بسم الله
هذا مقال جامع
للروابط الاربعة التالية
عقيدة السلف الصالح
أهل السنة والجماعة
في صفة الاسْتِوَاء وعُلُوِّ الله على خَلْقِه
(جزء 1 من 3)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
هذا المقال يبين بإختصار عقيدة السلف الصالح وأهل الأثر- أصحاب الحديث -، وهم أهل السنة والجماعة، في صفة الإستواء وعلو الله على خلقه.
عقيدة السلف، أهل السنة:
1. أن الله عز وجل فوق العرش، فوق السماوات، فوق جميع خلقه.
الآدلة من القرآن الكريم:
* قال الله تعالى:
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]
والعرش أعلى المخلوقات، فهو فوق السماوات وكل المخلوقات.
* وقال سبحانه:
{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل : 50]
* وقال:
{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 3-4] والعروج: الصعود.
(1) أي الملائكة تصعد إلى الله عز وجل، لأنه فوق.
* وقال:
{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء : 157 ، 158]
* وقال عز وجل:
{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء...} الآية
[الملك: 16-17]
قال
أبو بكر أحمد الصبغي (342 هـ) : (قد تضع العرب «في» بموضع «على» قال الله عز وجل:
{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة : 2]، وقال
{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه : 71] ومعناه: على الأرض وعلى النخل ، فكذلك قوله:
{في السماء} أي
على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم)
(2)
وانظر
هذا المقال لمزيد توضيح لمعنى
«في السماء» وأقوال العلماء في هذه الآية.
* وقال تعالى:
{هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3]
عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه:
”اللهم رب السموات ورب الأرض ورب كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن ؛ أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته ، أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء“ [صحيح مسلم، وسنن أبي داود واللفظ لأبي داود] و
«دونك» هنا معناها: أقرب، أي أقرب بعلمه.
قال
ابن جرير الطبري (310 هـ) : وقوله:
{وَالظَّاهِرُ} يقول: وهو الظاهر على كل شيء دونه، وهو العالي فوق كل شيء، فلا شيء أعلى منه.
{وَالْبَاطِنُ} يقول: وهو الباطن جميع الأشياء، فلا شيء أقرب إلى شيء منه، كما قال:
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق : 16] (3) . وذكر في تفسير تلك الآية:
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}:
بالعلم بما تُوَسْوس به نفسه.
قال
ابن أبي زَمَنِين (399 هـ) : (والظاهر العالي فوق كل شيء ما خُلق ، والباطن بطن علمه بخلقه تعالى
{وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد : 3])
(4)
وغيرها من الآيات.
الأدلة من السنة:
* حديث الجارية:
عن معاوية بن الحكم قال: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟"
قَالَ: (ائْتِنِي بِهَا) فَأَتَيْتُهُ بِهَا ، فَقَالَ لَهَا:
”أَيْنَ اللَّهُ“، قَالَتْ:
«فِي السَّمَاءِ».
قَالَ:
”مَنْ أَنَا ؟“ قَالَتْ:
«أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ»
قَالَ:
”أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ“ [رواه مسلم في صحيحه]
* في حجة الوداع قال النبي صلى الله عليه وسلم:
”قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُبهَا (5) إِلَى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّات...“ [صحيح مسلم]. والنبي صلى الله عليه وسلم كان مستشهدا بالله حينئِذ ولم يكن داعِيا حتى يُقال: السماء قِبلة الدعاء.
* قال النبي صلى الله عليه وسلم:
”الْمَلاَئِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ ، مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ ، فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ ، وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ“ [صحيح البخاري]
أما أقوال السلف الصالح وأئمة السنة في هذا الاعتقاد فهو في الجزء الثاني والثالث لهذا المقال.
2. أن الله استوى على عرشه
قال الله تعالى:
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]
وقال:
{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش} [الأعراف:54؛ يونس:3؛ الرعد:2؛ الفرقان:59؛ السجدة:4؛ الحديد:4]
قَالَ
مُجَاهِدٌ (102 هـ/ تابعي) :
{اسْتَوَى} علا على العرش.
(6)
قال
بشر بن عمر الزهراني (207 هـ) : سمعت غير واحد من المفسرين يقول :
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}: ارتفع.
(7)
قال
أبو العباس ثعلب (291 هـ) :
{استوى على العرش}: علا.
(8)
قال
ابن جرير الطبري (310 هـ) في تفسير الأية الأولى: (الرحمن على عرشه
ارتفع وعلا)، وفي تفسير الآية الثانية: (يعني:
علا عليه)
3. أن الله عز وجل استوى على عرشه لأنه {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيد} [سورة البروج : 16] وليس لحاجته للعرش، بل الله مستغن عن العرش وغير العرش.
قال الله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت : 6]
{هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس : 68]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر : 15]
وقال
أبو جعفر الطحاوي (321 هـ) في عقيدته المشهورة: (وهو مستغن عن العرش وما دونه. محيط بكل شيء وفوقه)
4. أن الله بائن (9) من خلقه:
معنى أن الله بائن من خلقه: أي أنه منفصل عن المخلوقات، فليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته. ولا يحويه أو يُحيط به شيء من خلقه.
قال الله تعالى
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]
فكل المخلوقات تحت العرش والله فوق العرش فهو بائنٌ عنهم.
ابن المبارك (181 هـ) : روى ابن شقيق أنه قيل لابن المبارك: "كيف نعرف ربنا؟"
قال:
«بأنه فوق السماء السابعة على العرش، بائن من خلقه» (10)
إسحاق بن راهويه (238 هـ) : قال حرب الكرماني: قلت لإسحاق بن راهويه: "في قول الله
{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة : 7] كيف تقول فيه ؟" قال:
«حيث ما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه.»
ثم ذكر عن ابن المبارك: (هو على عرشه بائن من خلقه)، ثم قال:
«أعلى شيء في ذلك وأثبته قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}» (11)
5. أن استواء الله عز وجل ليس كاستواء المخلوقين، نؤمن بأن الله استوى على عرشه استواءً يليق بجلاله لا يشبه استواء المخلوق.
لقول الله تعالى:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]
وقوله
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص : 4] كفوا: أي مَثِيلاً.
6. أن كَيفِيَّة استواء الله عز وجل غير معلومة لنا، فلم يُعلمنا الله تعالى ولا رسوله –صلى الله عليه وسلم- تفاصيل ذلك، ولا يجوز السؤال عن كيفية صفاته، فالله وحده يعلم كيف استوى على عرشه، وواجبنا الإيمان والتسليم.
قال
الإمام مالك (179 هـ) جوابا على من سأله "كيف استوى؟":
«الإستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب». والأثر مشهور عند أهل العلم.
قال
وكيع بن الجراح (197 هـ) في أحاديث الصفات:
« نُسلِّم هذه الأحاديث كما جاءت ، ولا نقول كيف هذا؟ ولم جاء هذا ؟» (12)
قال
أبو بكر الإسماعيلي (371 هـ) : (وأنه عز وجل استوى على العرش بلا كيف، فإن الله تعالى أنهى
(13) إلى أنّه استوى على العرش، ولم يذكُر كيف كان استواؤُه.)
(14)
وللمزيد من أقوال السلف وعلماء السنة في هذا الاعتقاد، انظر الجزء الثاني والثالث لهذا المقال.
للسـؤال أو التعليـق على المقـال
مواضيع ذات صلة
الإيمان بالعـرش
(1) في كتاب العين للخليل بن أحمد (ج1 ص223): وعَرَجَ يعرُجُ عُروجاً أي صَعِد.
(2) الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص324)، قال: (قال أبو عبد الله الحافظ: قال الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه: ...) وذكره. والسند صحيح، فأبو عبد الله الحافظ هو الحاكم وكان من تلاميذ الصبغي، وكان الحاكم من شيوخ البيهقي رحمهم الله جميعا.
(3) جامع البيان للطبري (ج23 ص168)
(4) رياض الجنة بتخريج أصول السنة لابن أبي زمنين (ص61)
(5) أي يُمِيِلها إليهم، يُريد بذلك أن يُشْهِدَ اللَّه عليهم (النهاية في غريب الأثر لابن الأثير 2 /112)
(6) صحيح البخاري، كتاب التوحيد/ باب ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ).
(7) مسند إسحاق بن راهويه (ت. 238 هـ) كما في اتحاف الخيرة المهرة للبوصيري (ج1 ص186)، والمطالب العالية لابن حجر (ج12 ص570)، فالإسناد صحيح؛ ورواها اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة بسنده عن إسحاق بن راهويه (ج3 ص396)
(8) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص399) وسنده صحيح. قال اللالكائي: وجدت بخط أبي الحسن الدارقطني عن اسحاق الهادي (والصحيح الكاذي كما في المخطوط الثاني المذكور في هامش الكتاب، وكما نقله الإمام الذهبي في كتابه "الأربعين في صفات رب العالمين" (ج1 ص37) وكتابه "العلو") قال: سمعت أبا العباس ثعلب يقول: وذكره. قال الخطيب البغدادي في تاريخه (تاريخ بغداد): إسحاق بن احمد بن محمد بن إبراهيم أبو الحسين الكاذى كان يقدم من قريته كاذة إلى بغداد فيحدث بها روى عن محمد بن يوسف بن الطباع ... وأبى العباس ثعلب... وكان ثقة ووصفه لنا بن رزقويه بالزهد. ا.هـ.
(9) "بَانَ" الشيء إذا انفصل فهو "بَائِنٌ" (المصباح المنير للفيومي - ص41)
(10) الرد على الجهمية للدارمي (ص39-40) بسند حسن، عن الحسن بن الصباح البزاز ثنا علي بن الحسن بن شقيق. وعبد الله بن أحمد بن حنبل في كتابه "السنة" (ص175) عن عبد الله بن شبويه عن ابن شقيق. ورواها غيرهما كثير بعضهم نقلا عن هؤلاء وبعضهم بأسانيدهم.
