بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فإن هذا عصرٌ ارتفعت فيه أبواق التمييع والتخذيل ، واتخذ التمييع صوراً شتى فمن مميع لأصل البراءة من المشركين
ومن مميع لأصل البراءة من أهل البدع ، ومن تلك الدعاوى الخبيثة التي ذرت بقرنها في بلادنا وغيرها من البلاد إحياء دعوى أن الأشاعرة والماتردية هم أهل السنة أن أهل السنة ثلاثة أقسام
وقد كتبت عدة مقالاتٍ في إبطال ذلك وأعرض اليوم لوجه لطيف في بيان ضلال هؤلاء
وهو مشابهة الأشاعرة والماتردية للمشركين
والآن نأتي للمقصود
1_ قال الله تعالى :" وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ {36} أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ "
قلت : نص عددٌ من أئمة أهل السنة على دلالة هذه الآية على صفة العلو وإنكار فرعون لذلك
أ _ قال إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري في تفسير هذه الآية :" وقوله: {لعلي أطلع إلى إله موسى} يقول: انظر إلى معبود موسى، الذي يعبده، ويدعو إلى عبادته {وإني لأظنه} فيما يقول من أن له معبودا يعبده في السماء، وأنه هو الذي يؤيده وينصره، وهو الذي أرسله إلينا، من الكاذبين؛ فذكر لنا أن هامان بنى له الصرح، فارتقى فوقه"
ب_ وقال عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية ص44 :" لقد علم فرعون في كفره وعتوه على الله أن الله عز و جل فوق السماء فقال (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا ) "
ج_ وقال ابن خزيمة في التوحيد (/264) :" ألا تسمع قول الله يحكي عن فرعون قوله "يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى "
ففرعون عليه لعنة الله يأمر ببناء صرح فحسب أنه يطلع إلى إله موسى وفي قوله وإني لأظنه كاذبا دلالة على أن موسى قد كان أعلمه أن ربه جلا وعلا أعلى وفوق
وأحسب أن فرعون إنما قال لقومه وإني لأظنه كاذبا استدراجا منه لهم كما خبرنا جل وعلا في قوله "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا" فأخبر الله تعالى أن هذه الفرقة جحدت يريد بألسنتهم لما استيقنتها قلوبهم فشبه أن يكون فرعون إنما قال لقومه وإني لأظنه كاذبا وقلبه أن كليم الله من الصادقين لا من الكاذبين والله أعلم أكان فرعون مستيقنا بقلبه على ما أولت أم مكذبا بقلبه ظانا أنه غير صادق
د_ قال ابن قدامة المقدسي في إثبات صفة العلو ص44 :"
واخبر عن فرعون انه قال يا هامان ابن لي صرحا لعلي ابلغ الاسباب اسباب السموات فأطلع الى اله موسى واني لاظنه كاذبا يعني اظن موسى كاذبا في ان الله إلهه في السماء
والمخالف في هذه المساله قد انكر هذا يزعم ان موسى كاذب في هذا بطريق القطع واليقين مع مخالفته لرب العالمين وتخطئته لنبيه الصادق الامين وتركه منهج الصحابه والتابعين والائمه السابقين وسائر الخلق اجمعين ونسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الاتباع و يعصمنا من البدع برحمته ويوفقنا لاتباع سنته "
ه_ وقال إمام القوم الذي اتبعوا طريقه وتركوا طريقة السلف الصالحين ثم ما لبثوا حتى تركوا طريقه أبو الحسن الأشعري في الإبانة ص106 طبعة الدكتورة فوقية :" إن قال قائل : ما تقولون في الاستواء ؟
