالمين عن كتابه (( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ))
فكيف تكون هذه العقيدة المعقدة في هذا الكتاب الميسر ؟!!
قاعدة الرازي الكلية تنقض غزل الأشعرية
للرازي قاعدة معروفة وهي (( إذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل على النقل )) و نحن والعامة بموجب هذه القاعدة ننكر عقيدة أن الله لا داخل العالم و لا خارجة لأن عقولنا لا تفهم هذه العقيدة وبالتالي لا تقبلها إذ كيف يقبل ما لا يفهم وما تحير به العقول كما شهد بذلك الغزالي والعز بن عبد السلام ؟!
وقفة مع نصوص الأشاعرة
نقل السقاف نصوصاً لعلماء الأشعرية ومن وافقهم يزعم أنهم يصرحون فيها بأن الله عزوجل لا داخل العالم ولا خارجة ولا متصل ولا منفصل وقد تقدم نقض هذا القول وإثبات أن السلف أجمعوا على خلافه
ولكن السقاف نقل نصوصاً لا يوجد فيها التصريح بما زعم _ وذلك في ص
75_
أولها وثانيها قول النووي والمتولي (( أو أثبت له الإتصال أو الإنفصال كان كافرا ))
قلت وإنكار القول لا يعني إثبات ضده فلو جاءنا شخص وقال أن الله شاعر أو فنان والعياذ بالله لأنكرنا قوله أشد الإنكار ولكن هذا لا يسيغ لنا أن نقول أن الله ليس بشاعر والعياذ بالله
ونظير هذا تكفيرنا لمن يقول بأن الملائكة إناث ومع ذلك فإننا ننكر القول بذكورية الملائكة أيضا
ووقفة أخيرة مع نص الاسفراييني في " التبصير في الدين ص 97 (( وأن تعلم أن الحركة والسكون . . . . والاتصال " والانفصال . . . . كلها لا تجوز عليه تعالى لان جميعها يوجب الحد والنهاية ))
قلت ولا يلزم من هذا نفي العلو لأن هناك من أثبت العلو مع نفي الإتصال والإنفصال
كصاحب بدء الأمالي القائل
ورب العرش فوق العرش *** لكن بلا وصف التمكن واتصال
0 comments:
إرسال تعليق