(11) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص244) قال: رواه الخلال في كتابه "السنة" عن حرب. وسير أعلام النبلاء له (ج11 ص370)
(12) كتاب "السنة" لعبد الله بن أحمد بن حنبل (ج1 ص267) بسند صحيح عن أحمد بن إبراهيم عن وكيع؛ ورواه الدارقطني في كتابه "الصفات" (ص71) عن محمد بن مخلد ، حدثنا إسحاق بن يعقوب العطار ، قال : سمعت أحمد الدورقي يقول : سمعت وكيعا وذكره.
(13) اللفظ عند الحافظ الذهبي في كتابه "العلو": (فإنه انتهى إلى).
(14) اعتقاد أهل السنة لأبي بكر الإسماعيلي (ص36) عقيدة السلف الصالح
أهل السنة والجماعة
في صفة الاسْتِوَاء وعُلُوِّ الله على خَلْقِه
(جزء 2 من 3)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
يشتمل هذا المقال على:
1. أقوال السلف الصالح في صفة الإستواء وعلو الله على خلقه.
2. شهادة العلماء الذين أتوا من بعدهم بأن هذه هي عقيدة السلف الصالح وأهل السنة والجماعة.
ملاحظة: الترتيب حسب تاريخ الوفاة.
أقوال السلف الصالح:
الصحابة رضوان الله عليهم
1.
أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
لما مات النبي صلى الله عليه وسلم، صعد أبو بكر رضي الله عنه المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
«أيها الناس! إن كان محمدٌ إلهكم الذي تعبدون فإن إلهكم محمدًا قد مات، وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت، ثم تلا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} (1) حتى ختم الآية ...» (2) إسناده حسن.
2. قال
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
«بين سماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمس مئة عام وبين كل سماءين مسيرة خمس مئة عام وبين السماء السابعة وبين الكرسي مسيرة خمس مئة عام وبين الكرسي وبين الماء مسيرة خمس مئة عام والعرش فوق الماء والله تبارك وتعالى فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه» درجته: حسن. (3)
بعد جيل الصحابة إلى 200 هـ
3.
أبو حنيفة النعمان (ت 150 هـ) :
قال الإمام الطحاوي في "العقيدة الطحاوية" التي أملى فيها عقيدة الإمام أبي حنيفة و
صاحبيه أبو يوسف ومحمد بن الحسن:
«والعرش والكرسي حق كما بين في كتابه، وهو مستغن عن العرش وما دونه محيط بكل شيء وفوقه» قوله: (
وفوقه) أي "وفوق كل شيء" إثبات لفوقية الله عز وجل فوق كل المخلوقات بما فيها العرش.
وقوله في موضع آخر
«لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات» نفي لإحاطة الخلق بالله عز وجل، فـ(لا تحويه الجهات الست) التي هي مخلوقاته، بل هو فوق الجهات والمخلوقات كلها. وهو رد على الحلُولِيَّة والجهمية الذين كانوا يقولون بأن الله حالٌّ في خلقه، وأنه في كل مكان، تعالى الله علو الكبيرا.
ورُوي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال في الفقه الأكبر:
«من قال: "لا أعرف الله أفي السماء أم في الأرض" فقد كفر، قال الله تعالى {الرحمن على العرش استوى} فإن قال: "أقول بهذه الآية ولكن لا أدري أين العرش في السماء أم في الأرض" فقد كفر أيضا» (4) وذلك لأن في كلا القولين شك في فوقية الله عز وجل، لا يدري هل الله فوق مخلوقاته أم لا، وفيه اعتقاد احتمال وجود الله عز وجل في الأرض داخل مخلوقاته، تعالى الله علوا كبيرا. فكان بذلك منكرا للنصوص الشرعية، ومعتقدًا جواز حلول الله في خلقه، وكلاهما كفر.
4. قال
ابن اسحاق (150 هـ) إمام المغازي:
«يقول تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف : 54] الآية، وقال تعالى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود : 7] الآية، فكان كما وصف نفسه تبارك وتعالى إذ ليس إلا الماء، عليه العرش، وعلى العرش ذو الجلال والعزة والسلطان والملك والقدرة والحلم والعلم والرحمة والنعمة الفعال لما يريد، الواحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، الأول لم يكن قبله شيء لخلقه الخلق وليس معه شيء غيره، الآخر لبقائه بعد الخلق كما كان ليس قبله شيء، الظاهر الباطن في علوه على خلقه فليس شيء فوقه، الباطن لإحاطته بخلقه فليس دونه شيء.» (62)
5.
مالك بن أنس (179 هـ) : جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله
{الرحمن على العرش استوى} فكيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء (5)، ثم قال:
«الإستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا» فأمر به أن يخرج. (6)
قال أبو بكر ابن العربي المالكي عند حديثه عن أحاديث الصفات: (ومذهب مالك رحمه الله أن كل حديث منها معلوم المعنى ولذلك قال للذي سأله: "الإستواء معلوم والكيفية مجهولة".) (7)
وعن الإمام مالك أنه قال:
«الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء» (8)
الذين شهدوا بأن هذه هي عقيدة الإمام مالك رحمه الله:
أبو حاتم الرازي (277 هـ) -
ابن أبي زيد القيرواني (386 هـ) -
محمد بن موهب المالكي (406 هـ) -
أبو القاسم اللالكائي (418 هـ) -
أبو نصر السجزي (444 هـ)، وسيأتي ذكر أقوالهم إن شاء الله.
6. قال
حماد بن زيد (179 هـ): (إنما يدورون على أن يقولوا: ليس
في السماء إله) يعني الجهمية. صحيح.(9)
7.
ابن المبارك (181 هـ) : قال علي بن الحسن بن شقيق: سألت عبد الله بن المبارك: "كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عز وجل؟"
قال:
«على السماء السابعة على عرشه، ولا نقول كما تقول الجهمية: أنه ها هنا في الأرض» (10) صحيح.
وفي رواية: قال ابن المبارك:
«بأنه فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه» (11) إسناده حسن.
8.
أبو يوسف القاضي (182 هـ) ومحمد بن الحسن الشيباني (189 هـ) صاحبا أبي حنيفة: قد مر ذكر اعتقادهما عند ذكر اعتقاد الإمام أبي حنيفة رحمهم الله جميعا.
9. قال
جرير بن عبد الحميد الضبي (188 هـ) : (كلام الجهمية أوله عسل، وآخره سم، وإنما يحاولون أن يقولوا: ليس
في السماء إله) (12)
10. قال أبو معاذ
خالد بن سليمان البلخي (199 هـ) : (كان جهم على معبر ترمذ، وكان فصيح اللسان، ولم يكن له علم ولا مجالسة أهل العلم، فكلم السُمَنية
[ديانة بوذية]، فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده. فدخل البيت لا يخرج، ثم خرج إليهم بعد أيام فقال: "هو هذا الهواء مع كل شيء، وفي كل شيء، ولا يخلوا منه شيء." قال أبو معاذ: "كذب عدو الله، إن الله
في السماء على العرش كما وصف نفسه.") (61)
201 إلى 300 هـ
11.
محمد بن إدريس الشافعي (204 هـ) : قال أبو عثمان الصابوني: "وإمامنا أبو عبد الله محمد بن إدريس السافعي رضي الله عنه احتج في كتابه المبسوط في مسألة اعتاق الرقبة المؤمنة في الكفارة، وأن غير المؤمنة لا يصح التكفير بها بخير معاوية بن الحكم، وأنه أراد أن يعتق الجارية السوداء لكفارة، وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إعتاقه إياها، فامتحنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها:
”من أنا؟“ فأشارت إليه وإلى السماء، يعني أنك رسول الله الذي
في السماء، فقال صلى الله عليه وسلم:
”أعتقها فإنها مؤمنة“. فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامها وإيمانها لما اقرت بأن ربها
في السماء، وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية. وإنما احتج الشافعي رحمة الله عليه على المخالفين في قولهم بجواز إعتاق الرقبة الكافرة في الكفارة بهذا الخبر؛ لاعتقاده أن الله سبحانه فوق خلقه، وفوق سبع سماواته على عرشه، كما معتقد المسلمين من أهل السنة والجماعة، سلَفِهم وخلفِهم؛ إذ كان رحمه الله لا يرو خبرًا صحيحًا ثم لا يقول به." ثم ذكرًا آثرين في ذلك منها قول الشافعي رحمه الله - منكرًا على رجل سأله عن حديث حدث به الشافعي هل يقول به؟ - :
«... أروي حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم لا أقول به !».
[عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني ص118 و189]
وممن شهد بأنها عقيدة الإمام الشافعي : الحافظ أبو حاتم الرازي (195 - 277 هـ)، وسيأتي ذكر قوله.
12. قال
سعيد بن عامر الضبعي (208 هـ) وهو من شيوخ البخاري:
« الجهمية شرٌّ قولاً من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان: أن الله تبارك وتعالى على العرش، وقالوا هم: ليس على العرش شيء.» صحيح. (13)
13. قال
محمد بن يوسف الفريابي (212 هـ) وهو من شيوخ البخاري:
«من قال: إن الله ليس على عرشه فهو كافر.» [خلق أفعال العباد للإمام البخاري (ج2 ص39)]
14. قال
محمد بن مصعب الدَّعَّاء (228 هـ) :
« من زعم أنك لا تَتَكلَّم ولا تُرَى في الآخرة فهو كافر بوجهك لا يعرفك، أشهدُ أنك فوق العرش فوق سبع سموات، ليس كما يقول أعداء الله الزنادقة » صحيح. (14)
15.