قيل له : نقول : إن الله عز و جل يستوي على عرشه استواء يليق به من غير طول استقرار كما قال : ( الرحمن على العرش استوى ) وقد قال تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) من وقال تعالى : ( بل رفعه الله إليه ) وقال تعالى : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ) من الآية وقال تعالى حاكيا عن فرعون لعنه الله : ( يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا ) كذب موسى عليه السلام في قوله : إن الله سبحانه فوق السماوات "
2_ قال الله تعالى :" فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ {88} أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (16/ 208):" لما إتخذ قومه العجل بين الله لهم صفات النقص التى تنافى الألوهية فقال ( و إتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم و لا يهديهم سبيلا إتخذوه و كانوا ظالمين ) و قال ( فقالوا هذا إلهكم و إله موسى فنسى أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا و لا يملك لهم ضرا و لا نفعا و لقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به و إن ربكم الرحمن )
فوصفه بأنه و إن كان قد صوت صوتا هو خوار فإنه لا يكلمهم و لا يرجع إليهم قولا و أنه لا يهديهم سبيلا و لا يملك لهم ضرا و لا نفعا "
قلت : فلو كان قول الأشاعرة في الكلام النفسي قائماً لقامت معه حجة عباد العجل فيصح لهم أن يقولوا : ( لقد كلمنا ولكن كلامه نفسي غير مسموع )
3_ قال الله تعالى :" قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ "
قلت : هنا يتملص قوم شعيب من الإيمان بدعوى عدم الفهم وكذلك أهل التفويض يتملصون من الإيمان بما دلت عليه نصوص الصفات بدعوى عدم الفهم لنصوص الصفات
واعلم _ رحمك الله _ أن الخوارج الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم :" كلاب أهل النار " ، و:" شر قتلى تحت أديم السماء "
خيرٌ من الأشاعرة والماتردية من وجه ، وهو أن الخوارج يكفرون بالمعاصي المتفق على ذمها وأما الأشاعرة والماتردية فيكفرون بالتوحيد
فسمى الرازي كتاب التوحيد لابن خزيمة كتاب الشرك وما فيه إلا قال الله وقال رسوله وما استفيد منهما
وقال الشيخ أبو إسحق الشيرازي امام الأشاعرة في وقته وصاحب كتاب المهذب الذي عليه وعلى شرحه للإمام النووي رحمه الله ما نصه : (فمن اعتقد غير ما أشرنا إليه من اعتقاد أهل الحق المنتسبين إلى الإمام أبي الحسن الاشعري رضي الله عنه فهو كافر . ومن نسب إليهم غير ذلك فقد كفرهم فيكون كافرا بتكفيره لهم لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ما كفر رجل رجلا إلا باء به أحدهما . .) . انظر شرح اللمع له (1 / 111)
و يطيب لي هنا نقل ما رواه أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام ( 4/393) عن أبي سهل الإسفراييني أن رجلاً قال له :" إنما أتعلم الكلام لأعرف به الدين ، فغضب أبو سهل وقال : أوكان السلف من علمائنا كفاراً "
قال ابن الهمام الحنفي المارتردي في فتح القدير (3/397) :" وقال الرستغفني : لا تجوز المناكحة بين أهل السنة والاعتزال والفضلي ولا من قال أنا مؤمن إن شاء الله لأنه كافر ، ومقتضاه منع مناكحة الشافعية ، واختلف فيها هكذا ، قيل يجوز ، وقيل يتزوج بنتهم ولا يزوجهم بنته .