أبو عبد الله ابن الأعرابي (231 هـ) : قال أبو سليمان داود بن علي: كنا عند ابن الاعرابي فأتاه رجل فقال له: "ما معنى قول الله عز و جل:
{الرحمن على العرش استوى} ؟
فقال:
« هو على عرشه كما أخبر عز و جل. »
فقال: "يا أبا عبد الله ليس هذا معناه، إنما معناه استولى."
قال:
« اسكت! ما أنت وهذا لا يقال: استولى على الشيء إلا أن يكون له مضاد فإذا غلب أحدهما قيل: استولى، أما سمعت النابغة:
ألا لمثلك أو من أنت سابقه *** سبق الجواد إذا استولى على الأمد»
(15)
16. قال
قتيبة بن سعيد (240 هـ) :
« هذا قول الأئمة المأخوذ في الإسلام والسنة» وذكر مجموعة من العقائد منها:
«ونعرف الله في السماء السابعة على عرشه، كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه : 5 ، 6] » (16) صحيح.
17.
أحمد بن حنبل (241 هـ) : قال يوسف بن موسى القطان (17): (قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: الله عز و جل فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه في كل مكان؟
قال:
« نعم على العرش وعلمه لا يخلو منه مكان. “ صحيح. (18)
الذين شهدوا بأن هذه هي عقيدة الإمام أحمد رحمه الله: صاحباه:
أبو حاتم الرازي (277 هـ) وحرب الكرماني (280 هـ) -
أبو القاسم اللالكائي (418 هـ) -
أبو نصر السجزي (444 هـ). وسيأتي ذكر أقوالهم إن شاء الله.
18. قال
محمد بن أسلم الطوسي (242 هـ) : قال لي عبد الله بن طاهر: "قد بلغني أنك لا ترفع رأسك إلى السماء"، فقلتُ برأسي هكذا إلى السماء ساعة، ثم قلت:
«ولِمَ لا أرفع رأسي إلى السماء؟ وهل أرجو الخير إلا ممن في السماء ؟! » [سير أعلام النبلاء للذهبي (12 / 202)، والعلو للعلي الغفار (ص191)، بإسناد جيد من طريق أبي عبد الله الحاكم قال: دثنا يحيى العنبري حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا محمد بن أسلم.]
19. قال
الحارث المحاسبي الصوفي (243 هـ) :
« وأما قوله {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5]) {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام : 18] و{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك : 16]» وذكر عددًا من الآيات، ثم قال:
«فهذا يوجب أنه فوق العرش، فوق الأشياء، منزه عن الدخول في خلقه، لا يخفى عليه منهم خافية، لأنه أبان في هذه الآيات أن ذاته بنفسه فوق عباده لأنه قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ [الملك : 16]} يعني فوق العرش، والعرش على السماء، لأن من كان فوق شيء على السماء فهو في السماء، وقد قال مثل ذلك {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة : 2] يعني على الأرض لا يريد الدخول في جوفها وكذلك قوله: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه : 71] يعني فوقها» (19)
20. قال
خُشَيْش بن أصرم (253 هـ) في كتابه "الإستقامة":
«وأنكر جهم أن يكون الله في السماء دون الأرض، وقد دل في كتابه أنه في السماء دون الأرض بقوله حين قال لعيسى عليه السلام {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران : 55]، وقوله {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء:157 ، 158] وقال: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة : 5]» وذكر جملة من الأدلة من القرآن، ثم قال:
«لو كان في الأرض كما هو في السماء لم يُنَزّل من السماء إلى الأرض شيئا، ولكان يصعد من الأرض إلى السماء كما ينزل من السماء إلى الأرض، وقد جاءت الآثار عن النبي أن الله عز و جل في السماء دون الأرض) ثم ذكر أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقال: «من كفر بآية من كتاب الله فقد كفر به أجمع، فمن أنكر العرش فقد كفر به أجمع، ومن أنكر العرش فقد كفر بالله، وجاءت الآثار بأن لله عرشا وأنه على عرشه.» (20)
21. محمد بن يحيى الذهلي (258 هـ) : كتب أبو عمرو المستملي (21) : (سُئل محمد بن يحيى عن حديث عبد الله بن معاوية عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليعلم العبد أن الله معه حيث كان." فقال: « يريد أن الله علمه محيط بكل ما كان، والله على العرش.» (22)
22. أبو زرعة الرازي (264 هـ) : قال ابن أبي حاتم الرازي: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا: « أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم:» وذكرا أمورا منها «وأن الله عز و جل على عرشه بائن من خلقه، كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسول صلى الله عليه و سلم بلا كيف، أحاط بكل شيء علما {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11] » (23)
23. قال إسماعيل بن يحيي المزني الشافعي (264 هـ) في كتابه في السنة : « عالٍ على عرشه، وهو دانٍ بعلمه من خلقه، أحاط علمه بالأمور، وأنفذ في خَلْقِه سابق المقدور {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر : 19]»
وقال في موضع آخر: « عالٍ على عرشه، بائن من خلقه » (24)
24. أبو حاتم الرازي (277 هـ) : قال أبو القاسم اللالكائي: "ووجدت في بعض كتب أبي حاتم محمد بن إدريس ابن المنذر الحنظلي الرازي -رحمه الله- مما سمع منه، يقول: « مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان، مذهب أهل الأثر مثل أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن إبراهيم ، وأبي عبيد القاسم بن سلام ، والشافعي . ولزوم الكتاب والسنة، والذب عن الأئمة المتبعة لآثار السلف، واختيار ما اختاره أهل السنة من الأئمة في الأمصار مثل : مالك بن أنس في المدينة ، والأوزاعي بالشام ، والليث بن سعد بمصر ، وسفيان الثوري وحماد بن زياد بالعراق من الحوادث مما لا يوجد فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين) ) وذكر أمورا منها: « أن الله على عرشه بائن من خلقه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11] »." (25)
25. قال أبو عيسى الترمذي (279 هـ) : « عِلْم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان، وهو على العرش كما وصف في كتابه. » (26)
26. قال حرب بن إسماعيل الكرماني (280 هـ) في مسائله: « هذا مذهب أهل العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المتمسّكين بها، المُقتدى بهم فيها من لَدُن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا، وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام -وغيرهم-؛ فَمَن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها، أو عاب قائلَها، فهو مخالفٌ مبتدعٌ خارجٌ عن الجماعة، زائلٌ عن منهج السّنّة وطريق الحق. وهو مذهب أحمد وإسحاقَ بن إبراهيم بن مَخْلَد، وعبدالله بن الزبير الحُمَيدي، وسعيد بن منصور -وغيرهم- ممن جالسْنا وأخذنا عنهم العلم، فكان من قولهم: » (27) وذكر أمورا كثيرة منها: « وخلق سبع سماوات بعضها فوق بعض وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا إلى السماء الدنيا مسيرة خمس مئة عام ، وبين كل سماء إلى سماء خمس مئة عام، والماء فوق السماء العليا السابعة، وعرش الرحمن - عز وجل- فوق الماء، والله - عز وجل- على العرش ... وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نار ونور وظلمة، وما هو أعلم به. فإذا احتج مبتدع أو مخالف بقول الله - عز وجل-: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]، وبقوله - تعالى-: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [ المجادلة:7 ] ،ونحو هذا من متشابه القرآن؛ فقل إنما يعني بذلك العلم؛ لأن الله - عز وجل- على العرش فوق السماء السابعة العليا، يعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه، لا يخلو من علمه مكان.) (28)
وقال ابن أبي حاتم في كتابه "الرد على الجهمية": أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني: « الجهمية أعداء الله، وهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق، وأنه لا يعرف لله مكان، وليس على عرش، ولا كرسي، وهم كفار فاحذرهم.» (29)
27. قال عثمان الدارمي (280 هـ) : (وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه فوق سمواته) (30)
وقال: (فالله تبارك وتعالى فوق عرشه، فوق سمواته، بائن من خلقه، فمن لم يعرفه بذلك لم يعرف إلهه الذي يعبده) (31)
28. قال أبو بكر بن أبي عاصم (287 هـ) في كتابه "السنة": «باب: ما ذكر أن الله تعالى في سمائه دون أرضه» ثم روى بإسناده حديث الجارية الذي فيه سؤال النبي صلى الله عليه وسلم "أين الله؟". (32)
29. قال أبو جعفر بن أبي شيبة (297 هـ) : « فهو فوق السماوات وفوق العرش بذاته متخلصا من خلقه بائنا منهم، علمه في خلقه لا يخرجون من علمه. » (33)
30. قال عمرو بن عثمان المكي الصوفي (297 هـ) في كتاب "أداب المريدين والتعرف لأحوال العبّاد" في باب ما يجيء به الشياطين للتائبين: (إذا هم امتنعوا عليه واعتصموا بالله فإنه يوسوس لهم في أمر الخالق ليفسد عليهم أحوال التوحيد) وذكر كلاما طويلا إلى أن قال: « فهو تعالى القائل: {أنا الله} لا الشجرة، الجائي قبل أن يكون جائيا، لا أمره، المستوي على عرشه بعظمة جلاله دون كل مكان » (34)
شهادة العلماء الذين أتوا بعد عهد السلف الصالح بأن هذا الإعتقاد هو عقيدة السلف، عقيدة المسلمين، عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث:
من 301 إلى 500 هـ)
31. قال أبو الحسن الأشعري (324 هـ) في كتابه "مقالات الإسلاميين": (باب اختلافهم في البارىء هل هو في مكان دون مكان؟ أم لا في مكان؟ أم في كل مكان ؟ ) وذكر أقوال الفرق ثم قال: (قال أهل السنة وأصحاب الحديث: ... وأنه على العرش كما قال عز وجل {الرحمن على العرش} ولا نقدم بين يدى الله في القول بل نقول استوى بلا كيف) (35)
وقال في موضع آخر: (جُملة ما عليه أهل الحديث والسنة: الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله) وذكر أمورا منها: (وأن الله سبحانه على عرشه كما قال {الرحمن على العرش استوى} (36)
32. قال أبو بكر الآجري (360 هـ) : (فعِلْمُه عز وجل محيط بجميع خلقه، وهو على عرشه، وهذا قول المسلمين.) (37)
33. قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي (386 هـ) في كتابه "الجامع" : (فمما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة، ومن السنن التي خِلافُها بدعةٌ وضلالة: أن الله تبارك اسمه) وذكر أمورا منها: (وأنه فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وأنه في كل مكان بعلمه) وذكر باقي الإعتقاد ثم قال في آخره: (وكل ما قدَّمنا ذِكْرَه فهو قول أهل السنة وأيمة الناس في الفقهِ والحديث على ما بيناه، وكله قول مالك، فمنه منصوص من قوله، ومنه معلوم من مذهبه.) (38)
34. قال ابن بطة العكبري الحنبلي (387 هـ) في كتابه الإبانة الكبرى: ( وأجمع المسلمون من الصحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله تبارك وتعالى على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه وعلمه محيط بجميع خلقه لا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلولية.)