ولا يخفى أن من قال أنا مؤمن إن شاء الله تعالى فإنما يريد إيمان الموافاة صرحوا به : يعنون الذي يقبض عليه العبد لأنه إخبار عن نفسه بفعل في المستقبل أو استصحابه إليه فيتعلق به قوله تعالى { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } وعلى هذا فيكون قوله إن شاء الله شرطا لا كما يقال إنه لمجرد التبرك ، وكيف كان لا يقتضي ذلك كفره غير أنه عندنا خلاف الأولى ، لأن تعويد النفس بالجزم في مثله ليصير ملكة خير من إدخال أداة التردد في أنه هل يكون مؤمنا عند الموافاة أو لا ؟"
قلت : ها أنت ترى الخلاف واقعاً بين الحنفية في إسلام الأشاعرة فذهب الرستغفني إلى كفرهم لقولهم بالإستثناء
ورد عليه ابن الهمام بأنهم إنما يعنون الموافاة وهذا لا يتناقض مع إرجاء الفريقين
وقال ابن نجيم الحنفي الماتردي في البحر الرائق شرح كنز الدقائق وهو يعدد الألفاظ التي يكفر بها المرء في كتاب الردة (5/210) ط دار الكتب العلمية :" وبقوله رأيت الله في المنام وبقوله المعدوم ليس بمعلوم الله تعالى وبقول الظالم أنا أفعل بغير تقدير الله تعالى "
قلت : انظر كيف كفر بدعوى رؤية الله عزوجل في المنام ، وقد نقل بعض المحققين الإجماع على جواز ذلك
شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (1/326) من طبعة مجمع الملك فهد :" وإذا كان كذلك ، فالإنسان يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حقٌ في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله نفسه مثل ما رأى في المنام ، فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلاُ ، ولكن لا بد أن يكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه ، فإن كان إيمانه وإعتقاده حقاً ، أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك ، وإلا كان بالعكس . قال بعض المشايخ : إذا رأى العبد ربه في صورة ، كانت تلك الصورة حجاباً بينه وبين الله . وما زال الصالحون يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلاً ينكر ذلك "
قلت : تأمل كلام شيخ الإسلام يتضح لك مذهب شيخ الإسلام في هذه المسألة
1_ وهو أن رؤية الله في المنام جائزة غير ممتنعة
2_ أن صورة الله عز وجل التي يراها العبد في المنام ليست صورة الله عز وجل الحقيقة بل تظهر للعبد صورةً بحسب اعتقاده في الله عز وجل
وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام
نقل الإمام النووي الإجماع عليه
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم (15/24) :" قال القاضي واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها وإن رآه الإنسان على صفةٍ لا تليق بحاله من صفات الأجسام لأن ذلك المرئي غير ذات الله تعالى "
قلت : قوله :" صفات الأجسام " لوثة أشعرية غير أن المقصود في الجملة صواب يوافق مذهب شيخ الإسلام وهو أن الصورة التي يرى فيها الله عز وجل في غير صورته الحقيقة سبحانه وتعالى
وقد صح ذلك عن عن بعض السلف
جاء في مسند ابن الجعد 1306 - قوله حدثنا يوسف بن موسى نا جرير عن رقبة قال رأيت رب العزة جل ثناؤه في المنام فقال وعزتي لاكرمن مثواه يعني سليمان التيمي.
قلت : هذا إسنادٌ قوي ورقبة ثقة كوفي مأمون من شيوخ سليمان التيمي وكذا رواه ابن حبان في مقدمة المجروحين
فانظر كيف فاقوا الخوارج الذين كفروا بالمعاصي حيث كفروا بالتوحيد وباعتقاد ما أجمعت الأمة عليه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
مشابهة الأشاعرة والماتردية للمشركين
للشيخ : عبد الله الخليفي الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فإن هذا عصرٌ ارتفعت فيه أبواق التمييع والتخذيل ، واتخذ التمييع صوراً شتى فمن مميع لأصل البراءة من المشركين
ومن مميع لأصل البراءة من أهل البدع ، ومن تلك الدعاوى الخبيثة التي ذرت بقرنها في بلادنا وغيرها من البلاد إحياء دعوى أن الأشاعرة والماتردية هم أهل السنة أن أهل السنة ثلاثة أقسام
وقد كتبت عدة مقالاتٍ في إبطال ذلك وأعرض اليوم لوجه لطيف في بيان ضلال هؤلاء
وهو مشابهة الأشاعرة والماتردية للمشركين
والآن نأتي للمقصود
1_ قال الله تعالى :" وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ {36} أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ "
قلت : نص عددٌ من أئمة أهل السنة على دلالة هذه الآية على صفة العلو وإنكار فرعون لذلك
أ _ قال إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري في تفسير هذه الآية :" وقوله: {لعلي أطلع إلى إله موسى} يقول: انظر إلى معبود موسى، الذي يعبده، ويدعو إلى عبادته {وإني لأظنه} فيما يقول من أن له معبودا يعبده في السماء، وأنه هو الذي يؤيده وينصره، وهو الذي أرسله إلينا، من الكاذبين؛ فذكر لنا أن هامان بنى له الصرح، فارتقى فوقه"
ب_ وقال عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية ص44 :" لقد علم فرعون في كفره وعتوه على الله أن الله عز و جل فوق السماء فقال (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا ) "
ج_ وقال ابن خزيمة في التوحيد (/264) :" ألا تسمع قول الله يحكي عن فرعون قوله "يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى "
ففرعون عليه لعنة الله يأمر ببناء صرح فحسب أنه يطلع إلى إله موسى وفي قوله وإني لأظنه كاذبا دلالة على أن موسى قد كان أعلمه أن ربه جلا وعلا أعلى وفوق
وأحسب أن فرعون إنما قال لقومه وإني لأظنه كاذبا استدراجا منه لهم كما خبرنا جل وعلا في قوله "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا" فأخبر الله تعالى أن هذه الفرقة جحدت يريد بألسنتهم لما استيقنتها قلوبهم فشبه أن يكون فرعون إنما قال لقومه وإني لأظنه كاذبا وقلبه أن كليم الله من الصادقين لا من الكاذبين والله أعلم أكان فرعون مستيقنا بقلبه على ما أولت أم مكذبا بقلبه ظانا أنه غير صادق
د_ قال ابن قدامة المقدسي في إثبات صفة العلو ص44 :"
واخبر عن فرعون انه قال يا هامان ابن لي صرحا لعلي ابلغ الاسباب اسباب السموات فأطلع الى اله موسى واني لاظنه كاذبا يعني اظن موسى كاذبا في ان الله إلهه في السماء
والمخالف في هذه المساله قد انكر هذا يزعم ان موسى كاذب في هذا بطريق القطع واليقين مع مخالفته لرب العالمين وتخطئته لنبيه الصادق الامين وتركه منهج الصحابه والتابعين والائمه السابقين وسائر الخلق اجمعين ونسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الاتباع و يعصمنا من البدع برحمته ويوفقنا لاتباع سنته "
ه_ وقال إمام القوم الذي اتبعوا طريقه وتركوا طريقة السلف الصالحين ثم ما لبثوا حتى تركوا طريقه أبو الحسن الأشعري في الإبانة ص106 طبعة الدكتورة فوقية :" إن قال قائل : ما تقولون في الاستواء ؟
قيل له : نقول : إن الله عز و جل يستوي على عرشه استواء يليق به من غير طول استقرار كما قال : ( الرحمن على العرش استوى ) وقد قال تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) من وقال تعالى : ( بل رفعه الله إليه ) وقال تعالى : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ) من الآية وقال تعالى حاكيا عن فرعون لعنه الله : ( يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا ) كذب موسى عليه السلام في قوله : إن الله سبحانه فوق السماوات "
2_ قال الله تعالى :" فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ {88} أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (16/ 208):" لما إتخذ قومه العجل بين الله لهم صفات النقص التى تنافى الألوهية فقال ( و إتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم و لا يهديهم سبيلا إتخذوه و كانوا ظالمين ) و قال ( فقالوا هذا إلهكم و إله موسى فنسى أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا و لا يملك لهم ضرا و لا نفعا و لقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به و إن ربكم الرحمن )
فوصفه بأنه و إن كان قد صوت صوتا هو خوار فإنه لا يكلمهم و لا يرجع إليهم قولا و أنه لا يهديهم سبيلا و لا يملك لهم ضرا و لا نفعا "
قلت : فلو كان قول الأشاعرة في الكلام النفسي قائماً لقامت معه حجة عباد العجل فيصح لهم أن يقولوا : ( لقد كلمنا ولكن كلامه نفسي غير مسموع )
3_ قال الله تعالى :" قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ "
قلت : هنا يتملص قوم شعيب من الإيمان بدعوى عدم الفهم وكذلك أهل التفويض يتملصون من الإيمان بما دلت عليه نصوص الصفات بدعوى عدم الفهم لنصوص الصفات
واعلم _ رحمك الله _ أن الخوارج الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم :" كلاب أهل النار " ، و:" شر قتلى تحت أديم السماء "
خيرٌ من الأشاعرة والماتردية من وجه ، وهو أن الخوارج يكفرون بالمعاصي المتفق على ذمها وأما الأشاعرة والماتردية فيكفرون بالتوحيد