35. قال ابن أبي زَمَنِين المالكي (ت 399هـ) : (ومن قول أهل السنة : أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق ، ثم استوى عليه كيف شاء ، كما أخبر عن نفسه في قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه: 5 ، 6]) (39)
وقال: (ومن قول أهل السنة : أن الله عز وجل بائن من خلقه، مُحتجب عنهم بالحُجُب) (40)
36. قال محمد بن موهب المالكي (406 هـ) في شرحه لرسالة الإمام ابن أبي زيد: (وقد تأتي لفظة «في» في لغة العرب بمعنى فوق، كقوله {فأمشوا في مناكبها} و(في جذوع النخل} و{أأمنتم من في السماء} قال أهل التأويل(41): يريد فوقها، وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله في السماء يعني فوقها وعليها) (42)
37. قال أبو القاسم اللالكائي الشافعي (418 هـ) : (سياق ما رُوي في قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} وأن الله على عرشه في السماء. وقال عز وجل: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} وقال: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} وقال: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة}. فدلت هذه الآيات أنه تعالى في السماء وعلمه بكل مكان من أرضه وسمائه. ورُوي ذلك عن الصحابة: عن عمر وابن مسعود وابن عباس وأم سلمة. ومن التابعين: ربيعة بن أبي عبد الرحمن وسليمان التيمي ومقاتل بن حيان. وبه قال الفقهاء: مالك بن أنس وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل.) (43)
38. قال أبو عمر الطلمنكي المالكي (429 هـ) في كتابه "الوصول إلى معرفة الأصول": (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: {وهو معكم أينما كنتم} ونحو ذلك من القرآن: أنه علمه، وأن الله تعالى فوق السموات بذاته، مستو على عرشه كيف شاء.
وقال أهل السنة في قوله: {الرحمن على العرش استوى} : إن الإستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز) (44)
39. قال أبو نعيم الأصبهاني الصوفي (ت 430هـ) في كتابه "محجة الواثقين: (وأجمعوا أن الله فوق سماواته وأنه عال على عرشه ، مستو عليه ، لا مستول كما تقول الجهمية) (45)
وقال في كتاب الإعتقاد له: (طريقنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة، ومما اعتقدوه: أن الله لم يزل كاملا بجميع صفاته القديمة) وذكر جملة من العقائد منها: (وأن الأحاديث التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرش، وإستواء الله عليه، يثبتونها، من غير تكييف، ولا تمثيل، وأن الله تعالى بائن من خلقه، والخلق بائنون منه، لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم، وهو مستو على عرشه في سمائه دون أرضه) (46)
40. قال أبو نصر السجزي الحنفي (ت. 444 هـ) في كتابه الإبانة: (أئمتنا كسفيان الثوري، ومالك، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، عبد الله بن المبارك، والفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه متفقون على أن الله سبحانه وتعالى بذاته فوق العرش، وعلمه بكل مكان) (47)
41. قال أبو عثمان الصابوني الشافعي (ت 449هـ) في كتابه "عقيدة السلف أصحاب الحديث": (ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله سبحانه فوق سبع سمواته، على عرشه مستو؛ كما نطق به كتابه، في قوله عز وجل في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف :54]) وذكر آيات الإستواء على العرش وآيات أخرى في علو الله، بعضها ذكرناها في الجزء الأول للمقال، ثم قال: (وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف رحمهم الله لم يختلفوا في أن الله على عرشه، وعرشه فوق سمواته.) (48)
42. قال ابن عبد البر المالكي (ت 463 هـ) في كتابه "التمهيد": (وأما احتجاجهم بقوله عز {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة:7] فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية، لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التآويل (49) في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية: هو على العرش وعلمه في كل مكان وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله.) (50)
وقال في شرح حديث النزول: (وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات، كما قالت الجماعة. وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم أن الله عز وجل في كل مكان، وليس على العرش.) (51)
وقال في "الإستذكار": (الله عز وجل في السماء على العرش مِن فوقِ سبع سماوات، وعِلْمُه في كل مكان كما قالت الجماعة أهل السنة أهل الفقه والأثر.) (52)
من 501 إلى 750 هـ
43. قال الحسين البغوي الشافعي (ت 510هـ) : (وقال الله عز وجل (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وقال الله تعالى (ثم استوى على العرش) ) وذكر عددا من الآيات والأحاديث في الصفات، ثم قال-: (فهذه ونظائرها صفات لله تعالى ورد بها السمع يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل ، مجتنبا عن التشبيه، معتقدا أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق ، قال الله سبحانه وتعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [ الشورى : 11 ]. وعلى هذا مضى سلف الأمة ، وعلماء السنة) (53)
44. قال يحيى العمراني الشافعي (ت 558هـ) : (عند أصحاب الحديث والسنة أن الله سبحانه بذاته، بائن عن خلقه، على العرش استوى فوق السموات، غير مماس له، وعلمه محيط بالأشياء كلها) (54)
45. قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 620هـ) : (فإن الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء ووصفه بذلك محمد خاتم الأنبياء، وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابه الأتقياء والأئمة من الفقهاء، وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين، وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين، وجعله مغروزًا في طباع الخلق أجمعين، فتَرَاهم عند نزول الكرب بهم يلحظون السماء بأعينهم ويرفعون نحوها للدعاء أيديهم، وينتظرون مجئ الفرج من ربهم، وينطقون بذلك بألسنتهم لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته، أو مفتون بتقليده واتباعه على ضلالته) (55)
46. كتب ابن الصلاح الشافعي (ت 643هـ) على القصيدة في السنة المنسوبة إلى أبي الحسن الكرجي (532 هـ) : (هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث) (56)، ومما جاء في تلك القصيدة:
عقيدة أصحاب الحديث فقد سمت *** بأرباب دين الله أسنى المراتب
عقائدهم أن الإله بذاته *** على عرشه مع علمه بالغوائب
47. قال أبو عبد الله القرطبي المالكي (671 هـ= في كتابه "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى": (وأظهر هذه الأقوال وإن كنت لا أقول به ولا أختاره، ما تظاهرت عليه الآي والأخبار أن الله سبحانه على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف، بائن من جميع خلقه هذا جملة مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات.) (57)
وقال في تفسيره: (وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نَطَقوا هم والكافَّة بإثباتها (58) لله تعالى كما نطق كتابُه وأخبرت رسله. ولم يُنكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخصَّ العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جَهِلوا كيفية الاستواء فإنه لا تُعلم حقيقته. قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم - يعني في اللغة – والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة.) (59)
48. قال شمس الدين الذهبي الشافعي (ت 748هـ) في خاتمة كتابه "العلو للعلي الغفار" : (والله فوق عرشه كما أجمع عليه الصدر الأول ونقله عنهم الأئمة)
وقال في كتاب العرش له: (الدليل على أن الله تعالى فوق العرش، فوق المخلوقات، مباين لها، ليس بداخل في شيء منها، على أن علمه في كل مكان. الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة، والتابعين، والأئمة المهديين.) (60)
للسـؤال أو التعليـق على المقـال
مواضيع ذات صلة
هل أقوال السلف في العلو تُـشير إلى علو المكانة أم الذات ؟
معنى قولهم أن الله "في السماء"
الإيمان بالعـرش
(1) آل عمران : 144
(2) مصنف ابن أبي شيبة (ج20 ص560-5620) عن (محمد) ابن فضيل عن أبيه عن نافع عن ابن عمر؛ ومن طريقه عثمان الدارمي في الرد على الجهمية (ص44-45)؛ والبزار في مسنده (ج1 ص182-183)
(3) رواه أبو الشيخ في "العظمة" (ج2 ص688-689) قال: حدثنا الوليد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود رضي الله عنه، وذكره. وروى جزءا منه الإمام الدارمي في نقضه على بشر المريسي (1/ 422) : عن موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود. ورواه أحمد بن مروان الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (6 / 406) بسنده؛ واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (ج3 ص395-396) بسنده، ومن طريقه رواه ابن قدامة في "إثبات صفة العلو" (ص151-152)؛ وغيرهم؛ كلهم من طريق عاصم بن بهدلة. وعاصم صدوق، وقد وثقه جماعة، وحسّن حديثه آخرون. قال الهيثمي في مجمع الزوائد في عدة مواضع: حسن الحديث. وقال الذهبي في ميزان الأعتدال (2 /357) : هو حسن الحديث. وقال أبو بكر البزار: لم يكن بالحافظ، ولا نعلمُ أحدًا تَرك حديثه على ذلك، وهو مشهور. (تهذيب التهذيب لإبن حجر 2 /251)
(4) شرح الفقه الأكبر لأبي منصور الماتريدي (ص25) - مراجعة: عبد الله بن إبراهيم الأنصاري- طبع بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند – بحيدر آباد الدكن – سنة 1321 هـ
(5) أي العَرَق.