فسمى الرازي كتاب التوحيد لابن خزيمة كتاب الشرك وما فيه إلا قال الله وقال رسوله وما استفيد منهما
وقال الشيخ أبو إسحق الشيرازي امام الأشاعرة في وقته وصاحب كتاب المهذب الذي عليه وعلى شرحه للإمام النووي رحمه الله ما نصه : (فمن اعتقد غير ما أشرنا إليه من اعتقاد أهل الحق المنتسبين إلى الإمام أبي الحسن الاشعري رضي الله عنه فهو كافر . ومن نسب إليهم غير ذلك فقد كفرهم فيكون كافرا بتكفيره لهم لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ما كفر رجل رجلا إلا باء به أحدهما . .) . انظر شرح اللمع له (1 / 111)
و يطيب لي هنا نقل ما رواه أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام ( 4/393) عن أبي سهل الإسفراييني أن رجلاً قال له :" إنما أتعلم الكلام لأعرف به الدين ، فغضب أبو سهل وقال : أوكان السلف من علمائنا كفاراً "
قال ابن الهمام الحنفي المارتردي في فتح القدير (3/397) :" وقال الرستغفني : لا تجوز المناكحة بين أهل السنة والاعتزال والفضلي ولا من قال أنا مؤمن إن شاء الله لأنه كافر ، ومقتضاه منع مناكحة الشافعية ، واختلف فيها هكذا ، قيل يجوز ، وقيل يتزوج بنتهم ولا يزوجهم بنته .
ولا يخفى أن من قال أنا مؤمن إن شاء الله تعالى فإنما يريد إيمان الموافاة صرحوا به : يعنون الذي يقبض عليه العبد لأنه إخبار عن نفسه بفعل في المستقبل أو استصحابه إليه فيتعلق به قوله تعالى { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } وعلى هذا فيكون قوله إن شاء الله شرطا لا كما يقال إنه لمجرد التبرك ، وكيف كان لا يقتضي ذلك كفره غير أنه عندنا خلاف الأولى ، لأن تعويد النفس بالجزم في مثله ليصير ملكة خير من إدخال أداة التردد في أنه هل يكون مؤمنا عند الموافاة أو لا ؟"
قلت : ها أنت ترى الخلاف واقعاً بين الحنفية في إسلام الأشاعرة فذهب الرستغفني إلى كفرهم لقولهم بالإستثناء
ورد عليه ابن الهمام بأنهم إنما يعنون الموافاة وهذا لا يتناقض مع إرجاء الفريقين
وقال ابن نجيم الحنفي الماتردي في البحر الرائق شرح كنز الدقائق وهو يعدد الألفاظ التي يكفر بها المرء في كتاب الردة (5/210) ط دار الكتب العلمية :" وبقوله رأيت الله في المنام وبقوله المعدوم ليس بمعلوم الله تعالى وبقول الظالم أنا أفعل بغير تقدير الله تعالى "
قلت : انظر كيف كفر بدعوى رؤية الله عزوجل في المنام ، وقد نقل بعض المحققين الإجماع على جواز ذلك
شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (1/326) من طبعة مجمع الملك فهد :" وإذا كان كذلك ، فالإنسان يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حقٌ في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله نفسه مثل ما رأى في المنام ، فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلاُ ، ولكن لا بد أن يكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه ، فإن كان إيمانه وإعتقاده حقاً ، أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك ، وإلا كان بالعكس . قال بعض المشايخ : إذا رأى العبد ربه في صورة ، كانت تلك الصورة حجاباً بينه وبين الله . وما زال الصالحون يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلاً ينكر ذلك "
قلت : تأمل كلام شيخ الإسلام يتضح لك مذهب شيخ الإسلام في هذه المسألة
1_ وهو أن رؤية الله في المنام جائزة غير ممتنعة
2_ أن صورة الله عز وجل التي يراها العبد في المنام ليست صورة الله عز وجل الحقيقة بل تظهر للعبد صورةً بحسب اعتقاده في الله عز وجل
وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام
نقل الإمام النووي الإجماع عليه
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم (15/24) :" قال القاضي واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها وإن رآه الإنسان على صفةٍ لا تليق بحاله من صفات الأجسام لأن ذلك المرئي غير ذات الله تعالى "
قلت : قوله :" صفات الأجسام " لوثة أشعرية غير أن المقصود في الجملة صواب يوافق مذهب شيخ الإسلام وهو أن الصورة التي يرى فيها الله عز وجل في غير صورته الحقيقة سبحانه وتعالى
وقد صح ذلك عن عن بعض السلف
جاء في مسند ابن الجعد 1306 - قوله حدثنا يوسف بن موسى نا جرير عن رقبة قال رأيت رب العزة جل ثناؤه في المنام فقال وعزتي لاكرمن مثواه يعني سليمان التيمي.