(6) الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص305-306)، والأثر ثابت ومشهور عن الإمام مالك.
(7) عارضة الأحوذي شرح صحيح الترمذي (ج3 ص166)
(8) "السنة" لعبد الله بن أحمد بن حنبل (ج1 ص280) عن أبيه (الإمام أحمد) عن سريج بن النعمان عن عبد الله بن نافع عن الإمام مالك.
(9) سير أعلام النبلاء للذهبي (ج7 ص461) وتذكرة الحفاظ له (ج1 ص168) عن ابن أبي حاتم الرازي الذي رواه في كتابه "الرد على الجهمية" (العلو للعلي الغفار ص143) بسند صحيح؛ وفي رواية أخرى: (إنما يحاولون أن ليس في السماء شيء)، رواه الإمام أحمد في مسنده (ج45 ص566) بسند صحيح، وغيرهم.
(10) "السنة" لعبد الله بن أحمد (ج1 ص111) قال: حدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال سألت عبدالله بن المبارك، وذكره. رواته ثقات والسند صحيح.
(11)الرد على الجهمية للدارمي (ص40) قال: حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا علي بن الحسن ابن شقيق عن ابن المبارك. سنده حسن.
(12) رواه ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية"، ومن طريقه الذهبي في كتابه العرش (ج2 ص191)، وكتابه الأربعين في صفات رب العالمين له (ج1 ص60)، وكتابه "العلو للعلي الغفار"؛ قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو هارون محمد بن خالد (صدوق – الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/245) حدثنا يحيى بن المغيرة (صدوق- الجرح والتعديل 9/191) : سمعت جرير بن عبد الحميد يقول، وذكره.
(13) رواه البخاري في "خلق أفعال العباد" (ج2 ص17) -تحقيق: فهد الفهيد، عن سعيد بن عامر الضبعي، وهو شيخه. ورواه ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية"، ومن طريقه الذهبي في كتاب العرش (ج2 ص207)، و"العلو للعلي الغفار" له. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال: حدثت عن سعيد ابن عامر الضبعي ، وذكره. وذكره الذهبي أيضا في كتابه "الأربعين" في الصفات (ج1 ص42). .
(14) رواه الإمام عبد الله بن أحمد في "السنة" له (ج1 ص173 ) بسند صحيح، قال: حدثني أبو الحسن بن العطار محمد بن محمد (ثقة - [تاريخ بغداد 4/ 334]) قال: سمعت محمد بن مصعب العابد يقول: وذكره. ورواه الدارقطني في كتابه "الصفات" (ص72-73) بسنده عن محمد بن مخلد العطار (ثقة مأمون [سؤالات حمزة للدارقطني ص81]) عن أبي الحسن العطار؛ والنجاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق" (ص71) بسنده؛ والخطيب في "تاريخ (بغداد) مدينة السلام" (ج4 ص452).
(15) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص399) قال: أخبرنا محمد بن جعفر النحوي – إجازة- ثنا أو عبد الله نفطويه قال حدثني أبو سليمان داود بن علي. والأثر صحيح.
(16) شعار أصحاب الحديث لأبي أحمد الحاكم (ص40-41)، قال: سمعت محمد بن إسحاق الثقفي (أبو العباس السراج) قال: سمعت أبا رجاء قتيبه بن سعيد. إسناده صحيح.
(17) هو يوسف بن موسى بن راشد القطان، قال الخطيب البغدادي في تاريخه: وصف غير واحد من الأئمة يوسف بن موسى بالثقة واحتج به البخاري في صحيحه. ا.هـ. توفي يوسف القطان سنة 253 هـ.
(18) شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي (3 / 402)؛ ورواه الخلال في كتابه "السنة" عن شيخه يوسف بن موسى القطان عن الإمام أحمد، كما في كتابي الحافظ الذهبي "العرش" (ج2 ص247) و"العلو للعلي الغفار" (ص176)، قال: رواه الخلال عن يوسف. فسنده صحيح.
(19) فهم القرآن ومعانيه للحارث المحاسبي (ص349-350).
(20) "التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع" لمحمد الملطي الشافعي / باب الفرق وذكرها.
(21) هو أحمد بن المبارك أبو عمرو، محدث نيسابور، توفي سنة أربع وثمانين ومئتين، انظر سيرته في سير أعلام النبلاء (ج13 ص373).
(22) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص186) : من طريق الحاكم قال: قرأت بخط أبي عمرو المستملي، وذكره.
(23) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج1 ص176-177) بسند صحيح.
(24) شرح السنة للمزني (ص79 و82)
(25) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج1 ص180-182)
(26) الجامع الكبير للترمذي (المعروف بسنن الترمذي) (ج5 ص327)
(27) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم (ص827 )، قال: "و نحن نحكي اجماعهم كما حكاه حرب صاحب الإمام أحمد عنهم بلفظه، قال في مسائله المشهورة: ..." وذكره.
(28) حادي الأرواح (ص835-836).
(29) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص262).
(30) نقض الإمام عثمان بن سعيد الدارمي على المريسي (ج1 ص340)
(31) الرد على الجهمية للدارمي (ص39)
(32) كتاب السنة لابن أبي عاصم (ج1 ص342)
(33) العرش وما رُوي فيه لأبي جعفر بن أبي شيبة (ص291-292)
(34) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص272)
(35) مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين لأبي الحسن الأشعري (ج1 ص260)، تحقيق: محمد عبد الحميد.
(36) مقالات الإسلاميين (ج1 ص320)
(37) الشريعة لأبي بكر الآجري (ج3 ص1076)
(38) كتاب الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ لابن أبي زيد القيرواني (ص107- 108 و117)
(39) رياض الجنة بتخريج أصول السنة لابن أبي زمنين (ص88)
(40) رياض الجنة (ص106)
(41) أي التفسير، فالتأويل في اللغة معناه التفسير.
(42) العلو للعلي الغفار - الذهبي (ص264)
(43) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص387-388)
(44) العلو للذهبي (ص246)
(45) مرعي الكرمي في أقاويل الثقات (ص90)، وأبو العون السفاريني في لوامع الأنوار البهية (ج1 ص196-197)
(46) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص345-346)، ونقلها في كتابه "العلو للعلي الغفار" أيضا.
(47) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص341)، وسير أعلام النبلاء له (ج17 ص656)، وأيضا كتابه العلو للعلي الغفار.
(48) عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني (ص175 و176)؛ والذهبي في كتاب العرش (ج2 ص350).
(49) أي التفسير.
(50) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر (ج7 ص138-139)
(51) التمهيد (ج7 ص129)
(52) الإستذكار لابن عبد البر (ج2 ص148)
(53) شرح السنة للحسين البغوي (ج1 ص169-171)
(54) الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار للعمراني (ج2 ص607)
(55) إثبات صفة العلو لابن قدامة المقدسي (ص63)
(56) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص342) قال – بعد ذكر البيت الذي فيه ذكر علو الله على عرشه من قصيدة الكرجي-: "وموجود بها الآن نسخ من بعضها نسخة بخط الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، على أولها مكتوب: هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث، بخطه رحمه الله." وذكر مثله في كتابه "العلو للعلي الغفار" عند الحديث عن قصيدة الكرجي.
(57) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (ج2 ص132)
(58) يقصد بـ"الجهة": الفوق، يعني أن السلف لم ينفوا أن الله عز وجل فوق ولا قالوا بأنه ليس فوق، بل أثبتوا أنه تعالى فوق جميع خلقه، كما هو ظاهر من الآثار المذكورة في هذا المقال.
(59) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ج9 ص239)
(60) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص5)
(61) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص201) من طريق ابن أبي حاتم الرازي الذي رواه في كتابه "الرد على الجهمية"؛ ورواه البيهقي بسند صحيح في كتابه "الأسماء والصفات (ج2 ص337)
(62) العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني (ج2 ص460) بسنده قال: حدثنا محمد بن الحسين الطبركي، قال: حديثنا محمد ابن عيسى الدامغاني، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن اسحاق قال ... وذكره عقيدة السلف الصالح
أهل السنة والجماعة
في صفة الاسْتِوَاء وعُلُوِّ الله على خَلْقِه
(جزء 3 من 3)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
أقوال العلماء الذين أثبتوا صفة الاستواء وعلو الله على خلقه.
ملاحظة: الترتيب بحسب تاريخ الوفاة.
301 – 400 هـ
1. قال الحافظ
ابن الأخرم (301 هـ) في وصية له: (ونقول الله على العرش، وعلمه محيط بالدنيا والآخرة.) (1)
2. قال
ابن جرير الطبري (310 هـ) في تفسير معنى الاستواء: (والاستواء في كلام العرب منصرف على وجوه؛ منها: ...) وذكر عدة معاني آخرها: (ومنها:
العلوُّ والارتفاع، كقول القائل: استوى فلان على سريره. يعني به: عُلوُّه عليه.) قال: (وأولى المعاني بقول الله:
{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة : 29] :
علا عليهن وارتفع، فدبَّرهن بقدرته وخلقهن سبع سماوات.) (2)
- وقال: (وأما قوله:
{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فإنه يعني: علا عليه.) (3)
- وقال: (
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} يقول تعالى ذكره: الرحمن على عرشه ارتفع وعلا.) (4)
وقال في تفسير قوله تعالى
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [القصص: 38] : (
{وَإِنِّي لأظُنُّهُ} فيما يقول من أن له معبودًا يعبده في السماء، وأنه هو الذي يؤيده وينصره، وهو الذي أرسله إلينا
{من الكاذبين}) (5)
- وقال: (
{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} يقول: وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمُكم، ويعلم أعمالكم ومُتقلبكم ومثواكم،
وهو على عرشه فوق سماواته السبع) (6)
- وقال: (وعنى بقوله:
{هوَ رَابِعُهُمْ} بمعنى: أنه مشاهدهم بعلمه وهو على عرشه.) (7)
3. قال
ابن خزيمة الشافعي (311 هـ) : (وقالت
[عائشة رضي الله عنها]:
«سبحان من وسع سمعه الأصوات»، فسمع الله -جل وعلا- كلام المجادلة،
وهو فوق سبع سموات مستو على عرشه وقد خفي بعض كلامها على من حضرها وقرب منها.) (8)
- وقال بعد ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم:
”وإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه وسط الجنة، وأعلا الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة“ [صحيح البخاري] : (فالخبر يصرح أن عرش ربنا –جل وعلا- فوق جنته، وقد أعلمنا – جل وعلا- أنه مستو على عرشه، فخالقنا عال فوق عرشه الذي هو فوق جنته.) (9)
- وقال: (فتلك الأخبار كلها دالة على أن الخالق الباري فوق سبع سمواته، لا على ما زعمت المعطلة: أن معبودهم هو معهم في منازلهم.) (10)
- وقال: (من لم يُقرّ بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سمواته فهو كافر بربه، يُستتاب فإن تاب وإلا ضُربت عنقه) (11)
4. قال
أبو بكر محمد الصبغي الشافعي (342 هـ) : (تضع العرب «في» بموضع «على» قال الله عز وجل:
{فسيحوا في الأرض}، وقال
{لأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه: على الأرض وعلى النخل، فكذلك قوله:
{في السماء} أي
على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم) (12)
5. قال
ابن القرطي المالكي (355 هـ) في مقدمة كتابه في تسمية الرواة عن مالك: (الحمد لله الحميد، ذي الرشد والتسديد، والحمد لله أحق ما بدي، وأولى من شكر الواحد الصمد، جل عن المثل فلا شبه ولا عدل،
عال على عرشه، فهو دان بعلمه) (13)
6. قال
أبو القاسم الطبراني (360 هـ) صاحب المعجم الكبير والأوسط والصغير في كتاب "السنة" له: (باب ما جاء في استواء الله تعالى على عرشه، وأنه بائن من خلقه) ثم روى حديث أبي رزين: "قلت: يا رسول الله أين كان ربنا؟"، وحديث الأوعال وأن العرش على ظهورهن والله فوق العرش، وغير ذلك. (14)
7. قال
أبو بكر الآجري (360 هـ) : (والذي يذهب إليه أهل العلم أن الله عز وجل سبحانه على عرشه فوق سماواته، وعلمُهُ محيط بكل شيء)
وقال: (وفي كتاب الله عز وجل آيات تدل على أن الله تبارك وتعالى في السماء على عرشه، وعلمه محيط بجميع خلقه.)
وقال: (باب ذكر السنن التي دلت العقلاء على أن الله عز وجل على عرشه، فوق سبع سماواته، وعلمه محيط بكل شيء، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.) (15)
8. قال
محمد الكرجي القصاب (360 هـ) : (هو في السماء على العرش بلا مِرية ولا شك، وعلمه بكل مكان لا يخلو من علمه مكان.)
[نكت القرآن للقصاب (ج3 ص694)]
وقال: (قوله:
{يخافون ربهم من فوقهم} دليل على أن الله -جل جلاله- بذاته في السماء
[أي فوق السماء] على العرش، وليس في الأرض إلا علمه المحيط بكل شيء. وهذا والله من المصائب العظيمة أن يضطرنا جهل المعتزلة والجهمية، وسخافة عقولهم إلى تثبيت هذا عليهم، وهو شيء لا يخفى على نوبية سوداء.) وذكر حديث الجارية.
[نكتب القرآن (ج2 ص68-69)]
9. قال
أبو الشيخ الأصبهاني (369 هـ) : (ذكر عرش الرب تبارك وتعالى وكرسيه وعظم خلقهما، وعلو الرب تبارك وتعالى فوق عرشه) (16) ثم ساق جملة من الأحاديث في ذلك.
10. قال
أبو الحسين محمد الملطي الشافعي (377 هـ) في كتابه "التنبيه والرد": (أما تفسير قوله
{إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} فيها تقديم يقول كان استواؤه على العرش قبل خلق السموات والأرض
والله تعالى فوق العرش فهذا تفسيرهما.) (17)
11. قال
ابن أبي زيد القيرواني المالكي (386 هـ) في كتابه "الجامع": (فمما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة، ومن السنن التي خِلافُها بدعةٌ وضلالة: أن الله تبارك اسمه ...) وذكر أمورا منها: (
وأنه فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وأنه في كل مكان بعلمه) وذكر باقي الاعتقاد ثم قال في آخره: (وكل ما قدَّمنا ذِكْرَه فهو قول أهل السنة وأيمة الناس في الفقهِ والحديث على ما بيناه، وكله قول مالك ، فمنه منصوص من قوله، ومنه معلوم من مذهبه.) (18)
- وقال في مقدمة رسالته المشهورة: (وإنه فوق عرشه المجيد بذاته وهو بكل مكان بعلمه)
-
العلماء الذين شهدوا بأن هذه هي عقيدة الإمام ابن أبي زيد:
= قال محمد بن الحسن المرادي القيرواني المالكي (489 هـ) صاحب رسالة "الإيماء إلى مسألة الاستواء": (والسادس: قول
الطبري (19)
وابن أبي زيد والقاضي عبد الوهاب وجماعة من شيوخ الحديث والفقه وهو ظاهر بعض كتب القاضي أبي بكر رضي الله عنه وأبي الحسن، وحكاه عنه أعني عن القاضي أبي بكر القاضي عبد الوهاب نصا وهو
أنه سبحانه مستوٍ على العرش بذاته – وأطلقوا في بعض الأماكن فوق عرشه)، ثم قال القرطبي – بعد نقله لكلام المرادي- : (وهو قول
ابن عبد البر والطلمنكي وغيرهما من الأندلسيين، والخطابي (20) في كتاب شعار الدين) (21)
= وقال أبو بكر ابن العربي المالكي: (ثم جاءت طائفة ركبت عليه فقالت:
«إنه فوق العرش بذاته» وعليها شيخ المغرب أبو محمد عبد الله بن أبي زيد) (22)
= وقال ابن جزي المالكي في تفسيره: (
{ثم استوى على العرش} حيث وقع حمله قوم على ظاهره منهم ابن أبي زيد وغيره) (23)
- وممن شهد على ذلك أيضا: تلميذه أبو بكر محمد بن موهب، وسيأتي ذكر كلامه إن شاء الله.
12. قال
محمد بن إسحاق ابن منده (395 هـ) : (ذكر الآي المتلوة والأخبار المأثورة في أن الله عز وجل
على العرش فوق خلقه بائنا عنهم وبدء خلق العرش والماء، قال الله عز وجل:
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5] وقال:
{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَن}ُ
[الفرقان : 59] وقال:
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس : 3])
وقال في موضع آخر: (بيان آخر يدل على أن العرش فوق السموات وأن الله تعالى فوق الخلق بائنا عنهم) (24)
13. قال
ابن أبي زَمَنِين المالكي (399 هـ) بعد ذكره لحديث النزول: (وهذا الحديث بَيَّن أن الله عز وجل
على عرشه في السماء دون والأرض، وهو أيضا بين في كتاب الله ، وفي غير ما حديث عن رسول الله.) (25)
401- 500 هـ
14.
أبو بكر محمد بن موهب المالكي (406 هـ) تلميذ ابن أبي زيد، قال في شرحه لرسالة الإمام محمد بن أبي زيد القيرواني: (أما قوله
«إنه فوق عرشه المجيد بذاته»، فمعنى
«فوق» و
«على» عند جميع العرب واحد وبالكتاب والسنة تصديق ذلك وهو قوله تعالى:
{ثم استوى على العرش} وقال:
{الرحمن على العرش استوى}، وقال:
{يخافون ربهم من فوقهم}) وساق حديث الجارية والمعراج إلى سدرة المنتهى إلى أن قال: (وقد تأتي لفظة
«في» في لغة العرب بمعنى فوق كقوله:
{فامشوا في مناكبها} و
{في جذوع النخل} و
{أأمنتم من في السماء}، قال أهل التأويل(26) : يريد فوقها، وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي أن الله في السماء يعني فوقها وعليها، فلذلك قال الشيخ
أبو محمد (27) : "إنه فوق عرشه" ثم بيَّن أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته)
ثم سرد كلاما طويلا إلى أن قال: (فلما أيقن المنصفون إفراد ذكره بالاستواء على عرشه بعد خلق سماواته وأرضه وتخصيصه بصفة الاستواء علموا أن الاستواء هنا غير الاستيلاء ونحوه، فأقروا بوصفه بالاستواء على عرشه وأنه على الحقيقة لا على المجاز لأنه الصادق في قيله ووقفوا عن تكييف ذلك وتمثيله إذ ليس كمثله شيء.)
15. قال
أبو زكريا يحيى بن عمار الحنبلي (422 هـ) في رسالته: (لا نقول كما قالت الجهمية: "إنه تعالى مداخل للأمكنة وممازج بكل شيء ولا نعلم أين هو؟ "، بل نقول: هو بذاته على العرش وعلمه محيط بكل شيء، وعلمه وسمعه وبصره وقدرته مدركة لكل شيء. وذلك معنى قوله
{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد : 4] فهذا الذي قلناه هو كما قال الله وقاله رسوله.) (28)
16. قال
أو عمرو الداني المالكي (444 هـ) في أرجوزته في السنة:
ومن عقود السنة الايمان * بكل ما جاء به القرآن
وبالحديث المسند المروي * عن الائمة عن النبي
إلى أن قال
كلامه وقوله قديم * وهو فوق عرشه العظيم (29)
17. قال
أبو نصر السجزي الحنفي (444 هـ) : (واعتقاد أهل الحق أن الله سبحانه فوق العرش بذاته من غير مماسة.)