قلت : هذا إسنادٌ قوي ورقبة ثقة كوفي مأمون من شيوخ سليمان التيمي وكذا رواه ابن حبان في مقدمة المجروحين
فانظر كيف فاقوا الخوارج الذين كفروا بالمعاصي حيث كفروا بالتوحيد وباعتقاد ما أجمعت الأمة عليه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المصدر: شبكة البينة السلفية
تعليق 1:
قال الشيخ العلامة الفوزان ما نصه في السطر الربع من ص 67:
(وقال الله تعالى في سورة الفرقان: وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن سورة الفرقان الآية 60
فهؤلاء المشركون هم سلف الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، وكل من نفى عن الله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أسماء الله وصفاته. وبئس السلف لبئس الخلف) اهـ
نسخة الكتاب من على موقع الوزارة: الصف الأول الثانوي - التوحيد (اضغط هنـــا)
تعليق 2:
يقول الرازي في التأسيس ص 15 - 16 /
وذكر ابو معشر المنجم أن سبب إقدام الناس على اتخاذ عبادة الاوثان دينا لانفسهم هو ان القوم في الدهر الاقدم كانوا على مذهب المشبهة ..... فثبت ان دين عباد الاصنام كالفرع عن مذهب المشبهة ..!!
فها هو الرازي فرّع عبادة الاصنام على من يسميهم المشبهة كذبا وزورا ..!
والرازي هنا في نقل كلام المنجم المشرك لم يستخدم طريقته في نسف الاحاد او المتواتر , ولم يتكلم في ظنية صدق المنجم كما فعل مع الصحابة ..
وانظر رد ابن تيمية عليه في تلبيس الجهمية 3/53 . منقول من هنا: هل المشركون سلف الاشاعرة
تعليق 3:
ردّا على رائد السمهوري:مقررات التوحيد في مناهجنا لا تحمل التكفير / بدر بن طامي العتيبي
تعليق 1:
قال الشيخ العلامة الفوزان ما نصه في السطر الربع من ص 67:
(وقال الله تعالى في سورة الفرقان: وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن سورة الفرقان الآية 60
فهؤلاء المشركون هم سلف الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، وكل من نفى عن الله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أسماء الله وصفاته. وبئس السلف لبئس الخلف) اهـ
نسخة الكتاب من على موقع الوزارة: الصف الأول الثانوي - التوحيد (اضغط هنـــا)
تعليق 2:
يقول الرازي في التأسيس ص 15 - 16 /
وذكر ابو معشر المنجم أن سبب إقدام الناس على اتخاذ عبادة الاوثان دينا لانفسهم هو ان القوم في الدهر الاقدم كانوا على مذهب المشبهة ..... فثبت ان دين عباد الاصنام كالفرع عن مذهب المشبهة ..!!
فها هو الرازي فرّع عبادة الاصنام على من يسميهم المشبهة كذبا وزورا ..!
والرازي هنا في نقل كلام المنجم المشرك لم يستخدم طريقته في نسف الاحاد او المتواتر , ولم يتكلم في ظنية صدق المنجم كما فعل مع الصحابة ..
وانظر رد ابن تيمية عليه في تلبيس الجهمية 3/53 . منقول من هنا: هل المشركون سلف الاشاعرة
تعليق 3:
ردّا على رائد السمهوري:مقررات التوحيد في مناهجنا لا تحمل التكفير / بدر بن طامي العتيبي
0 comments:
إرسال تعليق