[30]
18. قال
أبو عثمان الصابوني الشافعي (449هـ) في كتابه
«عقيدة السلف أصحاب الحديث»: (ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله سبحانه وتعالى فوق سبع سمواته، على عرشه، كما نطق به كتابه في قوله عز وجل في سورة يونس: ?إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ?
[يونس : 3])
[31] وذكر آيات الاستواء على العرش وآيات أخر في علو الله، بعضها ذكرناها في الجزء الأول للمقال.
19. قال
ابن عبد البر المالكي (463 هـ) : (وأما قوله في هذا الحديث للجارية:
”أين الله؟“ فعلى ذلك جماعة أهل السنة وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه وسائر نقلته كلهم يقول ما قال الله تعالى في كتابه:
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5] وأن الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان وهو ظاهر القرآن في قوله عز وجل:
{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [الملك : 16] وبقوله عز وجل:
{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر : 10] وقوله:
{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج : 4] (32) وانظر أقوالاً غيرها لهذا الإمام في الجزء الثاني من المقال.
20. قال
سعد بن علي الزنْجاني الشافعي (ت. 471 هـ) في شرحه لقصيدته في السنة: (وليس معنى الإستواء أيضًا أنه ماس العرش أو إعتمد عليه أو طابقه، فإن كل ذلك مُمتنع في وصفه جل ذكره، ولكنه مستوٍ بذاته على عرشه بلا كيف، كما أخبر عن نفسه، وقد أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى، ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى : 1]؛ وأن لله علو الغلبة والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو، لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل، فثبت بذلك أن لله علو الذات، وعلو الصفات، وعلو القهر والغلبة؛ وجماهير المسلمين، وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله جل ثناؤه من جهة الفوق في الدعاء والسؤال، فاتفاقهم بأجمعهم على الإشارة إلى الله سبحانه من جهة الفوق حُجّة، ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل، ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق، وقال تعالى:
{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ } [النحل : 50]...) وذكر عددًا من الآيات التي تدل على علو ذات الله، وذكر معها حديث الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم: "أين الله؟". (50)
21. قال
أبو الخطاب أحمد المقرئ الحنبلي (476 هـ) في قصيدته في السنة:
وَللجبلِ الرحمنُّ لمَّا بَدَا له *** تَدَكْدَك خوفا كالشَّظَى يتقطّعُ
وَكَلَّمَ مُوسى ربُّه فوق عرشه *** على الطُّور تكليما فما زال يخْضَع (33)
22. قال
أبو إسماعيل الأنصاري الهروي الحنبلي الصوفي (481 هـ) في كتاب
«الصفات» له: (باب إثبات استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة، بائنا من خلقه، من الكتاب والسنة). فذكر رحمه الله دلالات ذلك من الكتاب والسنة – إلى أن قال: (في أخبار شتى أن الله عز وجل في السماء السابعة على العرش بنفسه، وهو ينظر كيف تعملون، علمه، وقدرته، واستماعه، ونظره، ورحمته، في كل مكان.) (34)
501- 700 هـ
23. قال
ابن أبي يعلى الحنبلي (526 هـ) : (الحمد لله العلي العظيم، السميع البصير، ذي الفضل الواسع، والمنن التوابع، والنعم السوابغ، والحِجَج البَوَالِغ، علا فكان فوق سبع سمواته، ثُم على عرشه استوى، يعلم السر وأخفى) (35)
24. قال
أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني الشافعي (535 هـ) في كتابه
«الحجة في بيان المحجة»: (فصل في بيان أن العرش فوق السموات، وأن الله عز وجل فوق العرش) (36) وذكر آثارا في ذلك.
25. قال
عدي بن مسافر الهكاري الشافعي (555 هـ) في اعتقاده: "وأن الله على عرشه، بائن من خلقه، كما وصف نفسه في كتاب وعلى لسان نبيه بلا كيف، أحاط بكل شيء علمًا وهو بكل شيء عليم، قال تعالى
{الرحمن على العرش استوى}" (48)
26. قال
عبد القادر الجيلاني الحنبلي الصوفي (561 هـ) في كتابه
«الغنية»: (وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء،
{إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه})
وقال: (وأن الله تعالى خلق سموات بعضها فوق بعض، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض، ومن الأرض العليا إلى السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام ..... والله تعالى على العرش ودونه حجب من نار ونور وظلمة، وما هو أعلم به) (37)
27. قال
عبد الغني المقدسي الحنبلي (600 هـ) في كتابه
«الصفات» بعد ذكر آيات وأحاديث في العلو والإستواء: (وفي هذه المسألة أدلة من الكتاب والسنة يطول بذكرها الكتاب. ومُنكِرُ أن يكون الله – عز وجل – في جهة العلو، بعد هذه الآيات والأحاديث: مخالفٌ لكتاب الله، ومنكر لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.)
وقال بعد ذكر حديث الجارية: (ومَنْ أجهلُ جهلاً، وأسخف عقلاً، وأضل سبيلاً ممن يقول: إنه لا يجوز أن يُقال: "أين الله؟" بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله:
”أين الله؟“) (38)
28. قال
ابن قدامة المقدسي الحنبلي (620 هـ) : (وأخبر عن فرعون أنه قال
{يا هامان ابن لي صرحا لعلي ابلغ الاسباب اسباب السموات فأطلع الى اله موسى واني لاظنه كاذبا} يعني أظن موسى كاذبا في أن الله إلهه في السماء، والمخالف في هذه المسئلة قد أنكر هذا يزعم أن موسى كاذب في هذا بطريق القطع واليقين، مع مخالفته لرب العالمين، وتخطئته لنبيه الصادق الامين، وتركه منهج الصحابه والتابعين، والأئمة السابقين، وسائر الخلق أجمعين. ونسأل الله تعالى أن يعصمنا من البدع برحمته، ويوفقنا لاتباع سنته.) (39) وانظر قوله المنقول في الجزء الثاني من المقال.
29.
عبد الكريم بن منصور الموصلي الشافعي الأثري (651 هـ):
نظَم أبو زكريا الصرصري الحنبلي قصيدة أثنى فيها على عقيدة الشيخ عبد الكريم الأثري بعد وقوفه على عقيدته "المعتمَد في المُعتقد"، قال فيها مُبيِّنا عقيدة الشيخ:
ومذهبـه في الاسـتواء كمالــكً ** وكالـسلف الأبـرار أهـل التفضُّلِ
وقـال: استوى بذاتِـه فوق عرشه ** ولا تقُل استـولى فمَـن قال يُبطَـل
فـذاك الذي ضِدٌّ يقـال فـسوءَةً ** لِـذي خَطَـلٍ راوٍ يُغيـثُ وأخْطَـلِ
وقد بـانَ منه خَلقُـه وهو بـائنٌ ** مِـنَ الخَلْق مُحْصٍ للخَـفِيِّ وللجَـلي
و{أقرب من حبل الوريـد} مُفسّرٌ ** ومـا كان في معناهُ بـالعِلم فاعقـلِ
عـلا في السماء اللهُ فـوقَ عِباده ** دليلُـك في القـرآن غيـرُ مَفَـلَّل
وإثبـات إيمان الجُويرية اتّخِـذ ** دليـلا عليه مُسنَدًا غـير مُرسَـلِ (49)
30. قال
أبو زكريا يحيى الصرصري الحنبلي الصوفي (656 هـ) :
أقرّ بأن الله جلّ ثناؤه ... إلهٌ قديم قاهر مترفع
سميع بصير ما له في صفاته ... شبيه يَرَى من فوق سبع ويَسمعُ
وخلق الطباق السبع والأرض واسعٌ ... وكرسيّه منهن في الخلق أوسع
قضى خلقه ثم استوى فوق عرشه ... ومن علمه لم يخل في الأرض موضع
ومن قال إن الله جلّ بذاته ... بكل مكانٍ جاهلٌ متسرع (40)
31. قال
عبد الرزّاق الرسعني الحنبلي (661 هـ) في قصيدته (41) في مدح السنة وذم البدعة:
وقُل إنَّ ربِّي في السماء قد استوى *** على العرش واقطع كلَّ وهْمٍ وزائل
وأَطْلِق جوازَ الأَيْن فالنصُّ ثابتٌ (42) *** صحيحٌ ظاهرٌ غيرُ خامل (43)
32. قال
عبد الرحمن المقدسي الحنبلي (682 هـ) ابن أخي موفق الدين ابن قدامة: (مسألة:
«إلا الأخرس فانه يومئ برأسه إلى السماء» ... إذا ثبت هذا فإنه يشير إلى السماء برأسه لأن إشارته تقوم مقام نطق الناطق وإشارته إلى السماء تدل على قصده
تسمية الذي في السماء. ونحو هذا قال الشعبي. وقد دل على هذا حديث أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية أعجمية، فقال: يا رسول الله، إن عليَّ رقبة مؤمنة، أفأعتق هذه؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين الله؟" فأشارت إلى السماء ...) إلى آخر الحديث، ثم قال: ( فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإيمانها بإشارتها إلى السماء،
تريد أن الله سبحانه فيها) (44)
701 هـ فما بعدها
33.قال
ابن عبد الهادي الحنبلي (744 هـ) : (وهو سبحانه فوق سمواته على عرشه ، وقد دنا من عباده ونزل إلى السماء الدنيا ، فإن علوه سبحانه وعلى خلقه أمر ذاتي ، له معلوم بالعقل والفطرة وإجماع الرسل ، فلا يكون فوقه شيء البتة.) (45)
34. قال
ابن أبي العز الحنفي (792 هـ) في شرحه للعقيدة الطحاوية: (فهو فوق العرش مع حمله بقدرته للعرش وحملته) وقال: (ومن سمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام السلف، وجد منه في إثبات الفوقية ما لا ينحصر، ولا ريب أن الله سبحانه لما خلق الخلق، لم يخلقهم في ذاته المقدسة، تعالى الله عن ذلك) وذكر الأدلة على علو الله عز وجل من القرآن والسنة وأقوال السلف والعقل. (46)
35. قال
شهاب الدين أبو الثناء الآلوسي الحنفي (1270 هـ) : (فهو جل شأنه. وعز سلطانه. في جهة العلو على الوجه اللائق به مع نفي اللوازم المستحيلة عليه سبحانه وتعالى. وأدلة كونه تعالى كذلك من الآيات والأحاديث والآثار أكثر من أن تحصى. وأوفر من أن تستقصى. وفيما يجده كل أحد في نفسه من الميل الطبيعي الضروري إلى جهة العلو في الاستمداد حالتي الرغبة والرهبة شاهد قوي لذلك.) (47)
سيتم إضافة المزيد مستقبلا إن شاء الله
للسـؤال أو التعليـق على المقـال
(1) تاريخ الإسلام (ج23 ص78)، وتذكرة الحفاظ له (ج2 ص223) كلاهما للذهبي.
(2) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري – تحقيق التركي (ج1 ص456-457)
(3) جامع البيان للطبري - التركي (ج13 ص411)
(4) جامع البيان (ج16 ص11)
(5) جامع البيان (ج19 ص581)
(6) جامع البيان (ج22 ص387)
(7) جامع البيان (ج22 ص468)
(8) التوحيد وإثبات صفات الرب عزوجل لابن خزيمة (ج1 ص107)
(9) التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل (ج1 ص241)
(10) التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل (ج1 ص273)
(11) معرفة علوم الحديث للحاكم (ص285) قال: " سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول:..." وئكره. ورواه ابن قدامة في "إثبات صفة العلو" (ص185) بسنده إلى الحاكم.
(12) الأسماء والصفات للبيهقي (ص324)، قال: (قال أبو عبد الله الحافظ: قال الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه: ...) وذكره. والسند صحيح، فأبو عبد الله الحافظ هو الحاكم وكان من تلاميذ الصبغي، وكان الحاكم من شيوخ البيهقي رحمهم الله جميعا.
(13) سير أعلام النبلاء للذهبي (ج16 ص78)
(14) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص227-228)، وكتاب العرش له (ج2 ص316)
(15) الشريعة للآجري (ج8 ص1075 و1079 و1081)
(16) العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني (ج2 ص543)
(17) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع للملطي الشافعي (ص85) – تحقيق: يمان المياديني
(18) كتاب الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ لابن أبي زيد القيرواني (ص107- 108 و117)
(19) هو أبو جعفر بن جرير الطبري صاحب التفسير المشهور.
(20) أبو سليمان الخطابي (388 هـ)
(21) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى لأبي عبد الله القرطبي (ج2 ص123)؛ والعلو للعلي الغفار للذهبي (ص261)
(22) العواصم من القواصم لابن العربي (ص215)
(23) التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي (ج1 ص303)
(24) كتاب التوحيد ومعرفة أسماء الله وصفاته لابن منده (ج3 ص185 و187)
(25) رياض الجنة بتخريج أصول السنة لابن أبي زمنين (ص113)
(26) أي التفسير، فمن معاني التأويل في اللغة: التفسير.
(27) أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني
(28) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص245)، وكتاب العرش له (ج2 ص340 و348)؛ وجزء منه في "الحجة في بيان المحجة" لإسماعيل الأصبهاني (ج2 ص107)
(29) سير أعلام النبلاء للذهبي (ج18 ص81-82)، وتاريخ الإسلام له (ج30 ص101)
(30) رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص126)، تحقيق: محمد باكريم – دار الراية سنة 1414.
(31) عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني (ص44)؛ والذهبي في كتاب العرش (ج2 ص350)
(32) الاستذكار لابن عبد البر (ج7 ص337)
(33) ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي (ج1 ص107)
(34) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص364)، وسير أعلام النبلاء (ج18 ص514)
(35) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (ج1 ص5)
(36) الحجة في بيان المحجة لاسماعيل الأصبهاني (ج2 ص83)
(37) الغنية لطالبي طريق الحق لعبد القادر الجيلاني (ج1 ص121 و123)
(38) كتاب الصفات لعبد الغني المقدسي (ص75 و76)
(39) إثبات صفة العلو لموفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي (ص65)
(40) ذيل مرآة الزمان لليونين – في ترجمة أبي زكريا يحيى بن يوسف الصرصري الحنبلي
(41) مجلة الإصلاح الجزائرية- العدد الثاني عشر (ص75-76)، قرأها وعلق عليها: عمار تمالت.
(42) وهو حديث الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم: (أين الله؟)، وهو في صحيح مسلم.
(43) الخامل: الخفيُّ.
(44) الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة المقدسي (ج27 ص321-322)
(45) الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص229)
(46) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص372 و379-380)
(47) غرائب الإغتراب لشهاب الدين الآلوسي، في خاتمة الكتاب.
(48) اعتقاد أهل السنة والجماعة لعدي بن مسافر الهكاري (ص30)
(49) وقع القريض ليحيى الصرصري (ص22)
(50) إجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن القيم (ص197-198)
معنى قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء)
وقول النبي للجارية: «أين الله؟» قالت: في السماء
الآية:
قال الله تعالى:
{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء...} الآية
[الملك: 16-17]
حديث الجارية:
عن معاوية بن الحكم قال: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ:
«يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟»
قَالَ:
”ائْتِنِي بِهَا“ فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا:
”أَيْنَ اللَّهُ“، قَالَتْ:
«فِي السَّمَاءِ.»
قَالَ:
”مَنْ أَنَا“ قَالَتْ:
«أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ.»
قَالَ:
”أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ“ [صحيح مسلم]
اتفق أئمة المسلمين على أن كلمة
«في السماء» في الآية وحديث الجارية ليست بمعنى داخل السماء، فتعالى سبحانه أن يكون حالَ في شيءٍ من المخلوقات أو أنها تحَويِه، فهذا معنى باطل قد أجمع أئمة السلف على خِلافِه،
وفسروها بما يوافق اللغة، والنصوص الشرعية الكثيرة، والعقل، والفطرة.
ففسر أهل العلم "السماء" بالعرش، لأن معنى السماء في اللغة هو سقف الشيء، والعرش سقف المخلوقات، فهو فوق المخلوقات كلها، وكل المخلوقات تحته.
قال الزجاج (311 هـ) : (السماء في اللغة: يقال لكل ما ارتفع وعلا قد سَمَا يَسمُو،
وكل سقف فهو سماء، ومن هذا قيل للسحاب: السَّماءُ، لأنها عالية.)
[1]
وقال ابن فارس (395 هـ) : (والسماء: سقف البيت.
وكلُّ عالٍ مطلٍّ سماء، حتَّى يقال لظهر الفرس سَماء)
[2]
وفُسِّرت
«في» بـ«على»:
قال
أبو بكر أحمد الصبغي (342 هـ) : (قد تضع العرب «في» بموضع «على» قال الله عز وجل:
{فسيحوا في الأرض}، وقال
{لأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه: على الأرض وعلى النخل ، فكذلك قوله:
{في السماء} أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم)
[3]
قال
الحارث المحاسبي (ت 243 هـ) في معناها: (يعني فوق العرش، والعرش على السماء لأن من كان فوق شيء على السماء فهو في السماء)
[4]
قال
أبو بكر البيهقي (458هـ) : (وقال
{أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وأراد من فوق السماء ، كما قال
{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه : 71] يعني على جذوع النخل ، وقال
{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة : 2] يعني على الأرض ، وكل ما علا فهو سماء ، والعرش أعلى السماوات ، فمعنى الآية والله أعلم: أأمنتم من على العرش ، كما صرح به في سائر الآيات)
[5]
فمعنى
«في السماء» في الآية وحديث الجارية: فوق السماء على العرش.
المقصود بـ"مَن" في الآية هو الله عز وجل:
- جواب الجارية على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم (أين الله؟) بـ: (في السماء)، فشهد لها بالإيمان.
- قال
محمد بن يزيد المبرد (286 هـ) : (والسؤال عن كل ما يعقل بـ"مَن" كما قال عز وجل:
{أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}. فـ"مَن" لله عز وجل)
[6]
- قال
الطبري (310 هـ) :
{أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وهو الله.
[7]
- قال
ابن أبي زَمَنِين (399هـ) :
{من في السماء} يعني نفسه.
[8]
- قال
أبو مظفر السمعاني (489 هـ) في تفسير الآية: أأمنتم ربكم. (9)
للسـؤال أو التعليـق على المقـال
(1) تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري (ج13 ص117)
(2) معجم مقاييس اللغة (ج3 ص98)
(3) الأسماء والصفات للبيهقي (ص324)، قال: (قال أبو عبد الله الحافظ: قال الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه: ...) وذكره. والسند صحيح، فأبو عبد الله الحافظ هو الحاكم وكان من تلاميذ الصبغي، وكان الحاكم من شيوخ البيهقي رحمهم الله جميعا.
(4) فهم القرآن ومعانيه للمحاسبي، القسم الرابع/ باب ما لا يجوز فيه النسخ وما يجوز ذلك فيه.
(5) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث- تأليف البيهقي (ص116)
(6) المقتضب لمحمد بن يزيد المبرد (ج2 ص51)
(7) جامع البيان في تأويل القرآن – ابن جرير الطبري (ج23 / ص 513)
(8) تفسير القرآن العزيز ابن أبي زمنين (ج5 ص14)
(9) تفسير القرآن للسمعاني (ج6 ص12)
0 comments:
إرسال تعليق